تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » حثالة الناس !؟

حثالة الناس !؟ 2024.

حثالة الناس

د. سعد الدريهم 27/7/1429

30/07/2008

وأنت تعالج أمر الحياة وتخالط الناس، تعرف منهم وتنكر، وما أنكرت أضعاف ما قد عرفت.. ولا يؤذيك وأنت في معترك الحياة إلاّ تلك الحثالة من الناس، التي لا يهمها إلاّ أمرُ نفسها، لا يهمها أمرُ الناس، ولا يهمها إصلاح وضع، ولا يهمها إزالة خطأ، ولا يهمها نشرُ وعيٍ وخيرٍ بين الناس؛ لأنهم حثالة.. يعيشون لبطونهم، ويعيشون لشهواتهم ولا يهمهم إلاّ أنفسُهم، المهم أن يبقى ويأكلَ ويشبعَ ويجمع، وما سوى ذلك فليس في تفكيره..

كم ممن هم على هذه الشاكلة قد مرّوا بك؟ لا ريب أنهم كُثُر، وبتقادم الزمان يتضاعفون ..
إن أمر هذه الحثالة، قد أخذ حيّزاً من عقلي، ومساحة واسعة من تفكيري.. أقلّب الطرف فيها، وأسرح الفكر في تضاعيفها، وأعجب أشد العجب من صنيعها، وما شفى نفسي منها إلاّ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، الذي رواه الإمام أحمد في مسنده
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"كيف أنت إذا بقيت في حثالة الناس؟" قال: قلت: يا رسول الله، كيف ذلك؟ قال: "إذا مَرِجت عهودهم وأماناتهم، وكانوا هكذا، وشبّك بين أصابعه". قال: قلت: ما أصنـع عند ذاك يا رسـول الله؟ قال: "اتّقِ الله -عـز وجل- وخـذْ ما تعرف، ودعْ ما تنكـر، وعليـك بخـاصتك، وإياك وعوامَّهم".

وهذا الحديث قد رواه الإمام البخاري كذلك في صحيحه، وأبو داود في سننه.

ولي أيها الأحبة في الله، مع هذا الحديث وقفات:

وأول هذه الوقفات مع لفظة حثالة، وهي ولا ريب معروفة لديكم، ومتداولة بينكم، وهي البقية التي في آخر الإناء، وحثالة الشيء هو الرديء منه، وحثالة التمر هو رديئه، وحثالة الناس هم لئامهم وسقط المتاع منهم .

كم يا ترى ممن نعرف وممن لا نعرف بهذه الصفة. لا تهتم بالواقع، ولا يؤلمها آلام غيرها، ولا تكترث لأحد، ينام أحدهم ملء عينه، ويأكل ملء بطنه، ويضحك ملء فمه، وبعد ذلك فليحصل ما يحصل..!! إذا كثر هذا الصنف من الناس في مجتمع أو بلد أو أمة، فإن هذا مؤذن بخطر .
فالمسلم لا ينبغي له أن يعيش لنفسه فحسب؛ فهذه عيشة الحيوانات والبهائم.. ولكنه يعيش لغيره؛ لأنه لا ينظر فقط لهذه الحياة الدنيا، بل هو يعتقد بأمور وقضايا وراء هذا العالم المحسوس.
والحثالة من الناس هم من يعيشون لأنفسهم ولا يفكرون إلاّ في ذواتهم، ولا يهمهم لو زاد المنكر، ولا يهمهم لو انتُقص المعروف أو نقص ..

الحثالة من الناس لا يتفاعلون مع أحداث الأمة، ولا يقلقون لمآسيها، فاحذر أن تكون من هذه الحثالة، فإنك ما خلقت لذلك، بل أنت مطلوب منك، أن تنظف المجتمع من الحثالة، لا أن تبقى معها، وتسيرَ في ركابها.

ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من حال هذه الحثالة، فقال: "قد مرجت عهودهم وأماناتهم ـ أي اختلفت وفسدت ـ لا عهد لهم ولا أمانة".

ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً للحال التي يصل إليها الناس إذا فسدت العهود وضُيّعت الأمانات، حيث شبك النبي صلى الله عليه وسلم بين أصابعه، وهو إيحاء بتعقد الأمور، واختلاط الأوضاع، حيث لا يُعرف معروف، ولا يُنكر منكر، ولا يفرّق بين الأمين والخائن، ولا بين الصالح والطالح، والبرّ والفاجر، ويكثر القيل والقال، وإذا كان الأمر كذلك فباطن الأرض –والله- خير من ظاهرها ..

وكأني بهذا الصحابي الجليل قد داخله الوجل، فراح يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المخرج من ذلك، وحق له والله أن يوجـل، حـيـث قـال: "قلـت: ما أصنـع عند ذاك يا رسـول الله ؟"، وهذا هو المطلوب من المسلم؛ أن يرد الأمور إلى أهلها من أهل العلم، ولا يتصرف من تلقاء نفسه؛ فيَضلّ ويُضلّ ..

وهنا يأتي الجواب الشافي الكافي من الرسول الهادي صلى الله عليه وسلم، فقال: " اتّقِ الله عز وجل وخـذْ ما تعرف، ودعْ ما تنكـر، وعليـك بخـاصتك، وإياك وعوامَّهم".

وهو والله جواب شافٍ، ووصية جامعة، ليس في هذا الأمر وحده، بل لكل أمر من شأن المعاش والمعاد..

فبـدأ بالوصيـة بالتقوى، وهي وصيـة الله للأولين والآخرين
( وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً ).[النساء:131].

فمن كانت التقوى ملاذه ومأرزه، فهو ولا ريب في مأمن من كل جائحة؛ فلا الخيانة تؤذيه، ولا الشحّ يرديه، وهو بين ذلك يرجو ثواب الله، ويترك معصية الله، على نور من الله؛ خوفاً من عقاب الله، ومن كان كذلك جعل الله له فرقاناً، وكفّر عنه سيئاته، وأكرمه بمغفرته ورضوانه.

(يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ). [الأنفال: 29].

ثم أكّد النبي -صلى الله عليه وسلم- مسألة التقوى بقوله: "خـذْ ما تعرف، ودعْ ما تنكـر"، وذلك أن الأتقياء، لا يأخذون من الأمور إلاّ ما تبين لهم حلها، وما كان مشكوكاً فيه، أو فيه ريبة، فهم بمعزل عنه. وأما الحثالة، فهم لا يفرّقون، فالحلال عندهم ما حلّ في الجيب؛ إذ لا تتورّع فيما تأخذ، ولا تتقي الله فيما تأخذ، وهذا سبيل كثير من الناس في هذه الأزمان، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله..

ولابد أن تدرك أن الأخذ والترك ليس مقصوراً على الأمور المادية فحسب، بل إنه ليتعدى ذلك إلى الأمور المعنوية، بل إنه بها ألصق، وبها أشبه، فلا تأخذ من الأفكار والأقول إلاّ ما تدرك أنه يتوافق مع دينك ومعتقدك.

والأمة -وإن غلب عليها الحثالة، وتقلّدوا الكثير من أمورها – فإنه لا تزال فيها بقية تأخذ بما كان عليه النبي الأشرفصلى الله عليه وسلم، والرعيل الأول، بهم تأتسي، وبهديهم تقتدي، وهذا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الوصية الجامعة؛ إذ قال لهذا الصحابي الجليل رضي الله عنه: "وعليـك بخـاصتك، وإياك وعوامّهم"، وهذه الخاصة في جهاد مع هذه الحثالة، وفي عراك معها؛ لتأطرها على الحق أطْراً، لعلها أن تلحق بركب الفائزين، والموفق هو من لحق بركاب الخاصة، وانقاد له.

وخاصة هذه الخاصة هم ورثة الأنبياء من العلماء الربانيين، والدعاة الصالحين، وأهل الخير والاستقامة، وهؤلاء الخاصة هم الذين يقيمون الحجة على العالمين، وتجدون عندهم من السعادة والإيمان مالا تجدونه عند غيرهم. وهؤلاء الخاصة هم الذين أرشد النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله أن يقبل عليهم، فهم خلاصة أهل الأرض، وهم طيبها، وهم مصدر الخير والبركة والأمن..
وأما العامة فهم تبع لهم.

ثم إن هؤلاء الخاصة، وإن كانوا قلة في عددهم، لكنهم كثرة بإيمانهم وبإخلاصهم وصدقهم ودعوتهم. قال الحق سبحانه: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ). [السجدة:24] .

ويختم النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوصية بقوله: "ودعْ عنك أمر العامة". وهو إشارة إلى أن ما عند العامة ليس صحيحاً ولا صواباً كله، وعليك ألاّ تنخدع بالكثرة، وذلك لأن الصحة والصواب يُعرفان من الكتاب والسنة، لا مما عليه أمر العامة، وبهذا تعلم فساد بعض الاصطلاحات الشائعة عند الناس كقولهم: "الموت مع الجماعة رحمة"، أو إذا كان كل الناس وكل المجتمع وكل البلد أو كل الأهل يفعلون كذا؛ فأنا واحد منهم، هذا ليس بصواب، لهذا أوصى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "ودعْ عنك أمر العامة".
وفي المقابل جاء التوجيه بالإقبال على الخاصة.

=====

ومضة رفيع الشــــآن:

كم من الحثالة نعرف !!!؟

لا يهمها أمرُ الناس، ولا يهمها إصلاح وضع، ولا يهمها إزالة خطأ، ولا يهمها نشرُ وعيٍ وخيرٍ بين الناس؛ لأنهم حثالة.. يعيشون لبطونهم، ويعيشون لشهواتهم ولا يهمهم إلاّ أنفسُهم، المهم أن يبقى ويأكلَ ويشبعَ ويجمع، وما سوى ذلك فليس في تفكيره..

موضوع مهم جدا عندى
والصفات اللى فيه تجدها موجوده كتير فى الناس
ولكن اللى ما عرفته كيف نتعامل معهم خاصة اذا كانت تربطنا صلة رحم اذا كانت عندك ثوابت تخالف شخصياتهم وعاداتهم كيف تتعامل معهم تتجنبهم ام تدعوهم ام هناك حل اخر

جزاك الله كل خير اخى

جزيت الجنان

أخي

رفيع الشــــان

على الموضوع الحلوووو

تقبل مروري

آلام الفراق

جزاك الله خير

جزاك الله كل خير

جــــــــــــــــــزاكــــــــــــــ الله خيــــــــــــــــــــــر

جزاكـ الله خــــيـــر

جزاك الله خير اخوي

اشكرك على موضوعك الرائع

جزاك الله خيرابما طرحت أخي ..

وأثابك أعلى جنانـــــه ..

::

// دمت بحفظ الرحمن //

جزاك الله خير ونفع بك الامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.