تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » فارس يهوى الظلام / بقلمي

فارس يهوى الظلام / بقلمي 2024.

الفصل 1: الضعف الخفيّ

عزفت تلك النغمة المأساوية على أبواق ضخمة حديدية مصدرة أنواعا و ألوانا من الضجيج الذي يصم الآذان .
أهذا هو مصيرنا في هذا العصر المظلم الذي كفّن أحلامنا الوردية و طمرها تحت التراب ؟؟
أظن هذا حقا ….فكل شيء ذهب بريقه و كأنما موجة من الصدأ تناولت كل البريق و حولته إلى مجرد كومة خردوات ….لا فائدة منها.
أتعجب من كوننا نرضى بهذه المعاناة والماسي فقط لأننا نتحاشى الدفاع عن أنفسنا …أتعجب من ضمور إنسانيتنا تحت رداء الرذائل التي أحالت الفضيلة إلى رذيلة و سوّدت القلوب فأمست تشبه الدهاليز المظلمة الملتوية …
كل العز الذي تعيشه بريطانيا ظاهريا ما هو سوى قناع يتمسكون به ليظهروا بمظهر الأقوياء…و عبثا هم يحاولون ….
نحن الشعب المسكين الذين لا معيل لهم ولا حامي إلا الرب الذي نلتجئ إليه في لحظات ضعفنا التي تأسر كل حواسنا وتقيدها كي تمنعها من الصراخ ….وهل صار الصراخ عيبا ؟.
أجل …..إنه عيب…
فعندما نصرخ نحن نشهر بضعفنا …و كأننا نقول…."يا ناس ….نحن ضعفاء…تعالوا والتهمونا".
هذه هي حقيقتنا…هذا هو سرنا…الضعف و لا شيء غيره .
أعيش كغيري من الضعفاء …..إن كان ذلك يسمى عيشا فنحن نكتفي به كما هو …ربما تلك المسؤولية التي جعلت على عاتقي بعد وفاة جدّتي جعلتني أنسى أفكاري التعصبية التي جبلت معي منذ ولادتي …فصرت أكتفي بإعالة نفسي و شقيقتي الصغيرة …تلك الطفلة التي لم تعش شيئا من هذه الحياة المريرة…دوما معزولة في غرفتها المظلمة المتعفنة وراء تلك الجدران شبه المنهارة …لا اعلم حقيقة مشاعرها جراء هذه العزلة و لكن لا تهمني مشاعرها فأنا دوما اشقي حتى أبقيها حيّة…يكفي إني انسلّيت من طفولتي منذ وقت طويل.
ربما لا زال عند نبلاء المدينة قدر قليل من الشهامة ليشغلونا عبيدا عندهم….لكن مهلا ….هم يحتاجوننا …لا يقدرون على عيش هذه الحياة دون خدماتنا الجبّارة ….عملنا عندهم هو أشبه باختبار تحمّل ….
التحمّل …..أمر صعب حقا لا سيما إن كان رب العمل شخصا نزقا كريها بليدا غبيا فهو لا ينفّك عن إصدار الأوامر التعجيزية التي تجعل الجميع يكرهونه أكثر فأكثر.
اشتقت إلى أخذ قسط من الراحة من هذا المتعب و الذي إن تركته لن أجد سواه.
عدت اليوم إلى البيت و إنا أحمل ثقل الهموم التي أضوت قلبي و جعلته يموت قبل أوانه …
فهل من إكسير للحياة يعيد لي الشباب…إنا لا زلت في الثامنة عشرة من عمري و أحس بشيخوخة تسري في كل عروقي التي تجري فيها الدماء التي تغلي رفضا لهذه المعيشة التافهة….
لوكان الإنسان يعلم قدره لاختار البقاء في الجهول على أخذ الخطوة الأولى في هذه الحياة .
جهزت العشاء وهو ليس إلا بقايا انعم عليّ بها رئيس الخدم حين هممت بالمغادرة بعدما علم بمرض شقيقتي بيانكا ….
جلست قربها على سريرها الذي يوجع كل الجسد إن تمّ النوم عليه …و لكن ما باليد حيلة …فهو السرير الوحيد بالمنزل كله ….عليها أن تحتمل كما أحتمل أنا ….مهلا…
….إنها مجرد طفلة لم تتجاوز السادسة من عمرها …إنها صغيرة على عيش هذا البؤس الذي صار بالنسبة لها أشبه بعقّار مرّ تتناوله مرات في اليوم .
ابتسامتها الحلوة شقّت طريقها سريعا نحو قلبي و تربّعت عليه …سألتها عن حالها اليوم …فقالت :" أنا بأحسن حال".
يبدو أنها تعلّمت الكذب أيضا ….إنها ليست بخير ….لقد غادرت وجهها آخر قطرات الصحة …لقد نسج المرض على وجهها أبشع الأثواب و أقساها …كيف لهذه الطفولة أن تسحق تحت أقدام الفقر العفنة …لا احتمل حقا.
ضممتها لصدري علّي أبث فيها أوجاعي و أحزاني لتلّم بكل ما يعتلج في جنبي من مشاعر حارقة مظلمة كظلام هذه السماء الليلية الشتوية …و لكنها لن تفهم ….لن تفهم أن الحزن لن يذهب كما رويت لها في القصص الخيالية …لن تفهم أن معيشتها مجرد كذبة كبيرة تعيشها يوما بعد يوم فتزداد تصديقا لها .
كل ما كنت أومن به في هذه الحياة أن يوم موتي سيجلب لي الراحة التي لطالما افتقدتها ….
كلما اخذ النوم بعاقد أجفاني أسعد و كأن تلك المتعة الوحيدة التي كنت أجدها …كنت غريبة بتفكيري المأساوي و لكني كنت موقنة أن جهلي كان سيصبح أفضل هدية لي في هذه الحياة…فكما يقال "كلما زاد علم المرء زاد بؤسه "….و هاأنا ذا بائسة من دون منازع.

السلام عليكم ورحمة الله

حياك الله مرة ثانيه .. اسلوبك جدا جميل ينبأ بقلم واعد ..
طريقتك جدا رائعه سواءاً بالسرد او بالوصف
اما الحوار فلسى مااتضح .. ياليت تستمري بروايتك للنهايه ..
الشي الوحيد الناقص هو البارت لان ماكتب سابقا يعتبر مقدمه
نزلي بارت طويل لاهنتي لئلا تغلق روايتك ..

القوانين / الإطلاع هام و الإلتزام ضروري

ياليت تطلعي على هالموضوع اكيد بيفيدك

قضايا

بالتوفيق ان شاء الله

اقتباس:
3 / إغلاق المواضيع :
تُغلق الرواية في حال طلب صاحبـ / ـة الموضوع الأصلي ‘ تأخره ‘ توقفه ‘ تجاوزات في الردود
تُغلق الروايات حين تأخر الكاتبة لـ أكثر من 10 أيام و تُفتح في حال جاهزية الأجزاء و يتم مراسلة المُشرفة أو مراقبة القسم لـ ذلك

تغلق الروايه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.