هذه قصة مؤلمة ذكرها الشيخ احمد القطان في محاضرة له
يقول الراوي الذي نقل عنه الشيخ صحبنا على ظهر سفينة تجول بها حول البلدان
طلبا للرزق ، شاب صالح نقي السريرة طيب الخلق كنا نرى التقى يلوح في قسمات
وجهه و النور و البشر يرتسمان على محياه لا تراه الا متواضئا مصليا او ناصحا
مرشدا ان حانت الصلاة اذن لنا و صلى بنا فإن تخلف احد عنها او تأخر عاتبه و
أرشده و كان معنا على هذه السجية طيلة اسفارنا .
و القى بنا البحر الى جزيرة من جزر الهند فنزلنا اليها و كان مما تعود عليه
البحارة ان يستقروا اياما يرتاحون فيها و يستجمون بعد عناء السفر الطويل
يتجولون في اسواق المدينه ليشتروا اغرب ما يجدون فيها لاهلم و ابنائهم ثم
يرجعون الى السفينة في الليل و كان منهم نفر ممن وقع في الضلال يهيم اماكن
الهوى و اللهو و مجال الفجور والبغاء وكان ذلك الشاب الصالح لا ينزل من
السفينه ابدا بل يقضي هذه الايام يصلح في السفينة ما يحتاج الى اصلاح فيفتل
الحبال ويلفها ة يقدم الاخشاب و يشدها و يشتغل بالذكر و القراءة و الصلاة و قته ذاك .
قال الراوي : وعينه ترقرق بالدموع وتنحدر على لحيته و في احدى السفرات و
بينما كان الشاب منشغلا باعماله تلك اذا بصاحب له في السفينه ممن اتبع نفسه
هواها و انشغل بطالح الامور عن صالحها يهامسه و يقول : صاحبي لم انت جالس
في السفينة لا تفارقها ؟؟ لم لا تنزل حتى ترى دنيا غير دنياك ؟؟ ترى ما يشرح
الخاطر و يؤنس النفس انا لم اقل لك تعال الى اماكن البغاء هيهات يا صاحبي لكن
تعال فانظر الى ملاعب الثعبان كيف يتلاعب بها و الى راكب الفيل كيف يجعل
خرطومه له سلما وآه لو رايت من يمشي على المسامير أنى له الصبر ومن يلقم
الجمر كأنما هو تمر ومن يشرب ماء البحر فيسيغه كما يسيغ الماء الفرات ياأخي
انزل وانظر الناس فتحركت نفس الشاب شوقا لما سمع فقال : وهل هذه الدنيا ما
تقول قال : نعم وفي هذه الجزيرة . فانزل ترى ما يسرك ونزل الشاب الصالح مع
صاحبه وتجولا في اسواق المدينة وشوارعها حتى دخل به الى طرق صغيرة ضيقة
فانتهى بهما الطريق الى بيت صغير فدخل الرجل البيت وطلب من الشاب ان ينتظره
وقال : ساتيك بعد قليل ولكن اياك اياك ان تقترب . وفجأة اذا به يسمع قهقة عالية
ليفتح الباب وتخرج منه امرأة قد خلعت الحياء والمرؤة . أواه انه الباي نفسه
وتحركت نفس الشاب فدنا من الباب ونظر من شق الباب وهو يرى شيئا لم يألفه
ولم يره من قبل ثم رجع الى مكانه ولما خرج الشاب مستنكرا قال له : اسكت يا
اعمى يا مغفل هذا امر لا يعنيك .
قال الراوي : ورجعنا الى السفينة في ساعة متاخرة من الليل و بقي الشاب ساهرا
ليلته تلك مشتغل الفكر فيما رأه فما ان بزغ الفجر واصبح الصباح حتى كان اول من
نزل من السفينة وما في باله الا ان ينظر فقط وذهب الى ذلك المكان فافتقده ربان
السفينة وسأل عنه : اين ذلك الشاب الصالح ؟ فوصل الى علم الربان من ذهب به
الى ذلك المكان ثم ارسل رجاله لاحضاره قسرا لأنه كان يرفض الرجوع معهم .
أخذ ذلك الشاب في زاوية من السفينة يبكي ويئن ويقدمون له الطعام ولا يأكل وبقي
على حاله هذه بضعة ايام وفي ليلة من الليالي ازداد بكاؤه ولم يستطع اهل السفينة
ان يناموا فجأة ربان السفينة وقال له : ياهذا اتق الله ماذا اصابك ؟؟ فرد عليه
الشاب وهو يتحسر انك لا تدري ما الذي اصابني ؟؟ عند ذلك كشف عورته واذا
الدود يتساقط من سوأته ، فانزعج ربان السفينة وارتعش لما رأى وقال: اعوذ بالله
من هذا وقبيل الفجر قام اهل السفينة على صيحة مدوية ايقظتهم فوجدوا ذلك
الشاب قد مات وهو ممسك خشبة السفينة بأسنانه ، واسترجع القوم وسألوا الله
حسن الخاتمة ..
—————————————————————————
نسأل الله حسن الخاتمة
وتقبلوا مني كل التحية
فراشة النت
على المرور