تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » قصة القبعة الملونة /بقلمي

قصة القبعة الملونة /بقلمي 2024.

هذه اول قصة قصيرة اكتبها ، و الحمد لله فازت بجائزة ملتقى الشباب من جامعة ام القرى

شاركوني ارائكم

من النافذة المطلة على الحي ، وقفت دجى تنظر إلى الناس الذين اتخذوا طريقهم من امام منزلها جيئة و ذهاباً ، لطالما تمنت امتلاك صديقة لتمضي معها أوقاتها التي باتت مُملة و روتينية ، فقد كانت مصابة بالرعاش الذي جعل الجميع يستنفر منها و يعتبرها مصابة بمرض خبيث ، امتلأت لياليها بالبكاء و ايامها بالحزن الطويل ، حتى بات منزلها التي تحبس نفسها فيه كل يوم كسجنٍ يضيق يوماً بعد يوم . في ذلك المساء ، و بينما كانت تراقب الجميع من النافذة ، قدمت اليها والدتها مشفقة على الحال الذي آلت اليه ابنتها ، " عزيزتي ، هل تودين الذهاب معي في نزهة قصيرة ؟ " لم تملك دجى سببا للرفض فقد كرهت كل دقيقة تمضيها في هذا المكان ، كان شعور الهواء النقي منعشاً و كأنما ادخلت روحٌ جديدة الى جسدها ، كان هناك كرسي خشبي قديم في احدى جوانب الممر في الحديقة ، فجلست دجى فيه ريثما تحضر والدتها الطعام لكليهما ، انتظرت هناك بصمت ، تراقب يديها المرتعشتين بلا توقف ، " مرحباً ، هل لي بالجلوس هنا ؟ " صوتٌ دافئ خطف مسامع دجى من سرحانها ، فوافقت بلا تردد ، جلست تلك الفتاة بقبعتها الملونة و ابتسامتها الودودة و بدأت تتجاذب اطراف الحديث مع دجى ، قالت أن اسمها لبنى و انها تأتي إلى هذه الحديقة كل يوم ، سعدت دجى بلقائها و ابتهجت اكثر عندما طلبت منها أن يكونا صديقتين ، و لأول مرة منذ زمن بعيد ، نامت دجى تلك الليلة بإبتسامه تعلو شفتيها .
في مساء اليوم التالي طلبت دجى من والدتها بحماسةٍ أن تأخذها إلى الحديقة مجددا فذهبت و التقت لبنى من جديد ولاحظت دجى أن لبنى لا تزال تضع تلك القبعة الملونة التي كانت تضعها بالأمس ، فأمضيا نهارهما معاً وعادت دجى إلى منزلها سعيدة ، واليوم التالي مر بنفس الحال ، فذهبت دجى مجدداً إلى الحديقة و التقت بلبنى التي لم تزال تضع القبعة الملونة و امضيا نهاراهما معاً ، استمر هذا الحال اياماً طويلة حتى جلبت لبنى ذات يوم بعض البذور ، " لقد سمعت هذه الفكرة من قصة اخبرتني بها والدتي بالأمس ، نزرع هذه البذور و نسقيها ، فنكبر معها فتصبح تذكاراً و نبقى اصدقاء دائماً " اعجبت الفكرة دُجى و سارعت بأخذ بعض البذور من لبنى و زراعتها في التربة بالقرب من الكرسيّ الذي التقيا فيه أول مرة ، و هكذا اصبح كلٌ منهما يسقي بذورة كل يوم يلتقيانِ فيه .
تغيرت حياة دجى منذ ذلك اليوم ، فباتت دائمة الإبتسام و الضحك ، و لم تعد تبقى في المنزل أو تراقب من النافذة ، كانت دائماً تعود إلى المنزل بعد خروجها مع لبنى و تجلس في طاولة الطعام تحكي أخر حكاياها و لبنى لوالدتها و والدها ، تلك الحكايا التي امتزجت بالضحك ، واتسمت بالمبالغة ، لم تكن والدتها يوماً اسعد لإبنتها من تلك الايام ، كانت دُجى تصنع كل يوم صنفاً من الحلوى الذي بسبب رعاش يديها لم يكن يصبح بالشكل المطلوب و تأخذه معها إلى الحديقة حتى تستمتع بتناوله مع لبنى ثم تذهب كلٌ منهما لسقاية الزهور التي زرعاها معاً ، ولم تشعر أي منهما بالملل على الرغم من أنهما يذهبانِ إلى نفس المكان كل يوم ولُبنى ترتدي نفس القبعة الملونة كل يوم ، ودُجى تكرر نفس الحكايا للبنى كل يوم ، لأن كلاهما كانت أسعد من أن تُفكر بغير وجودها مع صديقتها التي باتت كأختٍ لها في هذا العالم .

في مساء احد الايام ، ذهبت دجى إلى الحديقة حاملةً سلة الكعك الذي أعدته كالعادة ، جلست في الكرسي الخشبي تنتظر قدوم لبنى ، طال انتظار دُجى و تأخرت لبنى ، أخذت دُجى تراقب السماء الزرقاء الصافية ثم لمحت ذلك العصفور الذي كان يُطعم صغاره على الشجرة فتأملت أكثر لقدوم لُبنى حتى تخبرها بما رأت ، مر الوقت ولم تأتي لبنى و لكنَّ دُجى بقيت بإنتظارها ، و عندما قارب الليل على الحلول ، و حان موعد عودة دُجى إلى المنزل ، ذهبت إلى حيث قامتا بزراعة الزهور خاصتهما و سقت الزهرتين بالمياه و عادت إلى منزلها ، و في اليوم التالي حصل نفس الشيء ، ذهبت دُجى إلى الحديقة و جلست بإنتظار لُبنى التي لم تأتي فسقت الزهور بالماء و عادت إلى المنزل ، استمر هذا الأمر لشهر كامل ، كل يوم تذهب دُجى إلى الحديقة و تتأمل قدوم صديقتها دون أن يهتزَ أملها ، ولم تكن حتى تتناول من الحلوى التي كانت تعدها بل كانت تعود بها كل يوم و تضعها على طاولة الطعام حتى يأتي أحد أفراد عائلتها و يلتهمها ، و تستيقظ في اليوم التالي و تصنع حلوى جديدة و تأخذها معها و تعود بها مساءً ، حاول والداها إقناعها بالتوقف عن الذهاب إلى الحديقة بما أن صديقتها توقفت لكنها كانت دائماً ما تقول : " سوف نبقى أصدقاء دائماً ، لابد أن ظرفاً حصل لها في الأيام السابقة لكنها ستعود اليوم ، أنا اعلم ذلك " و ذات يوم ، و بينما هي بإنتظار صديقتها كالعادة ، قدمت إليها إمرأة تبدو في منتصف العمر ، جلست على الكرسي الخشبي بجانبها و سألتها قائلةً : " هل أنتِ دُجى ؟ " نظرت دُجى إليها باستغراب و أومأت بِرأسها ، أقتربت المرأة منها أكثر و قامت بأخذها في حضنها و قالت : " أنا أسفة جداُ ، لم أشأ أن اكون من يخبركُ بهذا الخبر المؤسف ، لقد تُوفيت صديقتكِ لبنى " صمتت دُجى في ذهول و لم تُصدق ما سمعته ، بدأت المرأةُ بالبكاء و قالت أن السرطانَ تمكن من لبنى ، لم تحتمل دُجى وقع الأمرِ حالما تذكرت قُبعة لبنى الملونة التي لم تخرجها قط ، فركضت إلى منزلها مسرعة و أغلقت الباب على غرفتها و ذرفت كُل الدموع التي لم تذرفها في أيام سعادتها مع لبنى .
مر يومان لم تذهب فيهما دُجى إلى الحديقة ، ساد فيهما اصوات بكاء دُجى ، حاول والداها تهدئتها لكنها ما تفتئ أن تهدأ حتى تنفجر بالبكاء مجددا ، طلبت دُجى من والدتها أخيراً أن تسمح لها بإعداد الحلوى فأعدتها و ذهبت إلى الحديقة بها ، جلست على الكرسي الخشبي ذاته و تذكرت لبنى و ابتسامتها ، صوتها الدافئ و قبعتها الملونة ، و بعد ذلك ذهبت لتسقي الوردتان التي ستحملان اوصال صداقة لبنى و دُجى دائما ، ثم عادت دجى الى منزلها و توجهت نحو النافذة المطلة على الحي ، تراقب الناس الذين اتخذوا طريقهم من امام منزلها جيئة و ذهاباً .
غرام

صباح الخير … قصة جميلة ومؤثرة جدا … تعاطفت مع دجى المسكينة كثير بعد ماصار عندها شي ممكن يدخل الفرح والسرور لقلبها فقدته ورجع الالم والوحدة لها … فعلا الصداقة كنز مايعرفه الا الي يعيشه بصدق

يسلمو في انتظار جديدك

صباح الخير … قصة جميلة ومؤثرة جدا … تعاطفت مع دجى المسكينة كثير بعد ماصار عندها شي ممكن يدخل الفرح والسرور لقلبها فقدته ورجع الالم والوحدة لها … فعلا الصداقة كنز مايعرفه الا الي يعيشه بصدق

يسلمو في انتظار جديدك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.