السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دأب التجار الحاذقون على مراجعة أعمالهم وحساباتهم من آن لآخر واستغلال كل فرصة متاحة للاستفادة منها، وإنعاش تجارتهم غاية الإنعاش، هذا حال تجار الدنيا، فما بال تجار الآخرة يغفلون عن هذا المعنى في كثير من الأحيان وهم يُدعون إليه في كل وقت وحين من خلال تجدد الليل والنهار؟!
فها هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضعها معلماً لنا من خلال حكمته المشهورة: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وتهيئوا للعرض الأكبر". وإنه لعمري لمقتفٍ أثر نبيه الكريم ومعلمه الأول عليه الصلاة والسلام، القائل في حديثه الشريف: ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله ) .
والأمر لا يقف عند حد حساب النفس على ما مضى من أيام، بل يمتد إلى الاستعداد للمقبل من المواسم لقضائها في طاعة الله وكنفه، ويعد التراخي في هذا الجانب تقصيراً يحاسب عليه الإنسان حساباً شديداً، كما ورد في قوله تعالى : { ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين }
وإنه لفضل من الله ومنة على عباده أن جعل لهم هذه النفحات للدنو منه والتكفير عما مضى من تقصير، ومن أجلّ هذه النفحات شهر رمضان المبارك، فهلا شمرنا عن سواعد الجد والاجتهاد لنغنم هذا الشهر من خلال بعض هذه المشروعات العبادية المقترحة: { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون }
1- مشروع الصيام :
والصيام المرجو ليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، فرب صائم، حظه من صيامه الجوع والعطش، ولكنه صيام الجوارح عن معصية الله وانطلاقها في طاعته سبحانه، ألا فليستشعر صاحب هذا المشروع قول الله تبارك وتعالى: { ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا } فيسعى إلى أن يوظف كل جارحة أثناء صيامه في الوظيفة التي خلقها الله من أجلها، ويكفها عن كل ما يغضب الله، وليحقق المقصود من الصيام، كما ورد في قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون }
2-
مشروع القرآن :
القرآن الذي يشكو إلى الله هجران العباد له سواء تلاوة أو عملاً يحتاج منا في هذا الشهر الذي هو شهره الذي أنزل فيه أن نعيد صياغة علاقتنا معه، على وفق ما أراد الله، نحن في حاجة إلى أن ننهل من القرآن تلاوة وتدبراً وعملاً… يتعلم صاحب المشروع أحكام التجويد ويضاعف التلاوة ويعرض نفسه على كتاب الله كما كان دأب الصالحين من سلف هذه الأمة… يرى صفات المؤمنين الصادقين، ويقيس نفسه عليها، ويحاول استكمالها في نفسه، ويسأل الله العون في ذلك ويقف كثيراً على صفات الكافرين والمنافقين، ويرى هل في نفسه شيء منها، فإن كان سارع إلى الخلاص منها، وإن لم يكن حمد الله تبارك وتعالى على براءته منها، وسأله الثبات على ذلك .
3- مشروع أخلاقي:
مما لا شك فيه أن كلاً منا فيه قدر من العوج الذي يحتاج إلى تقويم، فكما ورد في الحديث: ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ).
وكل إنسان يعلم أنه يحتاج إلى تحسين جانب خلقي معين من أخلاقه وإلى التخلص من جانب رديء آخر، وقد علمنا في ديننا أن العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، وأن الأخلاق تكتسب برياضة النفس، وحملها على محاسن الأخلاق، فلماذا لا يكون لكل صائم نية وعزيمة على التخلص من خلق رديء واكتساب أو تقوية خلق حسن في أثناء الصيام ؟ .. لأن نبينا الكريم قال: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .
4- مشروع الإنفاق :
والإنفاق كان عنوان نبينا الكريم.. إذ كان صلى الله عليه وسلم أجود من الريح المرسلة وقالت عنه عائشة رضي الله عنها: ( كان أجود ما يكون في رمضان ) ، وما أحوجنا نحن المسلمين اليوم إلى أن نربي في أنفسنا على معنى الجود والعطاء في شهر رمضان، وليكن في يقيننا أنه ( ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت )
إن كل مشروع من المشروعات السابقة له من الفضل ما لا يتسع المجال لحصره وإنني على يقين أن المفلح في أي منها رصيده عند الله عظيم وأن وصوله إلى الله موفق. ولست بهذه المشروعات العبادية حاصراً أنواع العبادات في رمضان، ولكنها خواطر في داخل النفس أحببت أن أحدث إخواني بها عسى الله أن ينفعنا بها جميعاً .
وتشكري ع المعلومات القيمه
ويارب ينكتب ف ميزان حسناتك