تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الموفق حقاً في رمضان لفضيلة الشيخ محمد المحيسني

الموفق حقاً في رمضان لفضيلة الشيخ محمد المحيسني 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الموفق حقاً في رمضان لفضيلة الشيخ محمد المحيسني

غرام

الموفق حقاً في رمضان: هو من صام نهاره.. وأحيا ليله.. وفاز برضوان ربه، فنال مقام القرب، وحاز مرتبة من يدعو فيجاب..

فينبغي للمؤمن أن يغتنم مواسم الخيرات، وأن يكثر من الطاعات، ومن أعظم هذه المواسم: شهر رمضان..

فما أكثر الطاعات التي يفعلها المسلم في رمضان، حيث يزيد ثوابها، وتتضاعف أجورها..

فرمضان هو شهر الصيام.. والقيام.. وقراءة القرآن.. والذكر.. والدعاء.. وتفطير الصائم.. والصدقة.. والجود.. والعطف على المساكين..

وهو شهر الاعتكاف والانقطاع عن الخلق.. والإقبال على الله.. والاجتهاد في العبادة.. وفضائله أكثر من أن تحصى، وأشهر من أن تذكر.

ولله تعالى في كل ليلة من لياليه عتقاء من النار، والموفق حقاً من كان أحد هؤلاء العتقاء، وتفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتسلسل الشياطين..

إن المسلم في رمضان.. يتنقل من طاعة إلى طاعة، ومن عبادة إلى أخرى،

فمن صلاة إلى قراءة قرآن.. إلى تسبيح وتهليل.. إلى تفطير صائم.. إلى قيام ليل وتهجد.. إلى توبة واستغفار بالأسحار.. إلخ..

لا يجد الموفق وقتاً في هذا الشهر المبارك ليضيعه، فوالله لو أن الأوقات تباع.. لأنفق العقلاء في شرائها كل نفيس،

لأن الوقت هو حياة الإنسان وعمره، وله نهاية لا محالة، فمن الناس من ينفق عمره في طاعة الله، ومنهم من ينفقه في طاعة شيطانه وهواه..

وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: «كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا». [رواه مسلم (223)]

"والمعنى: أن كُلّ إِنْسَان يَسْعَى بِنَفْسِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعهَا لِلَّهِ تَعَالَى فَيُعْتِقهَا مِنْ الْعَذَاب، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعهَا لِلشَّيْطَانِ وَالْهَوَى، فَيُوبِقهَا أَيْ: يُهْلِكهَا"..

فلا ينبغي لمن يرجو من الله التوفيق تضييع الوقت، فليس شيء أغلى عند الإنسان من وقته، فهو عمره وحياته. قال الشاعر:

وَالْوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عَنِيْتُ بِحِفْظِهِ
وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيْعُ!

ولأن فريضة الصيام ترتبط بفضيلة التقوى، فقد جعلها الله غايتها المرجوة، فقال تعالى:

((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))[البقرة:183].

ذلك أن الصوم هو مجال تقرير الإرادة العازمة الحازمة، ومجال اتصال الإنسان بربه، طاعة وانقياداً

وهو مجال للتسامي على رغبات الجسد، وتحمل مشقة الحرمان، ومجاهدة النفس، إيثاراً لما عند الله..

فالهدف والغاية الأولى من فريضة الصيام: هو التقوى، إضافة إلى ما للصوم من آثار نافعة روحياً واجتماعياً، وفي وظائف الجسد كما ثبت علمياً…

إن الصوم يمثل في حقيقته مدرسة للكمال والسمو الروحي، فهو يصوغ من الصائم إنساناً على أعلى درجة من الرقي، في سلوكه.. وأخلاقه.. وتعاملاته..

فلا ينطق بفحش القول، ولا ينظر فيما حرم الله، ولا يظلم؛ لأنه يعلم أن الصوم جنة..

قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: «فإن سابه أحد أو شاتمه، قال: إني صائم.. إني صائم»…

يبدأ التكليف بذلك النداء الندي الحبيب إلى كل مؤمن، تذكيراً من ربه، وتأكيداً وتقريراً لحقيقته الأصيلة "الإيمان"..

((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا))… ثم يبين للمؤمنين أن الصوم قد فرض على من سبقهم، وأن الغاية منه: هي إعدادهم للتقوى والشفافية والخشية…

والمخاطبون بالقرآن أولاً قبلنا هم تلاميذ محمد صلى الله عليه وسلم، وهم يعلمون مقام التقوى عند الله، ووزنها في ميزانه،

فقد كانت غاية يتطلعون إليها، ولأن الله يعلم منهم ذلك، فإنه يحفزهم ويرغبهم حينما يقول: ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)).. فكان الصيام أداة لتحقيق التقوى، وطريقاً للوصول إليها.

وللصوم خصوصية تميزه عن سائر العبادات، فهو عبادة خالصة لله، لم يعبد بها أحد غيره، لا صنم، ولا طاغوت،

وهو سبحانه من يتولى الجزاء عليه بما يليق بجلاله وكماله.. جاء في الحديث: «كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به»..

ولفتة عجيبة موحية فريدة، تتغلغل في أعماق النفس، حينما تنال المرغوب المطلوب المحبوب.. إنه القرب من الله، واستجابة الدعاء..

((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ))[البقرة:186]…

فأين مشقة الصيام من ذلك المقام؟ وأين نحن من ذلك الود والأنس والتكريم؟..

لقد أضاف الله الصائمين إلى ذاته العلية، وكانت الاستجابة لدعائهم فورية.. وكان الرشد والفلاح لهم من الله هدية…

أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث ابن ميمون -بإسناده- عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«إن الله تعالى ليستحي أن يبسط العبد إليه يديه.. يسأله فيهما خيراً فيردهما خائبين».

وروى ابن ماجه في سننه بإسناده، عن عبد الله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد»،

وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم»..

أخي المسلم! إن الصوم قرينة على قوة الإرادة، وتدريب على مغالبة الشهوة، وانتصار على غرائز الجسد..

وهو تربية للضمير.. فلا رقيب على الصائم إلا ربه..

وهو مدرسة للصبر والأمانة، وإحساس برقابة الله في كل شأن.. ومن ثم اعتبره القرآن سبيلاً للتقوى، فمن نال ذلك فهو الموفق حقاً..

كل ذلك في يسر وسهولة بعيداً عن المشقة والتعقيد والتكلف، حتى لكأنه مسيل الماء، أو الغصن النظير، وهو يعلو ويسمو ليطاول السماء..

((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ))[البقرة:185]…

لمشاهدة المقال اضغط هنا

وفقكم الله

الاكثر من رائع.مشكوره

غرام

وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
مقال قيم
بارك الله فيك ونفع بك
وجزاك الله خير الجزاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.