بهذا المنهج يرشد الله الناس إلى طريقة استقبال الحياة , واستقبال الحياة أمر طبيعي لوجود الإنسان في مقر يضم المستقيم على المنهج و المنحرف عن المنهج إذن فوجود الأحداث
أمر طبيعي , وما دام وجود الأحداث أمراً طبيعياً فلابد من المناعة ضد الأحداث , الأحداث التي تأتي للإنسان ضرورية , ما دام الإنسان متغيرا ويتعامل مع عالم متغير أيضا فيجب
أن يوطن نفسه على وجود الإحداث . يقول الحق : لا تعش في الحدث غير زمنه , اذا انتهى زمنه يجب أن ينتهي شغلك به إلا أن تأخذ منه العبرة فيما يأتي . أما أن يكون الحدث مثبطا لك ومضعفا لطاقتك فاعلم أنك الذي أردت إحياء الحدث من الماضي إلى المستقبل , وليس ذلك من العقل .
ويجب أن توطن نفسك على أن الأشياء التي تأتيك وإن كانت تعجبك فاستقبلها كنعمة من الله بالحمد , وإياك أن تفرح بها , لأن النعمة في ذاتها غير مفرحة , إلا أن توفق مصارفها
, أما النعمة في ذاتها فغير مفرحة , لأنها قد تضرك أنت وتغريك بمعاص ربما لو لم يكن عندك من المال ما يغريك عليها لم تعص , إذن لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما
أتاكم . لماذا ؟ لأنك لا تفرح بالشئ إلا إن تحققت به غاية , وغاية الشئ ليست مجرد ملكك له , لكن غايته هو صرفه فيما يحب الله . فلا تفرح . الفرح يجب أن يؤجل إلى أن تعرف مصير النعمة التي أعطاك الله إياها , اوفقت في أداء حقها عليك أو لم توفق . ولذلك يأتي الحق ليشرح لنا هذه القضية التي يتوقف عليها مدار حركة الكون والآمال . قال الله تعالى : ( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربهُ فأكرمه و نعمه فيقول ربي أكرمن ) هذا في ظاهر الأمر مقبول ( و أما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن ) هذا ما يقوله الإنسان . فهل صوب الله منطق الإنسان ؟ منطق الإنسان في الأولى و منطق الإنسان في الثانية أم خطأه ؟
قال الله : (( كلا )) يعني : لا منطقه في الأولى صحيح , ولا في الثانية صحيح .
كيف ؟ النعمة لا يفرح بإتيانها , إنما يفرح بمصرفها ( بل لا تكرمون اليتيم ) ومادمت لا تكرم اليتيم يا من أعطيت النعمة فالنعمة حجة عليك أنت دخلت في امتحان صعب وسقطت فيه . ليس الإكرام في الإيتاء , لكن في صحة الإنفاق ( ولا تحاضون على طعام المسكين ) وحتى حث الغير على طعام المسكين لا تصنعه ( وتأكلون التراث أكلا لمّا وتحبون المال حبا جما ) إذن إيتاء النعمة إكرام أو وسيلة إهانة ؟ قد يكون وسيلة إهانة , تعرضت للإيتاء دون الإعطاء .
والحق صنف الخلق أصنافا : المبغوضون درجات , و المحجوبون درجات , فقال ما معناه (( احب ثلاثا وحبي لثلاث أشد : أحب الغني الكريم , و الفقير الكريم أشد , و أحب الفقيرالمتواضع , و الغني المتواضع أشد )) لأن عنده أسباب الكبر (( وأحب الشيخ الطائع , و الشاب الطائع أشد )) مقومات المعصية موجودة عنده ولا يستعملها (( وأبغض ثلاثا وبغضي لثلاث أشد : أبغض الغنى المتكبر و الفقير المتكبر أشد , وأبغض الفقير البخيل , و الغني البخيل أشد , و أبغض الشاب العاصي , و الشيخ العاصي أشد ))
فإن كنت في مجتمع غنية كريم , وفقيرة متواضع , وشبابه طائع , فتلك هي المدينة الفاضلة بحق , هي النعمة . و الدون و الحضيض هو المقابل : فقيرة متكبر و غنية بخيل ,وشبابة عاص . فحركة الحياة حينما يقول الله ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) تعني أن الأتيان قد يكون فتنة لك , لأنك لا تؤذي حق الله , فتكون النعمة حجة عليك . واذا كنت تأسى على ما فات , أي تشغل نفسك بما لا يجدى . نقول : ليتك شغت نفسك بما يجدي . ولو أشتغلت بما لا يجدي تكون ضيعت الطاقة التي تستقبل بها التعويض عن الحدث الفائت . احذر أن يتركب في نفسك أن الحدث هو الذي صنع لك كل بؤس في الحياة , والحقيقة أن الهم يأتي من شئ مؤخر , ولكنك لا تعرف مصدرة , فلا قوة لك على دفعه , وهذا هو أشد ما يتفك بالنفس الإنسانية : أن يستولى عليك أمر لا تعرف مصدره أو تعرفه ولا قوة لك على دفعه . هذا هو الهم المعقد .
الشيخ محمد متولي الشعراوي
فــ فيَّ هذا العالم المتغير يجب نهذب النفس على التعامل مع الأحداث
المتغيرة وندرك نعمة الفرح وحكمتها لــنا..
،،
بارك الله فيك
وجعله ب ميزان حسناتك
بارك الله فيك
جزيل الشكر
جزاك الله الجنه ووالديك
بارك الله فيك