(( الفصل الأول))
عاد من صلاة الفجر بقامته المديدة ووقاره المنحوت في ملامحه الصخرية عبر ذلك الطريق الذي حفظه عن ظهر قلب منذ أكثر من سبعين عاما ، يعرف فيه كل ركن وكل زاوية وكل حجر وقصة كل بيت ، هذه هي الحارة العتيقة التي احتضنت عبث طفولته وثورة شبابه وصراعات رجولته وهم شيخوخته ، لقد عرف هذه المنطقة يوم كانت قرية مهملة حتى أصبحت الآن جزءا من مدينة الشمس (الرياض) ، لطالما لامه الكثيرون " ليش ما تنتقل ؟ هذي الحارة قديمة ؟ ما تناسب مستواك ؟ أنت الله منعم عليك ؟ ليش ترضى بهالحارة المنعزلة ؟ … الخ " ، لكنه كان يعلم بأنه سمكة لو خرجت من بحرها ماتت ، ربما يستطيع غيره ان ينكر ارتباط الإنسان بالأرض ، بالمكان ، بالوجوه التي ترحل يوما ولا تعود ، لكنه هو فلاح لا يستطيع ولن يستطيع ، وكيف ؟ أينسى هذا البيت القديم الذي كان من الطين ، البيت الذي هزته صرخات ولادته ومن بعده اخوته ، البيت الذي كان مملكة امه التي عشقتها ، البيت الذي وإن تغير بفعل ترميمه وتحديثه لا زالت جدرانه تحتفظ بأحلامهم وآمالهم التي طار غبارها بعد كل هذه السنوات ، البيت الذي لا زال يسمع فيه صوت والده الهادئ وضحكات امه الرنانة ، ولا زال طيف فواز يحوم في أرجائه .
دخل مجلسه الذي ينطق بالفخامة والترف المسرف ، كل ما فيه يدل على وقار اسم صاحبه ومكانته الاجتماعية ، وجده جاهزا وموضوعا كما يحب على الأرض ، جلس وبدأ يتناول فطوره الشهي فقد جلب البارحة معه حليبا من تلك الشياه التي يربيها في مخيمه الصحراوي :
_ صبحك الله بالخير يبه … (وقبل رأس والده وانضم لسفرته) …
_ هلا يا أبوي صبحك الله بالنور …
وظل يراقبه ، يراقب قرة العين والقلب والأمل الذي لم يخب ، لقد أحب من قبل ، أحب والده أحب امه وأحب اخوته ، لكنه لا يحب نايف كما يحبهم ، بل لا يمكنه ان يحبهم بقدر ما يحبه ، لقد تمنى دائما ان يرزقه الله بذرية صالحة ولكن هذا الابن بالذات جاء ليهدم التوقعات ويقفز فوق قمم الأماني التي تمناها ، فأصبح منذ نعومة أظافره الابن والأخ والأب واليد التي يضرب بها فلا تخطئ ، هرب من هذه المشاعر التي تزرع في قلبه الخوف والحذر من الضعف حتى امام أغلى الخلق إلى نفسه :
_ سمعت باللي صار لبنت عمك ؟
عقد حاجبيه وهو يسترجع ذكرى حرمته النوم طيلة ليل البارحة :
_ ايه سمعت … (وابتلع لقمته بغصة عنيفة) …
_ وش السواة الحين ؟
_ سواة الله أبرك يبه … حنا نصحنا عمي وهو الله يهداه ما سمع منا … والحين خلاص طاحت الفاس بالراس …
_ السلام عليكم …
_ وعليكم السلام …
قبل مبارك رأس والده وجلس بجسده اليافع ووجهه الذي يحمل ملامح طفل صغير يتناول فطوره بهدوء كعادته :
_ وينك عن الصلاة … ما شفتك بالمسجد ؟
_ هاه … (وارتبك بشدة كما يفعل كلما سمع صوت والده) … يبه … كنت …
_ لا تخاف يبه … طلع معاي صلى ورجع بسرعة … عنده امتحان ويبي يذاكر …
ابتلع مبارك ريقه بارتياح وابتسم لنايف الذي انقذه مما لا تحمد عقباه فهو يعلم جيدا بأن (العقال) الذي يرتكز على رأس والده أداة لا مزح فيها ، لكنه لمح نظرات تهديد في عيني شقيقه الاكبر " يا ويلك إن فكرت تطوف الصلاة مرة ثانية " .
_ السلام عليكم …
_ وعليكم السلام …
وانضم إليهم فارس بحقيبته المدرسية الثقيلة ، قبل رأس والده وجلس ، أما فلاح الصغير فكان يتبعه باكيا حتى وصل فاستلقى على فخذ والده بإنهاك واضح :
_ وراك أنت وهالخشة … تنعس ؟!
_ يبه … (ويبكي) … ما أبي أروح المدرسة … أنعس …
مبارك بنصحه الهادئ :
_ أنا أول مرة أشوف واحد عمره 6 سنوات ويسهر للفجر !… نايف ترى مو زين عليه شيل عنه البلاي ستيشن … وبالعطلة خله يلعب فيها …
فرد فارس بغضب :
_ لا والله وحنا بشنو نلعب ؟!… خل يشيل عنك اللاب توب أحسن …
وسكت مبارك وهو يهز رأسه لانه يعلم بأنه سيخسر أمام هذا اللسان السليط :
_ يبه !… ودنا المدرسة …
_ وقص يقص لسانك … تتأمر على أبوي أنت ووجهك !… (يقلده) … يبه ودنا المدرسة … وليش ما تروح مع السواق ؟
_ شفيك عليه يا نايف ؟!
وتشجع فارس بعد ذلك الهجوم الذي أخرسه :
_ إيه شفيك علي ؟!… ترى هو أبوي … مو أبوك لحالك …
وحدق فيه نايف حتى تراعدت فرائصه ، وبعد أن أنهى ارتشاف باقي حليبه :
_ وليش تبي أبوي يوديك ؟
_ ما أبي أروح مع جمعة … فشلة وش كبري وراكب مع السواق … حرمة أنا ؟!… إذا ما تبي أبوي يوديني خلني أروح بالفورد الصغيرة … أعرف أسوقها …
_ هذا اللي إنت تبيه ؟… شوف أنا منبه الحارس ما يخليك تطلع فيها … وإن سمعت إنك أخذت المفاتيح نفس هذيك المرة … (وأخفض فارس رأسه) … ما تلوم إلا نفسك .. فاهم ؟… (وهز رأسه بالايجاب) … خلاص روحوا مع مبارك …(والتفت نحوه) … مبارك وصلهم بطريقك …
_ أنا أروح مع ماجد … وهو ما يرضى البزران يركبون بسيارته …
_ أجل انطم وخل جمهة يوديكم مع البنات … قم أنت … (وقذف بطفله بعيدا وهو يقف يعدل من وضع غترته) …
يصرخ فارس بيأس :
_ نايف … تكفى …
الوالد بقلة حيلة :
_ خلاص يا فارس أنا أوديكم … صجيت روسنا على هالصبح …
نايف وهو يلمح نظرة الانتصار المغموسة بالفرح في عيون هذا الصغير :
_ نشبة … أعوذ بالله منك …
ويسمعون بوق سيارة مزعج قادما من باب المجلس المطل على الشارع ، فيغص مبارك بكوب الشاي :
_ هذا ماجد … (وينطلق حاملا كتبه كالصاروخ) …
وياتي صوت (غسان) الحارس من جهاز الارسال :
_ أستاز مبارك … الاستاز ماجد وصل …
فارس باستعلاء :
_ الحمد الله والشكر … (ويقبل يده شكرا لله) … هذولا المطافيق بصراحة يفشلون … عيال الحارة يقولون حتى حريمهم حافظين هرن سيارة ماجد … الله يخسه هو وهالسيارة اللي كاشخ فيها تقول بزر … مو رجال عمره ألف وميتين …
نايف وهو يمط شفتيه يأسا من كلام هذا العجوز الصغير :
_ تبي شي يبه ؟
_ سلامتك يا أبوك …
_ وأنت يا جدي …
فارس وهو يستوعب استهزاء أخيه :
_ والله يا وليدي … يا ليت لو تجيب معك شريط لهالماخوذة اللي ألعب فيها …
_ ههههههههههههه … الله يخسك من ولد … يالله فأمان الله … (وينصرف) …
_ فأمان الكريم … (وينهض) … يالله يا عيال … (ويفتش في جيوبه وهو يقف) … فارس يبه مفتاح سيارتي على الطاولة …
_ إن شاء الله يبه … (وذهب حيث أشار والده ، سلمه المفتاح ووضع الحقيبة على كتفه) … قوم يا أبو نومة … (وهزه بقدمه وهو لا زال يبكي) … يبه أنا بقول حق جمعة أنك بتودينا … (وانصرف) …
_ يبه … (ويفرك عينيه بكاءا) … أنا … ما أبي أروح المدرسة … (كانت دموعه تقطع صوته) … أنعس …
_ قم … قم وأنا أبوك … النوم للكلاب .. (ويسحبه من يده) … شوي ويروح عنك النعاس … يالله قم ..
وعلى طاولة فطور فارهة في غرفة طعام فخمة كان جالسا يقرأ صحفه الصباحية كعادته :
_ صباح الخير يا حلو … (وتقبله وهي تحتضن رأسه بيديها) …
_ هلا والله … صباح النور …
ابتسم بفرح لهذه المخلوقة التي تتدفق رقة وعذوبة " يا سواد الدنيا … بدونك يا ريم " :
_ عفيه خلودي … قاعد مبكر !… (وتقرص خد شقيقها الصغير الذي يبتسم ببراءة حلوة وهو يشرب حليبه ) … جولي قولي لسعد ينزل بسرعة وقولي له ريم تقول لك يا ويلك …
_ يس مدام … (وتنصرف جولي لتصعد الدرج) …
_ والله ولدك هذا يبه مدري على منو طالع … كسول حده … ويرفع الضغط …
_ على امك … اللي بحياتي ما صحيت من النوم لقيتها قايمة قبلي …
تضحك بدلع وعتاب لأنها تعلم بتقصير أمها لكنها تعتمد على صبر أبيها الذي لا ينتهي :
_ يبـــــــــــــــــــه … (ثم تتذكر فجأة ويكسو وجهها الحزن) … إلا يبه دريت … بدريه بنت خالي تطلقت …
_ آآآفا … لا حول ولا قوة إلا بالله … من قال لك ؟
_ أمس كلمت حصة وقالت لي …
وبعد تفكير عميق :
_ الله يعينك يا أبو بدر … (وفكر) … عز الله إنهم بياكلونك بالشماتة … (وعاد لجريدته) …
_ مدام … عصير فرش …
_ ثانك يو ديبي … روحي خلي قاسم يشغل السيارة …
_ أوكي … (وتنصرف) …
_ إلا أخوك وينه ؟
_ ماجد !… أكيد طلع من الصبح وراح المدرسة …
_ بس أنا قاعد من الصبح ما شفته ينزل … ولا تفطر …
_ يعني يبه ما تعرف ماجد ما ينام ويروح للمدرسة مواصل … وهو ما يحب يتفطر ياكل من المطعم …
_ هالولد مدري ليه حياته مخربطة ؟… (وانتبه) … وإنتي ليش ما تاكلين ؟… يا يبه ترى هالعصاير ما تغني عن الأكل …
_ أحسن يبه … أخف …
واستسلم لأنه يعلم بأن من ممنوعات ابنته الفاتنة ألا يناقشها أحد في أمور رشاقتها :
_ يالله خلودي … (ويتبع الصغير شقيقته بطاعة عمياء) … باي يبه …
_ دير بالكم على الطريق … خل قاسم يسوق شوي شوي …
_ تأمر يبه .. سعد … سعــــــــــد … سعــــــــــــــــــــــــــد … سعيدان وصمخ … تأخرنا …
عاد من صلاة الفجر بقامته المديدة ووقاره المنحوت في ملامحه الصخرية عبر ذلك الطريق الذي حفظه عن ظهر قلب منذ أكثر من سبعين عاما ، يعرف فيه كل ركن وكل زاوية وكل حجر وقصة كل بيت ، هذه هي الحارة العتيقة التي احتضنت عبث طفولته وثورة شبابه وصراعات رجولته وهم شيخوخته ، لقد عرف هذه المنطقة يوم كانت قرية مهملة حتى أصبحت الآن جزءا من مدينة الشمس (الرياض) ، لطالما لامه الكثيرون " ليش ما تنتقل ؟ هذي الحارة قديمة ؟ ما تناسب مستواك ؟ أنت الله منعم عليك ؟ ليش ترضى بهالحارة المنعزلة ؟ … الخ " ، لكنه كان يعلم بأنه سمكة لو خرجت من بحرها ماتت ، ربما يستطيع غيره ان ينكر ارتباط الإنسان بالأرض ، بالمكان ، بالوجوه التي ترحل يوما ولا تعود ، لكنه هو فلاح لا يستطيع ولن يستطيع ، وكيف ؟ أينسى هذا البيت القديم الذي كان من الطين ، البيت الذي هزته صرخات ولادته ومن بعده اخوته ، البيت الذي كان مملكة امه التي عشقتها ، البيت الذي وإن تغير بفعل ترميمه وتحديثه لا زالت جدرانه تحتفظ بأحلامهم وآمالهم التي طار غبارها بعد كل هذه السنوات ، البيت الذي لا زال يسمع فيه صوت والده الهادئ وضحكات امه الرنانة ، ولا زال طيف فواز يحوم في أرجائه .
دخل مجلسه الذي ينطق بالفخامة والترف المسرف ، كل ما فيه يدل على وقار اسم صاحبه ومكانته الاجتماعية ، وجده جاهزا وموضوعا كما يحب على الأرض ، جلس وبدأ يتناول فطوره الشهي فقد جلب البارحة معه حليبا من تلك الشياه التي يربيها في مخيمه الصحراوي :
_ صبحك الله بالخير يبه … (وقبل رأس والده وانضم لسفرته) …
_ هلا يا أبوي صبحك الله بالنور …
وظل يراقبه ، يراقب قرة العين والقلب والأمل الذي لم يخب ، لقد أحب من قبل ، أحب والده أحب امه وأحب اخوته ، لكنه لا يحب نايف كما يحبهم ، بل لا يمكنه ان يحبهم بقدر ما يحبه ، لقد تمنى دائما ان يرزقه الله بذرية صالحة ولكن هذا الابن بالذات جاء ليهدم التوقعات ويقفز فوق قمم الأماني التي تمناها ، فأصبح منذ نعومة أظافره الابن والأخ والأب واليد التي يضرب بها فلا تخطئ ، هرب من هذه المشاعر التي تزرع في قلبه الخوف والحذر من الضعف حتى امام أغلى الخلق إلى نفسه :
_ سمعت باللي صار لبنت عمك ؟
عقد حاجبيه وهو يسترجع ذكرى حرمته النوم طيلة ليل البارحة :
_ ايه سمعت … (وابتلع لقمته بغصة عنيفة) …
_ وش السواة الحين ؟
_ سواة الله أبرك يبه … حنا نصحنا عمي وهو الله يهداه ما سمع منا … والحين خلاص طاحت الفاس بالراس …
_ السلام عليكم …
_ وعليكم السلام …
قبل مبارك رأس والده وجلس بجسده اليافع ووجهه الذي يحمل ملامح طفل صغير يتناول فطوره بهدوء كعادته :
_ وينك عن الصلاة … ما شفتك بالمسجد ؟
_ هاه … (وارتبك بشدة كما يفعل كلما سمع صوت والده) … يبه … كنت …
_ لا تخاف يبه … طلع معاي صلى ورجع بسرعة … عنده امتحان ويبي يذاكر …
ابتلع مبارك ريقه بارتياح وابتسم لنايف الذي انقذه مما لا تحمد عقباه فهو يعلم جيدا بأن (العقال) الذي يرتكز على رأس والده أداة لا مزح فيها ، لكنه لمح نظرات تهديد في عيني شقيقه الاكبر " يا ويلك إن فكرت تطوف الصلاة مرة ثانية " .
_ السلام عليكم …
_ وعليكم السلام …
وانضم إليهم فارس بحقيبته المدرسية الثقيلة ، قبل رأس والده وجلس ، أما فلاح الصغير فكان يتبعه باكيا حتى وصل فاستلقى على فخذ والده بإنهاك واضح :
_ وراك أنت وهالخشة … تنعس ؟!
_ يبه … (ويبكي) … ما أبي أروح المدرسة … أنعس …
مبارك بنصحه الهادئ :
_ أنا أول مرة أشوف واحد عمره 6 سنوات ويسهر للفجر !… نايف ترى مو زين عليه شيل عنه البلاي ستيشن … وبالعطلة خله يلعب فيها …
فرد فارس بغضب :
_ لا والله وحنا بشنو نلعب ؟!… خل يشيل عنك اللاب توب أحسن …
وسكت مبارك وهو يهز رأسه لانه يعلم بأنه سيخسر أمام هذا اللسان السليط :
_ يبه !… ودنا المدرسة …
_ وقص يقص لسانك … تتأمر على أبوي أنت ووجهك !… (يقلده) … يبه ودنا المدرسة … وليش ما تروح مع السواق ؟
_ شفيك عليه يا نايف ؟!
وتشجع فارس بعد ذلك الهجوم الذي أخرسه :
_ إيه شفيك علي ؟!… ترى هو أبوي … مو أبوك لحالك …
وحدق فيه نايف حتى تراعدت فرائصه ، وبعد أن أنهى ارتشاف باقي حليبه :
_ وليش تبي أبوي يوديك ؟
_ ما أبي أروح مع جمعة … فشلة وش كبري وراكب مع السواق … حرمة أنا ؟!… إذا ما تبي أبوي يوديني خلني أروح بالفورد الصغيرة … أعرف أسوقها …
_ هذا اللي إنت تبيه ؟… شوف أنا منبه الحارس ما يخليك تطلع فيها … وإن سمعت إنك أخذت المفاتيح نفس هذيك المرة … (وأخفض فارس رأسه) … ما تلوم إلا نفسك .. فاهم ؟… (وهز رأسه بالايجاب) … خلاص روحوا مع مبارك …(والتفت نحوه) … مبارك وصلهم بطريقك …
_ أنا أروح مع ماجد … وهو ما يرضى البزران يركبون بسيارته …
_ أجل انطم وخل جمهة يوديكم مع البنات … قم أنت … (وقذف بطفله بعيدا وهو يقف يعدل من وضع غترته) …
يصرخ فارس بيأس :
_ نايف … تكفى …
الوالد بقلة حيلة :
_ خلاص يا فارس أنا أوديكم … صجيت روسنا على هالصبح …
نايف وهو يلمح نظرة الانتصار المغموسة بالفرح في عيون هذا الصغير :
_ نشبة … أعوذ بالله منك …
ويسمعون بوق سيارة مزعج قادما من باب المجلس المطل على الشارع ، فيغص مبارك بكوب الشاي :
_ هذا ماجد … (وينطلق حاملا كتبه كالصاروخ) …
وياتي صوت (غسان) الحارس من جهاز الارسال :
_ أستاز مبارك … الاستاز ماجد وصل …
فارس باستعلاء :
_ الحمد الله والشكر … (ويقبل يده شكرا لله) … هذولا المطافيق بصراحة يفشلون … عيال الحارة يقولون حتى حريمهم حافظين هرن سيارة ماجد … الله يخسه هو وهالسيارة اللي كاشخ فيها تقول بزر … مو رجال عمره ألف وميتين …
نايف وهو يمط شفتيه يأسا من كلام هذا العجوز الصغير :
_ تبي شي يبه ؟
_ سلامتك يا أبوك …
_ وأنت يا جدي …
فارس وهو يستوعب استهزاء أخيه :
_ والله يا وليدي … يا ليت لو تجيب معك شريط لهالماخوذة اللي ألعب فيها …
_ ههههههههههههه … الله يخسك من ولد … يالله فأمان الله … (وينصرف) …
_ فأمان الكريم … (وينهض) … يالله يا عيال … (ويفتش في جيوبه وهو يقف) … فارس يبه مفتاح سيارتي على الطاولة …
_ إن شاء الله يبه … (وذهب حيث أشار والده ، سلمه المفتاح ووضع الحقيبة على كتفه) … قوم يا أبو نومة … (وهزه بقدمه وهو لا زال يبكي) … يبه أنا بقول حق جمعة أنك بتودينا … (وانصرف) …
_ يبه … (ويفرك عينيه بكاءا) … أنا … ما أبي أروح المدرسة … (كانت دموعه تقطع صوته) … أنعس …
_ قم … قم وأنا أبوك … النوم للكلاب .. (ويسحبه من يده) … شوي ويروح عنك النعاس … يالله قم ..
وعلى طاولة فطور فارهة في غرفة طعام فخمة كان جالسا يقرأ صحفه الصباحية كعادته :
_ صباح الخير يا حلو … (وتقبله وهي تحتضن رأسه بيديها) …
_ هلا والله … صباح النور …
ابتسم بفرح لهذه المخلوقة التي تتدفق رقة وعذوبة " يا سواد الدنيا … بدونك يا ريم " :
_ عفيه خلودي … قاعد مبكر !… (وتقرص خد شقيقها الصغير الذي يبتسم ببراءة حلوة وهو يشرب حليبه ) … جولي قولي لسعد ينزل بسرعة وقولي له ريم تقول لك يا ويلك …
_ يس مدام … (وتنصرف جولي لتصعد الدرج) …
_ والله ولدك هذا يبه مدري على منو طالع … كسول حده … ويرفع الضغط …
_ على امك … اللي بحياتي ما صحيت من النوم لقيتها قايمة قبلي …
تضحك بدلع وعتاب لأنها تعلم بتقصير أمها لكنها تعتمد على صبر أبيها الذي لا ينتهي :
_ يبـــــــــــــــــــه … (ثم تتذكر فجأة ويكسو وجهها الحزن) … إلا يبه دريت … بدريه بنت خالي تطلقت …
_ آآآفا … لا حول ولا قوة إلا بالله … من قال لك ؟
_ أمس كلمت حصة وقالت لي …
وبعد تفكير عميق :
_ الله يعينك يا أبو بدر … (وفكر) … عز الله إنهم بياكلونك بالشماتة … (وعاد لجريدته) …
_ مدام … عصير فرش …
_ ثانك يو ديبي … روحي خلي قاسم يشغل السيارة …
_ أوكي … (وتنصرف) …
_ إلا أخوك وينه ؟
_ ماجد !… أكيد طلع من الصبح وراح المدرسة …
_ بس أنا قاعد من الصبح ما شفته ينزل … ولا تفطر …
_ يعني يبه ما تعرف ماجد ما ينام ويروح للمدرسة مواصل … وهو ما يحب يتفطر ياكل من المطعم …
_ هالولد مدري ليه حياته مخربطة ؟… (وانتبه) … وإنتي ليش ما تاكلين ؟… يا يبه ترى هالعصاير ما تغني عن الأكل …
_ أحسن يبه … أخف …
واستسلم لأنه يعلم بأن من ممنوعات ابنته الفاتنة ألا يناقشها أحد في أمور رشاقتها :
_ يالله خلودي … (ويتبع الصغير شقيقته بطاعة عمياء) … باي يبه …
_ دير بالكم على الطريق … خل قاسم يسوق شوي شوي …
_ تأمر يبه .. سعد … سعــــــــــد … سعــــــــــــــــــــــــــد … سعيدان وصمخ … تأخرنا …
وفي منزل آخر :
_ السلام عليكم …(ويقبل رأس والدته)…
_ وعليكم السلام …
_ شفيها عيونك ؟!…(ينظر مستغربا لبشاير) …
_ لا ولا شي … بس علشان سهرانة أمس … عندي امتحان اليوم …
(عهود) بيأس :
_ دافــــــــــــــــــــوووووووووووووورة …
وتضربها (بشاير) بكوعها ، و(راشد) وهو يضحك :
_ هههههههههههه شوي شوي يا المصرية أكلتي الكتب …
لقد اعتادت على تعليق أخوتها بالنسبة لتعلقها بالدراسة لحد الهوس :
_ يمـــــــــــــــــــــــــــه …
_ اسم الله على بنيتي … شفيكم عليها … (وتنادي) … دلال وين الشاهي؟!
وتدخل (دلال) حاملة صينية الشاي :
_ هذا هو … شفيك يمه سويتي لي فضيحة …
(أم راشد) وهي تبدأ بصب الشاي :
_ ساعة … دوك يمه …(وتناول راشد فنجانه) …
_ لا والله… فوق مو مقعدتني من صباح الله خير … تهزئني …(تنظر لأخواتها) عندك هالثورتين ليش مو وحدة منهم تقوم … والبيت مليان خدم … يعني إذا ما صبحتي على خشتي ما ترتاحين يمه …
(عهود) وهي تتلذذ بشرب الشاي وتحاكيها (بشاير) بدلع :
_ حنا ورانا أشغال ….
_ وأنت تعانين من مشكلة البطالة …
_ ههههههههههه حلوة بطالة … كفك بشورة … (ويضربون راشد وبشاير كفوف بعض) .
_ تسمعين عيالك يمه …
(أم راشد) تمسك يدها تهدئها :
_ ما عليك منهم يمه …أصلا البيت كله ما يسوى من دونك … الله يعيني بس لا رحتي من اللي بيشيله معاي … وهالخدم ما احد يعتمد عليهم … وخواتك الله بالخير …
تقبل أمها بفرح :
_ تسمعون الناس اللي تفهم … (وتضع يدها على خصرها بتحدي) … تعلموا يا همج …
_ زين يا راعية البيت … سوي لي بيض عادي … ما احب البيض بطماط ….
تجلس تتناول فطورها :
_ سوري أخوي العزيز … سوينا بيض بطماط ما تبي … لا تأكل … قومة مرة ثانية ماني قايمة …
وغضبت الأم كعادتها حين يمس الأمر شيئا يريده ابنها الوحيد :
_ هاه … صج ما تستحين قومي يالله سوي لأخوك بيض …
_ يمـــــــــــه … أبي أفطر ما فطرت … (وتكمل بنظرة لؤم لشقيقها) … خل ماري تسوي له … وبعدين هو لازم ما يتشرط … ست الحسن والدلال نايمة … وانا أخدم له … وهذا من طيبي … أنا مو شغالة عنده …
يناظرها (راشد) بلؤم أكبر :
_ قلتيها ست الحسن والدلال … وما أبي أتعبها … (يهمس لها) …تقومين يعني تقومين … (ينظر لوالدته بحزن) … يمه جد أنا اليوم مشتهي البيض … وما احب البيض اللي يسونه الخدامات …
_ تبشر يمه … (تناظر دلال) .. تقومين تسوين لأخوك ولا أقوم أنا …
دلال وهي تستشيط غضبا :
_ لا يمه ارتاحي … ترى كلها بيض ما طلب ذبيحة أخوي …
_ من ذوقك مدام مشعل … (تنصرف وهي تركض) …
(عهود) و(بشاير) و(راشد) يضحكون بمرح .
_ حرام عليك يا راشد ..هههههههههههههههههههههههههههههههه …
_ راشد يمه … صج بدريه بنت عمك تطلقت ؟!..
(راشد) يبتسم بألم :
_ وليه تسألين ؟…خبري أنتم يا الحريم ما تخفى عليكم هالسوالف !
_ والله يا يمه أنا سمعت بس خفت أتصل على ام بدر ويطلع الخبر كذب …
_ إلا يمه الخبر صحيح … أمس بدر قال لي ….
(بشاير) بحزن :
_ مسكينة بدريه … والله ما تستاهل …
_ لا حول ولا قوة إلا بالله …. الله يعين قلبك يا أم بدر … والله كان خوش رجال ..بس …
_ أي خوش رجال يمه الله يهداك … هذا هو ما صبر عليها سنة … رماها رمية الكلب …
_ لا تشمت يمه … أنت عندك خوات …
(راشد) وهو يقف ويرتب غترته :
_ أستغفر الله بس … (ينظر نحو شقيقتيه) … هاه أوصلكم معي … (قال وهو يبتسم) … ترى السيارة الجديدة بخدمتكم …
(عهود) وهي تنهض :
_ الله … احلف … (كانت تتمنى ان تركب سيارة شقيقها الجديدة قبل أن يمل منها فيغيرها الشهر القادم) … آآآآي …
تسحبها (بشاير) حتى تعود لتجلس وهي تحك كوعها الذي آلمته وهي تفسر لأخيها :
_ لا راشد … بنروح مع ساره بنت خالتي …
_ كيفكم … يالله فمان الله …
تدخل (دلال) :
_ راشــــــــــــــد … البيض ….
يغمز لها بلؤم :
_ حطيه بالمايكرويف إذا جاء مشعل قلطيه له … شاو …(ويخرج) …
_ سخيييييييييييييف ….
ظل البنات يضحكن على موقف (دلال) .
_ السلام عليكم …(ويقبل رأس والدته)…
_ وعليكم السلام …
_ شفيها عيونك ؟!…(ينظر مستغربا لبشاير) …
_ لا ولا شي … بس علشان سهرانة أمس … عندي امتحان اليوم …
(عهود) بيأس :
_ دافــــــــــــــــــــوووووووووووووورة …
وتضربها (بشاير) بكوعها ، و(راشد) وهو يضحك :
_ هههههههههههه شوي شوي يا المصرية أكلتي الكتب …
لقد اعتادت على تعليق أخوتها بالنسبة لتعلقها بالدراسة لحد الهوس :
_ يمـــــــــــــــــــــــــــه …
_ اسم الله على بنيتي … شفيكم عليها … (وتنادي) … دلال وين الشاهي؟!
وتدخل (دلال) حاملة صينية الشاي :
_ هذا هو … شفيك يمه سويتي لي فضيحة …
(أم راشد) وهي تبدأ بصب الشاي :
_ ساعة … دوك يمه …(وتناول راشد فنجانه) …
_ لا والله… فوق مو مقعدتني من صباح الله خير … تهزئني …(تنظر لأخواتها) عندك هالثورتين ليش مو وحدة منهم تقوم … والبيت مليان خدم … يعني إذا ما صبحتي على خشتي ما ترتاحين يمه …
(عهود) وهي تتلذذ بشرب الشاي وتحاكيها (بشاير) بدلع :
_ حنا ورانا أشغال ….
_ وأنت تعانين من مشكلة البطالة …
_ ههههههههههه حلوة بطالة … كفك بشورة … (ويضربون راشد وبشاير كفوف بعض) .
_ تسمعين عيالك يمه …
(أم راشد) تمسك يدها تهدئها :
_ ما عليك منهم يمه …أصلا البيت كله ما يسوى من دونك … الله يعيني بس لا رحتي من اللي بيشيله معاي … وهالخدم ما احد يعتمد عليهم … وخواتك الله بالخير …
تقبل أمها بفرح :
_ تسمعون الناس اللي تفهم … (وتضع يدها على خصرها بتحدي) … تعلموا يا همج …
_ زين يا راعية البيت … سوي لي بيض عادي … ما احب البيض بطماط ….
تجلس تتناول فطورها :
_ سوري أخوي العزيز … سوينا بيض بطماط ما تبي … لا تأكل … قومة مرة ثانية ماني قايمة …
وغضبت الأم كعادتها حين يمس الأمر شيئا يريده ابنها الوحيد :
_ هاه … صج ما تستحين قومي يالله سوي لأخوك بيض …
_ يمـــــــــــه … أبي أفطر ما فطرت … (وتكمل بنظرة لؤم لشقيقها) … خل ماري تسوي له … وبعدين هو لازم ما يتشرط … ست الحسن والدلال نايمة … وانا أخدم له … وهذا من طيبي … أنا مو شغالة عنده …
يناظرها (راشد) بلؤم أكبر :
_ قلتيها ست الحسن والدلال … وما أبي أتعبها … (يهمس لها) …تقومين يعني تقومين … (ينظر لوالدته بحزن) … يمه جد أنا اليوم مشتهي البيض … وما احب البيض اللي يسونه الخدامات …
_ تبشر يمه … (تناظر دلال) .. تقومين تسوين لأخوك ولا أقوم أنا …
دلال وهي تستشيط غضبا :
_ لا يمه ارتاحي … ترى كلها بيض ما طلب ذبيحة أخوي …
_ من ذوقك مدام مشعل … (تنصرف وهي تركض) …
(عهود) و(بشاير) و(راشد) يضحكون بمرح .
_ حرام عليك يا راشد ..هههههههههههههههههههههههههههههههه …
_ راشد يمه … صج بدريه بنت عمك تطلقت ؟!..
(راشد) يبتسم بألم :
_ وليه تسألين ؟…خبري أنتم يا الحريم ما تخفى عليكم هالسوالف !
_ والله يا يمه أنا سمعت بس خفت أتصل على ام بدر ويطلع الخبر كذب …
_ إلا يمه الخبر صحيح … أمس بدر قال لي ….
(بشاير) بحزن :
_ مسكينة بدريه … والله ما تستاهل …
_ لا حول ولا قوة إلا بالله …. الله يعين قلبك يا أم بدر … والله كان خوش رجال ..بس …
_ أي خوش رجال يمه الله يهداك … هذا هو ما صبر عليها سنة … رماها رمية الكلب …
_ لا تشمت يمه … أنت عندك خوات …
(راشد) وهو يقف ويرتب غترته :
_ أستغفر الله بس … (ينظر نحو شقيقتيه) … هاه أوصلكم معي … (قال وهو يبتسم) … ترى السيارة الجديدة بخدمتكم …
(عهود) وهي تنهض :
_ الله … احلف … (كانت تتمنى ان تركب سيارة شقيقها الجديدة قبل أن يمل منها فيغيرها الشهر القادم) … آآآآي …
تسحبها (بشاير) حتى تعود لتجلس وهي تحك كوعها الذي آلمته وهي تفسر لأخيها :
_ لا راشد … بنروح مع ساره بنت خالتي …
_ كيفكم … يالله فمان الله …
تدخل (دلال) :
_ راشــــــــــــــد … البيض ….
يغمز لها بلؤم :
_ حطيه بالمايكرويف إذا جاء مشعل قلطيه له … شاو …(ويخرج) …
_ سخيييييييييييييف ….
ظل البنات يضحكن على موقف (دلال) .
_ يمه ولدك هذا مريض …
_ فال الله ولا فالك … إن شاء الله إنتي …
_ عشتوا … لا يمه مشعولتي يبيني …
وضحكوا البنات :
_ طول عمرك ما تستحين ….(ثم هدأت) … اليوم جهزوا حالكم بنروح لبدريه …
غصت (دلال) بكوب العصير :
_ احلفي يمه …
_ ومرض … أنتي ما تروحين …. أنا وخواتك بنروح وأنتي استحي على وجهك وإلزمي بيتك …
_ يمه شمسويه أنا ماشية بدون هدوم كل شوي إستحي إستحي … وبعدين أنا من دريت ببدريه امس وأنا قلبي يعورني عليها …
_ ومن امس وأنت تدرين ؟! … من قال لك ؟!… أنا ما قلت لأحد …
ارتبكت (دلال) :
_ هاه … منو …أنا … ما دريت أمس …منو … أنا قلت …
(عهود) تداركت الموقف قبل أن تنكشف أختها :
_ وليش نروح يمه ؟
_ بنت عمكم وبشدة … لازم توقفون معها …
(بشاير) بسخطها الدائم :
_ يمه نوقف معها ما قلنا لا … بس هي الحين تلقينها مو طايقة عمرها … ومحتاجة تقعد مع نفسها شوي … وأنتم بتتجمعون عندها … مسوية حفلة هي … ليش ما تفرقون بين الحزن والفرح أنتم؟!… صج عايلة مضروبة …
(عهود) باستعلاء تضاهي به سخط (بشاير) :
_ هذه مشكلة المجتمع الذي لا يملك ثقافة نفسية يا شقيقتي الغالية …
استمتعت (دلال) بوجه أمها الذي لم تفهم شيئا مما يقال :
_ ههههههههههه … يمه ترى هاللي ما يستحون قاعدين يسبونك …
_ إلا صج أنت وياها … ليش ما خليتوا أخوكم يوديكم ؟! … والسواق يقول أنه ما يوصلكم للمدرسة … حلوة كل يوم متعب يوديكم … سواق أبوكم ياللي ما تستحون …
(عهود) بلؤم :
_ والله أنا مالي شغل يمه ….
(دلال) بحالمية :
_ خليهم يمه … أنا لو كل يوم يوديني متعب المدرسة بطير من الفرح وبتصير لي جنحان بعد …
(بشاير) تنهض :
_ كش عليك (عهود) …وكش عليك(دلال) … خل أروح انطر سارونتي أحسن لي …
(دلال) تصرخ خلفها:
_ بشورة … سلمي على الحبايب … (وتنتبه لنظرات أمها) … يا حليل ساره بنت خالتي …. حبيبة …
وظلت (عهود) تضحك دون توقف .
وفي سيارة (ماجد) السريعة ، متجهين إلى المدرسة ، يسأل مبارك بخوف :
_ درست العربي ؟
_ ولا فتحت الكتاب … صالح معه براشيم لي وله …
_ ولا أنا درست …
انتبه لذلك الحزن الذي يكسو وجه (مبارك) كلما ارتكب فعلا خاطئا :
_ وليه ما درست حضرتك ؟
_ كنت عالنت … ولما حسيت الوقت راح نعست … نمت وراحت علي النومة حتى
الصلاة طافتني وصليتها بالبيت …
_ ههههههههههههههه … وليش مسويها ماسأة … بعدين تعال مبارك … أنا أحس إن أهلك مايدرون إن عندهم ولد اسمه مبارك … ما تمل من النت أنت …
بخوف من هذا الادمان الذي يقتله يجيب (مبارك) :
_ ولا راح أمل … ماجد تتوقع الامتحان يمكن الله يسهله علينا …
_ مبارك .. تراي سهران ومو رايق لمياعتك …
_ وين رايح … هذا مو طريق المدرسة …
_ بمر صالح نأخذه معنا …. البراشيم معاه … مالي خلق أسقط وأبوي يسوي لي محاضرة طويلة عريضة …
_ فال الله ولا فالك … إن شاء الله إنتي …
_ عشتوا … لا يمه مشعولتي يبيني …
وضحكوا البنات :
_ طول عمرك ما تستحين ….(ثم هدأت) … اليوم جهزوا حالكم بنروح لبدريه …
غصت (دلال) بكوب العصير :
_ احلفي يمه …
_ ومرض … أنتي ما تروحين …. أنا وخواتك بنروح وأنتي استحي على وجهك وإلزمي بيتك …
_ يمه شمسويه أنا ماشية بدون هدوم كل شوي إستحي إستحي … وبعدين أنا من دريت ببدريه امس وأنا قلبي يعورني عليها …
_ ومن امس وأنت تدرين ؟! … من قال لك ؟!… أنا ما قلت لأحد …
ارتبكت (دلال) :
_ هاه … منو …أنا … ما دريت أمس …منو … أنا قلت …
(عهود) تداركت الموقف قبل أن تنكشف أختها :
_ وليش نروح يمه ؟
_ بنت عمكم وبشدة … لازم توقفون معها …
(بشاير) بسخطها الدائم :
_ يمه نوقف معها ما قلنا لا … بس هي الحين تلقينها مو طايقة عمرها … ومحتاجة تقعد مع نفسها شوي … وأنتم بتتجمعون عندها … مسوية حفلة هي … ليش ما تفرقون بين الحزن والفرح أنتم؟!… صج عايلة مضروبة …
(عهود) باستعلاء تضاهي به سخط (بشاير) :
_ هذه مشكلة المجتمع الذي لا يملك ثقافة نفسية يا شقيقتي الغالية …
استمتعت (دلال) بوجه أمها الذي لم تفهم شيئا مما يقال :
_ ههههههههههه … يمه ترى هاللي ما يستحون قاعدين يسبونك …
_ إلا صج أنت وياها … ليش ما خليتوا أخوكم يوديكم ؟! … والسواق يقول أنه ما يوصلكم للمدرسة … حلوة كل يوم متعب يوديكم … سواق أبوكم ياللي ما تستحون …
(عهود) بلؤم :
_ والله أنا مالي شغل يمه ….
(دلال) بحالمية :
_ خليهم يمه … أنا لو كل يوم يوديني متعب المدرسة بطير من الفرح وبتصير لي جنحان بعد …
(بشاير) تنهض :
_ كش عليك (عهود) …وكش عليك(دلال) … خل أروح انطر سارونتي أحسن لي …
(دلال) تصرخ خلفها:
_ بشورة … سلمي على الحبايب … (وتنتبه لنظرات أمها) … يا حليل ساره بنت خالتي …. حبيبة …
وظلت (عهود) تضحك دون توقف .
وفي سيارة (ماجد) السريعة ، متجهين إلى المدرسة ، يسأل مبارك بخوف :
_ درست العربي ؟
_ ولا فتحت الكتاب … صالح معه براشيم لي وله …
_ ولا أنا درست …
انتبه لذلك الحزن الذي يكسو وجه (مبارك) كلما ارتكب فعلا خاطئا :
_ وليه ما درست حضرتك ؟
_ كنت عالنت … ولما حسيت الوقت راح نعست … نمت وراحت علي النومة حتى
الصلاة طافتني وصليتها بالبيت …
_ ههههههههههههههه … وليش مسويها ماسأة … بعدين تعال مبارك … أنا أحس إن أهلك مايدرون إن عندهم ولد اسمه مبارك … ما تمل من النت أنت …
بخوف من هذا الادمان الذي يقتله يجيب (مبارك) :
_ ولا راح أمل … ماجد تتوقع الامتحان يمكن الله يسهله علينا …
_ مبارك .. تراي سهران ومو رايق لمياعتك …
_ وين رايح … هذا مو طريق المدرسة …
_ بمر صالح نأخذه معنا …. البراشيم معاه … مالي خلق أسقط وأبوي يسوي لي محاضرة طويلة عريضة …
وفي سيارة (متعب) ، (بشاير) و(عهود) يركبون السيارة الصغيرة :
_ السلام عليكم …
(متعب) و(ساره) :
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته …
(متعب) وهو ينظر في مرآته الأمامية :
_ شلونك بشاير ؟!
تجيب (ساره) بلؤم :
_ أمس وصلتنا … كل يوم لازم شلونك بشاير …
(عهود) بلؤم أكبر :
_ وشدعوه يا متعب … شلونك بشاير … وأنا بنت البطة السودا …
_ ههههههههههههههه أقول أنت وياها جب ولا كلمة ….محد كلمكم قطة الفيس هذي ليش ؟
(بشاير) بتحدي أكبر :
_ الحمد الله متعب … بخير عساك بخير ..
_ دوم مو يوم إن شاء الله …
_ هيه أنت يا الأخو … أنا وعهود موجودين … لا تنسى عمرك …
(متعب) بتجاهل أكبر :
_ أقول بشاير … عندك امتحان اليوم ؟!
(ساره) بلؤم :
_ عندنا امتحان رياضيات …
_ بشاير …(ورمق أخته باستهزاء)… ذاكرتي زين ؟!
_ سويت اللي علي … والباقي على الله …
_ هيه أنتي ترى أعلم راشد أخوي …(ناظرها متعب بتهديد) …. أنا ما علي أخوي قال لنا لا تكلمون رجال غرب …
_ هين يا عهود … مردك لي … أنت وهالخبلة … (ينظر نحو ساره) .
_ إذا أنا خبلة … هذي الفأرة شتطلع ؟! ..(تنظر نحو بشاير) .
_ فأرة بعينك … (يبتسم بحنية) ….هذي بشاير …
ورفع من صوت الموسيقى الذي كان يملأ السيارة الصغيرة فتهتز شوقا قبل أن تهتز القلوب في أماكنها :
ودي أغير كلمة أهواك
بكلمة توصف كم انا أغليك
كلمة تعبر إني ووياك
عايش وقلبي ميت(ن) فيك …
ضحكت (بشاير) في نفسها ، وظلت تراقب الطريق ، وتراقب (متعب) حلم الطفولة والشباب والعمر القادم ، دائما كانت تخاف من هذا الحب الذي ولد له مع ولادتها ، إنه الحب الذي لا جذور له لا تعرف متى بدأ وكيف كبر ولماذا استمر ، تعشق كل شئ فيه عينيه اللوزيتين ، جسده النحيل ، بشرته المشربة بالحمرة ، رقته المفرطة في التعامل معها ، طريقته الفريدة في لبس الشماغ ، محفظته التي يضع فيها صورة له يحملها على ظهره وهي بعد طفلة ، كانت تخاف عليه من هذا الحب الجارف ، كانت تفكر بأنه لن يستطيع أن يحتمل مقدار حبها له لأنه كبير وكبير جدا ، (ابتسمت بسعادة) متى سأكبر وتنتهي أيام الدراسة الطويلة ؟!
في فترة الظهيرة يستيقظ (سيف) من سعاله الحاد الذي لا يفارقه ، وتستيقظ هي على صوته الذي يزعجها كثيرا :
_ سيف … شفيك ؟
_ مضاوي … جيبي لي ماي …. (وتستمر نوبة السعال) …
_ أوففففففففففف …. يا ربي … (تنهض ، نحو مطبخ التحضير في جناحهما ثم تعود بكأس الماء) … أنت ليش ما قلت للطبيب أن الكحة ما هونت …
_ قلت له …(ويشرب الماء الذي ناولته إياه) … آآآآآآآآآآآآآه ………. مسكين شيسوي … عطاني علاج وما جاب نتيجة …(وتمدد على سريره) …
وعادت هي تكمل نومها :
_ بس شايفها حالة يعني … بصراحة كحتك ما تخليني أنام …تزعجني مرة …
_ خلاص يا عمري … والله مو بيدي … قومي جيبي لي فطور …. أبي أكل الدوا
_ يوووووووووووه يا سيف… من جد مو رايقة … أمس رجعت متأخر وكحتك ما خلتني أتهنى بنومتي … سيف ترى مو عيشة هذي …
_ خلاص كملي نومتك … أنا أصلا أبي أنزل تحت …
ونهض رغم الألم ورغم الوهن الجسدي وأكمل طريقه خارجا حتى تكمل هي نومها بهناء .
_ السلام عليكم …
(متعب) و(ساره) :
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته …
(متعب) وهو ينظر في مرآته الأمامية :
_ شلونك بشاير ؟!
تجيب (ساره) بلؤم :
_ أمس وصلتنا … كل يوم لازم شلونك بشاير …
(عهود) بلؤم أكبر :
_ وشدعوه يا متعب … شلونك بشاير … وأنا بنت البطة السودا …
_ ههههههههههههههه أقول أنت وياها جب ولا كلمة ….محد كلمكم قطة الفيس هذي ليش ؟
(بشاير) بتحدي أكبر :
_ الحمد الله متعب … بخير عساك بخير ..
_ دوم مو يوم إن شاء الله …
_ هيه أنت يا الأخو … أنا وعهود موجودين … لا تنسى عمرك …
(متعب) بتجاهل أكبر :
_ أقول بشاير … عندك امتحان اليوم ؟!
(ساره) بلؤم :
_ عندنا امتحان رياضيات …
_ بشاير …(ورمق أخته باستهزاء)… ذاكرتي زين ؟!
_ سويت اللي علي … والباقي على الله …
_ هيه أنتي ترى أعلم راشد أخوي …(ناظرها متعب بتهديد) …. أنا ما علي أخوي قال لنا لا تكلمون رجال غرب …
_ هين يا عهود … مردك لي … أنت وهالخبلة … (ينظر نحو ساره) .
_ إذا أنا خبلة … هذي الفأرة شتطلع ؟! ..(تنظر نحو بشاير) .
_ فأرة بعينك … (يبتسم بحنية) ….هذي بشاير …
ورفع من صوت الموسيقى الذي كان يملأ السيارة الصغيرة فتهتز شوقا قبل أن تهتز القلوب في أماكنها :
ودي أغير كلمة أهواك
بكلمة توصف كم انا أغليك
كلمة تعبر إني ووياك
عايش وقلبي ميت(ن) فيك …
ضحكت (بشاير) في نفسها ، وظلت تراقب الطريق ، وتراقب (متعب) حلم الطفولة والشباب والعمر القادم ، دائما كانت تخاف من هذا الحب الذي ولد له مع ولادتها ، إنه الحب الذي لا جذور له لا تعرف متى بدأ وكيف كبر ولماذا استمر ، تعشق كل شئ فيه عينيه اللوزيتين ، جسده النحيل ، بشرته المشربة بالحمرة ، رقته المفرطة في التعامل معها ، طريقته الفريدة في لبس الشماغ ، محفظته التي يضع فيها صورة له يحملها على ظهره وهي بعد طفلة ، كانت تخاف عليه من هذا الحب الجارف ، كانت تفكر بأنه لن يستطيع أن يحتمل مقدار حبها له لأنه كبير وكبير جدا ، (ابتسمت بسعادة) متى سأكبر وتنتهي أيام الدراسة الطويلة ؟!
في فترة الظهيرة يستيقظ (سيف) من سعاله الحاد الذي لا يفارقه ، وتستيقظ هي على صوته الذي يزعجها كثيرا :
_ سيف … شفيك ؟
_ مضاوي … جيبي لي ماي …. (وتستمر نوبة السعال) …
_ أوففففففففففف …. يا ربي … (تنهض ، نحو مطبخ التحضير في جناحهما ثم تعود بكأس الماء) … أنت ليش ما قلت للطبيب أن الكحة ما هونت …
_ قلت له …(ويشرب الماء الذي ناولته إياه) … آآآآآآآآآآآآآه ………. مسكين شيسوي … عطاني علاج وما جاب نتيجة …(وتمدد على سريره) …
وعادت هي تكمل نومها :
_ بس شايفها حالة يعني … بصراحة كحتك ما تخليني أنام …تزعجني مرة …
_ خلاص يا عمري … والله مو بيدي … قومي جيبي لي فطور …. أبي أكل الدوا
_ يوووووووووووه يا سيف… من جد مو رايقة … أمس رجعت متأخر وكحتك ما خلتني أتهنى بنومتي … سيف ترى مو عيشة هذي …
_ خلاص كملي نومتك … أنا أصلا أبي أنزل تحت …
ونهض رغم الألم ورغم الوهن الجسدي وأكمل طريقه خارجا حتى تكمل هي نومها بهناء .
وعلى (شاي الضحى) العائلي المعتاد في منزل (أبو نايف) حيث تعبق الصالة الكبيرة برائحة القهوة العربية والشاي وأطباق الحلوى المنزلية :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله … الله يعينك يا أم بدر … هالحرمة على قد ما هي طيبة ما لها حظ …
ردت (أم نايف) :
_ يا أم فارس … ما تذكرين لما كنا في عرس بنت ام يوسف وأم زوجها الله يهداها تهذر أبزوجه وأبزوجه … وهي كان بعد مو صاير لها ثلاث شهور من أخذت بدريه ولدها …
_ إيه يا أم نايف أذكر …
سألت (مريم) بطريقتها الهادئة :
_ ليش ما جربوا أنابيب يمكن الله يرزقهم ؟..
(أم فارس) وكانها تجزم بالأمر :
_ والله يا مريم هالشي لا ما جاء عطية من ربك ما ينفع …. وبعدين يقولون بدريه ما فيها أمل كلش …
تنهدت (مريم) :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله …
(منال) بحياء وخوف :
_ خالتي …. عادي أروح لبدريه …
أجابتها (أم نايف) بميكانيكية :
_ ما أدري …قولي لأبوك …
(أم فارس) بعد أن لاحظت ملامح التوتر على وجه (منال) :
_ منولة إذا رحنا … بتروحين معنا … (ابتسمت منال بشك) …
سألت (أم نايف) :
_ إلا مريم …حمودي وينه ؟!
_ نايم يا خالتي … أمس أذاني أذية … حتى نايف من صياحه طردنا برى الجناح كله … وطول الليل وانا قاعدة بالصالة ….
تتنهد (ام فارس) :
_ الله يعينك هذا اللي كبره … لازم يعذب أمه …
نزل (سيف) من السلم منهكا :
_ السلام عليكم …
_ وعليكم السلام … (تهاوى على الأريكة القريبة منه) .
(أم نايف) بخوف كبير :
_ هاه … يمه … فيك شي ؟!
_ لا يمه … ما فيه شي … منال جيبي لي فطور ما آكلت دواي …
_ إن شاء الله … (وانطلقت منال مسرعة إلى المطبخ) …
أم فارس بقلق :
_ سيف شكلك تعبان … نوديك المستشفى …
_ لا أم فارس ما فيني شي ….
وفي بيت (أبو بدر) كان الحزن والدهشة تخيم على هذا المنزل الذي كان مليئا بالحياة ، فقبل أسبوع جاءت بدريه لبيت والدها عتابا لزوج أغضبها ولسبب كان سخيفا بسخافة عقله الصغير، والبارحة جاءتها ورقة الطلاق النهائي دون سبب ودون تبرير .
_ هاه يا أم بدر…. شلونها الحين ..؟!
(أم بدر) الذي كان الحزن يكسي ملامحها وهي تتوسط صالة منزلها الكبير ، ولا يغسل همها سوى الدمع الذي يتساقط دون جفاف .
_ على حطة يدك يا شريفة … من أمس قافلة على نفسها الباب ….
_ ازمة وتعدي إن شاء الله …وكل هذي بتصير سوالف … وبتنسى .. (وتضع يدها فوق كف أم بدر التي تحدرت دموعها بشكل أغزر) .
وفي الساحة الكبيرة خلال الفسحة المدرسية ، كانت تتعالى أصوات الفتيات حتى لا يسمع كلام أي منهن ، هذه تركض خلف تلك ، وأخرى تضحك على زميلتها ، وشلة هناك تذاكر وفي أيديهن الكتب ، وفرقة أخرى تغني وترقص ، وتلك تأكل وأخرى تشتري الطعام :
ليت الزمن شريط تسجيل ينعاد
وأعيد أجمل ما مضى من حياتي
أعيد لحظات قريبات وبعاد
لحظات تحمل أجمل الذكرياتي
أيام كنا لقاعة الدرس رواد
يوم الزمن ملتم قبل الشتاتي
_ هاه بشورة … شلون الرياضيات ؟.. ههههههههههه …أما انا بدعت إبداع … أحس إني اخترعت نظريات هندسة جديدة …
(بشاير) بعتب :
_ إن شاء الله خير ……
_ هههههههههههه … (تضربها) …… إن شاء الله ولا أكيد يا الدافورة …
_ كل شىء بإرادة الله … وبعدين المفروض أنا ما أكلمج ولا كلمة … حتى سلام ما أسلم عليك ….
_ آفاااااااااااا …. (تسعل وتتصنع هيئة الاحترام) … ولماذا آنسة دافورة ؟!
_ علشان كلامك البايخ بالسيارة قدام متعب … أنت والنزغة عهودوه …
تضمها (ساره) من الخلف بمحبة كبيرة :
_ آهاااااااا … أنا أقول بشورة ما تزعل علي حتى لو أحرق كتبها …ههههههههه … أثاري السالفة فيها حبيب القلب …
تبعدها (بشاير) ويزداد غضبها :
_ صج سخيفة … وبعدين ليش تستمتعين بإحراجي ؟ّ … وقدامه بعد … ترى مرات جد تزودونها معي … أحس أني أبي أبكي ….
_ ههههههههههههههههههه يا بعد قلبي والله … وكل هذا خاشته بقلبك هالصغيرون اللي أخوي يموت في دباديبه ….هههههههههه …
تضحك (بشاير) رغما عنها :
_ ههههههههههه … إذلفي بس … صج خبلة ….
_ بصراحة بصراحة انا وعهود منقهرات منك …لاقيه واحد…(تبدأ تعد بأصابعها) مزيون وبهبل ويموت فيك … وكل يوم مأذي هالمسكينة (تأشر على نفسها، وتقلده) …تأخرنا على بشاير … لازم نمر بشاير … لا ولمن أقوله أبي أغيب يقلب الدنيا فوق رأسي …وأمي ..(تقلدها) .. إسمعي كلام أخوك يبي مصلحتك … مسكينة ما تدري ان الأخ ما يدري عن جد جابني … مو يدري بالدافورة (تأشر عليها) مستحيل تغيب … لا وتعال يا كلام على الصبح ..(تقلده) … شلونك بشاير … عندك امتحان بشاير … شدي حيلك بشاير …. وهات يا دلع يفتح نفسك للدراسة … ما تشوفين طالعة دافورة … والفقيرة اللي تركب معاك ساحب عليها سيفون … أًصلا وهذا وجهي بس تروحين السنة الجاية الجامعة والله لا يمر بيتكم ولا يعبرها ولا يطق لسواد عيونها مشوار خل تدبر نفسها من الحين أحسن لها …
_ هههههههههههههه آه بطني ههههههههه حرام يا ساره ههههههههههه …
_ إي إضحكي يحق لك … مالت علي بس …
(بشاير) وبعد أن انتهت نوبة ضحكها وهي تضم ابنة خالتها :
_ يا بعد قلب … قلب… قلب… قلبي …….
_ يسلم قلبك …
_ إنثبري مو أنتي … هذا تعوبي …
_ مالت عليك … تعوبي
_ لا حول ولا قوة إلا بالله … الله يعينك يا أم بدر … هالحرمة على قد ما هي طيبة ما لها حظ …
ردت (أم نايف) :
_ يا أم فارس … ما تذكرين لما كنا في عرس بنت ام يوسف وأم زوجها الله يهداها تهذر أبزوجه وأبزوجه … وهي كان بعد مو صاير لها ثلاث شهور من أخذت بدريه ولدها …
_ إيه يا أم نايف أذكر …
سألت (مريم) بطريقتها الهادئة :
_ ليش ما جربوا أنابيب يمكن الله يرزقهم ؟..
(أم فارس) وكانها تجزم بالأمر :
_ والله يا مريم هالشي لا ما جاء عطية من ربك ما ينفع …. وبعدين يقولون بدريه ما فيها أمل كلش …
تنهدت (مريم) :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله …
(منال) بحياء وخوف :
_ خالتي …. عادي أروح لبدريه …
أجابتها (أم نايف) بميكانيكية :
_ ما أدري …قولي لأبوك …
(أم فارس) بعد أن لاحظت ملامح التوتر على وجه (منال) :
_ منولة إذا رحنا … بتروحين معنا … (ابتسمت منال بشك) …
سألت (أم نايف) :
_ إلا مريم …حمودي وينه ؟!
_ نايم يا خالتي … أمس أذاني أذية … حتى نايف من صياحه طردنا برى الجناح كله … وطول الليل وانا قاعدة بالصالة ….
تتنهد (ام فارس) :
_ الله يعينك هذا اللي كبره … لازم يعذب أمه …
نزل (سيف) من السلم منهكا :
_ السلام عليكم …
_ وعليكم السلام … (تهاوى على الأريكة القريبة منه) .
(أم نايف) بخوف كبير :
_ هاه … يمه … فيك شي ؟!
_ لا يمه … ما فيه شي … منال جيبي لي فطور ما آكلت دواي …
_ إن شاء الله … (وانطلقت منال مسرعة إلى المطبخ) …
أم فارس بقلق :
_ سيف شكلك تعبان … نوديك المستشفى …
_ لا أم فارس ما فيني شي ….
وفي بيت (أبو بدر) كان الحزن والدهشة تخيم على هذا المنزل الذي كان مليئا بالحياة ، فقبل أسبوع جاءت بدريه لبيت والدها عتابا لزوج أغضبها ولسبب كان سخيفا بسخافة عقله الصغير، والبارحة جاءتها ورقة الطلاق النهائي دون سبب ودون تبرير .
_ هاه يا أم بدر…. شلونها الحين ..؟!
(أم بدر) الذي كان الحزن يكسي ملامحها وهي تتوسط صالة منزلها الكبير ، ولا يغسل همها سوى الدمع الذي يتساقط دون جفاف .
_ على حطة يدك يا شريفة … من أمس قافلة على نفسها الباب ….
_ ازمة وتعدي إن شاء الله …وكل هذي بتصير سوالف … وبتنسى .. (وتضع يدها فوق كف أم بدر التي تحدرت دموعها بشكل أغزر) .
وفي الساحة الكبيرة خلال الفسحة المدرسية ، كانت تتعالى أصوات الفتيات حتى لا يسمع كلام أي منهن ، هذه تركض خلف تلك ، وأخرى تضحك على زميلتها ، وشلة هناك تذاكر وفي أيديهن الكتب ، وفرقة أخرى تغني وترقص ، وتلك تأكل وأخرى تشتري الطعام :
ليت الزمن شريط تسجيل ينعاد
وأعيد أجمل ما مضى من حياتي
أعيد لحظات قريبات وبعاد
لحظات تحمل أجمل الذكرياتي
أيام كنا لقاعة الدرس رواد
يوم الزمن ملتم قبل الشتاتي
_ هاه بشورة … شلون الرياضيات ؟.. ههههههههههه …أما انا بدعت إبداع … أحس إني اخترعت نظريات هندسة جديدة …
(بشاير) بعتب :
_ إن شاء الله خير ……
_ هههههههههههه … (تضربها) …… إن شاء الله ولا أكيد يا الدافورة …
_ كل شىء بإرادة الله … وبعدين المفروض أنا ما أكلمج ولا كلمة … حتى سلام ما أسلم عليك ….
_ آفاااااااااااا …. (تسعل وتتصنع هيئة الاحترام) … ولماذا آنسة دافورة ؟!
_ علشان كلامك البايخ بالسيارة قدام متعب … أنت والنزغة عهودوه …
تضمها (ساره) من الخلف بمحبة كبيرة :
_ آهاااااااا … أنا أقول بشورة ما تزعل علي حتى لو أحرق كتبها …ههههههههه … أثاري السالفة فيها حبيب القلب …
تبعدها (بشاير) ويزداد غضبها :
_ صج سخيفة … وبعدين ليش تستمتعين بإحراجي ؟ّ … وقدامه بعد … ترى مرات جد تزودونها معي … أحس أني أبي أبكي ….
_ ههههههههههههههههههه يا بعد قلبي والله … وكل هذا خاشته بقلبك هالصغيرون اللي أخوي يموت في دباديبه ….هههههههههه …
تضحك (بشاير) رغما عنها :
_ ههههههههههه … إذلفي بس … صج خبلة ….
_ بصراحة بصراحة انا وعهود منقهرات منك …لاقيه واحد…(تبدأ تعد بأصابعها) مزيون وبهبل ويموت فيك … وكل يوم مأذي هالمسكينة (تأشر على نفسها، وتقلده) …تأخرنا على بشاير … لازم نمر بشاير … لا ولمن أقوله أبي أغيب يقلب الدنيا فوق رأسي …وأمي ..(تقلدها) .. إسمعي كلام أخوك يبي مصلحتك … مسكينة ما تدري ان الأخ ما يدري عن جد جابني … مو يدري بالدافورة (تأشر عليها) مستحيل تغيب … لا وتعال يا كلام على الصبح ..(تقلده) … شلونك بشاير … عندك امتحان بشاير … شدي حيلك بشاير …. وهات يا دلع يفتح نفسك للدراسة … ما تشوفين طالعة دافورة … والفقيرة اللي تركب معاك ساحب عليها سيفون … أًصلا وهذا وجهي بس تروحين السنة الجاية الجامعة والله لا يمر بيتكم ولا يعبرها ولا يطق لسواد عيونها مشوار خل تدبر نفسها من الحين أحسن لها …
_ هههههههههههههه آه بطني ههههههههه حرام يا ساره ههههههههههه …
_ إي إضحكي يحق لك … مالت علي بس …
(بشاير) وبعد أن انتهت نوبة ضحكها وهي تضم ابنة خالتها :
_ يا بعد قلب … قلب… قلب… قلبي …….
_ يسلم قلبك …
_ إنثبري مو أنتي … هذا تعوبي …
_ مالت عليك … تعوبي
وفي منزل (أبو أحمد) ، كانت (هيا) تنزل السلم العريض بخطوات سريعة نحو الصالة التي يجلس فيها والديها يحتسيان الشاي :
_ يبه …يبــــــــــــــــه … البشارة يبه …
_ اسم الله الرحمن الرحيم … شفيك ؟… روعتينا …
_ حتى انتي يمه أبي منك بشارة ….
الأب باستغراب :
_ هاه … شفيك يبه … جتك بشارتك شعندك ؟!
_ بدريه بنت عمي جاسم … تطلقت …
_ (الأب بفرح غامر) … وش تقولين ؟
_ (الأم بفرح أكبر) … من قال لك ؟
_ تو الحين نوف قالت لي … تقول أمس جتها ورقتها …
تزغرد الأم بفرح ، ويتنهد الأب بارتياح :
_ عز الله هذي البشارة …
ويدخل (أحمد) المنزل ، بوجهه الذابل ولباسه المبعثر وجسده الذي لازال يترنح من تأثير سهرته التي انتهت قبل قليل ، جلس وسيجارته الدائمة في يده :
_ شعندكم … لا يكون الوالد عرس بس ؟!
ضحك الأب ، وغصت الأم بكأس الماء ووضعت بعضا منه في راحتها ورشقته به :
_ فال الله ولا فالك …
_ أحمد … البشارة ..
_ خير انت ووجهك … شعندك ؟َ
_ أنا أقولك يمه … بدريه بنت عمك جاسم … تطلقت أمس …
_ يمه ليش تخربين علي …
التفت نحو شقيقته بلا مبالاته المعروفة :
_ بشارتك مثل وجهك … وانا شعلي فيها إن شاء الله احترقت ولا تطلقت ..
_ يعني تسوي نفسك مو فرحان يا كذاب …
كان يسكب لنفسه شايا :
_ انثبري لا بهالغوري … ترى معطيك وجه …
_ الحمد الله والشكر …. شاهي وزقاير … معدة مقلوبة …
_ كيفي معدتي ولا معدتك …
كان الأب غائبا عنهم يتشفى :
_ من شاف وجهك يا أبو بدر بس …
_ يبه …يبــــــــــــــــه … البشارة يبه …
_ اسم الله الرحمن الرحيم … شفيك ؟… روعتينا …
_ حتى انتي يمه أبي منك بشارة ….
الأب باستغراب :
_ هاه … شفيك يبه … جتك بشارتك شعندك ؟!
_ بدريه بنت عمي جاسم … تطلقت …
_ (الأب بفرح غامر) … وش تقولين ؟
_ (الأم بفرح أكبر) … من قال لك ؟
_ تو الحين نوف قالت لي … تقول أمس جتها ورقتها …
تزغرد الأم بفرح ، ويتنهد الأب بارتياح :
_ عز الله هذي البشارة …
ويدخل (أحمد) المنزل ، بوجهه الذابل ولباسه المبعثر وجسده الذي لازال يترنح من تأثير سهرته التي انتهت قبل قليل ، جلس وسيجارته الدائمة في يده :
_ شعندكم … لا يكون الوالد عرس بس ؟!
ضحك الأب ، وغصت الأم بكأس الماء ووضعت بعضا منه في راحتها ورشقته به :
_ فال الله ولا فالك …
_ أحمد … البشارة ..
_ خير انت ووجهك … شعندك ؟َ
_ أنا أقولك يمه … بدريه بنت عمك جاسم … تطلقت أمس …
_ يمه ليش تخربين علي …
التفت نحو شقيقته بلا مبالاته المعروفة :
_ بشارتك مثل وجهك … وانا شعلي فيها إن شاء الله احترقت ولا تطلقت ..
_ يعني تسوي نفسك مو فرحان يا كذاب …
كان يسكب لنفسه شايا :
_ انثبري لا بهالغوري … ترى معطيك وجه …
_ الحمد الله والشكر …. شاهي وزقاير … معدة مقلوبة …
_ كيفي معدتي ولا معدتك …
كان الأب غائبا عنهم يتشفى :
_ من شاف وجهك يا أبو بدر بس …
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمنى تكون بداية الرواية عجبتكم >>> يا رب
انا الرواية كاملة عندي وإذا شفتها اعجبتكم أوعدكم كل أسبوع أنزل بارت جديد
لا تبخلون بآرائكم – تعليقاتكم – ونصائحكم – وتوقعاتكم …
ودمتم بخير
أتمنى تكون بداية الرواية عجبتكم >>> يا رب
انا الرواية كاملة عندي وإذا شفتها اعجبتكم أوعدكم كل أسبوع أنزل بارت جديد
لا تبخلون بآرائكم – تعليقاتكم – ونصائحكم – وتوقعاتكم …
ودمتم بخير
((الفصل الثاني))
عند ذلك الباب الذي تقبع خلفه أشباح الألم والعذاب وذكريات ماض رحل وخيالات مستقبل آت :
_ بدريه …(وتبتلع شهقات بكاءها المر) … افتحي أنا أنوار … بدريه …تكفين … افتحي الباب …
كان يقف على السلم ، عاد لتوه من العمل ، يعتصر قلبه أنين أخته في الداخل ، وبكاء الأخرى على بابها وهي لا زالت بملابس المدرسة .
_ أنوار ؟!
_ بدر … هلا … (اقترب منها واحتضن جسدها النحيل ، فزادت نوبة بكاءها).
_ خلاص روحي بدلي ملابسك … وتغدي بكرا عندك امتحان انجليزي ..صح ..؟!
_ بدر … بدريه مو راضية تفتح الباب …(وأجهشت في البكاء) …
تنهد بألم وبقلة حيلة :
_ خلاص انت روحي الحين ارتاحي وأنا أكلمها … (وانصرفت، وعاد هو يطرق باب غرفتها) … بدريه … بدريه … افتحي أنا بدر … بدريه …
فتحت (بدريه) الباب وعادت بصمت إلى مجلسها الحزين فوق السرير ، لم يرها منذ عصر البارحة فقط ، تغيرت كثيرا بدريه بين يوم وليلة ، مات في داخلها شىء كبير ، ربما لن يعود إلى الحياة مرة أخرى ، لماذا ؟ لماذا يملك الحزن كل هذه السطوة علينا ؟
_قوة …
_ … هلا ….
_ شلونك الحين ؟!
_ مثل ما انت شايف …(وأجهشت في البكاء ، أنزل غترته من على رأسه ووضعها على السرير وجلس مقابلها) .
_ بدريه الله يهداك هذا وانتي العاقلة … لا أنت أول ولا آخر وحدة … هذا نصيب وأنا أخوك … (زادت حدة بكاءها) … يا بدريه تعوذي من ابليس … ترى اللي تسوينه هذا كله ما منه فايدة … وبعدين إذا ما ترحمين نفسك … ارحمي أمي وأبوي والله حالتهم تبكي العدو … وانتي تدرين أن أبوي تعبان ومو ناقص هم …
_ يا بدر يا ليته بإيدي والله مو بإيدي … تحملت أمه وقشارتها على شانه وكذا يجازيني …. كنت متقبلة أنه يتزوج علي ما عندي مانع … بس أرجع لأبوي مطلقة والله صعبة … صعبة … أبموت من القهر يا بدر أبموت … (وترتمي في حضنه والبكاء يقطع صوتها) …
يمسح (بدر) رأسها وهو يشعر بقلة الحيلة وحتى بقلة المواساة :
_ هذا نصيبك وأنا أخوك … لا اعتراض على حكم الله …
_ يا بدر اللي ذابحني عمامي … راح يأكلون أبوي بالشماتة … (تلطم وجهها) … كله مني … كله مني …
يفك يديها وتوتره في تزايد :
_ تعوذي من الشيطان يا بدريه … حرام اللي تسوينه …
_ آآآآآآآآآخ …. يا بدر ………آآآآآآآآآآآخ ….يا أخوي …
يضمها بقوة وكأنه يريد أن يطرد هذا الحزن بعيدا ، بعيدا جدا :
_ بس يا بدريه …بس … لا إله إلا الله …
وفي الصالة ، كانت العمة (أم ماجد) في زيارة مباغتة .
_ وليش ما اتصلتوا علي ؟…
_ بشارة هي يا حصه الله يهداك …
_ ولو يا غنيمة أنا عمتها ولازم أدري … ولا بس تقولون لشريفة ؟!
أجابتها (شريفة) :
_ أنا عندهم من قبل لا تصير السالفة … من يوم انكسرت رجل فهد …
_ والله هذي أم لسانين أنا أوريها … من اول ما شفتها مو مرتاحة لها … بس بسيطة انا لها وأنا أم ماجد …
_ خلاص يا حصه … (تتنهد) … اللي صار صار … ما نبي مشاكل …
_ لا والله … تسوي ببنت أخوي كذا واسكت لها … لا وفرحانة بولدها هالرخمة … أوريها … أصلا أنتي طول عمرك خوافة يا غنيمة …
(شريفة) بعقلانيتها المعروفة :
_ حصه …أم بدر معاها حق … الولد طلقها وحنا ما عاد لنا علاقة فيهم …
_ اسكتي أنتي بعد … قومي روحي نادي لي شوق …. من زمان ما شفتها …
تتنهد شريفة وتنهض لتأتي بشوق ، يدخل مشعل قادما من عمله .
_ السلام عليكم …
_ وعليكم السلام …
_ شلونك يا الغلا … (يقبل رأس أمه) … هلا وغلا ومسهلا … (ويقبل رأس عمته ، ويجلس بجانبها) … أشوف بيتنا شاب حريقة … يا حيا الله العمة … من زمان عنك …
_ والله ما أدري يا مشيعيل … أشوف سيارتك راحت توايرها من الروحة والجية على بيت عمتك …
_ وشو مشيعيل يا عمه … سامحيني حبي … بس والله شوفة عينك ما أرجع البيت إلا الساعة أربع ومهدود حيلي أدور الفراش … توني خريج وولد أخوك نايفووووه الله يسامحه ما يعطي وجه كلش ورحمة ما في بقلبه كل ما قلت له شي قال حلل معاشك … وانتي أم التقدير يا قلبي …
_ إيه عساك عالقوة … والله أنتم يا عيال أخوي ما فيكم الثمرة إلا أبو شوق … بعد عمري هو اللي يوصل ويعنى مو بعض الناس …. وفهيدان لولا ماجد كان ما أشوف خشته بيتنا … ولا أنت ونسيبي ما يندرى عنكم ؟!
_ آفآآآآآآآآآآآآآ … تصدقين يا ام ماجد بديت أكره هالبدر … كل المدح له … والذم لنا … صرت أحس بالنقص لما أشوفه …
_ اللي يبيع الطيب يكسب يا ولد أخوي ….
_ هههههههههههههه صايرة شاعرة بعد … (يقبل رأسها) … مالك إلا طيبة الخاطر …. كم حصوص عندنا …
_ حصوص بعينك يا مال اللي ماني قايلة … (وتدفعه بعيدا عنها وهو يضحك) .
عند ذلك الباب الذي تقبع خلفه أشباح الألم والعذاب وذكريات ماض رحل وخيالات مستقبل آت :
_ بدريه …(وتبتلع شهقات بكاءها المر) … افتحي أنا أنوار … بدريه …تكفين … افتحي الباب …
كان يقف على السلم ، عاد لتوه من العمل ، يعتصر قلبه أنين أخته في الداخل ، وبكاء الأخرى على بابها وهي لا زالت بملابس المدرسة .
_ أنوار ؟!
_ بدر … هلا … (اقترب منها واحتضن جسدها النحيل ، فزادت نوبة بكاءها).
_ خلاص روحي بدلي ملابسك … وتغدي بكرا عندك امتحان انجليزي ..صح ..؟!
_ بدر … بدريه مو راضية تفتح الباب …(وأجهشت في البكاء) …
تنهد بألم وبقلة حيلة :
_ خلاص انت روحي الحين ارتاحي وأنا أكلمها … (وانصرفت، وعاد هو يطرق باب غرفتها) … بدريه … بدريه … افتحي أنا بدر … بدريه …
فتحت (بدريه) الباب وعادت بصمت إلى مجلسها الحزين فوق السرير ، لم يرها منذ عصر البارحة فقط ، تغيرت كثيرا بدريه بين يوم وليلة ، مات في داخلها شىء كبير ، ربما لن يعود إلى الحياة مرة أخرى ، لماذا ؟ لماذا يملك الحزن كل هذه السطوة علينا ؟
_قوة …
_ … هلا ….
_ شلونك الحين ؟!
_ مثل ما انت شايف …(وأجهشت في البكاء ، أنزل غترته من على رأسه ووضعها على السرير وجلس مقابلها) .
_ بدريه الله يهداك هذا وانتي العاقلة … لا أنت أول ولا آخر وحدة … هذا نصيب وأنا أخوك … (زادت حدة بكاءها) … يا بدريه تعوذي من ابليس … ترى اللي تسوينه هذا كله ما منه فايدة … وبعدين إذا ما ترحمين نفسك … ارحمي أمي وأبوي والله حالتهم تبكي العدو … وانتي تدرين أن أبوي تعبان ومو ناقص هم …
_ يا بدر يا ليته بإيدي والله مو بإيدي … تحملت أمه وقشارتها على شانه وكذا يجازيني …. كنت متقبلة أنه يتزوج علي ما عندي مانع … بس أرجع لأبوي مطلقة والله صعبة … صعبة … أبموت من القهر يا بدر أبموت … (وترتمي في حضنه والبكاء يقطع صوتها) …
يمسح (بدر) رأسها وهو يشعر بقلة الحيلة وحتى بقلة المواساة :
_ هذا نصيبك وأنا أخوك … لا اعتراض على حكم الله …
_ يا بدر اللي ذابحني عمامي … راح يأكلون أبوي بالشماتة … (تلطم وجهها) … كله مني … كله مني …
يفك يديها وتوتره في تزايد :
_ تعوذي من الشيطان يا بدريه … حرام اللي تسوينه …
_ آآآآآآآآآخ …. يا بدر ………آآآآآآآآآآآخ ….يا أخوي …
يضمها بقوة وكأنه يريد أن يطرد هذا الحزن بعيدا ، بعيدا جدا :
_ بس يا بدريه …بس … لا إله إلا الله …
وفي الصالة ، كانت العمة (أم ماجد) في زيارة مباغتة .
_ وليش ما اتصلتوا علي ؟…
_ بشارة هي يا حصه الله يهداك …
_ ولو يا غنيمة أنا عمتها ولازم أدري … ولا بس تقولون لشريفة ؟!
أجابتها (شريفة) :
_ أنا عندهم من قبل لا تصير السالفة … من يوم انكسرت رجل فهد …
_ والله هذي أم لسانين أنا أوريها … من اول ما شفتها مو مرتاحة لها … بس بسيطة انا لها وأنا أم ماجد …
_ خلاص يا حصه … (تتنهد) … اللي صار صار … ما نبي مشاكل …
_ لا والله … تسوي ببنت أخوي كذا واسكت لها … لا وفرحانة بولدها هالرخمة … أوريها … أصلا أنتي طول عمرك خوافة يا غنيمة …
(شريفة) بعقلانيتها المعروفة :
_ حصه …أم بدر معاها حق … الولد طلقها وحنا ما عاد لنا علاقة فيهم …
_ اسكتي أنتي بعد … قومي روحي نادي لي شوق …. من زمان ما شفتها …
تتنهد شريفة وتنهض لتأتي بشوق ، يدخل مشعل قادما من عمله .
_ السلام عليكم …
_ وعليكم السلام …
_ شلونك يا الغلا … (يقبل رأس أمه) … هلا وغلا ومسهلا … (ويقبل رأس عمته ، ويجلس بجانبها) … أشوف بيتنا شاب حريقة … يا حيا الله العمة … من زمان عنك …
_ والله ما أدري يا مشيعيل … أشوف سيارتك راحت توايرها من الروحة والجية على بيت عمتك …
_ وشو مشيعيل يا عمه … سامحيني حبي … بس والله شوفة عينك ما أرجع البيت إلا الساعة أربع ومهدود حيلي أدور الفراش … توني خريج وولد أخوك نايفووووه الله يسامحه ما يعطي وجه كلش ورحمة ما في بقلبه كل ما قلت له شي قال حلل معاشك … وانتي أم التقدير يا قلبي …
_ إيه عساك عالقوة … والله أنتم يا عيال أخوي ما فيكم الثمرة إلا أبو شوق … بعد عمري هو اللي يوصل ويعنى مو بعض الناس …. وفهيدان لولا ماجد كان ما أشوف خشته بيتنا … ولا أنت ونسيبي ما يندرى عنكم ؟!
_ آفآآآآآآآآآآآآآ … تصدقين يا ام ماجد بديت أكره هالبدر … كل المدح له … والذم لنا … صرت أحس بالنقص لما أشوفه …
_ اللي يبيع الطيب يكسب يا ولد أخوي ….
_ هههههههههههههه صايرة شاعرة بعد … (يقبل رأسها) … مالك إلا طيبة الخاطر …. كم حصوص عندنا …
_ حصوص بعينك يا مال اللي ماني قايلة … (وتدفعه بعيدا عنها وهو يضحك) .
وفي المجلس بعد صلاة المغرب ، كان الصراع دائرا ، يقف بدر وهو لا يستوعب ما يقال :
_ أنت وش تقول يا نايف ؟!
_ نزوجها أحمد …
تزداد نوبة غضبه :
_ نايف صاحي أنت ؟.. البنت أمس تطلقت … تبي أقول لها تعالي أزوجك اليوم …
راشد وهو يهدئ من الوضع الناري :
_ يا بدر نايف قصده بعد ما تخلص العدة …
نايف يتجاهل الكل ويتجه إلى عمه العجوز الذي لازال يراقب النقاش وهو صامت :
_ عمي … قلنا لك قبل بدريه ما لها إلا أحمد … خلنا نكسر عين هالحقير … أنت تدري أنه طلقها تحت شور أبوه … يبي يضغط علي علشان صفقة تونس … يبي يلوي ذراعي يا عمي وتحجج بسالفة العيال …
سعود يخرج من صمته :
_ أنتم ليش مستعجلين ؟!… الرجال طلقها طلاق رجعي … يمكن له نية يرجعها … إن أبغض الحلال عند الله الطلاق …
بدر بنفاذ صبر :
_ اسكت يا سعود …
نايف الذي كان كلام سعود كقنبلة تفجرت في نفسه :
_ أنت شقاعد تقول ؟!
أدرك أبو بدر ما سيجلبه هذا الحديث بين هؤلاء الشبان ، فنهرهم يائسا :
_ يا عيال … اذكروا الله ….
أما سعود الذي أثارته نبرة التهديد القاسية في صوت نايف الجهور :
_ قلت إنه طلاق واحد … يعني إذا يبي يرجعها يقدر … وغصبن عننا بعد … هذا شرع الله …
نايف الذي دفعه كلام سعود إلى أقصى حدوده :
_ معصي … (التفت إلى عمه) … عمي حنا سكتنا لما زوجتها … بس إنها ترجع له … عقب ما عافها … لا …أذبحها …
ثار سعود من أسلوب نايف ومقارنته الظالمة :
_ خروف هي تذبحها ؟!..
راشد وهو يحاول أن يحتوي الموقف قبل أن يتفجر :
_ بس يا سعود … نايف معاه حق … الرجال عافها …
وفي هذه اللحظة دخل ناصر بابتسامته الحلوة وهيئته الأحلى :
_ السلام عليكم …(لكنه لاحظ الوجوه الواجمة) … شفيكم؟… (ينظر نحو عمه الذي أرخى رأسه بحزن شديد) … عمي شصاير ؟!
أكمل سعود انفجاره :
_ تعال يا ناصر شوف ولد عمك … يبي يزوج ويذبح على كيفه …
نايف كان لا يزال يمسك بلجام ما تبقى من عقله :
_ بـــــــــــــــــــــــــــــــــدر … سكت أخوك …
عرف أبو بدر من صراخه بأن صبر نايف قد انتهى :
_ لا حول الله … ورعان أنتم ؟!
_ ما تشوف ولدك يا عمي … يرفع الضغط ..
_ انت شاللي حارق أعصابك … لا هي أختك ولا بنتك … تزعل من كلام الله ليه؟
صرخ (بدر) و(ناصر) معا :
_ سعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــود …
_ أنت اللي صج ….
وهنا رمى (نايف) عقاله ، وإنهال بالضرب على (سعود) الذي بادله هذا الهجوم ، حاول (بدر) و(راشد) و(ناصر) أن يفرقوا بينهما بصعوبة وسط تأوهات الوالد العجوز وتهديداته اليائسة ، صرخ (بدر) بيأس وهو يمسك (نايف) ويعاونه (راشد) :
_ ناصر … ود سعود داخل …
وسحبه (ناصر) خارج المجلس ، وظل الباقين يلتقطون أنفاسهم بصعوبة ، وهم ينظرون لساحة المعركة ، انهار (راشد) جالسا على الأرض ، وظل (بدر) يلهث :
_ الله يهداك يا نايف … ترى سعود رجال مهوب صغير …
_ أنت سمعت شقال ؟!
_ وأنت تصدق كلامه … طول بالك عليه شوي … استريح بس …(ويجلس بدر) …
يكمل (نايف) وقد أخذ الغضب منه كل مأخذ :
_ ماني مستريح … عمي …(ويلتفت إلى عمه) … تخلص عدتها ونزوجها أحمد .. إن رجعت للواطي …أذبحها … وأذبح سعود …
(بدر) يهزء رأسه بيأس :
_ لا حول الله …
_ راشـــــــد … نمشي ؟
(راشد) الذي لا زال متعبا :
_ لا … أنا أبقعد مع سعود شوي …
ظلت نظرات (نايف) الغاضبة تحيط بهم ، فخرج قبل أن يقتلهم جميعا .
_ نايف صج مرات يصير… خبل …
_ ههههههههه يعني هذا نايف ما تعرفه يا بدر …
_ بس توصل للضرب يا راشد … والله سعود الحين يحقد عليه … بزر هو يضربه ؟!
_ لا يحقد ولا شي … ياما ضربنا بعض … وهذا حنا ما صار بينا لا حقد ولا بطيخ …
(ناصر) الذي كان يدفع (سعود) إلى داخل الصالة رغما عنه :
_ يا ناصـــــــــــــر … هدني … مالك شغل ….
(أم راشد) التي سقط منها فنجان شايها ، و(أم ماجد) التي كانت نهضت تولول وساندها بكاء (شوق) الحاد ، و(شريفه) التي جاءت تركض من المطبخ ، (أنوار) نزلت مسرعة على الدرج ، وخلفها كان (فهد) بطيئا بعكازه ، تتابعت الصرخات :
_ شفيكم ؟… ناصــــــر … سعـــــــــود … شعندكم ؟… ليش تتهاوشون ؟…
_ أنت ليش مسكتني ؟!…
قذفه (ناصر) وثبته على الأريكة:
_ سعـــــــــود … تعوذ من الشيطان … تبي تضرب نايف ؟!
(أم بدر) تلمس خد (سعود) الذي لا زال يدمي حتى أغرق الدم لحيته الطويلة :
_ يمه سعود شصاير ؟… ناصر شفيكم ؟
شهقت (أنوار) بصوت عالي ووضعت يدها على فمها ، رفع الكل نظره إليها ومعهم (ناصر) ، صرخت (أم ماجد) وهي تحتضن الطفلة الصغيرة التي ارتفع صراخها :
_ ناصر شفيه ؟… شصاير روعتونا ؟
(شوق) التي قطع بكاءها صوتها :
_ سعـــ … بابا سعــــــ….
(ناصر) بملل :
_ ما في شي يا عمة …. (يرمق سعود بنظرة حادة) … بس سعود مرات يطول لسانه …
(سعود) بنفاذ صبر :
_ أنا اللي أطول لساني هاه ؟!… أنت ما سمعته شيقول ؟… هو ما له شغل … أختنا وبكيفنا …
العمة (شريفه) التي أدركت الأمر :
_ وليش تذابحتوا أنت ونايف ؟
رمق (ناصر) (سعود) بحدة "اللي صار بينا لازم محد يدري فيه وخاصة الحريم" ، فأجاب :
_ ما في شي عمه ….
_ أنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوا ر …
نبههم صوت (فهد) الذي أعاقه عكازه عن اللحاق بأخته التي سقطت عن السلم ، فرماه ولحق بها حتى وقع قبل ان يصل إليها ، وتتابعت الصرخات :
_ يمه بنتي … أنـــــــــــــــــوار … اسم الله عليها …
(ناصر) و(شريفه) وصلا إليها أولا ، رفع وجهها بيد خبيرة :
_ عمه … جيبي عباتها …
هزت (شريفه) رأسها وأسرعت تصعد درجات السلم ، اقتربت (أم بدر) بخوف :
_ ناصر شفيها ؟…
أجابتها (أم ماجد) التي لازالت تهدئ من صراخ الطفلة :
_ اذكري الله يا أم بدر … ما فيها إلا العافية …
_ يمه … فهد … (التفتت لابنها الذي لم يكن يستطيع الحراك جالسا على السلم وجلست تحتضنه)
_ سعــــــــــــــود …
أيقظه صراخ (ناصر) من وجومه ومن خوفه ومن سكونه ، كان يعرف بأنه دائما جبان في هذه المواقف .
_ هاك … (مد له مفتاح السيارة) … شغل السيارة بسرعة … (خرج مسرعا) … سعــــــــــــود … ناد بدر معاك…
نزلت (شريفه) وأعطته عباءة (أنوار) وارتدت هي عباءتها ، لف (ناصر) (أنوار) بالعباءة وحملها بين يديه وخرج مسرعا و(شريفه) تلحق به .
أما من كان في المجلس فقد شاهدوا (سعود) وهو يخرج مسرعا من البيت ، فخرج (بدر) و(راشد) وهم يظنون فيه الظنون ، لكنهم استغربوا وهم يرون (ناصر) الذي تسبقه (شريفه) :
_ شفيكم ؟… خير … عمه ..
_ بدر …. أنوار أغمى عليها …
(ناصر) يقذف (أنوار) بين يدي (بدر) المرتبك :
_ خذ …. أنا أسوق … سعود شغل سيارتي … بسرعة ..
وانطلق (بدر) مسرعا وتبعه (ناصر) و(شريفه) .
_ شفيكم يبه ؟
انتبه (راشد) لعمه الذي خرج لتوه من المجلس :
_ هاه … ما في شي عمي … العيال جوعانين …. يبون يروحون للمطعم … تعال بس … تعال … (يضع يديه حول كتف عمه) … خلني أوسع صدري معك هالليلة … يا حيالله أبو بدر … (ودخلوا المجلس) …
_ أنت وش تقول يا نايف ؟!
_ نزوجها أحمد …
تزداد نوبة غضبه :
_ نايف صاحي أنت ؟.. البنت أمس تطلقت … تبي أقول لها تعالي أزوجك اليوم …
راشد وهو يهدئ من الوضع الناري :
_ يا بدر نايف قصده بعد ما تخلص العدة …
نايف يتجاهل الكل ويتجه إلى عمه العجوز الذي لازال يراقب النقاش وهو صامت :
_ عمي … قلنا لك قبل بدريه ما لها إلا أحمد … خلنا نكسر عين هالحقير … أنت تدري أنه طلقها تحت شور أبوه … يبي يضغط علي علشان صفقة تونس … يبي يلوي ذراعي يا عمي وتحجج بسالفة العيال …
سعود يخرج من صمته :
_ أنتم ليش مستعجلين ؟!… الرجال طلقها طلاق رجعي … يمكن له نية يرجعها … إن أبغض الحلال عند الله الطلاق …
بدر بنفاذ صبر :
_ اسكت يا سعود …
نايف الذي كان كلام سعود كقنبلة تفجرت في نفسه :
_ أنت شقاعد تقول ؟!
أدرك أبو بدر ما سيجلبه هذا الحديث بين هؤلاء الشبان ، فنهرهم يائسا :
_ يا عيال … اذكروا الله ….
أما سعود الذي أثارته نبرة التهديد القاسية في صوت نايف الجهور :
_ قلت إنه طلاق واحد … يعني إذا يبي يرجعها يقدر … وغصبن عننا بعد … هذا شرع الله …
نايف الذي دفعه كلام سعود إلى أقصى حدوده :
_ معصي … (التفت إلى عمه) … عمي حنا سكتنا لما زوجتها … بس إنها ترجع له … عقب ما عافها … لا …أذبحها …
ثار سعود من أسلوب نايف ومقارنته الظالمة :
_ خروف هي تذبحها ؟!..
راشد وهو يحاول أن يحتوي الموقف قبل أن يتفجر :
_ بس يا سعود … نايف معاه حق … الرجال عافها …
وفي هذه اللحظة دخل ناصر بابتسامته الحلوة وهيئته الأحلى :
_ السلام عليكم …(لكنه لاحظ الوجوه الواجمة) … شفيكم؟… (ينظر نحو عمه الذي أرخى رأسه بحزن شديد) … عمي شصاير ؟!
أكمل سعود انفجاره :
_ تعال يا ناصر شوف ولد عمك … يبي يزوج ويذبح على كيفه …
نايف كان لا يزال يمسك بلجام ما تبقى من عقله :
_ بـــــــــــــــــــــــــــــــــدر … سكت أخوك …
عرف أبو بدر من صراخه بأن صبر نايف قد انتهى :
_ لا حول الله … ورعان أنتم ؟!
_ ما تشوف ولدك يا عمي … يرفع الضغط ..
_ انت شاللي حارق أعصابك … لا هي أختك ولا بنتك … تزعل من كلام الله ليه؟
صرخ (بدر) و(ناصر) معا :
_ سعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــود …
_ أنت اللي صج ….
وهنا رمى (نايف) عقاله ، وإنهال بالضرب على (سعود) الذي بادله هذا الهجوم ، حاول (بدر) و(راشد) و(ناصر) أن يفرقوا بينهما بصعوبة وسط تأوهات الوالد العجوز وتهديداته اليائسة ، صرخ (بدر) بيأس وهو يمسك (نايف) ويعاونه (راشد) :
_ ناصر … ود سعود داخل …
وسحبه (ناصر) خارج المجلس ، وظل الباقين يلتقطون أنفاسهم بصعوبة ، وهم ينظرون لساحة المعركة ، انهار (راشد) جالسا على الأرض ، وظل (بدر) يلهث :
_ الله يهداك يا نايف … ترى سعود رجال مهوب صغير …
_ أنت سمعت شقال ؟!
_ وأنت تصدق كلامه … طول بالك عليه شوي … استريح بس …(ويجلس بدر) …
يكمل (نايف) وقد أخذ الغضب منه كل مأخذ :
_ ماني مستريح … عمي …(ويلتفت إلى عمه) … تخلص عدتها ونزوجها أحمد .. إن رجعت للواطي …أذبحها … وأذبح سعود …
(بدر) يهزء رأسه بيأس :
_ لا حول الله …
_ راشـــــــد … نمشي ؟
(راشد) الذي لا زال متعبا :
_ لا … أنا أبقعد مع سعود شوي …
ظلت نظرات (نايف) الغاضبة تحيط بهم ، فخرج قبل أن يقتلهم جميعا .
_ نايف صج مرات يصير… خبل …
_ ههههههههه يعني هذا نايف ما تعرفه يا بدر …
_ بس توصل للضرب يا راشد … والله سعود الحين يحقد عليه … بزر هو يضربه ؟!
_ لا يحقد ولا شي … ياما ضربنا بعض … وهذا حنا ما صار بينا لا حقد ولا بطيخ …
(ناصر) الذي كان يدفع (سعود) إلى داخل الصالة رغما عنه :
_ يا ناصـــــــــــــر … هدني … مالك شغل ….
(أم راشد) التي سقط منها فنجان شايها ، و(أم ماجد) التي كانت نهضت تولول وساندها بكاء (شوق) الحاد ، و(شريفه) التي جاءت تركض من المطبخ ، (أنوار) نزلت مسرعة على الدرج ، وخلفها كان (فهد) بطيئا بعكازه ، تتابعت الصرخات :
_ شفيكم ؟… ناصــــــر … سعـــــــــود … شعندكم ؟… ليش تتهاوشون ؟…
_ أنت ليش مسكتني ؟!…
قذفه (ناصر) وثبته على الأريكة:
_ سعـــــــــود … تعوذ من الشيطان … تبي تضرب نايف ؟!
(أم بدر) تلمس خد (سعود) الذي لا زال يدمي حتى أغرق الدم لحيته الطويلة :
_ يمه سعود شصاير ؟… ناصر شفيكم ؟
شهقت (أنوار) بصوت عالي ووضعت يدها على فمها ، رفع الكل نظره إليها ومعهم (ناصر) ، صرخت (أم ماجد) وهي تحتضن الطفلة الصغيرة التي ارتفع صراخها :
_ ناصر شفيه ؟… شصاير روعتونا ؟
(شوق) التي قطع بكاءها صوتها :
_ سعـــ … بابا سعــــــ….
(ناصر) بملل :
_ ما في شي يا عمة …. (يرمق سعود بنظرة حادة) … بس سعود مرات يطول لسانه …
(سعود) بنفاذ صبر :
_ أنا اللي أطول لساني هاه ؟!… أنت ما سمعته شيقول ؟… هو ما له شغل … أختنا وبكيفنا …
العمة (شريفه) التي أدركت الأمر :
_ وليش تذابحتوا أنت ونايف ؟
رمق (ناصر) (سعود) بحدة "اللي صار بينا لازم محد يدري فيه وخاصة الحريم" ، فأجاب :
_ ما في شي عمه ….
_ أنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوا ر …
نبههم صوت (فهد) الذي أعاقه عكازه عن اللحاق بأخته التي سقطت عن السلم ، فرماه ولحق بها حتى وقع قبل ان يصل إليها ، وتتابعت الصرخات :
_ يمه بنتي … أنـــــــــــــــــوار … اسم الله عليها …
(ناصر) و(شريفه) وصلا إليها أولا ، رفع وجهها بيد خبيرة :
_ عمه … جيبي عباتها …
هزت (شريفه) رأسها وأسرعت تصعد درجات السلم ، اقتربت (أم بدر) بخوف :
_ ناصر شفيها ؟…
أجابتها (أم ماجد) التي لازالت تهدئ من صراخ الطفلة :
_ اذكري الله يا أم بدر … ما فيها إلا العافية …
_ يمه … فهد … (التفتت لابنها الذي لم يكن يستطيع الحراك جالسا على السلم وجلست تحتضنه)
_ سعــــــــــــــود …
أيقظه صراخ (ناصر) من وجومه ومن خوفه ومن سكونه ، كان يعرف بأنه دائما جبان في هذه المواقف .
_ هاك … (مد له مفتاح السيارة) … شغل السيارة بسرعة … (خرج مسرعا) … سعــــــــــــود … ناد بدر معاك…
نزلت (شريفه) وأعطته عباءة (أنوار) وارتدت هي عباءتها ، لف (ناصر) (أنوار) بالعباءة وحملها بين يديه وخرج مسرعا و(شريفه) تلحق به .
أما من كان في المجلس فقد شاهدوا (سعود) وهو يخرج مسرعا من البيت ، فخرج (بدر) و(راشد) وهم يظنون فيه الظنون ، لكنهم استغربوا وهم يرون (ناصر) الذي تسبقه (شريفه) :
_ شفيكم ؟… خير … عمه ..
_ بدر …. أنوار أغمى عليها …
(ناصر) يقذف (أنوار) بين يدي (بدر) المرتبك :
_ خذ …. أنا أسوق … سعود شغل سيارتي … بسرعة ..
وانطلق (بدر) مسرعا وتبعه (ناصر) و(شريفه) .
_ شفيكم يبه ؟
انتبه (راشد) لعمه الذي خرج لتوه من المجلس :
_ هاه … ما في شي عمي … العيال جوعانين …. يبون يروحون للمطعم … تعال بس … تعال … (يضع يديه حول كتف عمه) … خلني أوسع صدري معك هالليلة … يا حيالله أبو بدر … (ودخلوا المجلس) …
وفي بيت (أبو نايف) خلف المنزل في الحديقة الواسعة كانت تجلس كعادتها على الأرجوحة الملكية الواسعة :
_ منال … منـــــــــــــال .. منــــــــــــــــــــــال ….
_ هنيه فارس ….
_ صار لي ساعة أفتر … ليش ما تقولين هاه ؟
_ شتبي ؟!
_ والله أنا ما أبي شي … بس أبوي طلع يصلي العشا … وقال لي خل منال تجيب الخدامات وينظفون المجلس ويبخرونه … لأن أنا بعد بروح المسجد … وزهبي القهوة … وحطيها بالمجلس … في رجال بيزور أبوي بعد الصلاة …
_ إن شاء الله …
_ ويا ويلك يا سواد ليلك … إذا ما خلصتي شغلك قبل لا يرجع ….
_ إن شاء الله …
وانصرف باستعلائه الصغير .
وفي المستشفى كانت (أنوار) لا تزال نايمة بعد أن وضعوا لها المغذي السائل ، كان مجرد ارهاق بسيط ، اتصلوا بالمنزل وطمأنوا من فيه ، (شريفه) بقيت جالسة عندها ، (بدر) و(ناصر) كانا يجلسان على مقاعد الانتظار في الممر :
_ ههههههههههه أما أختك هذي عليها حركات هههههههههههه …
_ عاد تصدق اللي يشوفها ما يقول عنها ضعيفة لهدرجة …
_ يعني الحين كل ما تخترع يغمى عليها … هههههههههههه أما صج سالفة …
_ هيه أنت …(ويضربه) … ترى ما أرضى على أختي …. وبعدين تعال أنت شلون تسمح لنفسك تشيلها ؟… كان نطرت لما أجي … ما صدقت على الله …
_ ههههههههههه بصراحة يا بدر أنا شفتها طايحة وأنا قلبي اختبص على بالي ماتت …. ما على بالي دلوعة …
_ ههههههههههههه حرام عليك أنوار دلوعة ؟…… تلقاها شافت سعود مضروب واخترعت …إحمد ربك أنها ما كفختك …. قبل كانت تدخل في هوشات الحارة لما يتكفخ فهد … وكل الصبيان يخافون منها وما يتعرضونه …. بس لما كبرت صارت لما تشوفه مضروب يغمى عليها … يمكن لانها ما تقدر تروح تضربهم … هههههههههههههههههه …
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
_ بدر …….. ناصر ……….
كانت (شريفه) تمسك بين يديها جسد (أنوار) النحيل التي تسندت عليها .
_ أنوار … (وينهض ليمسك بها) … حمد الله على السلامة يا عمري …
تمسكت به بكلتا يديها وألقت بجسمها عليه :
_ بدر … دايخة …
_ ما عليه يا قلبي … شوي وتصيرين زينه …
_ حمد الله على السلامة أنوار ….
ناظرته (أنوار) بحقد من وراء غطاء وجهها ولم ترد عليه .
_ ناصر .. يالله ترى اليوم دخت حدي …(وتقف بجانبه) … مدري متى أفتك من عيال هالأخوان اللي كل يوم صاير لواحد فيهم شي …. (وضحكت مازحة)…
_ ابشري عمه … أنت الخير والبركة آفا عليك من دونك ما نسوى شي … يالله بدر …
_ بدر … (تشبثت به وهمست) … نروح معاه ؟!
_ إيه … ناصر جابنا بسيارته …
_ وين سيارتك ؟
_ بالبيت …. اختبصنا وجينا بسيارة ناصر .. يالله امشي …
_ … (تشبثت به أكثر) …. ما أأأبي … دق على مشعل يجي يأخذنا …..
_ أنوار … شفيك … أنا معك …
_ بدر … شفيكم ؟…(كان قد عاد أدراجه بعد أن أوصل عمته إلى الباب ولم يلحقا به) .
_ لا ما في شي … جايين …
كان صوتها يرتجف وهي تصرخ :
_ ما أبي أركب معك …
انصدم (بدر) ومثله (ناصر) من حدة الرد :
_ أنــــــوار ..
_ ليش ؟…
تجاهلته وبتوسل متعب:
_ بدر … اتصل على مشعل خل يجي يأخذنا …
_ أنوار .. وبعدين …أقــ…
_ بدر … (قاطعه وهو يعطيه المفتاح) … خلاص روح ودهم البيت …. أنوار تعبانه (ناظرها بعدم فهم) …وعمتي بعد … أنا أتصل على مشعل يمرني …
كان (بدر) يحاول الاعتراض ، لكن منعته نظرات (ناصر) الحاسمة وجسد (أنوار) الذي يرتجف بين يديه ، فأخذها وانصرف ، وعاد (ناصر) إلى مقاعد الانتظار وهو يتصل على (مشعل)
_ منال … منـــــــــــــال .. منــــــــــــــــــــــال ….
_ هنيه فارس ….
_ صار لي ساعة أفتر … ليش ما تقولين هاه ؟
_ شتبي ؟!
_ والله أنا ما أبي شي … بس أبوي طلع يصلي العشا … وقال لي خل منال تجيب الخدامات وينظفون المجلس ويبخرونه … لأن أنا بعد بروح المسجد … وزهبي القهوة … وحطيها بالمجلس … في رجال بيزور أبوي بعد الصلاة …
_ إن شاء الله …
_ ويا ويلك يا سواد ليلك … إذا ما خلصتي شغلك قبل لا يرجع ….
_ إن شاء الله …
وانصرف باستعلائه الصغير .
وفي المستشفى كانت (أنوار) لا تزال نايمة بعد أن وضعوا لها المغذي السائل ، كان مجرد ارهاق بسيط ، اتصلوا بالمنزل وطمأنوا من فيه ، (شريفه) بقيت جالسة عندها ، (بدر) و(ناصر) كانا يجلسان على مقاعد الانتظار في الممر :
_ ههههههههههه أما أختك هذي عليها حركات هههههههههههه …
_ عاد تصدق اللي يشوفها ما يقول عنها ضعيفة لهدرجة …
_ يعني الحين كل ما تخترع يغمى عليها … هههههههههههه أما صج سالفة …
_ هيه أنت …(ويضربه) … ترى ما أرضى على أختي …. وبعدين تعال أنت شلون تسمح لنفسك تشيلها ؟… كان نطرت لما أجي … ما صدقت على الله …
_ ههههههههههه بصراحة يا بدر أنا شفتها طايحة وأنا قلبي اختبص على بالي ماتت …. ما على بالي دلوعة …
_ ههههههههههههه حرام عليك أنوار دلوعة ؟…… تلقاها شافت سعود مضروب واخترعت …إحمد ربك أنها ما كفختك …. قبل كانت تدخل في هوشات الحارة لما يتكفخ فهد … وكل الصبيان يخافون منها وما يتعرضونه …. بس لما كبرت صارت لما تشوفه مضروب يغمى عليها … يمكن لانها ما تقدر تروح تضربهم … هههههههههههههههههه …
_ هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
_ بدر …….. ناصر ……….
كانت (شريفه) تمسك بين يديها جسد (أنوار) النحيل التي تسندت عليها .
_ أنوار … (وينهض ليمسك بها) … حمد الله على السلامة يا عمري …
تمسكت به بكلتا يديها وألقت بجسمها عليه :
_ بدر … دايخة …
_ ما عليه يا قلبي … شوي وتصيرين زينه …
_ حمد الله على السلامة أنوار ….
ناظرته (أنوار) بحقد من وراء غطاء وجهها ولم ترد عليه .
_ ناصر .. يالله ترى اليوم دخت حدي …(وتقف بجانبه) … مدري متى أفتك من عيال هالأخوان اللي كل يوم صاير لواحد فيهم شي …. (وضحكت مازحة)…
_ ابشري عمه … أنت الخير والبركة آفا عليك من دونك ما نسوى شي … يالله بدر …
_ بدر … (تشبثت به وهمست) … نروح معاه ؟!
_ إيه … ناصر جابنا بسيارته …
_ وين سيارتك ؟
_ بالبيت …. اختبصنا وجينا بسيارة ناصر .. يالله امشي …
_ … (تشبثت به أكثر) …. ما أأأبي … دق على مشعل يجي يأخذنا …..
_ أنوار … شفيك … أنا معك …
_ بدر … شفيكم ؟…(كان قد عاد أدراجه بعد أن أوصل عمته إلى الباب ولم يلحقا به) .
_ لا ما في شي … جايين …
كان صوتها يرتجف وهي تصرخ :
_ ما أبي أركب معك …
انصدم (بدر) ومثله (ناصر) من حدة الرد :
_ أنــــــوار ..
_ ليش ؟…
تجاهلته وبتوسل متعب:
_ بدر … اتصل على مشعل خل يجي يأخذنا …
_ أنوار .. وبعدين …أقــ…
_ بدر … (قاطعه وهو يعطيه المفتاح) … خلاص روح ودهم البيت …. أنوار تعبانه (ناظرها بعدم فهم) …وعمتي بعد … أنا أتصل على مشعل يمرني …
كان (بدر) يحاول الاعتراض ، لكن منعته نظرات (ناصر) الحاسمة وجسد (أنوار) الذي يرتجف بين يديه ، فأخذها وانصرف ، وعاد (ناصر) إلى مقاعد الانتظار وهو يتصل على (مشعل)