عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كنّا عند رسول الله فقال: «أخبروني بشجرة تشبه أو كالرّجل المسلم، لا يتحاتّ ورقها, ولا, ولا, تؤتي أكلها كلّ حين».
قال ابن عمر: فوقع في نفسي أنّها النّخلة, ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلّمان فكرهت أن أتكلّم, فلمّا لم يقولوا شيئًا قال رسول الله : «هي النّخلة». فلمّا قمنا قلت لعمر: يا أبتاه! والله لقد كان وقع في نفسي أنّها النّخلة. فقال: ما منعك أن تكلّم؟ قال: لم أركم تكلّمون؛ فكرهت أن أتكلّم أو أقول شيئًا, قال عمر: لأن تكون قلتها أحبّ إليّ من كذا وكذا .. ( أخرجه البخاري ) 61 و 62 و 72 و 4698 ، ومسلم( 2811 )
– شرح المفردات:
– لا يتحاتّ ورقها: لا يتناثر ويتساقط.
– ولا مكرّر: لا يصيبها كذا ولا كذا، ذكر النّفي ثلاث مرّات على طريق الاكتفاء، وتفسيره: ولا ينقطع ثمرها, ولا يعدم فيؤها، ولا يبطل نفعها.
– أوجه الشبه بين المؤمن والنخلة:
قال الإمام ابن قيم الجوزية -رحمه الله- في «مفتاح دار السعادة» (2/116-121): ثم تأمل هذه النخلة التي هي إحدى آيات الله تجد فيها من الآيات والعجائب ما يبهرك؛ فإنه لما قدر أن يكون فيه إناث تحتاج إلى اللقاح جعلت فيها ذكور تلقحها بمنزلة الحيوان وإناثه، ولذلك اشتد شبهها من بين سائر الأشجار بالإنسان خصوصا بالمؤمن -كما مثله النبي – وذلك من وجوه كثيرة:
أحدها:
ثبات أصلها في الأرض واستقراره فيها، وليست بمنزلة الشجرة التي }اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ اْلأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ{(إبراهيم: 26).
الثاني:
طيب ثمرتها وحلاوتها وعموم المنفعة بها، كذلك المؤمن: طيب الكلام، طيب العمل، فيه المنفعة لنفسه ولغيره.
الثالث:
دوام لباسهـــا وزينتهـــا، فلا يسقـــط عنها صيفا ولا شتاء، كذلك المؤمن لا يزول عنه لباس التقوى وزينتها حتى يوافي ربه -تعالى-.
الرابع:
سهولة تناول ثمرتها وتيسره، أما قصيرها؛ فلا يحوج المتناول أن يرقاها، وأما باسقها؛ فصعوده سهل بالنسبة الى صعودالشجر الطوال وغيرها، فتراها كأنها قد هيئت منها المراقي والدرج إلى أعلاها، وكذلك المؤمن خيره سهل قريب لمن رام تناوله لا بالغر ولا باللئيم.
الخامس:
إن ثمرتها من أنفع ثمار العالم؛ فإنه يؤكل رطبه فاكهة وحلاوة، ويابسه يكون قوتا وأدما وفاكهة، ويتخذ منه الخل والناطف والحلوى، ويدخل في الأدوية والأشربة.
السادس من وجوه التشبيه:
إن النخلة أصبر الشجر على الرياح والجهد، وغيرها من الدوح العظام تميلها الريح تارة وتقلعها تارة، وتقصف أفنانها ولا صبر لكثير منها على العطش كصبر النخلة، فكذلك المؤمن صبور على البلاء لا تزعزعه الرياح.
السابع:
إن النخلة كلها منفعة لا يسقط منها شيء بغير منفعة، فثمرها منفعة، وجذعها فيه من المنافع مالا يجهل للأبنية والسقوف وغير ذلك، وسعفها تسقف به البيوت مكان القصب، ويستر به الفرج والخلل، وخوصها يتخذ منه المكاتل والزنابيل وأنواع الآنية، والحصر وغيرها، وليفها وكربها فيه من المنافع ما هو معلوم عند الناس.
الثامن:
إنها كلما طال عمرها ازداد خيرها وجاد ثمرها، وكذلك المؤمن إذا طال عمره ازداد خيره وحسن عمله.
التاسع:
إن قلبها من أطيب القلوب وأحلاه وهذا أمر خصت به دون سائر الشجر، وكذلك قلب المؤمن من أطيب القلوب.
العاشر:
إنها لا يتعطل نفعها بالكلية أبدًا، بل إن تعطلت منها منفعة؛ ففيها منافع أخر، حتى لو تعطلت ثمارها سنة لكان للناس في سعفها وخوصها وليفها وكربها منافع وآراب، وهكذا المؤمن لا يخلو عن شيء من خصال الخير قط، إن أجدب منه جانب من الخير أخصب منه جانب، فلا يزال خيره مأمولًا وشره مأمونًا، عن النبي : «خيـــــــركم مـــن يرجى خيره ويؤمن شرّه، وشرّكم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شرّه» أخرجه الترمذي ( 2263 )، و أحمد 2/ 378 و 368 – بسند جيد.
– فوائد الحديث:
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (1/146-147):
1- فيه التّحريض على الفهم في العلم.
2- وفيه استحباب الحياء ما لم يؤدّ إلى تفويت مصلحة, ولهذا تمنّى عمر أن يكون ابنه لم يسكت.
3- وفيه دليل على بركة النّخلة وما تثمره.
4- وفيه ضرب الأمثال والأشباه لزيادة الإفهام, وتصوير المعاني لترسخ في الذّهن, ولتحديد الفكر في النّظر في حكم الحادثة.
5- وفيه إشارة إلى أنّ تشبيه الشّيء بالشّيء لا يلزم أن يكون نظيره من جميع وجوهه, فإنّ المؤمن لا يماثله شيء من الجمادات ولا يعادله.
6- وفيه توقير الكبير, وتقديـم الصّغير أباه في القول, وأنّه لا يبادره بما فهمه وإن ظنّ أنّه الصّواب.
7- وفيه أنّ العالم الكبير قد يخفى عليه بعض ما يدركه من هو دونه؛ لأنّ العلم مواهب, والله يؤتي فضله من يشاء.
بنتظار جديدك
تحياتي….
اشَكَرَجَ عَلىَ هاَلَنقَلَ
جَعَلَهَ فَيَ مَيَزَاَنَ حسَناَتَج
اخَتَج:smw.8alby
بارك الله فيك ونفع بك
جزآگ الله خير وبآرگ فيگ ..
جزاك الله خير طرح طيب
وجعله بميزان حسناتك
نفع الله بك
انتقاء طيب
بارك الله فيك ونفع بك
وجزاك الله الفردوس الاعلى