انبعث شلال من الكلمات الرحمانيه في سكون يخرق هدوء الليل السقيم:
الحمدلله الذي جعل النهار معاشا..والليل سكنا..ربي..ذللت لك نفسي..واخضعت لك رقبتي..فأعتقني منها يارب..من جهنم العظمى..
في صباح مفعم بالأمل تتحرك فيه الرياح على الأغصان بخفه..جلست سعاد تنظر للأفق..وقلبها مهموم حزين..لقد تعبت من ذلك الرفض المستمر..فبعد وفاه والدها منذ عامين وهي تحاول ان ترقى لمستويات اعلى وان تجعل المصيبه دافعا يجعلها تتقدم نحو الأمام..وهاهي تشق الصفوف..وتسعى بين المراتب حتى وصلت الى عامها الأخير بكليه الحقوق..لطالما كانت تتمنى ان تصبح محاميه يوما ما وقد بدأت تسعى اليه منذ صغرها..وهي الآن في عامها الثالث والعشرين..يحبها الجميع..وهي من اسرة غنيه عريقه..يخطب ودها الشباب..لكنها دوما تقابلهم بالرفض القاطع..واخيرا خطبها شاب بسيط الشكل..عظيم الأخلاق..اسمه فيصل..وبعد ان قلبت الأمر في رأسها ومشاورات بينها وامها..وافقت اخيرا..وتم عقد قرانهما بعد فترة من الزمن..وهاهو آت لزيارتها هذا اليوم..
تعاني هما عظيما..وتكابد الما جسيما..لكنها لم تخبره بذلك ابدا..ترى الخدم يعملون بجد وهمه..فيزداد حزنها..فسمعت جرس الباب يدق..نهضت وهي تشعر بأن قدميها لا تقويات على حملها..فتحت الباب فرأت فيصل يقف امامها..فسقطت بين يديه فاقده الوعي..
هطل المطر معلنا حزن الغيوم على حال سعاد..كان الجميع في المستشفى يرقبون حالها..الجميع ترتسم على ملامحه علامات القلق..خرج الطبيب قائلا:
لقد استيقظت المريضه سعاد..
نهض فيصل وقال باندفاع:
وكيف حالها؟وماذا الم بها؟لم اصبحت هذه حالها؟
قال الطبيب:اهدأ ياسيدي..هدئ من روعك..انها بخير ولاتشكو من شيء سوى..سوى..
فيصل:سوى ماذا.اجبني بسرعه..
قال الطبيب في اسى محاولا تخفيف وقع الصدمه:
ليس من شيء مقلق..لا اكثر من ثقب صغير في القلب..
فيصل:ماذا تقول ايها الطبيب؟ثقب؟في القلب؟
الطبيب:نعم..ثقب في القلب..لكن دعني انتهي من كلامي..انها تطلب رؤيه شخص يدعى فيصل..
تركه فيصل وهدأ قليلا ثم قال:
انا هو فيصل..دعني ادخل..
ذهب الطبيب مع فيصل الى الداخل فرآها..ورأته..وانبثق شلال من الكلمات في الرؤوس لاتقوى الخروج على اللسان..جلس بجوارها وخرج الطبيب..قالت في صوت واهن:
فيصل..انا راحله..
واغروقت عيناها بالدموع وقالت:
سامحني..تركتك في وقت قصير..لكن روحي مثقله..آسفه يافيصل..آسفه..
لم يتمالك فيصل نفسه وانفجر معها في بكاء صامت لايعلم متى انتبه منه ليجد نفسه بجوار جثه سعاد وليست هي..نهض..انهم يعلمون..لاريب في هذا..لم يتكلم..خرج من المستشفى حائرا..توجه نحو صديقه موسى..لم يجد شخصا آخر ليذهب اليه..
قال له موسى وهو يهدئ من روعه الذي ذاب في نشيج متواصل:
فيصل..اصبر..انها اراده الله التي جعلت سعاد ترحل..هي لم تكن تملك خيارا..اهدأ..
فيصل حاول ان يتوقف..لكن البكاء غلبه في النهايه..واستمر يبكي..قال موسى:
فيصل اسمعني..لقد رحلت..نعم..انت لاتنكر ذلك..انت تحبها صحيح؟ادع الله بأن يرحمها..فهي بحاجه الى الدعاء..لاالبكاء..هيا قم يافيصل..قم واشعل نفسك من جديد..خذ من وفاتها دافعا لك..لتقدمك..لإرتقائك في المجتمع..توقف فيصل عن البكاء..نهض في عزم ليواجه تحدي الحياه..نهض وفي عينه الف نار تتوقد..لتحرق كل الصعاب..نهض وفي قلبه تصميم..على ان يعلو..ويرقى..نعم..هذا انا..لابد من ان اواجه الحياه بحلوها ومرها..قال موسى بعد ان رأى نهوض فيصل بتلك القوة:
نعم يافيصل..هذا انت..قم وحرر ابداعك..فجر طاقاتك..انهض..هيا انهض..
نهض فيصل وقد بدت عليه علامات القوة..العزم..الهمه..رحل بعد ان ودع موسى وداعا حارا واتجه نحو الشركه..وفوجئ بأن اسهم الشركه تتساقط..اجاب نفسه..كلا..لن تهزني هذه المحنه..سأتغلب عليها..وتذكر كلام موسى..نعم ان موسى صديقي وشمس مابعد المغيب..سنادي في الهوه العظمى..موسى حقا شمس..تشرق على حياتي لتجعلها افضل..اجمل..اكمل..وبعد فترة بدأت اسهم الشركه ترتفع بفضل الله..ثم ذهب فيصل الى موسى ليشكره فعلم انه في الشركه التي يعمل بها..فرآه هناك..وجالسه وشكره على اسناده له..خرج مبتسما للحياه..نعم لديه نعمه كبرى..خرج فاتحا صدره..مستبشرا..فرحا بالدنيا..مشرقا..لقد تعلم شيئا:ان الشمس حتى ولو غابت..تظل في القلب لاتغيب..
بعد غروب الشمس:
ذهب الى قبر سعاد..كلمها..قال لها:
انا اعلم انك تسمعينني..لذلك اتيت هنا..وخصوصا بعد المغيب لأقول لك..ان الشمس ولو غابت..ولو غاصت في اعماق البحر..وحتى لو افلت..لن تغيب من القلوب ابدا..وستظل مشرقه طول الحياه ومثالها الحي هو موسى..سنادي القوي..اخي وقت الصعاب..لن انسى جميله ابدا..ابدا..
ووضع الأزهار فوق اللحد ومضى..ليكمل حياته في سعاده..سيظل يذكر سعاد..وموسى ولن يفرق بينهم الا الموت..
آرائكم..
استمرري ننتظر جديدك
خيتك:بووح شعر.