تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » عصافير الأولين part 1

عصافير الأولين part 1 2024.

  • بواسطة
منذ ليلتين لم ينم إطلاقا، وهو الذي لم ينم مرة واحدة إلا على طرف أعصابه، إخوانه في طليطلة المجاورة قالوا له في المرة الأخيرة لقد مللنا منك!، أعينهم قالت، لم يجرؤا، حتى لو حدث ذلك، فإنه لم يكن يسمع شيئاً، يفهم حركات الشفاه فقط. حذرتهم أمهم يوما من عينين كهاتين ؟ لكنها في قرارة أنفسها وافقت على حالة من الطرد اللا شرعي من بريدة قائلة بعصبية الضرة السابقة: ليعد إلى حيث بصقه أبوكم هناك ؟ فهموا على الفور نوايا والدتهم الطيبة، كانت والدتنا طيبة جداً جدا معه، قالوا في التحقيق الصوري الذي تم فتحه على عجل في مركز خفيف سهل التحضير، تابع لمباحث امن الدولة، لقد فر في تلك الليلة المطيرة، اصطفقت الأبواب في القصر المشيد على ربوة من تاريخ مرير، جدهم كان أحد الأخوان في الجزيرة العربية الذين لا يستهان بهم في ذلك الزمن، في قمة امتداد الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية. القصر لا يزال يحوي في سراديبه رائحة من الدم، هو مرة رسم ذلك في لوحة ضاهت في احمرارها قرص الشمس في تلك اللحظات التي تنثر فيها شيئاً من أمها، تاركة الناس في ورطة الظلام، لكن الدم جف منذ زمن بعيد جدا، هل هي تخيلات أخرس ؟! هو على الأقل يعرف ما الذي رأى في السراديب، سلاسل من كل نوع ؟ لم كانت هذه السلاسل، ذهب مغاضبا ومسارعا إلى عربة، الناجية الوحيدة جدا من الموت الذي كان قد ألمّ على نحو مخيف بالعائلة الأخوانية، الكل ماتوا.. هل تفهم.. ماتوا، وأبوك ماذا كان يريد أن يقول لنا قبل أن يموت، بإنجابك لنا على هذه الصورة..؟! أنا هنا على الدوام ! معكم، على صورة بكماء !! إنهم لا يشبهونه البتة، أولاده الآخرون، كلهم يشبهون هذه الحية الرقطاء، عجيب أمره.. والله عجيب أمر سليمان المر، وعندما ينجب ولدا يشبهه، يكون أخرس وكانت بالتمام والكمال مئة عام، قد ناهزتها بما لا يدعو مجالا للشك، بكل صرامة، رافضة الموت، كما لو أن هذا الموت كان سيضر صراحة بالموقف العائلي أمام الدولة، وكما لو أن العائلة كانت ستنتهي بموتها، تشبث بالحياة بكل ما أوتيت من قوة، تاركة من في القصر لتخميناتهم الساذجة.. جالسة في غرفتها التي كانت على هيئة مثلث حاد جدا من مكان بعيد، مكان يسمح لها بالإنصات لما يدور في هذا المهمه الحجري، هو عندما جثا على ركبتيه أمامها قالت له.. تعال اقترب، كناية عن بصرها الذي ذوي إلا من على مبعدة نصف متر، اعطني وجهك قالت له، لم يسمعها بالتأكيد، لكنه بغريزته التي ورثها عن القصر، اقترب منها، أمسكت لحيته: أرني انظر وأجس لحيتك.. ابن الكلب.. قالت له.. لحية أبيك بالضبط وجدك الذي كان احد أمراء الحرب في طليطلة كلها وما جاورها، وأنت هل بقيت من كل هذا الركام، لم يعرف كيف يرد، لكنه رجاها أن تفهمه.. ها ها.. أبا، أبا، اغا.. وكان يشير بكلتا يديه إلى السراديب ما الذي رآه في ذلك النهار ؟ ما الذي يريد ان يقوله سليمان المر، ابوك هل تسمعني ؟ صرخت، ابوك سليمان ، ابا ابا انفجر الهواء مثل بركان من فمه ابا با، نعم يعرف انها تتحدث عن ابيه، قالت له وهي تصرخ في وجهه ما الذي تركه ابوك داخلك، ولم يستطع قوله، ولا حتى أنت، وعبدالله المر، ما الذي تركه لنا، هؤلاء النسوة مع أمهن.. بنات مثل بنات، تفهم ! جذبته من لحيته، أوجعته، لم يصرخ.. قدّر مستوى الغضب، وهي تشير بيدها المحناة إلى الجدار.. انظر هناك، كانت السيوف والبنادق من كل نوع تزين جدران الغرفة الملكية، للعمة الكبيرة فضة المر التي قالت له للتو: يوما ما، ستعرف كل شيء، لا يمكن ان تستمر إلى ما لا نهاية في هذا الصمت، هل تفهم، هز رأسه موافقا، عرف انها تعني شيئاً لابد من ان يحدث، لم يقدّر في التو واللحظة ما هو، لكنه هز رأسه موافقا.. ها ها ها.. ماسكا بيدها ذات الخواتم الفضية.. محناة حتى الاسود، يد من ذلك النوع الذي أُبيد عن بكرة أبيه، بلا رحمة تقريبا، في حرب قبائلية، صارخا، لم يعن القبر مطلقا، قال لها: اين اولادك، اليس لك اولاد، ضرب على صدره ضربا قويا: مثلي، فهمت، لكنها انكسرت: مجنون مثل ابيك لكي تظن ان ذلك قد حدث لي بالفعل، تنهدت باستغراب، جلس هو متربعا امامها على الاطلاق، ربما اراد ان ينصت، وهو الذي لو فر الجبل صعقا لم يسمع بما حل به.. لكن ما ستقوله لابد ان يكون مهما جدا، قدّر ذلك في قرارة نفسه، مصخيا لها سمعا غير موجود أصلا: انا يا وحدي يا عبد العزيز غانم ليس لدي اولاد، وأطبقت كفيها باشارة الخلو من اي شيء، سألها باشارة من يده اليسرى، قابضا بقسوة بيده اليمنى على ساعدها، كيف يمكن ان يحدث ذلك لامرأة غير متزوجة اصلاً ! قالت له لكنه لم يفهم ! كيف ستشرح له ذلك ؟! احتفظت كل هذه السنوات بالصندوق السحري: بكارتها، كان ذلك في الواقع ما يغيظ النسرة زوجة اخيها سليمان المر على الدوام، وكانت تشعر بالغيرة منها كلما وقفت امامها ولم تكن لتطيق ذلك ابدا !! إذ لا يمكن تفسير ما حدث إلا على أنه ضربة حظ لامرأة في طليطلة لم يكن مسموح فيها للنساء بعدم الزواج، كن يتزوجن ابتداء من العاشرة ولا يملنّ ذلك ابدا، لا يتعبن ولا يسترحن مطلقا، كن يتزوجن بلا هوادة، حتى لو كن رابعات، لكن كيف حدث ما حدث لهذه المئوية، شعرت انها الوحيدة التي تقف في طريق امتلاكها المطلق للقصر.. آوه أنا النسرة بنت مطلق الناموس تتحداني وتقض مضجعي هذه البشعة، الجيفة التي تظن نفسها إمارة متقاعدة للتاريخ، تفكر بها على هذه الشاكلة الغادرة، لو كانت قد تزوجت منذ حقبة من الازمان لكانت الآن رمة، أنا متأكدة من ذلك، واضافت من ذات المكيال، او في اسوء الاحتمالات لكانت الآن في بيت زوجها الميت، فأنا لا أشك لحظة في انها ستقتله، حتى لو بضربة حظ، المهم انه ما كان سيطيق ليعيش كل تلك الاعوام معها، صلبة، قاسية، متوحشة إلى حد ان الصخر ربما يرجى منه ان يلين، اما هي.. فلا تلين ! كلهم قالوا ذلك عنها، كانت النسرة تقول عنها لجارات مكدسات لديها. وعندما كانت النسرة تنزل من الربوة إلى البيوت المجاورة، كانت تسمع مثل تلك الخرافات بسهولة ويسر، وكانت ترجع بدم فائر لكنها كانت أيضا تكتم غيرة فجة من هذه القوة اللامتناهية القابعة في هذا المثلث الحجري، غيرة ممزوجة بخوف شديد منها، اذا انها لم تتأكد تماما من عمرها الحقيقي، خيل اليها على الدوام انها يمكن ان تكون قد اخفت شيئاً من السنوات عن اعين المطاوعة السريين الرسميين، وبذلك، فثمة احتمال لا بأس به من انها ستفتك بها يوما، وعلى وجه التحديد منذ ان مات سليمان المر قبل اكثر من 17 عاماً، ومن يومها لم تدخل النسرة غرفة العمة فضة قط، إذ لا يمكن التكهن بما سيحدث بعد ذلك إن هي تجرأت. كان سليمان سيحميها لو حدث انفجار في رأس العمة اما الآن، فامكانية استعمال كل هذه الاسلحة المعلقة على الجدران الثلاثة ضدها واردة، ورود الشمس إلى الصباح، وبذات الدم أورثت ذلك ابناءها الثلاثة، منذ ان عاد والدك حتى مات من برقة ثهمد حيث تركك ووالدتك هناك، وهو لم يفعل شيئاً سوى انجاب هذه النسوة الثلاث المتسميات باسماء رجال: علي وخالد ومبارك !! قالت له عمته فضة، لكن اصبر، اثبت مثل ابيك، مثل جدك، جدك، هل تفهم جدك، فهم للتو، سيحاولون اخراجك من هذا القصر، تم بناؤه بالدم، هل تعرف ! امسكت بساعده واضعة يدها على شريانه وضاربة باليد الاخرى عليه، على الشريان الرئيسي تماما، بهذا تم بناء هذا القصر، حتى هذه الربوة اشك كثيرا في انها كانت من ذى قبل ها هنا، إما أن جدك عبد الله المر، قد سحبها من مكان آخر، أو انه اقامها بنفسه، عندما كنت صغيرة حضرت في احدى ساحات القصر، حضرت كثيرا حتى اجهدت نفسي، ولم اعثر على شيء ذي قيمة، كنت اريد ان اعرف ما الذي كان يخفيه جدك تحت هذا الصرار الرملي، إذ لا يمكن لرجل مثل عبد الله المر ان يموت ويمر الامر بسلام، لا يمكن ان يكون قد اختار هذا الموقع عبثا مستحيل، هل تسمع، مستحيل، واضعة اصابع يدها اليمنى على عينيها، اشارة منها للمستحيل، هذا مستحيل، هل تفهم ليتني استطيع ان ارفع القصر قليلا من الجهة اليمنى لأنه سيكون حتما اقل ثقلا لان هذه النسرة تقيم في الجهة الاخرى ! لكي أرى بنفسي قبل ان اموت ما الذي هناك ؟
شيء في هذا اليوم مع كل هذه الاحتياطات، ثم رجعت عبر الدرج إلى المحرم ونادت مبروكة: تعالي إلى هنا، اسمعيني جيدا، لا اريد نعلا او حذاء في هذا البيت إلا مقلوبا، هل فهمت، قالت، ثم تحرك الجميع باتجاه قلب الاشياء : واقلبوا كل شيء ! كانت تريد ان تبطل مفعول هذا اليوم، بأية طريقة، بأي تعويذة، حتى السجاجيد، قلبتها، ثم: جلست قليلا تقرأ الفاتحة معكوسة من الآخر إلى الاول، كل ذلك منعا لاية احداث غير طبيعية في هذا النهار، الذي ان انقضى حتى الغروب فانها ستكون قد ربحت عاما اضافيا، بلا موت او فواجع، حتى الغروب فقط يا رب، قالت، لتهدأ قليلا امام التدابير الصارمة التي اتخذتها ضد تلك الظهيرة، هل تركت ثغرة يتسلل منها شعاع الموت، فجوة في جدار الواقع، رهاب من يوم جر على المر كل انواع المآسي، وهي التي كسرت شوكة كل ايام العام، الاعوام المنصرمة أيضا، بلا شفقة، استطاعت بكل هذه القسوة التي استمدتها من عبد الله المر القائد الاخواني الذي ضرب الصحراء كلها بعرض الحائط من اجل الاسلام، الاسلام الاول: كان يقول، أن توقف جمالها الأخّاذ عند حده ! لم يستطيع ان يثنيها عن عزمها في ان تصبح حجرية.. امرأة من حصى لا يمسها رجل قط، وهي التي منذ ان ولدت في القرن الماضي لم يستطع اي من رجالات المر ان يجعل في عقبه امرأة سواها، كلهم أنجبوا رجالا، عشرات الرجال، لكن طفلة واحدة لم تولد في المر منذ عشرات السنوات، تحدثت عن تلك المعجزة اللغز مدينة برقة ثهمد كلها، بلا طائل، ثم طليطلة بأسرها، بلا جدوى، ثم وصل الخبر إلى السواحل، إلى اليمامة نفسها، لكن احدا لم يستطع ان يجد تفسيرا معقولا لما يحدث، حتى المعتمد السياسي البريطاني في الخليج آنذاك السير الكولونيل دي جيري الذي وصله الخبر مع قوافل البدو، والسابلة، فاستهواه كثيراً، اراد ان يتحقق من الأمر بنفسه في البداية، باستدعاء احد افراد المر، لكن احدا منهم لم يستجب لدعوته: لن نذهب إلى هذا النصراني !! لكن المعتمد البريطاني حدثته نفسه ان يفعل ذلك بالقوة، غير انه سرعان ما لطمها على خدها ! لمعرفته التامة بعواقب ذلك الامر، مرة اخرى اراد ان يذهب شخصيا إلى برقة ثهمد، لكنهم سرعان ما نصحوه: لا تذهب سيدي إلى هؤلاء البدو، من يدري ؟! ولكنه في مذكراته التي سينشرها في لندن بعد أكثر من ثلاثين عاما، عندما سيكون وقتها في السبعين من مؤامرته ضد المنطقة تحت عنوان " تجربتي في خليج طليطلة " سيخصص فصلا صغيرا عن عائلة المر التي لم تنجب منذ اكثر من قرن سوى طفلة واحدة هي الآن بالتأكيد في سن ما بعد الشيخوخة !!

ذلك السر الرهيب الذي ربما سينساه العالم في زحمة ظهور الدول والامراض الأخرى السارية التي لم يتمكن احد من وضع حد لتفشيها او اكتشاف علاج لها، ذلك السر يكمن بالتأكيد في ظهور رجال المر وحدهم، ولن يتمكن احد من البوح به، ولا حتى فضة العاتية، التي حسبت مرة ان عنوستها سبب معقول لهذا الانقراض التام في انجاب المزيد من البنات، لكن لا احد اطلاقا كان سيصدقها، اذ ان الامر قد تم بمجرد ولادتها لذا لم تشغل نفسها كثيرا في ذلك اليوم بإساءة الظن ببكارتها، تهمة ملفقة، شعرت على نحو لائق، وخرجت إلى حديقة القصر حيث تم تجهيز العريش لها. جلست على الفراش الممدود، واتكأت، قالت لها مبروكة: عمتي لولا القوبعة لكانت الزروع أفضل !!

ما يهم !

قصــــة رائعـــــة مـــــن استـــــاذ متميـــــز

ورائـــــع ولكـــــن مــازلـــت اعانـــي فــــي فهـــــم

اسلـــــوبـــــــك فــــــي الكاتبـــــــه

الــــف شكــــر لك استــــاذي علــــى هالقصــــــة المعبـــــرة

سيدي

الف شكــــــــر على هالقصه اللتي انرت القسم بها

وانه ليشرفـــــــــني تواجدك بها القســـــــم

وانا مثل الاخت ســــــر الاحزان اجد صعوبه بالغه

في فهم قصصك …..

الف شكــــــــر لك يااستاذي

تحرك الجميع باتجاه قلب الاشياء : واقلبوا كل شيء ! كانت تريد ان تبطل مفعول هذا اليوم، بأية طريقة، بأي تعويذة، حتى السجاجيد، قلبتها، ثم: جلست قليلا تقرأ الفاتحة معكوسة من الآخر إلى الاول، كل ذلك منعا لاية احداث غير طبيعية في هذا النهار، الذي ان انقضى حتى الغروب فانها ستكون قد ربحت عاما اضافيا، بلا موت او فواجع

معتقداات غريبه فعلا
قصه غامضه وغريبه
تسلم والله استاذي القدير
عشبة النأي
الشكر والتقدير لتوااجدك
دمت بود

،،
وعد حبيبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.