السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عدت لكم .. والشوق يدفعني لـ أقدم لكم روايتي الثالثة
رواية مابعد مر الرحيل إلا إنكسار
للكاتبة : أنفآس الهجر
أتمنى من الله عز وجل أن يوفقني وألقى بينكم الإحتواء لي ولروايتي .
(( أتقبل الإنتقاد قبل المدح ))
الدمام 1986 م .
بيت فخم جداً يتكون من طابقين ولا يحتضن سواء شخصان او بالاحرى عريسان .
بغرفة النوم .
جلست جوار زوجها على الاريكة وقلبها يرفرف بسعادة همست له بلهجتها المغربية : عندي ديالك مزيان (احلى) خبر .
ابتسم لها بحب : وش خبرة ؟
ابتسمت داليا وبفرح : انا حامل .
وقف بصدمة وغضب لايريد ابناء فهو قال لها منذ اول ليلة اصبحت بها زوجته : مو قلت لك مابي عيال .
وقفت بخوف وفرحها يتحول لصدمة : قدر الله وماشاء فعـ..
قاطعها بحزم وعصبية فهو غاضب منها بشدة كيف لها أن تخالف أوامره : داليا نزلي اللي ببطنك .
صرخت داليا وهي تبكي ففرحتها تحولت إلى حجيم تحولت إلى قهر : محال داك الشي (مستحيل) ابني بلاتي ( انتظرته ) من سنوات محال انزلو .
: خلاص بعطيك مليونين تكفيك الين تموتين بس مابي اشوف وجهك هنا مره ثانية وطيارتك العصر على طنجة ولا ابي ولدي اللي ببطنك .
انهارت وهي تسمعه يرمي عليها يمين الطلاق ويخرج ويتركها بين احزانها وبكاءها وفرحتها المبتورة التي تحولت إلى بكاء مستمر دون توقف .
********************
2024
الدمام ~
في ميدان الفروسية المخصص للفارس سعود السيف .
على ظهر حصانه بأناقته ورونقه الخاص بلبس الفروسية بنطلون بيج وجزمات تغطي نص ساقيه أسود مخصصة للفروسية .
قميص أبيض وجاكيت أسود وخوذة سوداء .
عكس معتز الذي يقف بجواره على ظهر الحصان الثاني يرتدي ثوب أبيض وشماغه ملتف بترتيب تحت ذقنه ومحكمه بعقاله .
معتز وهو يشد عنان الخيل : سعود والله تعب من اليوم وأنا أحاول بالخيل تهدا مو راضية كل شوي تصهل .
إعتلاء صهيل الخيل وأبتسم سعود : لأنك غبي وماتعرف تروض الخيل…عاد هذي الخيل للتدريب متعودة على كل الناس .
وصلو أخر المضمار نزل معتز وهو يقول : من جد أنا مالي بالخيول خلني بإدارة شركتك أحسن لي .
نزل سعود من الخيل ومسح على عنقها وشعرها البني الناعم .
مشى سعود جوار معتز وهو ممسك لجام الخيل التي تمشي خلفه : إلا على طاري الشركة الأوراق اللي إنت وقعت عليها عقد مع أي شركة ؟
ابتسم معتز لسعود : مع شركة أهلك أكبر شركة بالشرق الأوسط شركة السيف القابضة .
سعود عقد حواجبه وهو ينظر لحصانه الذي يشرب من الماء : أهلي ؟
معتز يريد أن يحرك مشاعر سعود ويجعله يبني حياته بين أهله : ولا نسيت إن أنت سعود السيف الى متى مو مقابل أهلك يعني بتعيش طول عمرك بدون أهل .
سعود يكره تلك السيرة ويكره المسمين بـ (آل السيف) : اهلي وناسي كلهم امي وامي الله يرحمها راحت ماخلت لي بالدنيا شي حلو – وأكمل بمرح يحاول يخفي حزنه – تصدق معتز لو ما انت موجود بالدنيا كان قتلت نفسي ؟
معتز بضحكه : لا تسمعك امي تقتلك من جد .
سعود بابتسامه وحب : الله يخليها لي خالتي منيره ولا يحرمني منها .
معتز اتسعت ابتسامته : لا تغير موضوعنا عمامك بالرياض وانت عارف مكانهم وسيف ولد عمك تعرفه ويعرفك من زمان .
سعود وهو يطلق عنان الخيل التي رجعت للاسطبل : لا ياخوي مو انا اللي اروح لهم انا مو بحاجتهم .
معتز بحده : كم مره وسيف يعزمك عندهم على زواج عيال عمه وانت معند وماتبي تروح .
سيرة آل سيف كفيلة بغضب سعود وجلعه غاضب : اروح لمين ابوي ميت وجدي ميت من لي هناك عشان اروح له تصير روحتي مقنعه .
اندهش معتز من عصبية سعود : لك عمامك وجدتك وبعدين ليش كل هالعصبيه ؟
سعود بهدوء جاهد لكي يظهره ويثبت لمعتز ان موضوع اهله من اخر اهتمامته : وانا مابي اروح ومابيهم خلني كذا مرتاح انت وخالتي منيره ونهى تكفوني عن الدنيا ومافيها .
********************
الرياض ~
خمسة بيوت متلاصقه .
يتوسطها منزل الجد ابراهيم وعن يمين منزله منزل إبنه الكبير مشعل ويسار بيت ابراهيم السيف منزل عبدالعزيز وبجوار منزل مشعل منزل نايف وبجوار منزل عبدالعزيز منزل اخيهم المتوفي سلطان يسكن بالمنزل أبن سلطان الوحيد عامر ووالدته ابنة عمهم .
وفي باحة بيوت السيف الفخمة الراقية مجلس رجال خارجي كبير مكان اجتماعاتهم العائلية ولمتهم وجمعتهم الضروريه كل ليلة خميس .
وقهوتهم من الصباح الى منتصف الليل والمجلس مفتوح بكل وقت .
ويدير القهوة وصبها وصنعها رجلين مكلفين بهذه الشغله الاول سليم والثاني محمود يشتغلون بمجلس السيف منذ ان كان اعمارهم 20 والان 45 .
تنطلق رحلة روايتنا بين القصور الشامخة .
منزل نايف جناح ديمة إبنة نايف الوحيدة عمرها اثنان وعشرون سنة مدللة الى اقصى حد .
متمددة على سريرها بغرفتها الشاسعة الانوار خافتة والمكان يوحي بالسكون والصمت المميت .
وهي تئن بشكل مستمر ووالدتها جالسةٌ بجوار ديمة وتبكي بصمت .
ديمة منذ سنتين وهي حزينة ولا تعرف السعادة منذ ان توفى اخيها جارح وهي لاتريد الحياة ولا تريد ان تعيش فمنذ خبر وفاته فهي مهملة نفسها ومهملة دراستها الجامعية التي كانت على وشك الابتداء .
ديمة بوهن وبصوت مبحوح من اثر التعب والبكاء : يمه وينه جارح ؟
انتفضت والدتها بخوف ووضعت يدها على جبين ديمة حرارتها مرتفعة جداً وقالت والدتها برعب : حبيبتي انتي تعبانة ولازم ننقلك للمستشفى .
بكت ديمة بقهر ووجع فقط هي تريد ان يخبرها احد عن أخيها الحبيب الغائب هي تستمع لصوته كل يوم تشعر بوجوده قريب منها وتصحو على طيف ضحكاته وتنام على انين وحنين وبكاء : ليش كل ماطلبت منكم تجيبون لي جارح تقولون انتي مريضة انا مافيني شي بس ابي جارح .
حصة بحنان امومي فطري : ديوم ياعمري جارح مات الى متى واحنا نقولك انه مات ومو مصدقتنا .
ديمة بغضب ولكن أخفضت صوتها فهي تتحدث مع أمها ويستحيل أن ترفع صوتها : يمه لاتقولين جارح مات حرام عليك والله انا احس فيه احس انه قريب مني لاتحرموني من اخوي جيبوه لي .
حصة وقفت وهي تقول : بروح لحمد وبقوله يوديك المستشفى انتي والله اليوم مو طبيعية نهائياً .
خرجت حصة ونزلت للصالة وهي حامله هم أبنتها الصغيره " ربي لاتحرمني من ديمة ففقدي لأخيها يكفي وفجيعتي به تكفي "
رأت ابنها الكبير حمد الذي يجلس على الكنبة ويتصفح الصحيفة وامامه كوب شاي : حمد يمه ديمة تعبانة ابيك توديها للمستشفى .
اغلق الصحيفة ورماها على الكنبة بجواره وقال بصوت عالي غاضب : وهذي كل يوم وهي تعبانة ؟
حصة بإنكسار ورجاء مهين لمن في سنها : ياقلبي تحملها بس اليوم ابوها مو هنا عشان
حمد زفر بـ : اووف طيب والسايق وش شغلته هنا ولا الست هانم مايوديها إلا احنا .
حصه لم تتحمل فهمّ ديمة مثقل عليها وجاعلها لاتتحمل شيء : حمد قصر صوتك لا احد يسمعك تصارخ على امك .
حمد بغضب وهو ينهض بقامته الطويلة ونحول جسده الملحوظ في الاونة الاخيرة : خليهم يسمعون .
نزلت فاطمة ( زوجة حمد ) مع الدرج وهي تبكي تعلم ان عمتها الضعيفة تتلقى ابشع صفعات العقوق من حمد ففاطمة سمعت صراخ حمد على والدته فصراخه عليها يكسرها ويعذبها فضغطها دوماً بإرتفاع .
رأت حصة تنتحب بصمت احتضنتها فاطمة وهي تبكي : عمتي خلاص انا اتصل على علياء تقول لسيف يوديها المستشفى .
صرخ حمد وهو يسحب فاطمة مع عضدها بقسوة فهي بالذات لايريد ان تشعر والدته بإنها مازالت صامده امامه : وسيف وش يصير لها عشان يوديها المستشفى من جد قليلة حيا .
واردف وهو يدفعها بقسوة لكي تسقط على الارض بعنف : روحي لبناتك وخليك من الناس .
سقطت فاطمة على الارض وهي تشعر بالذل والآلم اطلقت : آآآه . موجعة تعبر عن إنكسارها وذلها وإهانتها .
تشعر ان ظهرها انقسم إلى نصفين ضغطت على نفسها وقاومت الآمها وهي تقف وتقول بضعف : اختك لاتموت وانت تستقوي علينا .
صفعها حمد بقوة دون أدنى رحمة : وصار لك لسان يأم البنات وتعرفين تردين علي ؟ لو ماتت أختي أنتي مالك دخل .
فاطمة تتسلح القوه وهي تشعر ان الالآم حولت جسدها لنار : إلا لي دخل هذي بنت عمي وأنا عندي قلب إذا أنت ماعندك قلب .
ذهبت لها حصة وبرجاء : فاطمة الله يخلي لك بناتك روحي من هنا قبل يقضي عليك…وديمة يشوفها ربها ويعلم بحالها مو محتاجين حمد ولا منته .
ذهبت فاطمة تجري بسرعة لجناحها تحاملت على الآم ظهرها ودخلت بغرفتها بتعب وهمومها تتجدد .
حمد نظر إلى والدته وهو يتمنى لو يستطيع ضربها لكي يطفئ قهره : وانتي ياعجوز النار متى تعالجين بنتك ونفتك منك ومنها .
كانت الكلمة قاسية على حصة " ابني يقولي عجوز النار " أي ام ستتحمل كل هذا ؟ هي ليس أي ام بل هي حصه الصامده رغم اواجعها .
جلست حصه على الكنبه وهي تدعو له من كل قلبها بالصلاح : الله يهديك ياولدي .
دخل حاتم وهو على يقين انه حصل في منزلهم مصيبة .
جن جنونه وهو يرى والدته تبكي .
ذهب لها بسرعة وقبل راسها وقبل يدها وهو يقول بحنان : يمه وش فيك ؟ ديمة فيها شي ؟
بعد نوبة البكاء التي استمرت لدقايق مسحت حصة دموعها وهي تقول : حاتم إختك تعبانة ابيك توديها المستشفى .
فز حاتم وقال بإهتمام : وش فيها ديوم ؟
حصه بين شهقاتها : مرتفعة حرارتها .
حمد بسخريه وهو يجلس على الكنبه ويضع رجل على رجل بشكل مستفز : كالعادة دلوعة العايلة تتدلع مثل كل مرة .
حاتم بين اسنانه بغضب هادر : انت مالك دخل .
صرخت حصه بوجع الأم وحزن الأم : خلاص اختكم ماتت وانتم تتنقارون مافيكم خير ؟
ذهب حاتم بسرعة لغرفة ديمة فتح الأنوار ورأى شقيقته الوحيدة ديمة ممددة وتئن بوجع .
ازداد خوف حاتم كثيراً فحال ديمة لايسر ابداً اخذ عباءتها الموضوعة على الشماعة ووضعها فوقها وحملها بخفة وكأنه يحمل طفلة لاتتجاوز السبعة سنوات وليس فتاة بلغت الثانيه والعشرون من عمرها ونزل وهي على ذراعيه ويجري بسرعة إلى السيارة رأى والدته مرتدية عابئتها مستعدة للخروج عندما وضع حاتم شقيقته على المقعد الخلفي في السيارة وركب بجوار والدته انطلق بسرعة إلى المشفى .
********************
في الدمام ~
دخل سعود برفقة معتز منزل مُنيره .
دخلو واصوات ضحكاتهم تسبقهم وتملئ المكان وتخلق به روح وحياة بدلاً من الصمت في ظل غيابهم .
المنزل الكبير خالي لايوجد به سواء منيره وخادمتها .
خرجت منيره من المطبخ وهي تقول : هلا والله بنور البيت هلا بعيالي .
توجه لها سعود وقبل راسها بإحترام بالغ : هلا بك يالغاليه .
مُعتز بمرح بعد ماسلم على والدته : وش مسويه لنا اليوم ؟
ابتسمت منيره وبحنان : صياديه…انتم الله يهديكم ماتتغدون إلا وقت العصر كم لكم مصلين صلاة العصر .
ابتسم سعود بموده فوجود منيره يشعره ان الحياة حقاً مازالت بخير : تعرفين ياخالتي اذا رحنا للاسطبل نجلس هناك من صلاة الظهر الى بعد العصر الجو مايتفوت . واردف وهو ينهض مستعد للخروج : عن اذنكم بروح اغير ملابسي .
وخرج من منزل خالته مُنيرة صديقة والدته فمنذ خروجه على الدنيا وخالته وامه لم يتفرقا قط فهن دائم ملازمات لبعض .
وتعمقت صداقتهم وازدادت ترابطاً بعد ما انجبت داليا سُعود وارضعته مُنيره مع أبنها معتز التي كان حينها أكمل ثلاث اشهر .
فتح سعود الباب اصبح لايطيق البيت لايحب دخوله ولايدخله سواء للضروره البيتُ من بعد وفاة والدته اصبح شبيه بالمقبره .
ليس به حياة…لايتردد بداخله صوت…هدوءه مميت .
جميع الخدم التي كانُ بهذا المنزل من بعد وفاة ام سعود قبل شهرين ذهبو جميهم إلى منزل منيرة .
لم يتبقَ سواء الحارس الباكستاني امجد منذ 20 وهو يخدمهم يعتبره سعود أبيه الذي انحرم منه من صغره .
دخل سعود لجناحه وإستحم وإرتداء (بنطلون اسود وتيشيرت سماوي ).
مميز بطلته ومميز بحضوره كعادته .
كتفيه عريضتين..طويل وحضوره رجولي كاسح .
شعره (سبايكي) كثيف لونه اسود فاحم عارضيه محددتان بعنايه عيونه واسعه حاجبيه مرسومه وكثيفه خشمه (سلة سيف) .
وكونه جوكي محترف متمرس بالفروسيه فجسمه رياضي .
تعطر من عطره الفخم الفاخر dizel .
نزل مع الدرج بخفة وسرعة خرج لمنزل خالته منيرة دخل بعد ماطرق باب المدخل الرئيسي .
وقفت نهى التي بالتو أتت من منزلها : هلا والله بأخوي الغالي .
وسلمت عليه وهو يقول : ياهلا بالغاليه شخبارك ؟
نهى بإبتسامة : الحمدلله بخير .
واردفت بحزن : وش فيك ياسعود نحفان والله حاسه ان وزنك نازل .
ابتسم سعود وهو يجلس بجوار معتز : مثل مانتي عارفه بعد شهر سباق القدرة والتحمل وبعد ستة شهر بطولة قفز الحواجز لازم يصير وزني مثالي كفارس .
نهى بإهتمام : تتمنى تفوز بأيش ؟
ابتسم سعود بألم : امي حلمها اني افوز ببطولة قفز الحواجز واخذ الذهبيه من اربع سنوات وهي تنتظر اللحظه هذي بس قدر الله وماشاء فعل .
نهى بحزن : الله يرحم خالتي ويجعل مثواها الجنه…تعالو لصالة الطعام غداكم جاهز .
نهضو جميعاً ودخلو صالة الطعام برفقة نهى التي جلست بجوار والدتها : وااو صياديه من طبخ امي من زمان عنها .
معتز بضحكه : وانتي ماتشبعين منها ؟
********************
الرياض ~
بجناح فاطمة جالسة على الأريكة وتبكي حال حمد مع أهله بدأ يتأزم أكثر من قبل .
منذ إحدى عشرة سنة متزوجة لم تسمع منه سوا الشتائم والسب عدا أول أيام زواجها فهو كان الرجل المثالي في تلك الأيام .
لا تستطيع أن تحادثه بأي شيء حياتها باردة جداً , تحملته وتحملت ضربه لها فقط من أجل حبها العميق المتجذر له .
تعلم جيداً أن حمد معقداً ولايوجد في الكون من هو معقد أكثر منه عاق بوالديه داماً يتسبب بقهرهما كسر قلب والده وأوجع والدته كثيراً .
شقيقته ديمة المريضة المفجوعة بوفاة توأمها جارح لم ترا منه سوا كل سخريه وعصبية لم يحن عليها بكلمة واحدة .
بناته كادي ذات العاشرة عاماً ترف ثمانية أعوام لجين أربعة أعوام غدي سنتان جميعهن لم يشعرن ولو بيوم واحد بحنان ابيهن .
دائماً ينهرهن ويرخ عليهن يسب فاطمة ويشتمها أمامهن يستهزئ بها دوماً بـ ( ام البنات ) لأن الله رزقها بأربعة بنات وكان دوما يقول لها إنتي كوالدتكِ لا تنجبون سواء البنات ولم نجلب من البنات سواء الهم والخزي .
مسحت فاطمة دموعها وهي تقول بقلبها " والبنات نعمة من ربي هناك أ ناس محرومون من البنات والبنين "
انفتح باب غرفتها وفزت بخوف وهي ترأ حمد يقترب منها همس لها بحده : مالك دخل بيني أنا وأمي .
فاطمة وهي ترجف وتشعر بأن الأرض تدور بها فهي تعرف حمد جيداً عندما يغضب منها : حمد إنت بصراحه زودتها مع عمتي .
قاطعها حمد وهو يدخل يده بشعرها ويشده بقوه وبعنف وكأن التي بين يديه ليس بإنسانة : لا يكون انتي اللي تقررين حياتي وانا مادري…اسمعي فطيم هذي اخر مره احذرك انك تتدخلين .
ابعد يده عنها بعنف : جهزي لي شنطتي .
قاومت فاطمة دموعها وهي تخرج الشنطة من تحت السرير وترتب فيها ملابس حمد بعناية .
فهي هكذا دوماً يضربها ويعنفها وتقوم بخدمته بأكمل وجه فقط لأنه حمد ولا تتجرأ بأن تقول له لا .
أغلقت الشنطة واخذها حمد وقالت فاطمة بتردد وخوف كعادتها عندما تتحدث معه : ممكن اروح لديمة بالمستشفى ؟
حمد بعصبية تكون ملازمة له كعادته : روحي مكان ماتبين بس لاتزعجيني احتمال مارجع قبل اسبوع .
فاطمة تقدمت له بخوف ولكن كعادتها تريد أن يتقرب من بناته : ماتبي تسلم على بناتك .
حمد إزدادت عصبيته : بناتك انتي مو بناتي…اذا جبتي لي ولد ذيك الساعه اسلم عليه .
وخرج من عند فاطمة مبعثره مشتته تبكي بحرقة على حال بناتها " عايشين حياة ايتام ووالدهم مازال على قيد الحياة "
دعت فاطمة إبنتها كادي اكبر بناتها : كادي ماما بأخذك الحين انتي وخواتك وأحطكم عند خالتك منال أنا بروح للمستشفى .
كادي بإستغراب : ليش بابا مو موجود ؟
فاطمة ابتسمت فهي تحاول أن تخفي دموعها التي على وشك الانهمار : ايه بابا مسافر اسبوع ويرجع .
كادي بإنكسار وبراءة : ليش ماسلم علينا ؟
فاطمة قرصت خد كادي وقالت بمرح مصطنع : مشغول مايقدر يسلم عليكم .
كادي ابتسمت لوالدتها وبتفائلها كطفلة لاتعلم أن الوضع بين والدتها ووالدها صعب للغاية : ان شاء الله المره الجايه .
نهضت فاطمة وتوجهت لغرفة صغيراتها لجين وغدي ورأتهم ملتهين بألعابهم التي تملئ الغرفة .
تنهدت بضيقة : ليش ياماما تسوون كذا بالغرفه ؟ ليش العابكم كذا ؟
لجين بحماس وهي تقف وتترك الالعاب التي بيدها : ماما الحين ارتبهم .
فاطمة : حبيبتي لجين خلاص اجيب لك هديه .
وأتتها إبنتها غدي أكثرهم سحراً وبراءة تركض فرفعتها فاطمة من الارض وطبعت قبلة على خدها : يله لجين بنروح لخاله منال .
وخرجت فاطمة وهي تحمل إبنتها دخلت بغرفتها وأنزلت غدي على السرير ومشطت شعر غدي الناعم القصير .
ودعت الخادمة : خذي غدي واطلعي لبيت مستر مشعل .
وإرتدت عبائتها وخرجت مع بناتها خرجو من منزل نايف ومشو مسافة قصيره بباحة بيوت السيف الواسعه الشاسعة .
دخلت من الباب الخلفي وقالت لبناتها : يله روحو لخاله منال .
وهي دخلت بدورها للصاله ورأت والدتها ووالدتها ومنال جالسين يرتشفون القهوة في وقت العصر كالعادة : سلام عليكم .
الكل : عليكم السلام .
نهض مشعل بتوجس فهو يشعر بأن هناك مصيبة قادمة : حمد بيطلقك ؟
إنصعقت فاطمة من سؤال أبيها " لايريدني فقط يخشى على إبن أخيه من الضيقة " : لا.
مشعل جلس بعد ماسلم عليها وهو يقول بمودة : حياك الله إنتي وبناتك .
فاتن بحنان وهي ترأ بنات فاطمة يلتمون حولها : جعلني ما أخلى منهم .
ثم نهض مشعل وهو يهم للخروج : عن إذنكم أنا وحمد ورانا سفر للشرقية ومستعجلين .
وفاطمة ربطت نقابها بإحكام : وانا بعد بروح لديمة تعبانة بالمستشفى…منال انتبهي لبناتي .
منال وهي تحتضن غدي : بناتك بعيوني .
********************
الدمام ~
دخلو معتز وسعود شركة داليا القاسم .
استلم إدارتها معتز بعد ماوكله سعود على كل امواله .
تأفف سعود بضيق فهو لم يتعود على الشركات : انت ليش جايبني هنا ؟
معتز بمرح : مثل ماتأخذني للفروسيه حتى انا اخذك لشغلي المحبب لقلبي…ولاتنسى اليوم صفقه مع السيف وانت لازم تصير موجود .
سعود وهو يجلس على الكرسي الأسود الفخم : والله عارف انهم ماراح يعرفوني ليش جايبني ؟
معتز بجديه وهو ينظر إلى سعود : هذا حلالك وانت لازم تجي على الاقل بالاسبوع مره .
سعود بجدية أيضاً وهو يشعر بقلق ربما من قرب آل سيف منه الآن : يأخي كل حلالي هذا لك والله مابي منه ولا شي بس اعتقني وخلني اروح .
معتز بغضب : كل هذا تتهرب من مقابلة اهلك ؟ سعود والله اذا ماقابلتهم لأزعل عليك .
سعود بعد ما اخذ نفس عميق : طيب مين اللي بيجي ؟
معتز بإبتسامة فهو سوف يستدرج سعود إلا أن يصله إلى أهله : نائب ابراهيم السيف الله يرحمه واكيد انه عمك الكبير .
سعود بإستفسار وبإهتمام لم يخفى معتز رغم أن سعود حاول إخفاءه تحت هدوءه : بس هو اللي بيجي ؟
معتز بابتسامه : لا واظن سيف او واحد من عيال عمه بيجي .
سعود : زين اذا كان سيف .
معتز وهو ينهض متوجه إلى صالة الإستقبال : بقى على المؤتمر وتوقيع العقد اقل من عشر دقايق وهم اكيد على وصول .
سعود نهض مع معتز : بس والله يامعتز لو قلت لهم اني مدير الشركه لألعن خيرك نجلس معاهم على انه انا نائب مجلس الاداره وانت نائب الرئيس.
ابتسم معتز : حاضر…بس اكيد يعرفونك انت سعود السيف اللي النت والجرايد كلها صورك وهذا شي بديهي انهم بيعرفونك .
سعود بتوتر : اوكي يعرفوني بس مو انا رئيس الشركه واتورط معاهم ولازم انا اللي اوقع العقد .
دخلو اللجنه المنظمه للمؤتمر ودخلو بعض الاعلاميين .
ثم دخلو سعود ومعتز وجلسو بالمكان المخصص لهم وعلى يمينهم كرسيين مكان ممثلين شركة السيف .
دخل مشعل السيف بهيبته وغروره وبجواره حمد إبن أخيه لايقل عن غرور عمه .
جلسو على يمين معتز وسعود بعد السلامات المعتادة .
********************
الرياض ~
صالة بيت عبدالعزيز السيف .
ملك بفرحة : طلعت نتيجتي اليوم كل موادي نجحت فيهم .
إحتضنتها علياء : الف مبروك ياقلبي .
ملك بمودة : الله يبارك فيك…عقبال جود .
ضحكت علياء وهي تنظر إلى إبنتها جود التي لم تتجاوز ستة أشهر : هههههههه ع الاقل قولي عقبال عبدالعزيز يمكن ينفع عمره 12 سنة .
ملك بعذوبة لاتليق سوى من هي برقتها : بعد عمري عزوز وعدته إذا نجح اوديه للألعاب والى الحين مافضيت ولاقدرت اوديه .
علياء بمرح : ماعليك منه عزوز ينسى بسرعة واحنا على نهاية الاسبوع هذا طالعين لبيتنا الجديد ومع الحوسة اللي بتصير اكيد بينسى .
ملك بحزن من عمق روحها : والله مو متخيلة البيت بدونكم حرام عليكم ابقى لوحدي عند ابوي .
علياء بمزح : عارفة طبعك يامليك طول اليوم بتجلسن عندنا .
ملك ابتمست بألم : تعرفين علوي امي ماتت من كان عمري 10 سنوات وانتي صرتي لي مثل الام والاخت والصديقة الله لايحرمني منك .
علياء وهي تحتضن ملك : والله مايهون علي اخليك بالبيت بروحك…بس ولايهمك ماتجي السنه الجايه إلا انتي ببيت زوجك .
ضحكت ملك بخفة : لو عندك اخو كان خليتك تخطبيني له غصب عنك .
علياء اتسعت ابتسامته : يابخته اللي بتصيرين زوجته والله .
أتاهم صوت سيف : اي والله يابخته بأختي تصدقين ملوك بيصير اسعد واحد على وجه الارض .
ملك بعد ماقبلت رأس سيف : والله يابختك انت ماشاء الله بعلوي مافيه مثلها .
سيف جلس بجور علياء وهو يقول : عاد ام عزوز عشرة عمر الله لايحرمنا منها .
ملك جلست أمامهم وهي تقول : امين ياربي الله يبلغها شوفة عزوز عريس .
علياء من قلبها : امين يارب واشوف عياله ان شاء الله .
رن هاتف ملك وردت بـ : هلا منول…اوكي…الحين جايه .
وبعد ما أغلقت من منال نظرت إلى سيف وعلياء : عن اذنكم بروح لمنال .
********************
شركة داليا القاسم لأنتاج الزجاج اكبر شركه بالعالم للزجاج .
بعد انهاء توقيع العقد والمؤتمر الصحفي خرجو الاعلاميين ولم يتبقى سوى معتز وسعود ومشعل السيف وحمد السيف .
مشعل بإهتمام وهو ينظر إلى معتز معتز : انت ولد داليا ؟
معتز شعر أن هذا الرجل سوف يكون مفتاح سعود للوصول إلى أهله لذا هتف بـ : لا .
مشعل نظر إلى سعود الذي بدأت على ملامحه الضيقة كيف لهذا الرجل أن يتجاوز حده بهذا السؤال : أجل انت .
سعود بعصبيه وهو يشد على قبضة يده : اظن خلصت شغلك وش لك تسأل عن ولد داليا ؟
معتز بهمس لسعود فهو لايريد أن تكبر مشاكلهم ولا يعود لأهله فمعتز لا يريد أن يحدث لشقيقه كل هذا : سعود الله يهديك احترمه .
سعود همس لمعتز : انت ماتشوف وشلون يسال عن ولد داليا وش له فيه عشان يسأل عنه .
ابتسم معتز وقال لمشعل بلباقة : اسف على اللي صار بس هو متهور .
نهض حمد بكل غرور : يله ياعمي بنمشي .
وخرج مشعل مع حمد برفقة سعود ومعتز ما إن ظهرو حتى نظر سعود لمعتز : إلا هذا وش اسمه ؟
معتز : والله ما ادري كل اللي اعرفه عنه اسمه ابو علياء وللأسف اللي وقع على الاوراق حمد بن نايف السيف .
سعود : اللي معاه يصير عمه يعني مين ؟
معتز بابتسامة فهو رأى الإهتمام بعيني سعود ومن خلال أسئلته عنهم يبدو أنه يريد أن يعرف كل شيء عن هذه العائلة فطرة خلقها الله بكل إنسان يحب عائلته حتى وإن كثرت بينهم المشاكل ويكفي إنتماءه لهم فأرتباط إسمه بأسمهم كفيل بأن يجعل إرتباطه بهم قوي : سعود دامك مهتم لأمرهم ليش ماتروح لهم والله هم ينتظرونك…وهذا هو عمك قبل شوي يسأل عن ولد داليا .
سعود بحده وغضب يتصاعد شيئاً فشيئاً فمعتز أصبح يضايقه بهذا الموضوع : لو كان يبوني كان احتووني من صغري مو الحين .
خرجو معتز وسعود ثم ركبو بسيارة سعود .
معتز ركب على يمين سعود الذي تولا مهمة القيادة : إلا ماقلت لي ياسعود متى اقرب بطوله بتشارك فيها ؟
سعود : بطولة الخليج للقدرة والتحمل بالرياض .
ابتسم معتز بود : فالك الذهبيه .
سعود بنبره يتخللها الحزن والشوق والحنين إلى الغالية المفارقة للدنيا بلا عودة : امي الله يرحمها امنيتها افوز بالذهبيه ببطولة العالم…جبتها بكل المنافسات إلا قفز الحواجز .
معتز وهو ينظر بالمرأة الجانبية في السيارة : سعود ملاحظ فيه سياره من يوم مشينا من الشركه وهي ورانا .
سعود عقد حاجبيه وبتساؤل : اي سياره ؟
معتز أدار رأسه وهو ينظر إلى الخلف سعود : السياره البيضاء .
سعود نظر بالمرآه السيارات اللي تسير خلفه : طيب يمكن واحد مضيع عادي احنا مالنا إلا 10 دقايق من مشينا من الشركه .
معتز بقلق : بس كم لفه طلعنا معاها ؟
سعود بعد إهتمام : واذا كان يمشي ورانا ؟
معتز سند ظهره على السيت : وانت تحط لكل موضوع الف احتمال .
سعود ضحك على معتز وعلى عصبيته التي تأتي دون سبب : وانت كل موضوع تسيء ظنك فيه .
********************
مستشفى دلة ~
حصة جالسة على الكرسي بجوار سرير ديمة وتمسح على شعرها بحنان مصفى وألم موجع على حال إبنتها : ديوم ياعمري خلاص لاتبكين عليه اللي مات مايرجع .
جلست ديمة بفزع وصعوبة وأنفاسها تخرج بصعوبة أيضاً : يمه لاتقولين جارح مات هو مامات متى تفهمون ؟
قالت حصة وهي تسند ظهر ديمة على السرير : ياعمري اخوك مات لاتعذبينه بقبره .
ديمة وهي تبكي بشكل موجع : يمه سنتين وانا انتظر اليوم اللي يرجع لنا فيه جارح عايش .
حصة " ليته على قيد الحياة يا إبنتي ياليت " : الله يرحمه .
ديمة بصوت مبحوح : ياربي اموت وارتاح…الحياة ولا شي بدون جارح .
حصة بصوت متعب وهي تقاوم دموعها : ديمة انتي اهلكتي نفسك ماعدتي بنتي اللي اعرفها عمرك 20 والهم اللي انتي شايلة فوق عمرك بأضعاف اضعافة صرتي نحيفة تغيرتي حيل وين بنتي اللي شوفتها ترد الروح مو الحين نحيفة بتتكسرين وزنك ياديمة صاير 29 دراستك مهملتها أتقي الله بنفسك يابني وأخوك الله يرحمه مات ولا عاد بقى لنا منه شي وكلنا بنموت لا تجزعين من أمر الله .
ديمة وهي تمسح دموعها : وشلون تبيني اعيش مثل الاوادم ونصفي الثاني تحت التراب ؟
حصة بأسى : وانتي كل اللي على لسانك جارح وبس ؟
ديمة بين شهقاتها الموجعة : لأن جارح هو كل حياتي انا عشت معاه 19 سنة مثل ظله كنا مانفترق إلا…إلا – وبلعت ريقها – يوم راح للندن واختفى هناك .
حصة نهضت وهي تود أن تذهب بعيداً عن إبنتها وتبكي حتى تخفف من ألمها : ما اختفى ياقلبي هو ميت .
ديمة وهي تغمض أعينها بألم وكأن وفاة أخيها اليوم ليس قبل سنتين : طيب دام هو ميت وين جنازته ؟ صلو عليه هنا ؟
حصة بوهن : ياقلبي السفارة استدعو بأبوك عشان يدفنه هنا بس هو قالهم كلها ارض الله ويندفن بأي مكان .
ديمة أمسكت بيد والدتها فهي لاتريد أن تبقى لوحدها : والله كذابين اخوي عايش انا احس بجارح يتعذب .
حصة بحزن : يايمه الحاله هذي تتسمى فوق الخيال لأنك انتي تخيلتي انه مختفي موب ميت وتحسين انه يتعذب لأنك تعذبينه وانتي تبكين عليه .
ديمة بحرقة : يمه انتي مو حاسة فيني كم مرة اقولكم ان اخوي عايش وتوهموني بكلام السفارة وانهم دفنو اخوي .
وأصبحت ديمة تنتحب ووالدتها تحاول تهدئتها بكلمات تائهة ضائعة .
لماذا الكلام والواقع المر صامد وجامد أمام حلاوة الدنيا .
لماذا الكلام وأخيها الغالي تحت التراب .
شهقت ديمة بعنف وهي تقول : يمه اسألك بالله ماتكذبين علي…جارح مات او لا ؟ سنتين عايشة بدوامة .
إنحدرت دمعة من عين حصة التي كل يوم يختفي بريقها رغم تظاهرها بأنها لازالت قوية : ادعي له بالرحمة .
********************
الرياض ~
منزل الجد ابراهيم السيف .
دخلت جميلة صالة منزل جدها وهي متضايقة للغاية .
فأيضاً جميلة كأسمها جميلة بصفاتها وأخلاقها ولكن تحمل من الحزن ما الله به عليم .
تلك الحسناء التي عانت وكابدت كثيراً من الأحزان تجد نفسها عاجزة عن تحمل أدنى شيء .
هي إحدى بنات مشعل آل سيف إبنة الخامسة والعشرون عاماً أنهت دراستها الجامعية قبل سنتين ولكن لم تعمل لظروفها .
تذكرت جدها الغائب عن الدنيا ولكنه لا يغيب عن بالها " رحمك الله ياجدي ما أصعب فراقك جعلك إلهي في الجنان "
تذكرت قبل 3 سنوات اسواء يوم في حياتها يوم طلاقها يومها الاسود .
.
.
.
منزل أهل خالد زوج جميلة غرفة منعزلة عن الغرف غرفة متواضعة جداً جداً .
مستوى خالد المعيشي اقل من المتوسط بكثير بحكم ظروف أبيه القاسية التي منعته من العمل فكان أب خالد يعتمد على أخوته في جلب المال إلى الآن رغم كبر سنه وعمل أبناءه إلا أنه لا زال يتلقى (الصدقة) من أخوته عبدالرحمن وفهد .
ولأن جميلة بنت آل سيف فأبيها لم يرضى عيشها بفقر وسبق وشكت لأبيها عن فقر زوجها .
فأبيها عرض عليهم كل المساعدات ولكن جميعها رفضت .
دخل خالد بعصبية وصرخ بها : جميلة دامك متضايقة من حياتك معاي ليش ماقلتي لي ؟
جميلة بهدوء : خالد انا مو متضايقة بس من جد ماتعودت على حياة كذا لي سنتين متزوجة وعايشة ببيت اهلك .
خالد بسخرية في قمة غضبه : إيه يابنت السيف إحنا جواري عندك ننفذ كلامك وبس…يوم خطبتك انتي اللي وافقتي .
جميلة بحزن : وافقت عليك عشان جدي وبس .
خالد بجدية : جميلة ليش تقولين لأبوك ان مصروفك الشهري مايكفيك كان قلتي لي ابوك يبيني اطلقك وهذا اللي بيصير .
شهقت جميلة بعنف " أيعقل ؟ " : لا خالد انا مابي الطلاق وبعدين اذا طلقتني ولدي راح يتشتت بيننا .
خالد وهو يجلس على السرير ويشد على قبضة يديه حتى لا يضربها : شيلي اغراضك ياجميلة وروحي لبيت اهلك وبكرة وورقة طلاقك واصلتك كلام ابوك جرحني ومستحيل تعيشين عندي بعد اليوم…ابوك يقول دخل عايلتي كله ماجاء بقيمة جزمه من جزماتك – تكرمون – روحي لأهلك اللي يقدرون يصرفون عليك .
جميلة وهي تبكي وبرجاء موجع : خالد انت تتكلم من جدك بتطلقني ؟ طيب انا احبك والله خلاص مو لازم الفلوس ولا ابي فلوس .
خالد بعصبية : خلاص ياجميلى قلت لك ماعاد لك مكان ببيتنا روحي لبيت اهلك اكيد بيقدرون يدللونك مثل ماكنتي .
جميلة جلست بجوار خالد وهي مازالت تبكي : تكفى خالد لاتطلقني والله احبك .
صرخ بها خالد فإن كانت تحبه هو يعشقها بجنون ولكن هي من هدمت حياتها بيدها فلتحصد مابدأت به : وانا ما ابي منك حب اللي ابيه منك الاحترام وانتي ما احترمتيني خلاص ياجميلة انا مو متحملك .
نهضت جميلة ورتبت اغراضها بحقائبها ورتبت اغراض صغيرها بحقيبته ودموعها لم تكف جرح قلبها غائر وينزف الآن بشدة ( انا الغلطانة انا اللي قلت لأبوي مصروفي 1500 مو مسوي لي اي شي عكس خواتي اللي مصروفهم يتعدى العشرين الف )
إنتهت من ترتيب الحقائب وإرتدت عبائتها وقالت لخالد الذي لازال على وضعه جالس على السرير ووجهه محتقن : انا جاهزة .
خالد وهو يرتدي شماغة ويعدله : وهتان وينه ؟
جميلة بهدوء جاهدت أن يخرج خلف البراكين الثائرة بداخلها : يلعب بالصالة…ترا ولدي ماراح تشوفه بعد اليوم .
إستوقفته كلمتها وقال بإستغراب : ليش ؟
جميلة : انا ما ابيك تشوفه هو ولدي بروحي وانت ماتبيني وش تبي بولدي ؟
خالد يشعر أن روحه تتمزق من الأم " أقسم لكِ بجلالة الله إنني أريدكِ بل أنتي لاتريدني " : عارف ياجميلة إني جرحتك بس إنتي اللي بديتي والبادي أظلم .
وخرج خالد قبل جميلة التي ربطت نقابها بإحكام وخرجت من الغرفة وهي تنظر لكل شيء تمر بجواره ألمها عميق وشرخ قلبها لا يمكن أن يلتئم تنظر لهذا البيت الصغير العتيق ربما وهي تعلم إنها لن تعود له مرة أخرى تود السلام على جواهر ووالدتها ولكن ربما هن الآن نائمات ففي هذا البيت لا أحد يتجاوز الساعة العاشرة وهو لم ينم سواء أنا وخالد .
خرجت جميلة للسيارة ونظرت إلى خالد وإبنه الجالس بحجره كعادتهما .
ركبت في المقعد الأمامي وهي تقام دموعها لا تريد أن تنفجر أمام خالد .
سحبت إبنها هتان ووضعته بحجرها وضمته وهي تتسلح به كي لاتبكي فصغيرها سوف ينحرم من أبيه رغم صغر سنه فهو يبلغ سنة ونصف إلا أنه سوف يعلم أنه كان يعيش مع والده وهذا سوف يكون عبء على جميلة عندما يسألها أين والده .
شدت من إحتضانها له وهي تبكي بصمت وبعد مسافة من الطريق وصلو لأرقى احياء مدينة الرياض .
وإتضحت لهم منازل آل سيف البالغة بالرقي والفخامة .
خالد قال بسخرية : انتم يا آل سيف كل شي عندكم فلوس وكل تعاملاتكم بفلوس حتى الحياه الزوجية عندكم ماتستمر إلا بفلوس .
جميلة لم تستطع الرد عليه فهي لا تريد أن تبكي أمامه فعبراتها تعلو حلقها وتضيق نفسها بشدة فلو تكلمت سوف تنهار ببكاء عنيف فكل هذا لن يحدث أمام خالد .
أوقف السيارة أمام بيت اهلها : الله يوفقك ويجعل حياتك من مستواك وافضل وماراح انساك ياجميلة سوا خيرك ولا شرك .
نزلت جميلة ونزلت وخالد ينزل حقائبها وهي دخلت بسرعة لبيت والدها متحاشية النظر لخالد فهي الآن أصبحت محرمة عليه : سلام عليكم .
وقف ابيها وهو يرأ الخادمة تدخل وهي تحمل حقيبة كبيرة جداً وإخرى متوسطة الحجم : جميلة وش جابك لايكون خالد طلقك ؟
حينها انفجرت جميلة ببكاء مُر وهي ترتمي بحضن والدتها وتهمس بكلمات حزينة موجعة : خالد طلقني انا خربت حياتي بنفسي .
مشعل بإهتمام : طلقك ولا باقي ماطلقك ؟
جميلة بين شهقاتها : بكرة بيروح للمحكمة ويطلقني .
أخرج مشعل هاتفه واتصل على خالد : هلا خالد .
……
تعال خذ زوجتك.
……
انا مستعد أتحمل مسؤوليتها وهي ببيتك .
…….
تعال خذها وبكره ادور لك على شغل عندنا بالشركه .
تمنت جميلة انها ماتت ولا رأت كل هذا الذل إشتكت لأبيها فقط لأنه يستطيع أن يحسن وضعها وفعلاً فعل وهو يطلب من خالد أن يستأجر بيتاً ملك لمشعل ولكن سوف ينقص الإيجار إلى ثمان مائة ريال في الشهر ولكن خالد أبا ورفض فإن كان فقير مال فهو غني بعزة نفسه .
والآن والدها أعز الناس وأحبهم إلى قلبها يذلها بهذه الطريقة .
وقفت وهي تقول لأبيها : يبه هو باعني ليش تتصل عليه ؟
مشعل بغضب هادر : ماعندي بنات يتطلقون…وبيتي يتعذرك ياجميلة…إلا بشرط ترجعين هتان لأبوه .
جميلة وهي تبكي مجدداً : مستحيل هتان ولدي وراح يبقى معي إلى أخـر يوم بعمري .
مشعل بحدة وحزم : جميلة قلت لك بيتي يتعذرك .
إنتهى . . .
نهضت فاتن وهي تقول بخوف الأم وحزن الأم فطلاق جميلة نحرها فعلاً نحرها فإبنتها لم تكمل سوا سنتين عن زوجها : لا أبو علياء طلبتك لا تدمر حياة بنتي والله حرام عليك تذلها كذا .
جميلة وهي تحمل صغيرها الجالس على الكنبة الفخمة : لا يمه أنا ماجلس بمكان إنهنت فيه .
وخرجت لمجلس رجال آل سيف دخلت ورأت جدها إبراهيم جالس وعلى يمينه إبنه سلطان وبصوت باكي : سلام عليكم .
نهضو ابراهيم ونايف وسلمو على جميلة وهي جلست بجوار جدها الذي أمر المكلف بصب القهوة أن يصب لجميلة .
وقف سليم واخذ الدلة والفناجين وصب لجميلة قهوة : تفضلي ياطويلة العمر .
وأنزل سليم فنجان القهوة على الطاولة وعاد إلى مكانه .
إبراهيم بحنان : وش فيك ياجميلة تبكين ؟
جميلة قالت كل ماحدث لجدها الذي إنتفض بغضب وقف وهو يقول : والله منت برجال يا مشعل ولا عرفت أربيك…بيتي كله لك وتحت أمرك والحين روحي لبيتي وأجلسي فيه لين مايطيب خاطرك .
جميلة قبلت رأس جدها وهي تقول بإمتنان : الله يخليك لنا ياجدي ولا يحرمنا منك…عندي طلب ثاني .
إبراهيم وهو يجلس وكل خلايا الحمية متحفزة لديه الآن : عيوني لك .
جميلة بغصة عجزت عن إبتلاعها : خالد مابيه يأخذ هتان أبي ولدي يعيش معي .
إبراهيم بثقة تامة فهو يعلك أن جميع أوامره منفذة لا محالة فهو إبراهيم آل سيف من يستطيع معارضته : والله ماتنزل لك دمعة وراسي يشم الهوا روحي الحين لجدتك وأختاري الغرفة اللي تبين وأعرفي إن البيت كله لك وتحت أمرك .
جميلة بحرج فجدها الآن يكرمها بجميع أنواع الكرم : تسلم ياجدي ماتقصر والله مو عارفه اشلون أرد لك جميلك .
إبراهيم بمودة : لا أسمعك تقولين الكلام هذا…وهذا واجبي .
جميلة : الله يخليك ذخر لنا .
.
.
.
الآن…~
تنهدت جميلة بألم وقالت بقلبها " سامحك الله يأبي لن أنسى إهانتك لي "
خرجت جدتها من غرفتها بعد ما إستحمت وإرتدت دراعة مناسبة لمن هم في عمرها خمسة وثمانون عاماً عامرة بطاعة الله فـ ياسعد من هم كالجدة علياء عاشو ثمانون عاماً وهم لم ينسو فرضاً من الصلوات أو نسو ذكر الله في يوماً فالجدة علياء عرفت بالدين والإحتشام منذ صغرها .
جلست على الكنبة وهي تلف طرحتها بإحكام : وين هتان ؟
جميلة بابتسامة وهي تجلس بجوار جدتها : راح مع عيال سيف .
الجدة علياء بحب : الله يحفظه لك وياجعلتس تشوفينه عريس .
جميلة بحالمية : امين يارب .
كانت الجدة تريد أن ترتدي [ برقعها ] وقالت جميلة برجاء : لا يمه الله يسعدك خليك كذا ماشبعت من شوفة وجهك .
ابتسمت جدتها وهي تنزل البرقع : يأمي ماتعودت أجلس بدون برقعي .
جميلة بعد ماقبلت راس جدتها : كذا أحلى .
الجدة علياء بحب صافي لجميلة : عشانتس خليت البرقع اللي عمري ماخليته…وأنتي عشاني إرجعي لرجلتس .
إنتفضت جميلة بجزع : أنا أرجع لخالد اللي ذلني ؟
الجدة علياء بحكمة : يأمتس ولدتس يكبر ويفقد ابوه عمره 3 سنوات وبس يسأل عن ابوه وشلون لا درس وشاف كل العيال معاهم اباءهم وهو لا .
جميلة برفض تام فهي لاتريد خالد ولا تريد أن تعود له : عادي يروح معاه واحد من عيال عمي .
الجدة علياء : بس عيال عمتس مهوب مثل أبوه إنتي لازم ترجعين لرجلتس مأنتي قاعده بدون عرس واكيد لا أعرستي خالد بيأخذ ولده منتس .
جميلة : لا ماراح أتزوج أنا حياتي كلها متعلقة بهتان وماراح أتزوج وأخليه يضيع بيني أنا وخالد .
الجدة علياء بمودة : يابنيتي أنتي ماتعرفين مصلحتس مثل ما أنا أعرفها أرجعي لرجلتس .
جميلة بإصرار : يمه لاتنسين إنه مر ثلاث سنوات على طلاقي حتى شكل خالد ماعدت أذكره وهو ولا كأن عنده ولد ولا مرة شافه من بعد طلاقنا .
الجدة علياء بإبتسامة : أمس كلمت خالد يقول مستعد لشروطتس كلها بس أنتي إرجعي له .
جميلة بإستغراب : غريبة وش اللي خلاه يفكر فيني بعد ثلاث سنوات ؟
الجدة علياء إتسعت إبتسامتها : إنتي إرجعي له وراح تعرفين وش اللي خلاه يفكر فيتس…إن ماخاب ظني أنه راح يدرس عشان راتبه يصير عالي ويقدر يسعدتس .
جميلة بحزن وبنبرة عميقة تكشف عن عمق جرحها : السعادة مهي بالفلوس كنت عايشة مع خالد من أسعد الناس ومن بعد طلاقي حياتي تعيسة أبوي ماصار يسلم علي ثلاث سنوات ما أشوف أبوي إلا من عيد لعيد بيتنا ملاصق بيتهم بس هو مايبي يشوفني ولا يسلم علي .
الجده بأسى وحزن على حالة إبنها وإبنته التي دامت القطاعة بينهما : الله يصلح حاله وحالتس .
********************
الدمام ~
الساعه الرابعة والنصف فجراً .
جو ربيعي لايخلو من نسمات باردة وقت الفجر .
عادو سعود ومعتز من المسجد الذي يقع بجوار بيت معتز .
ومعتز يقول بصوت غلب عليه النوم وهو يحاول أن يركز بالسيارة التي تقف على آخر زاوية بيتهم : سعود شوف السيارة هذي اللي البارح .
سعود نظر إلى السيارة بتمعن : طيب واذا كان هي اللي البارح مين ووش يبون ؟
معتز بإستغراب وقلق : مأدري خلنا نروح نشوف وش عندهم ترا بكل مكان وهي طالعه لنا السيارة لو أنا بروحي اللي أشوفها كان قلت أكيد أتخيل.
سعود بعد إهتمام : طيب سيارة تراقبنا وين السالفة ؟ يمكن له غرض عندنا وبيجي اليوم اللي يقابلنا فيه .
معتز بلهجة خوف وتحذير : ياخوفي إنه اليوم اللي بيقابلنا فيه بيصير أخر يوم بعمرنا .
ودخلو بيت أم معتز سوياً.
رمى معتز نفسه على الكنبة : والله تعبان اليوم مالي خلق أطلع أي مكان بنام .
سعود وهو يجلس بجوار معتز ويقول بخبث : تروح للشركة اليوم وغصب عنك لو تموت هناك بس ماتهمل شغلك .
معتز بمرح وهو يعتدل بجلسته : وكل هذا عشانها اموالك ياعمي فيه نائب للشركة .
سعود بمرح مماثل : عارف انه فيه نائب وثقة بعد ولا انت كفو ءامنك على فلوسي ؟
ضحك معتز : ترا اسويها من جد والغي التوكيل وتصير من فارس الفرسان الى رئيس شركات .
سعود ضحك بصخب : ههههههههههه حلوه فارس الفرسان…خالتي وينها ؟
معتز وهو يقف : أكيد إنها بالمطبخ تسوي لك فطور…عن إذنك بروح أنام قبل دوامي .
سعود بمودة : إذنك معاك .
خرجت منيرة من المطبخ وخلفها الخادمة تحمل صينية بها فطور سعود .
ومنيرة تحمل صينية شاي وقهوة قالت وهي تنزلهم على الطاولة : صباح الخير .
وقف سعود وإنحنى وقبل رأس منيرة : صباح النور .
ابتسمت منيرة : أكيد معتز راح ينام .
سعود بمودة لمن هي في مقام والدته : كالعادة .
رن الهاتف ورد سعود : نعم .
: هذا بيت داليا قاسم ؟
سعود بإستغراب : لا أخوي غلطان .
: أسف…مشكور .
سعود بقلق : العفو .
وأغلق السماعة ونظر إلى خالته : مين اللي متصل من صباح الله ؟
سعود وهو مازال وسط استغرابه من هذا المتصل : مأدري واحد يسأل هذا بيت داليا قاسم أو لا .
تهلل وجه منيرة بفرح : أكيد إنه واحد من أعمامك .
سعود بعد مانزلت كاسة الشاي : واحد من عمامي ومتصل هالوقت لا مستحيل وبعدين وش يبون يتصلون خلاص أنا كبرت ولا أنا بحاجتهم .
منيرة تريد أن تضغط عليه كي يذهب إلى أهله فهي تريد أن تحقق أمنية داليا : أمك الله يرحمها كانت تتمنى اليوم اللي يتصلون فيه عمامك عشان يخبرونها إنهم جايين يأخذونك كان عادي عندها تنحرم منك بس أنت ماتعيش مشرد مالك أهل .
سعود من أجل والدته يفعل المستحيل : أمس ياخالتي قابلنا أنا ومعتز واحد من عمامي وسألنا مين فينا ولد داليا تتوقعين يعرفوني ؟
منيرة بحنان : ياولدي سيف ولد عمك يعرفك وأكيد أنه قال لأهله .
سعود أبعد هذه الفكرة تماماً فهو يعلم أن سيف لم يخبر أحداً : لا سيف أنا حلفته بالله مايقول لأهلي إنه يعرفني وهم مايعرفون عني شي .
منيرة : ياولدي داليا أمنيتها إنه يلتم شملكم وأنت لاتضيع هالفرصه من يدينك روح لعمامك .
سعود : لا ياخالتي أنتي ماشفتي الكلام اللي بالصحف ان إبراهيم السيف جاء على وفاته سنة من لي هناك عشان أروح له…مستحيل أروح لعمامي بس إذا فيه أحد جاء منهم عندي أهلا وسهلا ماعندي أي مشكلة .
********************
الرياض ~
الساعه الثامنة صباحاً .
بمستشفى دلة حيث الوجع والبكاء والمرض والأمل بالشفاء .
فاطمة برجاء لحصة : طلبتك ياعمتي اليوم أنا بنام عندها .
حصهة وهي تنظر إلى إبنتها النائمة بفعل المنوم : يابنتي والله بتزعجك وتسألك عن جارح والله تصدع برأسك وهي ماقتنعت إنه ميت .
فاطمة : عادي ديمة بنت عمي وأعرف أطباعها زين خليها علي وأنتي روحي إرتاحي من امس العصر وأنتي هنا .
حصة برفض تام : يابنتي روحي لبناتك وأنا بجلس عند ديمة محد بيصبر عليها غيري .
فاطمة قبلت رأس حصه ثم قالت برجاء : طالبتك ياعمتي روحي للبيت وأنا بجلس عند ديمة .
حصة رفعت عبائتها على رأسها وهي تقول : عشانك بس بروح للبيت بس أمانة معاك يافاطمة لا تعبتي اتصلي علي .
فاطمة : إن شاء الله .
وخرجت حصة مع السائق الذي أوصل فاطمة .
جلست فاطمة على الكرسي مكان حصة ومسحت على شعر ديمة " يا إلهي كم تحمل هذه الفتاة من هموم بثقل الجبال نعم أنا وجميلة
وغيرنا كثير مهمومين حد الثمالة ولكن لست بمقدار حزنها وهمها
فمثلي أنا لم ينقص تعذيب حمد من وزني ولا غير بشكلي
وهم جميلة بعد طلاقها من خالد وغضب والدي عليها بل زادها جمالاً وسطوتاً
بينما هذه الصغيرة المريضة سلب المرض كل جمالها فأصبحت كهيكل عظمي "
إنفتح باب الغرفه ودخل أخر شخص تتمنى فاطمة رؤيته .
نظر إلى فاطمة وبغضب ناري : مين اللي سمح لك تجين هنا ؟
فاطمة وهي تتوجه له وتتوسل إليه برجاء : حمد الله يرضى عليك قصر حسك .
حمد إزداد غضبه : فطيم مين اللي سمح لك تجين هنا ولا توقعتي إني بأجلس بالشرقيه أسبوع وقلتي أنفذ كل اللي هو حارمني منه .
فاطمة نفذ صبرها فحمد أثار الغضب بها : حمد مو بكل مكان تخانقني إحترم المكان هذا إحترم أختك المريضة .
ديمة بصوت مبحوح من أثار المنوم والتعب : فاطمة خليك جنبي .
توجه حمد لديمة ونظراته السرشة موجهه لها وهو ينظر لها بغضب وإستحقار .
*******************
الرياض ~
دخلو ملك وعلياء بيت سيف الجديد .
ملك نظرت إلى الصالة الشاسعه التي لم بتبق على جاهزيتها سوى بعض التعديلات البسيطة .
الدرج الضخم اللي على يسار الصالة ألوانه .
مجلس النساء المغلق نزلت دموعها وهي تقول : مو متخيلة بيتنا بدونكم تعودت عليكم .
علياء بمرح : مليك لاتبكين كلها كم شهر وأنتي ببيت رجلك .
ضحكت ملك وهي تمسح دموعها : انتي مصرّه على انه كم شهر وانا ببيت رجلي .
علياء وهي تمشي بجوار ملك ذاهبون إلى الطابق العلوي : يعني توك مخلصه اول ترم من السنه التحضريه توقعي بأي وقت انك بتنخطبين .
ملك بعقلانية : ايه اي وقت انخطب مو اتزوج…عادي انخطب السنة هذي زواجي يصير بعد ثلاث سنوات .
علياء ابسمت بحنين للماضي : لا تصيرين غبية مثلي تزوجت وانا بزر عمري 18 وتركت الجامعة عشان سيف .
ملك : والله حرام وحدة مثلك وعمرها 32 وماعندها شهادة جامعة .
علياء بإبتسامة : أهم شي عندي أبو عبدالعزيز وعيالي .
ملك : هههههههههههه الله يخلي لك أبو عزيز وعيالك .
علياء بمرح : واخت زوجي النشبة بعد الله يخليها لي .
ملك بجدية : يابعد عمري يابنت عمي والله ما راح القى بالدنيا مثلك انتي نادرة .
علياء بابتسامه : ياروحي ياملوك والله لك معزة خاصة عندي تصدقين انتي ومنال وربي مابينكم فرق خواتي الصغار .
واردفت علياء : ماعلينا من المجاملات تعالي نشوف غرفتي وغرف عيالي وغرفتك قبل يجون عمال التشطيب .
ملك بحزن : الله يصبرني على فراقكم اسرع بيت جهز بالعالم بيتكم بـ 6 اشهر وهو جاهز كل شي .
علياء وهي تضرب ملك مع مؤخرة راسها بخفة : قولي ماشاء الله لايطيح علينا البيت ونموت .
ضحكت ملك : مع اني تمنيت انه يأخذ 6 سنوات وهو ماجهز .
دخلو غرفة علياء الضخمة والفخمة : وانتي وش يمنعك ماتجين تسكنين عندنا ؟ البيت وأهل البيت كلهم تحت أمرك .
ملك بمودة : يابعد عمري والله ماتقصرون بس مستحيل أترك أبوي بالبيت بروحه مع إني عارفة راح أسكن عندكم .
علياء : لا هذا مو عذر وعمي يجي معانا مافيه مشكلة…يعني لا تزوجتي اكيد عمي بيجي ببيتنا .
ملك بضحكة : اتمنى أجلس معاك مره ماتقولين لي إذا تزوجتي سويتي كذا وكذا كأن حياتي مرتبطة بالزواج .
********************
الدمام ~
مسح على عنق خيله البنية العربية الاصيلة التي فازت بأكثر من بطولة بأجمل خيل عربية .
ركب سعود بالخيل وشد اللجام وأسرعت الخيل ثم قفزت الحواجز التي أعدها سعود لكي يتدرب على قفز الحواجز .
ويشد اللجام بقوة عندما يأتي أمام الحاجز وتجتازه الخيل بنجاح .
عاد التدريب أكثر من اربع مرات هو فارس متمكن وفرسه أيضاً مهيأ ومدرب جيداً فيسهل على الفرس والفارس تحقيق البطولة بسهولة .
نزل من ظهر الخيل وسحبها برفق من خلال عنانها وشربها من الماء ثم أدخلها الحضيرة .
وعاد إلى ببيت الشعر يقع بنفس المزرعة التي تقع بداخلها حضيرة الخيول : سلام عليكم .
معتز بإبتسامة : عليكم السلام…اتمنى بالبطولة تجيب كل الحواجز صح مثل اليوم .
سعود بثقة وهو يجلس بجوار معتز : بإذن الله ان الذهبية هذي لي .
معتز : طيب الحين أنت مطلعني من الشغل بس عشان تلطعني هنا ؟
سعود إبتسم بعد ما أنزل علبة الماء البارد بالارض : ياخي أنت لا الشغل عاجبك ولا الطلعه هنا عاجبتك .
معتز بإبتسامة : أبي أروح لنهى من زمان مارحنا لها .
سعود : أمس كانت عندنا .
معتز بضحكة : أنا أبي أروح لبيتها وبنسلم على وليد اللي مانشوفه إلا بالشهر مرة .
سعود : خلاص عشانا الليلة عند نهى .
معتز : صار .
واردف بجدية : أقول سعود السياره اللي من أمس تلاحقنا ماشفتها اليوم .
سعود وهو يتكئ بجوار معتز : هههههههه شكلهم مسببين لك رعب…إلا اليوم وأنا طالع هنا شفت السياره وراي .
معتز بخوف : طيب مين هذولا ؟
سعود بعصبية : انت لاتصير خواف ترا الموضوع مايستاهل .
معتز بتحذير يتخلله الغضب : سعود مو كل المواضيع مزح واستهبال إنت لازم تبلغ عليهم يمكن عصابة .
سعود : وإذا كان عصابة وش يبون مني ؟
معتز وغضبه يتصاعد من تلك البارد الجالس أمامه : أنت أهبل ولا تستهبل يعني سعود السيف اللي اموال اهله مغطية العالم كله وش يبون منه .
سعود وهو يقف : قوم معاي بنروح نخلص لنا كم شغلة وبمر على ميرا .
معتز وقف وهمس لسعود : قول لميرا تروح للمغرب لأنه الأسبوعين هذولا أنا بنفسي بوديك لأهلك ولا نبيها تدري بشي .
سعود بمرح : عشان تأكلني أم لسانين هي وكلامها اللي ماينتهي .
معتز : هههههه قول ماشاء الله مو اذا جيتها الحين وهي صامته ماتتكلم .
سعود : مستحيل تصير .
هكذا سعود ومعتز يتناقشان ويتجادلان ثم يتمازحان .
وخرجو سعود ومعتز وكان من يقود السيارة معتز .
نظر بالسيارات التي تسير خلفه : سعود السيارة البيضاء اللي من امس هذي هي تراقبنا .
سعود لف نصف جسده على الجانب الأيسر ونظر إلى الخلف : معتز الرجال اللي بالسيارة متلثمين…إلا عيال السيف اللي امس جو وش سيارتهم ؟
معتز بإستغراب : يعني تتوقع إنهم عيال السيف اللي يطاردونا من مكان لمكان .
سعود : يارجُل شي بديهي من يوم خلصنا توقيع العقد والسيارة هذي ورانا .
عندما وصل حمد إلى ديمة أمسك بطرف السرير حتى لا يضربها وقال لها بين اسنانه بغضب هادر لم يغضبه عليها قط : وإنتي يادلوعة العايلة إلى متى على هالحال ؟
إرتجفت ديمة بخوف وإرتباك وهي تبكي وتستنجد بفاطمة التي تقف بجوارها دون حول ولا قوة .
ديمة وشفتيها ترتجفان بشدة : خـ…خلاص..انت..أطلع من هنا..وأصير…
قاطعها وهو يشد قبضة يده التي كان يريد صفعها بها : تطرديني ياقليلة الحيا ؟
ديمة بضعف وهي تشد على يد فاطمة التي تحاول تتجلد بالقوة من أجل ديمة : ماطردتك ب ب بس خايفة منك .
حمد بعصبية : وليش خايفة مني مو انا اخوك ؟ ولا الاخوة كلها ماتت مع جارح ؟
ديمة وهي تبكي بعنف : حمد تكفى اطلع من هنا .
حمد إقترب منها وهو يهمس بغضب : إحنا مو مستحملينك أنتي ودلعك هذا جارح مات وشبع وأنتي ألى الحين تبكين عليه متى تفهمين أنتي ؟
ديمة بإعتراض : وش يثبت لك إنه مات ؟
حمد : أنا وعامر ولد عمي صلينا عليه بلندن .
ديمة بإهتمام وكأنها نسيت انها تتحدث مع حمد : طيب شفت وجهه ؟
حمد بغضب : ومايشرفني اشوف وجه واحد مثل جارح ميت بلندن بوضع ماينقال .
ديمة بصراخ في وجه حمد نعم وأمامه ترفع صوتها عليه كي لا تسمع هذا الكلام المسموم تريد أن يقتلها حمد ولكن لاتريد سماعه وهو يتحدث هكذا على أخيها الغالي الراحل بلا عودة : لاتقول عن أخوي كذا .
صفعها حمد بقسوة وكأنه لاينتمي إلى فصيلة البشر صفقتاً أسكتتها والجمت لسانها : ترفعين صوتك علي ياديمة ؟
ديمة بإنكسار وضعف وهي تتألم من خدها : آسفة .
حمد نظر إلى فاطمة : إنتي موضوعي معاك ماخلص إلى الحين الساعه 6 المغرب وأنتي بالبيت .
هزت فاطمة رأسها بإيجاب وهي تدعو من كل قلبها ان ربي يعدي هذه الليلة بسلام .
خرج حمد وتوجهت فاطمة لجرس النداء وضغطت عليه .
وبأقل من عشرة ثواني دخلو أربعة ممرضات .
نظفو الدم الذي خرج من فم ديمة (تكرمون) .
وسألت احد الممرضات بعربيتها المكسرة : من عمل كذا ؟
فهمت فاطمة انها تسأل عن خد ديمة التي علمت عليه اصابع حمد قالت ديمة بضعف : انا اللي عملت كذا بنفسي .
الممرضة الغربية عنها حنت عليها بينما شقيقها يدمي جراحها أكثر فأكثر : لماذا وجع كتير عليكِ ؟
ديمة إنحدرت دموعها بحرقة وقالت فاطمة : خلاص سستر مشكورة .
وخرجو جميع الممرضات وقبلت فاطمة خد ديمة المتضرر من صفعة حمد : أنا آسفه ديوم كل اللي صار لك بسببي لو أنا موب موجودة كان ماضربك حمد .
ديمة بحنين على أيام الماضي وهاهو طيف الأخ المرتحل تعود لها : آآه على السنوات اللي راحت ياما تضاربو جارح وحمد عشاني…الله يردك لنا ياجارح .
فاطمة بهدوء : انتي مؤمنة بالله ليش امنتي بكل شي إلا وفاة جارح ؟
ديمة ابتسمت بألم : ما آمنت فيها لأنها ماصارت .
فاطمة بجزع : حرام عليك تنكرين حقيقة الموت تو حمد يقول هو بنفسه مصلي على جارح .
ديمة بوهن : ليش هو اصلاً حمد يعرف الصلاة عشان اصدقه .
فاطمة " نعم أنتي محقة حمد قد نسي كيف يصلون الفريضة فكيف به يصلي صلاة الميت ؟ " : ياقلبي والله لو جارح عايش ماراح يترك أهله كذا ويتركك أنتي بالذات .
ديمة بأمل : هو اكيد مجبور يتركني ويترك أهلي .
فاطمة جلست على الكرسي وهي تقول : لا مستحيل يترك أهله ع الاقل يتصل يطمنا عليه ديوم ياعمري أخوك مات ليش ماتدعين له بالرحمة لو بس مرة يعني مستكثرة هالدعوة على جارح .
شهقت ديمة بعنف : ادعي لأخوي بطولة العمر مستحيل ادعي له بالرحمة وهو عايش بيننا جعل يومي قبل يومه .
فاطمة هزت راسها بأسى : الله يهديك ياديمة مادري متى تستوعبين ان جارح مات .
ديمة لإختناق : فطوم جارح عاش 18 سنه معاي والحين عايش بعيد عني بس وربي أحس فيه يتعذب .
فاطمة نزلت دمعتيها على خدها الصافي بلون البياض والنقي كنقائها .
ديمة حالها هكذا أكثر من سنتان من بعد وفاة جارح وهي ليست متقبلة لهذا الخبر نهائيآ .
تلقت خبر وفاة جارح وضلت بغيبوبه شهر كامل وهي لا تشعر بأحد وكأنها رحلت من الدنيا بعد رحيل جارح .
اهملت دراستها لم تدخلت الجامعة حتى الآن .
كل شيء بالدنيا بعينيها أصبح تعيس حتى صديقاتها لم تعد تتواصل معهم مثل قبل .
أيام العيد تراها عزاء الناس تفرح بالعيد وهي تحزن أكثر لأن اخيها وتوأمها لست بجانبها كيف تفرح وجارح مرتحل وبعيد .
تشعر بوحشة المكان وهو غائب عنه كرهت الدنيا بأكملها .
اليوم لم تعد تعرف معنى السعاده تشعر فقط بغربة وبوحدة موجعة وجارح بعيداً عنها راحل بلا عودة .
********************
الرياض ~
مدت فاتن فنجان القهوة لزوجها مشعل : الحمدلله على السلامة .
مشعل بإبتسامة : الله يسلمك .
فاتن بإستغراب : انت مو قايل انك بتروح للشرقية اسبوع ؟
مشعل بهدوء : ورجعت قبل اسبوع وين المشكلة ؟
فاتن إستغربت إسلوبه : سلمت على خالتي علياء ؟
مشعل وهو يقف : اتصلي على جميلة خليها تطلع من عند أمي مأبي أشوف وجهها .
فاتن بحزن وهي تقف : والله حرام اللي تسويه هذي بنتك من طلاقها صرت ماتشوفها .
مشعل وهو يصل إلى قمة غضبه منها : ولا أبي اشوفها إذا كان هي تبي رضاي توافق على أحد الخطاب اللي مايخلصون .
فاتن : جميلة ماتبي الزواج هي تبي تربي ولدها .
مشعل بغضب : انا مالي فيها دخل…إتصلي عليها خليها تطلع والله إذا لقيتها لأقتلها .
وخرج ونزلت منال مع السلم : يمه وش فيه ابوي صوته عالي ؟
فاتن بألم مزق روحها : بيسلم على عمتي ومايبي يشوف جميلة .
منال بحزن " كان الله بعونكِ ياجميلة "
إنتهت فاتن من محادثت جميلة ثم نظرت إلى منال تريد أن تلهي نفسها دون التفكير بحال إبنتها : منول وين بنات فاطمة ؟
منال : كلهم نايمين .
فاتن بحنان : نوم العوافي يارب…فاطمة من البارح وينها حصه تقول ماجات للمستشفى إلا الساعه 8 ونص وبناتها نايمين عندنا .
منال بإبتسامة : يمكن تبي تنام بروحها بعيد عن الإزعاج .
فاتن : الله يخلي لها بناتها هي مو صغيرة عشان نخاف عليها…منول تجهزي العصر بنروح نسلم على ديوم .
منال بحزن شفاف : ياقلبي عليها ديمة كل يوم وهي تعبانة الله يفرج همها .
فاتن : امين .
********************
الرياض~
دخل مشعل بيت والده ونظر إلى والدته التي تجلس بالصاله لوحدها .
قبل راسها ويدينها وهي تتحمد له بالسلامة : الله يسلمك يالغالية .
الجدة علياء بحنان : مشعل طالبتك تسلم على جميلة .
مشعل تغيرت ملامحه غضباً : طلبك على عيني وراسي بس إعذريني يمه جميلة ما إحترمتني وعصت أمري .
الجدة علياء نزلت دموعها : حط نفسك مكانها لو انا متجاهلتك ياولدي يوم امها كلمتها البنت قطعت نفسها بالبكاء بس تبي تسلم عليك .
مشعل بحزم : إعذريني يمه مأبي أسلم عليها ولا أبي أشوف وجهها خلي هتان ينفعها أجل أنا تبيعني بهتان ؟
الجدة علياء وهي تمسح دموعها : والله إنك مجنون تبي جميلة تفضلك على ولدها ؟
مشعل : أنا أبوها اللي رباها وخلاها عنيده ومايهمها راي أحد المفروض تعطيني وجه .
الجدة علياء : الله يلين قلبك يأبو علياء .
مشعل بعد ماقبل رأس والدته : إرخصي لي يالغالية عندي شغل مع حمد بروح اخلصه .
وخرج ونزلت جميلة مع السلم تتجرع مرارة القهر والحسرة .
أبيها من كان يدللها ولا يرفض لها طلب يعاملها الآن بهذه القسوه ؟
مسحت دموعها وجلست بجوار جدتها التي إحتضنت أكتافها بحنان : يابنيتي بيجي اليوم اللي أبوتس يرضى عليتس فيه .
جميلة بصوت مخنوق : والله مأبي من الدنيا كلها إلا رضى أبوي .
الجدة علياء بألم : لا ياجميلة ابوتس يهمه كلام الناس مايهمه مصلحتس هو يبيتس ترجعين لخالد ولا تأخذين من هالخطاب اللي ماينتهون .
جميلة بإعتراض : لا يمه أنا مابي لا خالد ولا غيره ولدي يكفيني عن الدنيا ومافيها .
الجدة علياء بحزن : الله يخليه لتس ولايحرمتس منه…ارجعي لرجلتس واكسبي رضا ابوتس وراحة ولدتس .
جميلة وهو تقف : عطيني مهلة أفكر .
الجدة علياء سعدت كثيراً " رباه أكتب لها الخير " : متى ماطلعتي بقرار خبريني .
جميلة بثقة : أكيد لازم أشاورك اصلاً .
الجدة علياء وهي توقف وترتكز على عصائها : جميلة جعلني ما انحرم منتس ابيتس تروحين معي الحين لديمة بنت عمتس .
ابتسمت جميلة : خلاص بروح اجيب عبايتي واتصل على اختي علياء ترسل لي ولدي .
الجدة علياء ذهبت إلى غرفتها وأخذت عبايتها وإرتدتها وذهبت إلى الصالة .
إنفتح باب المدخل الرئيسي وكانت منال ممسكة بيد هتان : سلام عليكم .
الجدة علياء بحنان : عليكم السلام…ياهلا بمنال هلا ببنتي الغالية يابخت حاتم فيتس اللي يصبح ويمسي على شوفة ذا الوجه السمح .
إعتلت حمرة الخجل وجه منال وتمنت أن الأرض تنشق وتبتلعها مع أن ملكتها مضى عليها سنة وأكثر ولكن زواجها بعد ثلاثة أشهر .
فهي تخجل كثيراً من ذكر اسم حاتم حياء فطري , تقدمت منال لجدتها وقبلت رأسها وقالت بإبتسامه : الله لايوريك ياجدتي بالبيت ماسكة بنات فاطمة والحين تتصل علي علياء تقولي وصلي هتان لأمه عذبوني خواتي بعيالهم الله يعيني عليهم .
الجدة علياء بعفويه : ان شاء الله يجونك عيال وتنشغلين فيهم .
إبتسمت منال لجدتها بخجل " لا تفعلي ياجدتي فأنا لا أريد ذكر زواجي " : إلا جميلة وينها ؟
الجدة علياء : راحت تلبس عبايتها.
منال رفعت طرحتها على رأسها وهي تهم بالخروج : عن إذنك جدتي بروح للبيت .
وخرجت منال من منزل جدتها مع الباب الخلفي ودخلت على بيتهم من باب المطبخ الخارجي .
وأنزلت طرحتها وهي بالمطبخ ودخلت الصالة ورأت حصة زوجة عمها وأم زوجها : هلا عمتي .
وسلمت عليها والأخرى تقول بمودة : شخبارك منول ؟
منال بابتسامة : الحمدلله بخير…كيف ديمة الحين ؟
حصة بأسى : خلاص يامنال البنت هذي عايشة بس على الادوية انتي شفتي كيف تغيرت ؟
منال بحزن : مو معقولة ياعمتي تتركونها كذا…عالجوها .
حصهة: علاجها نفسي اكثر من انه جسدي .
واردفت بابتسامة : وين كادي وخواتها البيت بدونهم والله مايسوى .
منال ابتسمت لحصة : بروح أغير ملابسهم وأنزلهم لك .
حصة وهي تجلس : أنتظرك هنا .
وخرجت فاتن من المطبخ وهي تحمل صينية القهوه والشاي وجلست مع حصة ودارت بينهم الأحاديث المعتادة .
********************
الرياض ~
في الصحراء أوقف حمد سيارته ونزل منها ثم توجه لبيت ضخم داخله مبني من الطوب ومن الخارج مبطن ببيت شعر .
داخل هذا المبنى الضخم كنب فخم ألوانه مابين الذهبي والعنابي وإنارة هذا البيت باللون الأصفر .
دخل حمد فوقف الجميع إحتراماً لم دخل ثم ذهب إلى صدر المجلس دون السلام على أحداً منهم .
جلس حمد بجوار أهم أعضاء العصابة ( الزعيم ) : وين كنت أمس ياحمد ؟
حمد بهدوء : كنت بالدمام .
الزعيم بعصبية : مو محرص عليك ومحذرك يوم الأربعاء ماتطلع من الرياض ؟
حمد مازال على هدوءه : والله ياستاذ أنا شوري مهو بيدك وأروح للي أبي مهوب لازم تعرف لاشفتني واحد من جنودك وقتها عاملني كذا .
الزعيم بتحذير : لاتغتر بنفسك كثير ترا أنت كلها كم شهر وتصير ذبيحة قدامي .
حمد بتحدي : نشوف يازعيم…عشر سنوات وانا اعتبرك ساعدي الأيمن ولا فكرت إني أخونك تاليها تهددني بالقتل ؟
الزعيم بإبتسامة : حمد أنت لاتظن إني أحس أو عندي قلب مثل الناس أنا قلبي حجر يذوب الحجر بس قلبي مايذوب والله لو جابو أمي قدامي يقولون إقتلها والله لأقتلها عاد إشلون انت رئيس عصابة وش دراني عنك إنك ماراح تخوني وأنا إلى الحين مو ماسك عليك شي كبير عشان أي تصرف تتعدى فيه الحدود أبلغ عليك ويصير مصيرك مثل اللي قبلك .
حمد بشموخ وغرور : أنا حمد السيف اللي الناس كلهم عندي خدم تحت رجولي وأنت اولهم يازعيم صدقني ماراح يمر الشهر هذا إلا إنت أكبر عبره لمروجين المخدرات .
الزعيم بعصبية : كم مره قلت لك لاتتكلم بالموضوع هذا ؟
حمد بين اسنانه وبغضب أكبر : أنت مروج مخدرات وهذي أهم حاجة أنا ماسكها عليك – وقال بصوت عالي – متعب وش صار على الأسير اللي قلت لك ؟
متعب بإبتسامة : موجود ياطويل العمر ننتظر اليوم اللي تقابله فيه…حتى هو متحمس لليوم هذا .
حمد : الشهر هذا انا مو فاضي اشوفه ان شاء الله اذا فضيت .
الزعيم : متعذب له سنين هنا بتقتله ولا تطلق سراحه ولا تخليه من اعضاء العصابة ؟
حمد بإبتسامة : مو أنا اللي أطلق سراح أسيري…بغيتك بسالفة .
الزعيم بهمس : أمرني .
حمد بهمس مماثل : أبي راس ولد عمي سعود .
الزعيم بثقه وهو يفتل شنبه : الشنب ذا مهوب على رجال إذا ماجبت سعود هنا .
حمد بفخر : كفو .
الزعيم بأهتمام : هو وين ساكن ومتى تبينا نجيبه هنا ؟
حمد : هو من سكان الدمام الفارس سعود السيف أكيد تعرفه…أبيه بعد ماتُقرأ الوصية .
الزعيم بثقة عمياء : تم .
********************
الرياض ~
مستشفى دلة .
بدأ وقت الزيارة فأتو منال ووالدتها وسلما على ديمة وفاطمة المرافقة مع ديمة .
فاتن بهمس حاني : ديوم حبيبتي خلاص انتي تعبتي قلبك واخوك الله يرحمه هذا يومه .
ديمة بإختناق : ياعمتي حياتي بدون جارح ولا شي وربي حياة ناقصة…كفاية علي أمي خذت مفاتيح غرفة جارح عشان مادخلها .
فاتن مسحت على شعر ديمة البني الناعم الذي تساقط منه الكثير لقلة النوم والأكل : الله يقومك بالسلامه يارب…متى بتطلعين ؟
ديمة بحزن : بكرة…بس خلاص ماعاد يفرق طلعت ولا ماطلعت الحال ماراح يتغير إلا اذا رجع جارح .
فاطمة إبتلعت ريقها وهي تشعر برغبة في البكاء فهي تجهل ماذا سيحدث لها في هذه الليلة : الله يعوضك بالجنة يارب .
لم تعد منال الحساسة تحمل الجلسة فديمة كسرت قلبها وبعثت في نفسها الكثير من الحزن .
نهضت ثم قالت بصوت جاهدت حتى يكون طبيعي : عن اذنكم بروح اشرب ماء .
وخرجت من غرفة ديمة بسرعة ثم جلست بكراسي الانتظار تبكي بحرقة على حال إبنة عمها .
مضت عشر دقائق وهي لا تزالت تبكي .
ديمة تعني لها الكثير إبنة عمها وصديقتها ولم تعتاد على فراق ديمة .
ولكن ديمة لم تعد كما هي الآن جسد خالي من الروح تماماً فروحها ذهبت مع جارح .
مريضة لاتحتمل أي خبر في العام الماضي عندما أخبروها بوفاة جدتها لم تتحمل فأصبحت على السرير الأبيض قرابة الأسبوعين .
ديمة عائشة على ذكرى جارح وجارح فقط .
يبقى جارح الأخ والتوأم القريب لديمة تقاسمو الشكل والتفكير .
تطابقو بكل شيء حتى آخر لحظه كان تطابقهم مشابه لبعض .
هو رحل عن الدنيا وديمة رحلت عن الحياة أيضاً .
مسحت منال دموعها وأعادت ترتيب نقابها ووقفت بسرعة ذاهبة لغرفة ديمة فمن المؤكد أن والدتها سوف تبحث عنها فهي تأخرت كثيراً .
وهي بطريقها ذاهبة إلى غرفة ديمة وتجري بسرعة حتى لا تراها والدتها خارجة من صالة الإنتظار وتعلم إنها كانت تبكي .
فإذا بها تصطدم برجل طويل القامة جسمه متناسق إبتعدت عنه فرفعت رأسها وكانت لها الصدمة بل الطامة .
إنتهـــــــــــى
مازلت بإنتظار دعمكم وتشجيعكم وردودكم .
ملاحظة : يوم فيه بارت ويوم مافيه ، والساعة 6 صباحاً بإذن الله .
–
الجزء الثالث / مابعد مر الرحيل إلا انكسار
********************
الدمام ~
منزل نهى.
بعد صلاة العشاء جلسو في الصالة .
ونظرت نهى بأشقائها معتز وسعود .
قالت بإبتسامة : متى تتزوجون وتريحونا ؟
أبتسم لها سعود بمودة : انا تكفيني ميرا هي وحنتها .
ضحك معتز : ياليت ربي رزقني بوحدة مثل ميرا عشان أفتك من كلمة تزوج تزوج .
سعود بلهجة تحذير : معتز ترا ما أرضى على حبيبة قلبي .
نهى بإبتسامة : الخايسة لها إسبوع من جات هنا لاتمر ولا تسلم .
معتز بجدية : سعود تكفى قولها تروح للمغرب لأني بوديك لأهلك وغصب عنك .
سعود بعدم إهتمام : معتز أنا عندي بطولة مهمة أهم من أهلي اللي مايدرون عني .
نهى : سعود ترا الموضوع مهم وش فيك مرة مو مهتم .
سعود بسخرية : لأن أهلي يعرفوني مو مهتم للموضوع…نهى أهلي مايعرفون عني أي شي سيف ولد عمي يقول محد يعرفني إلا جدي وبس .
نهى : لا أكيد أهلك الحين عرفوك .
معتز برجاء : سعود ليش ماتروح سيف قالك خواتك محتاجاتك مالهم لا سند ولا عون .
سعود : لا لهم سند وعون عندهم عمامهم سندهم وعونهم .
نهى : طلبتك ياخوي روح لأهلك خالتي داليا أمنيتها إنك تروح لأهلك ويلتم شملكم ماتحققت أمنيتها وهي عايشه حققها وهي ميته .
سعود بحزن : أمي الله يرحمها ماتمنت الأمنيه هذي عشانهم .. هي بس تبي سعادتي وأنا سعادتي بعيد عنهم .
معتز نهض وهو يقول : خلاص موضوع أهلك علي وبتروح وغصب عنك ولا والله أن هذا آخر كلام بيننا .
شهقت نهى بصدمة : معتز وش هالكلام تزعل على أخوك عشانه مايبي أهله .
معتز بعصبية : نهى سعود مو صغير عشان مايروح لهم وهو لازم يروح ويقابلهم وياخذ حقه إلى متى وهو عايش بوحدة .
سعود وقف أمام معتز : أروح عشانك بس وعشان حلفك بس يوم واحد وراجعين .
معتز : نروح لأهلك ويصير خير…بعد ثلاث أيام نروح لهم .
سعود بعد إقتناع : إن شاء الله…بس خالتي منيره مين اللي يجلس عندها ؟
نهى بإبتسامة : أنا أجيب أمي هنا لاتشيل همها .
دخل وليد وقال بفرح : هلا وغلا بعيال عمي منورين البيت .
بعد الإنتهاء من السلام قال سعود بمرح : منور بوجودكم .
وليد بإبتسامة وترحيب حار : حياكم الله ياهلا ومسهلا .
معتز : الله يحييك ويبقيك .
جلس وليد بجوار نهى وهو يقول : عشاكم الليلة عندنا .
سعود بإعتراض : والله مشغولين .
********************
مستشفى دلة ~
مسحت منال دموعها وأعادت ترتيب نقابها ووقفت بسرعة ذاهبة لغرفة ديمة فمن المؤكد أن والدتها سوف تبحث عنها فهي تأخرت كثيراً .
وهي بطريقها ذاهبة إلى غرفة ديمة وتجري بسرعة حتى لا تراها والدتها خارجة من صالة الإنتظار وتعلم إنها كانت تبكي .
فإذا بها تصطدم برجل طويل القامة جسمه متناسق إبتعدت عنه فرفعت رأسها وكانت لها الصدمة بل الطامة .
رأت أخر شخص تتمنى رؤيته فهي بها مايكفيها من الضغوط وأيضاً يكفيها خجلاً .
أمسك حاتم بيدها فإذا به يقول بمرح وحب لزوجته التي لم يتبق سوا ثلاثة أشهر ويتحقق حمله وتصبح بين يديه وفي بيته : اليوم أمي راضيه علي وش هالصدفة اللي فوق الخيال .
سحبت منال يدها وهي تقول بصوت مرتجف هامس بالكاد ينسمع : أبعد عني .
حاتم صعق منها " لماذا كل هذا الخوف " : منال فيك شي ؟
منال بحشرجة وخجل : أبعد عن الطريق بطلع .
إبتعد حاتم وهي ذهبت بسرعة إلى السيارة تريد أن تبتعد عنه إلى أخر نقطة في الكون .
ركبت بالسيارة وأخرجت هاتفها وإتصلت على والدتها وهي تبكي : يمة يله بنمشي .
فاتن بقلق : منول حبيبتي وش فيك ليش تبكين ؟
منال بين شهقاتها : تعالي وتعرفين كل شي أنا أنتظرك بالسيارة .
وأغلقت المكالمة وركب السائق وبعد فتره ركبت والدتها بجوارها وهي تقول بخوف : منال وش فيك ؟
منال إرتمت بحضن والدتها : يمه مابيه مابيه .
فاتن إحتضنت منال بخوف : بسم الله عليك وش صار لك ؟
منال رفعت رأسها ثم قالت بصوت مبحوح : يمه مابي حاتم خلوه يطلقني والله مابيه أكرهه .
قالت فاتن بين اسنانها بغضب مكتوم : ياويلك وياسواد ليلك تجيبين طاري الطلاق على لسانك مرة ثانية زواجك مابقى عليه إلا شهرين وأنتي تبين الطلاق ؟
منال : يمه والله هو مثل حمد أنا مأبي أعيش مثل فاطمة .
فاتن بغضب : حاتم مثل ولدي اعرفه زين هو يختلف عن حمد مية وثمانين درجة .
منال بقهر : يمه الحقير شفته قبل شوي ومسك يدي الحيوان قليل الحياء .
فاتن بهدوء : منال لا تنسين انه زوجك ولو جاء وقال ابي منال ماحد يقدر يمنعه منك .
إنتفضت منال بجزع : يمه حاتم مثل حمد طلبتك ماتزوجوني حاتم والله مابيه كرهته .
فاتن بقهر إمتزج بغضبها : ودامك ماتبينه ليش موافقة عليه ؟
منال بإنكسار : خفت ابوي يزعل علي ويصير اللي صار لجميلة .
فاتن : والحين إذا تطلقتي أبوك بيزعل عليك أكثر من زعله على جميلة .
منال بحزن : لا أنا إذا تطلقت مامعاي عيال ولا جميلة رخصت بأبوي عشان هتان .
فاتن بتحذير : أخر مرة أقولك لاتجيبين طاري الطلاق على لسانك .
هزت منال راسها بأسى وهمست : مأحد بيعيش بشقا وذل إلا أنا بس نصبر وش ورانا .
********************
جناح فاطمة وحمد ~
دخلت فاطمة بالغرفة وخلعت عبائتها وسمعت صوت حمد المتمدد على السرير فإذا به يقول بكل سخرية : كان نمتي عند ديمة .
فاطمة " ياليت " وقالت بهدوء : حمد حرام عليك والله أنا فيني اللي مكفيني .
حمد جلس بغضب : حرمت عليك عيشتك إن شاء الله اللي أنتي فيه من حصد يدينك .
فاطمة لم تتحمل فهي متعبة ومرهقة جداً : حصد يديني لأني تحملت ضربك لي وتحملت عيشتي معاك ؟
حمد بين أسنانه : تحملتي ضربي لك وأنتي مابقى إنسان بالدنيا إلا وقلتي له ؟
فاطمة برجاء : حمد طلبتك بس أبي أرتاح اليوم .
حمد وقف وهو يقول : أنا طالع الحين ما أرجع إلا أنتي صاحية لأن عقابي لك مو قليل .
تملك الخوف جميع أطرافها وقالت برعشة : وش سويت أنا ؟
حمد صرخ بها وهو يقترب منها : وش اللي ماسويتيه أهلي مالك فيهم دخل لا ديمة ولا أمي…خليك بنفسك وبناتك وبس .
وخرج وأغلق الباب خلفه بكل قوته حتى أحدث ضجيج مزعج .
وفاطمة جلست على سريرها الوثير بوسط غرفتها البالغة بالرفاهية وكلن كل الأثاث الفاخر والأموال التي تصرف بالملايين عليها لم تسعدها .
إنطوت على نفسها وهي تبكي بحرقة " اللهم فرج همي وأبعث لي راحة يارحمن "
سمعت طرقات على باب جناحها نهضت وغسلت وجهها ووضعت كحل تحاول من خلاله إزالة أثر البكاء .
خرجت من الغرفه وفتحت باب جناحها وقال بإحترام : هلا عمي حياك الله .
دخل عمها نايف : الله يبقيك ويرفع شانك يابنتي .
فاطمة بإبتسامة : الله يطول عمرك…تفضل .
جلس نايف بالصالة الراقية : حمد هنا ؟
فاطمة : لا طلع من ربع ساعه…عن أذنك بجيب القهوة والشاهي .
نايف بإبتسامة : إذنك معاك .
وظل يفكر بإبنة أخيه العظيمة التي لن يكررها الزمن " الحزن واضح بعينيها وتحاول تسعد من هم حولها لو كانت غير فاطمة لم تجلس عند حمد دقيقة , مهما كان مشعل قاسي لست بأقسى من حمد والحياة عند مشعل تختلف عن حمد فمشعل أبيها يستحيل أن يمد يده عليها ومن معزة حمد عند مشعل لم يقول له أن يطلق إبنته "
تنهد واردف ( أنا كل ما طلبت من حمد أنه يترك فاطمة ولا يعذبها يقولي بكل وقاحة مالك دخل أنا أبوه يرد على كذا حسبي الله على من لعب فيه وخلاه كذا حمد من بعد زواجه وهو متغير ماعاد ولدي اللي أعرفه )
قطع عليه افكاره التي غالباً هي مصدر آلمه دخول فاطمة وهي تحمل صينية القهوه والشاي وتضعهم على الطاولة .
وسكبت لعمها فنجان قهوة : تفضل .
اخذه نايف وقال : زاد فصلك .
رشف منه وأنزله على الطاولة ونظر إلى فاطمة : أنا أبي أكلمك بخصوص حمد وحياتك معاه .
إنتفضت فاطمة بخوف وفزع " لا تفعل ياعمي أرجوك لا فأنا لا أريد أن أتحدث عن حياتي القاسية " : لا عمي خيرك واصلني تكفى أبعد عن حمد والله خايفة عليك .
مسح عمها على شعرها وهو يقول بحنان : وأنا خوفي عليك أكثر من خوفك علي…فاطمة حمد يعذبك وأحنا مو قادرين نسوي شي لو قتلك بيوم مأحد بيلومه لأنه ماكان عندك لاسند ولا عون .
فاطمة بعد ماقبلت رأس عمها وعيونها تغرق بالدموع : أنتم سندي وعوني وعصابة راسي وحمد ما راح يقتلني هو مهما سوى يبقى ولد عمي .
نايف : الله يرفع قدرك ويخليك لعين ترجيك أنا ما أدري وشلون تحملتي حمد كل هالسنين .
فاطمة : تحملته لأني عارفه إنه بيجي اليوم اللي أرتاح فيه ويمكن راحة أبدية .
نايف نهض وهو يقول : الله يخلي لك بناتك ويعز شانك .
فاطمة هي أيضاً وقفت لوداع عمها : ويخليك ذخر لنا يارب .
توجه نايف للباب وقال : تصبحين على خير .
جلست فاطمة ع الكنبة ( كل الناس شايلين همي ويتوقعون أني بيوم من ألايام بترك البيت وبروح لأهلي…حتى أنا مستغربه من نفسي لأني ماسويتها
شكل حبي لحمد هو اللي يمنعني )
أخذت نفساً عميقاً وهي تقول " لعن الله الحب الذي ذلني لحمد "
********************
الدمام ~
دخل سعود بيته وصعد لغرفته إستحم وثم عاد للغرفة .
تنهد وهو يتذكر أنه خلال هذه الأيام سوف يذهب إلى أهله " أعانني الله على تلك المواجهة "
رن هاتفه ورد بترحيب حار : هلا أبو عبدالعزيز .
سيف : ياهلا والله بولد عمي شخبارك ؟
سعود بإبتسامه : الحمدلله بخير…كيفك أنت وعيالك ؟
سيف : الحمدلله يارب عال العال…سعود أبي أتكلم معاك بموضوع مهم ممكن ؟
سعود بتوجس : تفضل .
سيف : سعود متى بتجي لأهلك ؟
سعود بحنين : جدي وأبوي ماتو الله يرحمهم من لي أروح له ؟
سيف بذهول : الله يرحم أبوك ؟ عمي مشعل عايش الى الحين .
سعود صعق للغاية كيف أبيه عائش إلى الآن ؟
والدته قالت له أن أبيه مات منذ زمن بعيد جداً
قبل أن تلده , ولكن الآن هاهو سيف يقول له أن أبيه ما زال على قيد الحياة إذ لماذا لم يأتي إبراهيم السيف عندما كان يزور سعود ؟
وقف وهو يشعر أنه مشوش عاجز عن التفكير عاجز عن الكلام .
سعود بصدمة وفكية يرتعشان : وش قلت أبوي عايش ؟
سيف بخوف : سعود وش فيك ؟ مين اللي قالك إن أبوك ميت ؟
سعود بضيقة الدنيا : من طلعت على الدنيا وهم يقولون أبوك ميت أبوك ميت…وأبوي يقول إني ميت بذمتك سيف هذي حياة ؟
سيف يريد أن يريح سعود يريد أن يبعث له ولو بسيط من السعادة : تعال وشوف أبوك وعيش عنده وبترتاح .
سعود بغضب : أرتاح عند واحد تركني من صغري ؟
سيف برجاء : سعود أذكر الله وإهداء ما يحتاج كل هالعصبيه…بكرة أو بعده إن شاء الله بنجيك أنا وأبوك…..
قاطعه سعود بحدة : لا لاتجون أنا أجيكم…ومن زمان وأنا بجيكم وكان جبر عزاي أني بشوف طيف أبوي اللي كنت متوقع إنه ميت بس للأسف تغير كل شي .
سيف بقلق : سعود إنت لاتفكر بأبوك وبس تذكر إن جدتك تبيك وخواتك إلى الحين مايدرون بأي شي .
فز قلب سعود : خواتي ؟
سيف : ايه خواتك علياء وفاطمة وجميلة ومنال كل وحدة محتاجتك أكثر من الثانية .
سعود بإستفسار : يعني كيف ابوي مقصر معاهم ؟
سيف بتردد : مممم لا بس مشاكلهم كثيرة حيل…لاتنشغل بمشاكل خواتك إن شاء الله إذا جيت وتعرفت عليهم أكثر تعرف مشاكلهم وكل مشكلة لها حل إن شاء الله .
سعود بتوتر : والله أقلقتني هذا وأنا ما أعرف ولا وحدة فيهم كيف لا عرفتهم .
سيف : أنا قلت لك عشان تعرف إن أهلك بحاجتك مهوب أنت اللي بحاجتهم .
سعود بثقه : بكرة العصر بإذن الله وأنا بالرياض .
سيف : حياك الله بين أهلك .
سعود : الله يعزك ويرفع قدرك…تصبح على خير .
أغلق المكالمة وهو يشعر بإحساس غريب لتلك الأخوات المجهولات كيف سيواجههم ؟
كيف سيكون لقاءه بأهله كيف سيستقبله أبيه الذي نبذه من صغره ؟
هو لاينكر أنه شعر بفرح عندما علم أن أبيه لا زال على قيد الحياة ولكن شعوره بالخذلان أكبر من فرحته .
********************
الرياض ~
منزل عبدالعزيز السيف .
جناح سيف وعلياء .
جففت علياء شعرها وتعطرت إنفتح الباب ودخل سيف : سلام عليكم .
وقفت علياء وهي تبتسم له : عليكم السلام .
جلست بجواره على الإريكة وهو لا زال صامت .
عقدت علياء حاجبيها بإستفسار : سيف فيك شي ؟
سيف بعد مأخذ نفس : لا مافيني شي…علياء فيه موضوع مهم وأنتي لازم تعرفينه .
علياء بخوف : سيف وش صاير ؟
سيف فجر القنبلة دون تمهيد : عمي مشعل من ثلاثين سنه تزوج مغربية ويوم حملت عمي طلقها وتركها ولا يدري إذا هو عنده بنت أو ولد منها…المهم قبل ست سنوات تعرفت على ولد اسمه سعود السيف ويصير هذا ولد عمي وهو اللي قالي قصته كاملة وسعود بكرة جاي .
شهقت علياء بعنف وهي غير متقبلة لهذا الكلام تشعر أنها لست على الأرض قالت بصوت مخنوق خافت جداً : سيف أنت من جدك ؟
سيف إحتضنها وهو يقول : علياء حبيبتي وش فيك ؟
علياء وهي تبكي بعنف : ليش أبوي يسوي فينا كذا ليش يعذبنا ؟
سيف بحنان بالغ وهو يزيد من إحتضانه لها : علوي ياقلبي أهدي والله ماله داعي البكاء خلاص أفرحي بأخوك .
علياء بضيقة وهي تشعر أن الأوكسجين أنقطع عنها تماماً : أنا وين والفرح وين ياخوفي بكرة يصير لي خوات من أبوي مرميات بالشوارع .
سيف بفزع : لا عمي مو حقير لهالدرجة يرمي بناته بالشارع .
علياء رفعت نفسها من حضن سيف ونظرت له وهي تمسح دموعها : لو جدي الله يرحمه ماكان موجود يوم طلاق جميلة جميلة وين بتروح ؟ أبوي والله ما بقلبه رحمه .
سيف : هو يبي جميلة بس مايبي هتان .
علياء بصوت مبحوح من البكاء : وهتان بعيون جميلة يسوى الدنيا ومافيها ماعندها مانع لو تعيش بجحيم بس أهم شي هتان عندها .
سيف : الله يخليه لها .
علياء : آمين يارب .
********************
الدمام ~
إستيقض سعود على صوت المنبه وتوضأ وخرج يصلي الفجر في المسجد المجاور لبيته .
إنتهى من الصلاة مع الجماعه وقابل معتز وهو خارج من المسجد : صباح الخير سعود .
سعود بإبتسامه : صباح النور والسرور…البارح أتصل على سيف ولد عمي وقررت نروح اليوم للرياض .
معتز بادله ألابتسامة : بنروح نفطر أمي مسويه لنا فطور وكنت بجيك بالبيت بس ربي جابك هنا .
وأتجهو إلى بيت الخالة منيرة ثم دخلو .
وقفت منيرة وسلمت على سعود الذي قبل رأسها ويدينها : صباح الخير يمة .
منيره بمودة وحب لأبن شقيقتها التي عرفتها عليها الدنيا : الله يصبحك بالرضا والعافية…عن إذنكم بجيب لكم الفطور .
وقف معتز ثم قال: أنا أجيبه .
أبتسمت منيرة : الله يرضى عليك وجعلني أشوفك عريس يارب .
معتز : آمين .
ذهب معتز إلى المطبخ ونظرت منيرة إلى سعود : معتز قالي إنك ناوي تروح لأهلك متى ناوي تروح ؟
سعود بابتسامة رغم قلقه وتوتره ولكن هكذا سعود لاتظهر على وجهه سواء معالم الثقة : إن شاء الله اليوم العصر .
منيرة بحنين ودموعها تتحجر بعينيها : الله يرحمك ياداليا كانت تتمنى تشوفك بين أهلك .
سعود وقف وقبل رأس منيره : الله يرحمها…عشان خاطري لاتبكين .
منيره وهي تمسح دموعها : غصب عني ياولدي داليا ألاخت والرفيقة اللي عرفتي عليها الأيام أنا ما أدري وشلون بقضي باقي عمري بدونها جعل قبرها روض من رياض الجنه .
سعود بحزن داخلي يقطع شرايين قلبه فمن ماتت هي والدته التي كانت له كل حياته وكانت له أوكسجين يومه فهل يعيش الإنسان طبيعي وأوكسجينه يتناقص شيئاً فشيئاً ؟ : آمين يارب…هذا الطريق اللي كلنا بنسلكه الله يغفر لنا ويحسن خاتمتنا .
منيرة : اللهم آمين الحمدلله اللي مصبر قلبي لأنها من أهل الخير .
دخل معتز ووضع صينية الفطور على الطاولة الصغير التي تتوسط المجلس : حياكم الله .
جلسو سعود ومعتز على الارض وبدوء يفطرون .
نهضت منيرة : عن إذنكم بروح أنام .
سعود ومعتز سويا : أذنك معاك .
وخرجت منيرة ونظر سعود بمعتز : ممم معتز أنا بقولك شي بس يمكن تنصدم .
معتز بتوجس وهو يعقد حاجبيه : قول .
سعود : يوم كلمت سيف يقول أبوي عايش .
معتز ألجمته الصدمة وبعد دقيقة تكلم بذهول : كيف يعني يكذبون هو ما مات ؟
سعود : لا ما مات وهذا اللي يخليني أتردد أكثر من قبل إني ماروح لهم يعني أبوي لو يبيني كان ماقال انه ميت لا واللي قاهرني شهادة وفاته موجوده عندي…معتز بذمتك هذا أب يعني هو متبري مني بالطريقة هذي .
معتز : لا هو ماتبرا منك بس مايبيك .
سعود : انا خايف اروح لهم وأشوف أبوي بس المشكلة وعدت سيف أجيهم اليوم هو من يوم قال خواتك بحاجتك ماقدرت أقوله لا .
********************
صباح الرياض ~
صباح نسمات الهوا الباردة التي تحمل التفاؤل والأمل في القلوب المحملة بالحزن .
اشرقت الشمس ليوم جديد بهيج بين ناطحات السحاب الضخمة .
دخل مشعل السيف شركة عائلة آل سيف إحدى أطول ناطحة سحاب في العالم العربي .
يمشي بهيبته وغروره المعتاد أو ربما ثقته الزائدة بنفسه يمشي بين ممرات الشركة وخلفه الحرس الخاص به والخدم سحملون حقيبة جهازه وحقيبة أوراقه المهمة .
دخل مكتبه بعد مافُتح له الباب .
أنزل البشت وعلقها على الشماعة وجلس على الكرسي الضخم الفخم .
رن هاتفه وكان المتصل سيف إبن أخيه رد بـ : هلا أبو عبدالعزيز .
سيف : هلا بك صباح الخير .
مشعل : صباح النور .
سيف بتوتر فهو يخشى مواجهة عمه : عمي اليوم ولدك سعود إن شاء الله بيجي .
مشعل بلهفة رغم جهله لمن هو سعود ولكن يعلم أن له ولد إسمه سعود : أنت كلمته ؟
سيف إبتسم " لو تعلم ياسعود بلهفة أبيك ماذا ستكون ردة فعلك ؟ " : ايه كلمته البارحة وقالي إن شاء الله العصر وهو هنا .
مشعل وقف وصوته يتهجد فهذا كثير عليه : سيف أنت متأكد انه جاي الحين ؟
سيف أستغرب من عمه : ايه إن شاء الله بيجي .
مشعل بفرحة : وش ذا الصباح اللي بدايته خير وبركة…سيف الليلة بسوي حفلة لولدي أبي الرياض كلهم يدرون إن ولدي بيجي لبيتي .
سيف بإبتسامة : من عيوني بعزم اللي أعرفهم .
مشعل يشعر أنه يحلق بين السحاب فهو سعيد للغاية : الله يفرح قلبك مثل مافرحت قلبي بهالخبر .
سيف : جعل أفراحك دايمة ياعمي…تامر على شي ؟
مشعل : ما أبي إلا سلامتك .
وأنزل هاتفه على الطاولة ونظر إلى مدير اعماله مروان المنهمك على الجهاز المحمول : مروان .
ترك مروان شغله ونهض بإحترام : هلا ياطويل العمر .
مشعل بإبتسامة : اليوم بسوي حفلة لولدي سعود خبر كل اللي بالشركة .
مروان : حاضر .
مشعل أخذ هاتفه وأدخله بجيبه ثم حمل بشته على ذراعه : أنا طالع للبيت أتصل على حمد يجي يمسك مكاني…حياك الله على العشاء الليلة .
مروان : الله يسلمك ويبقيك ياطويل العمر بس أنا اليوم عندي ضغط بالشغل .
مشعل بإعتراض : ما أسمح لك إلا تتعشى عندي الليلة ولازم تسلم على ولدي .
مروان : من عيوني أفرغ نفسي لأجلك ياطويل العمر .
مشعل : أنتظرك الليلة…يله سلام .
وخرج مشعل وركب بسيارته وأمر السائق أن يذهب إلى البيت .
كم هو سعيد الآن يشعر أن سعادته تفوق الكون كله " يا الله كل هذا كثير علي "
كيف أن يأتيه أبنه الليلة وفي بيته ؟ لم تأتيه حتى في أجمل أحلامه .
" سأعوضك يابني عن كل لحظة حزن
سوف أحتويك ولن أجعلك تشعر بالحرمان
فمن يحزن أو حتى يخاف وسنده مشعل السيف ؟ "
وصل البيت ونزل وهو يشعر إنه يرفرف من الفرح دخل البيت : سلام عليكم .
فاتن نهضت وهي تبتسم له : عليكم السلام .
جلس مشعل بجوارها وهو مازال مبتسم أتاه صوت فاتن : جعله صباح مبارك اللي أبتسامتك مافارقتك من دخلت .
مشعل بفرح : أي والله إن اليوم هذا أسعد أيام حياتي ولدي سعود جاي الليلة .
فاتن عقدت حاجبيها وهي تشعر بالغضب كيف يفرح أن ولد ضرتها سيأتي الليلة : مو تقول إنه مات ؟
مشعل مازال مبتسم فلن يكدر سعادته أي شيء : بس قلت كذا عشان أبوي مايزعل علي ويقولي أجيبه هنا .
فاتن شعرت بالغيرة تتملك قلبها تعوذت من الشيطان الرجيم : الله يحييه بين أهله .
مشعل : الله الله يافاتن بولدي أبي تصيرين له مثل ألام .
فاتن بهدوء : الله يخلي له أمه والله مايوصل قدري ربع قدرها عنده .
مشعل بحب : أهم شي قدرك عندي والله محد وصله ولا أحد راح يوصله .
فاتن بحزن : حتى المغربية اللي تزوجتها علي ؟
مشعل وهو يحتضن كتفيها : والله يأم علياء قدرك أعلى من قدرها وقلت لك والله محد يوصل قدرك .
********************
منزل الجدة علياء ~
بحديقة البيت الواسعة الشاسعة الخضراء بلون الطبيعية .
صوت العصافير تغرد بأجمل الألحان .
وشعاع الشمس المضيء الذي بعث الحياة للأشجار المثمرة .
جميلة وجدتها يتناولن القهوة الصباحية المعتادة وبعد السوالف العامرة بالمحبة .
الجدة علياء دون أدنى مقدمات : جميلة حبيبتي أبوتس من قبل 30 سنة متزوج مغربية وجابت ولد واخوتس بيجي اليوم للرياض .
سقط كوب الحليب من يد جميلة وقفت جدتها وهي تقول بخوف وهلع : أنكب عليتس ؟
هزت جميلة رأسها بالنفي وهي مازالت مصدومة .
مسحت جدتها على شعرها الناعم الذي يصل آخر ظهرها : بسم عليتس وش فيتس ؟
جميلة بين شهقاتها : والله حرام عليكم تفجعوني كذا…يعني بيجي اليوم كان قلتو لي من أمس أو قبل عشان أتقبل .
الجدة احتضنتها بحنان ودموعها تخونها وتنزل بغزارة كدموع حفيدتها المصعوقة من هذا الخبر : يابعد حيي والله تو قالنا سيف إن سعود جاي الليلة
جميلة مسحت دموعها ونهضت وهي تقول وأنفاسها تتسارع ودقات قلبها لا تهدأ : مادري بأي نفسية بقابله .
ودخلت إلى البيت وهي تشعر إنها تحلم " رباه ألطف بحالي كيف يظهر لي أخ فجأه "
دخلت بغرفتها وجلست على السرير تبكي بشدة .
سمعت همسات صغيرها هتان : ماما ليش تبكين ؟
مسحت جميلة دموعها وهي تقول بين شهقاتها : لأن…لأن..
هتان قاطعها وكأنه يعلم ماسبب دموعها المستمرة دوماً : عشان جدي مشعل عصب عليك ؟
جميلة إبتسمت بين دموعها وهي تحاول أن تنسيه موضوع بكاءها : حبيبي يله قوم بسوي لك شور عشان تروح تلعب مع عيال خاله علياء .
نهض هتان معها دون أي معارضة .
وبعد ماحممته جميلة و ألبسته ملابسه أمسكت بيده ومشت بجواره إلى الصالة : حبيبي أجلس هنا بروح أجيب لك فطور .
وذهبت إلى المطبخ وإستكملت بكاءها ثم أمرت الخادمة أن تحضر الفطور لهتان .
" ماهذه القلوب القاسية كيف سأقابل أخي الليلة
يستحيل أن أواجهه وأنا طبيعية فأنا مازالت أشعر بأني في حلم "
********************
جناح فاطمة وحمد ~
فاطمة تنتظر حمد منذ أن خرج البارحة الساعة العاشرة لم يعد ولم يتصل والآن الساعة الثامنة والنصف الصباحاً وهو لم يعد .
متوترة وقلقة وخائفة عليه وخائفة منه لأنه توعدها قبل أن يخرج .
هاتفها بيدها وهي تمشي ذهاباً وإياباً بالغرفة تشعر إنها ستنهار إن غاب مطولاً .
نفثت بـ اووف وهي ترى الساعة ( من بعد الفجر انتظره الى الحين ماجاء الله يستر بتصل عليه )
جلست على الإريكه تنتظر حمد فهي تعبت من الوقوف .
إتصلت عليه بخوف وتردد ورد عليها بعصبية : نعم .
فاطمة بإرتياح رغم عصبيته عليها ولكن مايهمها إنه بخير : حمد وينك تأخرت ؟
حمد بصراخ وغضب : لا يكون بتحاسبيني ياست فاطمة ؟ انتي آخر من يسأل عن تأخري عن البيت سمعتي ؟
فاطمة " الأهم إنه بخير " : إن شاء الله…بس خوفتني عليك .
حمد بغضب أكبر : مانيب أصغر عيالك عشان تخافين علي .
فاطمة بضيقة : هذا جزاي لأني مانمت وقلقت عليك ؟
حمد : فطيم ترا موب ناقصك أنا…يكفي أخوك اللي مادري من وين طلع لنا .
فاطمة بإستغراب : أي أخو ؟
حمد بغضب : أخوك سعود اللي طلع لنا بوقت الورث .
فاطمة بعدم تصديق : حمد أنت تتكلم من جدك ؟
حمد شعر أنها تجاوزت حدودها " هل تقل عني كاذب ؟ " : ومن متى وأنا أمزح معاك ؟ فطيم أنا الحين بالشركه ومشغول مع السلامة .
وأغلق المكالمة وظلت فاطمة مذهولة ( اي اخو اللي حمد يتكلم عنه ومن جد انا عندي اخو ؟)
اتصلت على والدتها : صباح الخير .
فاتن بمودة : صباح الورد ياهلا وغلا .
فاطمة : هلا بك…يمه صدق انا عندي أخو اسمه سعود ؟
ابتسمت فاتن : ايه واخوك سعود الليلة بيجي ان شاء الله .
شعرت فاطمة بسعادة " رباه إن كان حلم أجعله يطول ويطول ولا أستيقض منه " : يمه صدق ؟
فاتن ضحكت بخفوت : والله صدق .
فاطمة وقفت وهي سعيدة وسعادتها كبيرة جداً تشعر أن أرجلها سوف تخونها لا تحتمل الوقوف فكل هذا كبير عليها .
سعيدة جداً بأخيها الذي تجهل منه كل شي عرفت اسمه فقط .
لاتعلم كيف صفاته كيف شكله كيف اخلاقه ؟
ورغم كل هذا فرحت كثير بأخيها المجهول .
ربما لأنها أكثر معاناة من أخواتها محتاجة لسند وعون فرحت بسعود .
لأنها تشعر بالنقص عندما سمعت حمد يقولها : إنتي ماعندك أخوان وأبوك يفضلني عليك .
أخذت فاطمة نفس عميق وقالت : الحمدلله يارب .
فاتن : خليك أحسن من خواتك علياء تقول مو مصدقة وجميلة نفسيتها زفت ومنال منهارة بغرفتها مو راضية تفتح الباب .
فاطمة بإستغراب : وليش كل هذا المفروض يفرحون بأخوهم .
فاتن بألم : يمكن عشان مشعل حرمه منهم وحرمهم منه .
*********************
بعد المغرب .
تقرر اقامة حفل كبير احتفاء واحتواء بسعود إبن مشعل آل سيف .
بمجلس رجال آل سيف المكتظ بالرجال واغلبهم رجال أعمال معروفين .
مشعل يجلس بوسط المجلس ينتظر سعود على احر من الجمر .
نهض وذهب لسيف الذي يجلس بين أبناء عمه : سيف يأبوك إتصل على سعود شوف وين وصل الله يهديه لو جاي على طيارة كان الحين واصل .
اتصل سيف بسعود : الو .
سعود بإبتسامة : هلا أبو عبدالعزيز .
سيف : وينك تأخرت كلنا نتظرك ؟
سعود بإبتسامة : تو دخلنا الرياض…بس نروح نأكد الحجز بالفندق ونجيكم .
سيف بإعتراض : تنام بفندق وإنت بين أهلك بيتي وبيت أبوي كلهم تحت أمرك وإنت الداخل وإحنا الطالعين .
سعود : ماتقصر يابو عبدالعزيز بس أنا معاي معتز مايصير أحرجه وأخليه ينام عند أهلي .
سيف بإبتسامه : أفا عليك معتز واحد منا وفينا .
سعود يتهرب من سيف : الله يسلمك بس ما أدري يمكن هو ما يبي .
سيف بإصرار : أنا أقنعه ومباتك الليلة إن شاء الله ببيتي قول تم .
سعود إستسلم : تم…والله أحرجتني يأبو عبدالعزيز .
سيف : أنت أخوي وهذا أقل شي أقدمه لك….مع السلامة أشوفك على خير إن شاءالله .
سعود : إن شاء الله .
أغلق المكالمة ونظر له مشعل وهو يقول بلهفة : ها متى بيجي ؟
سيف بإبتسامة : الحين جاي .
وبعد 30 دقيقة سريعة عند البعض وبطيئة عند البعض .
دخل سعود برفقة معتز وسيف الذي إستقبلهم .
إنتهى . . .
أسفة على تأخري بتنزيل البارت ماقدرت أنزله الصباح 🙁
نجمة النهار … شكراً لدعمك ولازلت أنتظر المزيد من الدعم والتشجيع .
لا حول ولا قوة إلا بالله
إليكم البارت الرابع
الجزء الرابع / مابعد مر الرحيل إلا انكسار .
دخل سعود برفقة معتز وسيف الذي إستقبلهم .
وقف مشعل وهو يشعر بأن أرجله مبتورة تحامل على نفسه وتوجه لهم وأشار له سيف على سعود ( يعني هذا ولدك ) .
إحتضنه وهو يهلي ويرحب بكلمات شوق غير مرتبة كلمات تعبر عن مدى فرحته بإبنه : ياهلا والله بالغالي ياهلا بولدي تو مانورت الرياض .
سعود ببرود رغم صعوبة الموقف عليه إلا إنه وجد نفسه هادئاً بارداً : هلا بك .
أفلته أبيه من حضنه وقبل سعود رأس أبيه فقط مجاملة .
وإبتعد عنه وتقدم معتز لمشعل وسلم عليه ومشعل يرحب به ترحيب حار .
وبعد ما إنتهو من السلام على جميع من حضرو .
جلسو بصدر المجلس .
مشعل بفرحة : ياهلا ويامرحبا فيكم…سلامة الاسفار .
لكز سعود معتز بمعنى أن يرد على مشعل .
ورد معتز : الله يسلمك ياعمي ويبقيك .
مشعل بلهفة : وش أخباركم ؟
سعود ببرود عكس أبيه : بخير الحمدلله .
مشعل نظر إلى معتز وبفضول : عرفنا على خويك ياسعود ؟
سعود : هذا أخوي معتز .
شعر مشعل بزلزال يضرب قلبه بسرعه 7 ريختر " لا لا لست إبن داليا " وبإستفسار : من ولده ؟
سعود بهدوء : ولد محمد بن فهد .
مشعل إنبترت فرحته بسعود وإبتسم وهو يشعر أن قلبه ينزف وينزف بشدة : ونعم .
معتز رد بإبتسامة : ينعم بحالك .
مشعل " سامحك الله ياداليا هل تزوجتي من بعدي ؟
– وإنت يامشعل ترتجي منها ألا تتزوج بعدك وانت تركتها وهي حامل وبأمس الحاجة لك ؟"
سيف بإبتسامة : سعود تعال سلم على جدتي من اليوم وهي تنتظرك .
نهض سعود وداخله مشاعر متضاربة قلق توتر ترقب خوف : عن إذنكم .
وخرج مع سيف : الحين تروح تسلم على جدتي وخواتك .
سعود بشوق : جدتي وش إسمها ؟
إبتسم سيف : توك تسأل ؟ جدتي إسمها علياء وخواتك الكبيرة علياء أم عبدالعزيز وبعدها فاطمة وبعدها جميلة وأصغرهم منال .
سعود بتوجس : كيف خواتي متقبليني أو لا ؟
سيف : ما أدري والله…اللي متأكد علياء تتمنى شوفتك اليوم قبل بكرة .
وقفو أمام الباب الرئيسي لبيت الجدة علياء أمام البيت الضخم .
سيف أشار له : هذا بيت جدتي .
سعود بتوتر : متوتر .
سيف بإستغراب : ماتوترت وإنت بتسلم على أبوك وعمامك طوال الأشناب…تتوتر الحين ؟
سعود تنفس بعمق ثم أردف : إنت عارف البنات وعاطفتهم .
سيف : توكل على الله وإدخل من اليوم وهم ينتظرونك .
سعود " اللهم ألهمني الصبر لا أعلم كيف ستكون مواجهتنا " طرق الباب والتوتر يصل الذروة القصوى .
********************
منزل نايف السيف ~
بغرفة ديمة المليئه بألوان الحياة وأطياف السعادة عكس صاحبة الغرفة .
المنقطعه عن الدنيا منذ عامين وستة أشهر .
أدخلتها والدتها بالغرفة وهي تتسند على والدتها .
ساعدتها حصة حتى مددتها على سريرها : الحمدلله على سلامتك تو مانور البيت يانور عيني .
ديمة بوجع : الله يصبرك يمه يمكن ربي بلاك فيني يختبر صبرك يمه أنا مافيني أمل خلاص ماراح أعيش .
شهقت حصة ووضعت يدها على شفائف ديمة مانعتها عن إكمال حديثها : اششش الكلام هذا مايجوز…أنتي لاتحزنين على جارح إلى حد الجزع وربي حرام سنتين ياديمة مو راضيه تعيشين مثل الناس والخلق ؟ سنتين وأنتي حابسة نفسك بالبيت عشان أخوك مات ؟
ديمة قاومت ضعفها وجلست ومسحت دموع والدتها التي تجلس بجوارها : يمه لا تبكين علي وروحي لبيت عمي مشعل أفرحي معاهم وشاركيهم فرحهم بولدهم .
حصة بحزن : كيف أفرح وإنتي هنا حزينة وتبكين على أخوك اللي مات من سنتين أنا أمه قدرت أعيش بدونه وإنتي إلى الحين ماتقبلتي الخبر ومو مصدقة لا تجزعين والله حرام عليك…أذكري الله وصلي ركعتين وأدعي إنك تنسين أخوك .
ديمة وهي تسند ظهرها على السرير : مستحيل أنسى جارح أنسى نفسي بس ما أنساه يمه إذا تحبيني صدق روحي لبيت عمي مشعل .
حصة وقفت وهي تقول : أنا بروح لهم الحين وأنتي إذا تحبيني بعد روحي معاي .
هزت ديمة راسها بالنفي وقالت بإختناق : والله ما أقدر .
حصة قبلت رأس ديمة وبحنان أمومي : أتمنى أرجع من عندهم وإنتي بنتي اللي أعرفك اللي أبتسامتك ماتفارق وجهك…ديمة أقسم بالله من سنتين ماشفتك تبتسمين حرام عليك إنتي إلى الحين عايشة .
ديمة بحشرجة : أوعدك يمة إذا رجع جارح أصير مبتسمة طول الوقت وأنسى شي إسمه حزن .
حصة لم تحتمل هذا الكلام نزلت دموعها مجدداً : الله يسامحك ياديمة .
وخرجت من عندها وأخذت ديمة هاتفها من على الكومدينة وأخذت السماعة وشغلت انشودتها المفضلة في الأونة الأخيرة .
رحل منهو يسليني وصار اليوم في قبره
رحل عني وفارقني حزين وصرت في حسرة
ذكرته يوم يحاكيني وهالبسمات من ثغره
ذكرته يوم يواسيني إذا ما هلت العبرة
ذكرته يوم يشكي لي عن همومن ملت صدره
ذكرت وهلت دموعي وصار الفكر في أسره
حبيبك راح ياقلبي ولا حتى بتشم عطره
وظلك مات ياظلي سكن وإياه في قبره
ألا وينك تسولف لي تحت أنوار هالقمرة
وتنشدني عن أخباري ترا عقبك غدت مرة
ألا ياغايبن عني ترا قلبي فقد صبره
ولكن الأمل عندي لقاك بجنتن نضرة
ألا منصور يا غالي فقدك الكون من كبره
عساه بخلد يا ربي ويشرب عذب من نهره
*
أنزلت السماعة وهي تقول ( لا جارح مامات ليش أنا أصدقهم وأكذب إحساسي أخوي عايش إيه أنا أحس فيه ) .
طرق باب غرفتها ودخل أخيها حاتم : سلام عليكم .
ديمة بصوت أقرب للهمس صوت مليء بالحزن والتعب : عليكم السلام .
جلس حاتم على الكرسي بجوار سرير ديمة : الحمدلله على السلامة ديوم…من عرفت إنك هنا جيت دايركت من مجلس الرجال .
ديمة بمودة : الله يسلمك ويخليك لي يارب ولا يحرمني منك .
حاتم قبل رأسها ثم قال : ولا منك يارب…ديمة ليش مارحتي مع أمي لبيت عمي ؟
ديمة بألم جعل روحها تنشطر إلى نصفين نصف منها مات مع جارح والنصف الأخر بقي على ذكراه ويتجرع لوعة فقده : بيت عمي فرحانين بسعود وإذا رحت هناك قلبت فرحهم نكد أنا ما أبي أصير سبب بإنكسار فرحتهم .
حاتم يريد أن يضغط عليها فهي تنتهي يوماً تلو الأخر وهو مكتف الأيدي : وكيف ترضين تصيرين سبب بإنكسار فرحتنا أنا وأمي وأبوي ؟
نزلت دموع ديمة : والله غصب عني أبي أخوي موب قادرة أعيش بدونه .
حاتم بفزع وهلع : أنتي ماتخافين ربك والله حرام اللي تسوينه جارح مات خلاص إرضي بالواقع ياديمة .
ديمة بين شهقاتها وبكاءها المستمر دوماً : كيف أصدق إنه ميت وأنا أحس فيه ؟
حاتم مسح دموعها بحنان : ديمة ياقلبي إحساسك لأنك فقدتي نصفك الثاني حتى لو هو ميت تحسين بأحاسيس غريبة وهذا يصير بين التوأم .
ديمة : وش يضمن لي إنه ميت ؟
حاتم بهدوء : حمد وعامر مصلين عليه .
ديمة وهي تبكي : ليش هو حمد يعرف الصلاة عشان يصلي على ميت ؟
حاتم بحدة : ديمة عيب عليك هذا أخوك الكبير .
ديمة صرخت بكل قهر : أخوي الكبير ما إحترم أمه وأبوه عشان أحترمه…عامر صديق جارح مستحيل يتخلى عنه بس ليش تركه يتعذب ؟
حاتم : أقسم بالله ياديمة إنهم مصلين على جارح بلندن ودفنوه هناك .
********************
إنفتح الباب ودخل سعود ومشاعره متضاربة بين قلق وفرح .
مشى خطاء واثقة عكس داخله مرتبك وقلق بشدة .
أول مارأى هي جدته التي تقف بنصف الصالة بجمسها الممتلئ ويداها المجعدتان التي تمسك بهما عصاتها .
عاجزة عن المشي فأرجلها لم تعد تحملها .
حاولت أن تتقدم خطوات قليلة لحفيدها التي لأول مرة تراه .
ولكن هو توجه لها بسرعة قبل رأسها وهي إحتضنته وترحب به بحرارة وشوق وصوتها يتخلله البكاء .
قبل سعود رأسها مرة أخرى وقبل يدها وقال أخيراً : لاتبكين جعل عيني ماتبكيك .
الجدة علياء مسحت دموعها بطرف طرحتها : دموع فرح ياولدي…سلم على خواتك .
توجه سعود لأخواته الواقفات بإنتظاره بشوق ورهبة وتردد وفرح .
أولهن علياء سلمت عليه بهدوء وحذر عكس جدتها فالموقف صعب جداً أن تسلم على رجل لأول مرة تراه .
حتى سعود أثار أستغرابه هدوءها وأستغرب أكثر من رجفتها الغير طبيعية .
علياء بصوت مرتجف حاولت جاهدة أن يخرج طبيعي : أنا علياء .
سعود بإبتسامة : ياهلا والله وش أخبارك يأم عبدالعزيز ؟
علياء شعرت إنها لا تستطيع أن تتكلم لإنها عندما تتفوه بكلمة سوف تنفجر ببكاء غير مبرر .
هزت راسها بإيجاب فهي لا تستطيع أن تنطق بكلمة كل هذا يكفي فهي مضغوطة للغاية تريد أن تذهب من هنا حتى تبكي .
تقدم سعود لأحد زهراته الأربع لأكثرهم حناناً وعطفاً .
سلم عليها وهي التي بادرت بإحتضانه وقالت وصوتها يتخلله البكاء وكان صوتها مؤلم على قلب سعود فهو شعر بحب أخوي تجاههن فالله سبحانة هو من فرض هذه الفطرة فإحساس الأخ بأخيه أكبر من كل شيء : ياهلا والله بأخوي ياهلا بالغالي .
سعود بحب ومودة بعد ماقبل رأسها : هلا بك أكثر .
فاطمة بإبتسامة صافية وبمودة وأخوة : أنا إختك فاطمة? – ثم أشارت على بناتها – وهذولا بناتي .
سلم سعود على الصغيرات بمحبة : الله يخليهم لك وتشوفينهم عروسات إن شاء الله .
إبتسمت له فاطمة : شخبارك ؟
سعود إرتاح لها إن لم يرأ قبول من أخواته الأخريات هي تكفيه : الحمدلله بخير…إنتي شلونك ؟
فاطمة بسعادة : الحمدلله بخير دامني شفتك .
جميلة بمرحها المعتاد رغم إنها لأول مرة ترا سعود فهي مصرة على أن لاتكون بينهما رسميات منذ البداية : خلاص ماصار سلام حتى أنا بسلم على أخوي .
إبتسم لها سعود وإتجه لها وسلمت عليه : هلا وغلا بالغالي تو مانورت الرياض .
سعود بفرح : منورة بوجودك .
حملت جميلة هتان الذي كان يقف بجوارها وهي تقول : هذا ولدي هتان .
سلم عليه سعود وهو يقول : أجل إنتي جميلة ؟
إستغربت جميلة كيف عرفها : إيه.
وتقدم لمنال الخائفة المرتبكة لم تستطيع السيطرة على دموعها فأعينها مليئة بالدموع .
سلم عليها سعود وكانت قريبة للأنهيار لا تستطيع الوقوف أكثر من ذلك هي تماسكت كثيراً ولكن فشلت .
جلست على الكرسي ودفنت وجهها بكفيها وهي تشهق بعنف .
جلس سعود على ركبه أمامها وهو يقول بقلق : منال…منال وش فيك ؟
الجدة علياء بمودة : إتركها ياسعود هذي حساسة وأقل شي يأثر فيها من عرفت إن عندها أخو وهي ماكفت دموعها وتوها قدرت تمسك نفسها ومن شافتك ماقدرت تتحمل .
وقفت منال وخرجت إلى منزل والدها بسرعة .
ثم نهضت علياء وهي تقول برجفة : ع ع عن إذنكم ب بشوف مم منال .
وخرجت خلف منال وهي أيضاً تريد أن تبكي لكي ترتاح .
سعود جلس على الكنبة بجوار جدته سكبت له فاطمة فنجان قهوة وهي تقول : حيا الله من جانا .
سعود بإبتسامه وهو يتناول فنجانه : الله يبقيك .
الجدة علياء مسحت دموعها بطرف طرحتها وهي تقول : والله أني بشوفتك أسعد إنسان على وجه الارض الله لايخليني منك .
قبل سعود يدها المجعدة المزينة بالحناء الغامق وفص خاتمها الفضي العتيق التي مازالت متمسكة به رغم تغير الزمان وتعدد أطقم الفضة والذهب ولا كنها متمسكة بخاتمها : وأنا والله فرحان بشوفتكم .
طرقات خفيفة على باب المدخل .
ثم دخلت الطارقة فاتن مرتدية جلالها ولافته على رأسها يصل إلى أعلى ركبها فهي إن كانت خالة سعود زوجة أبيه وتعتبر من محارمه فهي لأول مرة تقابله وتخجل أن تقابله بمنظر غير ذلك .
تقدمت وسلمت على سعود : يامرحبا بالغالي زارتنا البركة .
سعود بإبتسامة : هلا بك أكثر .
ظن سعود إنها إحدى عماته فسلامها عليه يشعره إنها مهتمة به كثير وإهتمامها لايقل عن إهتمام شقيقاته به .
فاتن خالفت كل ظنونه وهي تقول : أنا فاتن زوجة مشعل .
سعود قبل رأسها بإحترام : ياهلا بك وش أخبارك ؟
فاتن بإبتسامة : الحمدلله بخير…سلامة الأسفار…وش أخبارك ؟
سعود بمودة : الله يسلمك…الحمدلله بخير .
فاتن : عن إذنكم بروح أشوف منال عجزت فيها علياء .
قلق عليها سعود بشدة تمنى أن يقول لهم ( بروح أشوفها , طمنوني عليها )
بالفطرة هي شقيقته ودمه ودمها واحد ولكن لايعقل أن يطلب منهم أن يراها فما زال هناك العديد والعديد من الحواجز في حياته بين شقيقاته , يشعر بالضيق عندما يسمعهم يقولون منال منهارة .
الجدة علياء شعرت بسعود : لا تشغل بالك يأبوي منال كذا .
جميلة بإبتسامة : عاد منال تستحي من ظلها وأكيد إنها مستحية منك وهي تعبر عن حياءها بالبكاء .
الجدة علياء بمرح : وأنتي وأختس وراكن ماتستحن ولا مابوجيهكن حيا ؟ الحيا زين البنت .
ضحكت فاطمة : هذا أخونا الله يرضى عليك ياجدتي ومايصير نقابله برسمية .
سعود بإبتسامة فهو أحب طريقة كلامها وأيد كلامها فهو ماكان يريده منهم هو البعد كل البعد عن الرسميات : من جد كلام أم كادي أنا أخوهم مانبي الرسميات اللي مالها داعي .
جميلة بذهول : وش عرفك بأسمائنا وأسماء عيالنا ؟
سعود إزادت إبتسامته التي زادت من وسامته الرجولية الطاغية الكثير : أبو عبدالعزيز ماقصر قالي كل شي عنكم .
وهكذا يدور الحوار بينهما أخوة تحابو وترابطو منذ أن رأو بعض رغم ذهول الجدة كيف لفاطمة وجميلة أن تأقلمو معه وبدؤ بالكلام معه هي ظنت أنه سيمر أسبوع وهن لم يحادثن سعود ولكن حدث مالم يكن متوقع .
********************
منزل مشعل آل سيف ~
غرفة منال .
علياء تجلس بجوار منال التي تبكي بشكل مستمر يذيب القلب .
همست علياء بحنان : منول ياقلبي ليش كل ذا البكاء ؟
منال بين شهقاتها : تخيلي بين يوم وليلة طلع لي أخو كذا وبدون مقدمات يقولون أخوك سعود جاي الليلة كيف بأستقبله ؟ وهو من سلم علي ماقدرت أمسك نفسي رجال غريب أول مرة أشوفه .
علياء إحتضنت منال : الله يهديك يامنال والله مايحتاج كل ذا البكاء أنا صح مرتبكة وخايفة بس مو لهالدرجة .
طرق الباب ودخلت ملك التي تحمل بيدها اليمين كوب عصير .
ناولته منال : منول عشان خاطري أشربي هذا إنتي من الصباح ماكليتي شي .
منال بإعتراض : ما أبي والله مالي نفس أكل شي .
ملك برجاء : إذا لي خاطر عندك أشربيه والله حرام عليك تهلكين نفسك كذا .
مدت منال وناولتها ملك الكوب ثم رشفت منه وشعرت إنها تبتلع حجر أو أقسى من الحجر .
نزلت دموعها بغزارة : الله يسامح أبوي هو السبب .
نهضت علياء وهي تقول : الله يسامحه…عن إذنكم بروح لبيت جدتي بجلس مع أخوي شوي .
ملك بإبتسامة بمرح فهي بهذا المرح تحاول إزاحة الحزن المخيم على الغرفة : مو تجلسين عند أخوك وتسحبين على حماتك .
علياء بمرح مماثل وهي تتجه للباب : مالت على حماتي اللي أربعة وعشرين ساعة ناطة بوجهي .
مسحت منال دموعها ولفظت " اعوذبالله من الشيطان الرجيم "
جلست ملك بجوارها وهي تقول بعفوية : كل هالدموع يوم قابلتي سعود أجل كيف لا قابلتي حاتم .
تحول ذبول منال ووجهها الباكي إلى غصب هادر حاولت أن تخفض صوتها : ملك لا تجيبين طاريه أكرهه ما أطيقه .
إستغربت منها ملك ومن ثورتها : أبي أفهم إنتي وش شايفة بحاتم عشان تكرهينه ؟
منال بين أسنانها وغضبها يتصاعد : إذا كان أنتي شايفة فيه صفة زينة والله أنا متنازلة عنه وتهني فيه .
ملك بغضب وهي تبتعد عن منال : منال وش هالكلام ؟ لاتصيرين سخيفة وتكلمي معاي زين .
منال شدت من أمساكها لوسادتها حتى تخفف من عصبيتها : أنتي لاتجيبين طاري حاتم عشان أتكلم معاك زين .
ملك : والله مو حلوة بحق ولد عمك تبهتينه عاد كيف وهو خطيبك ؟
منال بتحذير : ملك إنتي رفيقة عمري لاتخليني أخسرك عشان إنسان مايستاهل .
ملك بإستفسار : منال أسألك بالله شايفة عليه شي ؟
منال هزت رأسها بلا : بس الكتاب باين من عنوانه حمد وحاتم أخوان أكيد نفس بعض .
ملك : وليش حاتم مو مثل عمي أو عمتي ؟
منال : أنا متأكدة إنه مثل حمد .
********************
الدمام ~
منزل نهى .
بعدما إنتهت منيرة من صلاة العشاء خرجت للصالة .
ونظرت إلى نهى التي تجلس مع أم وليد وأخت وليد الكبرى نوف .
سلمت عليهم منيرة وهي قلقة على سعود .
جلست معهم قرابة عشرة دقائق وعقلها مشغول تريد أن تتطمن على سعود فقلبها يؤلمها بشدة تشعر أن والد سعود سوف يطرده من بيته فهذا سيكون قاسي على الجميع هي من تتحمل الخطأ وهي من أصرت على سعود أن يذهب إلى أهله وكل هذا من أجل الغالية الراحلة .
قطعت صمتها وهي تقول : نهى يمه إتصلي على أخوك شوفي وش صار معاه .
نهى إبتسمت لوالدتها : يمه أكيد هو الحين بمجلس رجال أخاف أحرجه أو أزعجه بأتصالي .
منيرة دقات قلبها تخبرها بأنه حصل مكروه هناك : قلقانة عليهم أبي أعرف وش صار لسعود…طيب إتصلي على معتز .
أخرجت نهى هافتها ثم إتصلت على معتز : هلا نهى .
نهى : أهلين…وش صار لكم ؟
معتز : وصلنا الرياض والحين إحنا ببيت أهل سعود .
نهى بإهتمام : وكيف إستقبال أهله له ؟
معتز بإبتسامة : تطمني والله من كثر مايرحبون فيه أحس إنهم بيشيلونه بعيونهم…شايلينه على كفوف الراحة .
نهى بإرتياح : الله يطمن قلبك والله أمي قلقانة عليه من يوم عرفت إنكم وصلتو الرياض .
معتز : طمنيها سعود مرتاح بين أهله .
نهى من إعماق قلبها : جعله دوم يارب…متى ناوين ترجعون ؟
معتز : ما أدري والله إلى الحين ماقررنا من المفترض إنه واحد من عمام سعود يعزم على العشاء بكرة بس إلى الآن ماصار شي .
نهى بمودة : ترجعون بالسلامة إن شاء الله متى مافضى سعود قوله يكلمني .
معتز : من عيوني .
نهى : جعلني فدوة عيونك…مع السلامة .
ونظرت إلى والدتها وهي تقول : يمه يقول أهل سعود شايلنه على كفوف الراحة .
منيرة بإرتياح : الله يسعده ويخليه لهم .
أم وليد بحزن : الله يجبر مصاب سعود من بعد وفاة أمه وهو مهموم وماعاد سعود اللي نعرفه .
منيرة قالت بألم ووجع من فراق الأخت والصديقة داليا : الله يرحم داليا والله فقدتها بقوة مكانها فارغ أحس بكتمة من بعدها .
شعرت نهى بحزن يخنق روحها لأول مرة تسمع والدتها تتحدث بهذا الكم من الألم وهذه أيضاً المرة الأولى التي تسمع بها والدتها تعبر عن حزنها على خالتها بل والدتها الأخرى ( داليا ) .
نوف ( شقيقة وليد الكبرى ) : تكفون لاتقلبون جلستنا حزن كنا مبسوطين وش حليلنا .
إبتسمت منيرة : الله لا يجيب الحزن .
أم وليد : أمين يارب بس أم سعود لها حق علينا الله يرحمها برحمته ويجعلها برايد عليها .
نوف ونهى : أمين .
********************
مجلس رجال آل سيف بعدما عاد سعود من عند جدته وشقيقاته جلس في مكانه بجوار معتز .
معتز بهمس : شفت جدتك ؟
سعود إبتسم وبحب : حي ذا الطاري وراعيته .
معتز بأبتسامة : ها كيف إستقبالهم لك تقبلوك مبدئياً أو باقي ؟
سعود بإرتياح : الحمدلله جدتي وخواتي متقبليني وكأنهم يعرفوني من زمان خصوصاً جدتي وإختي فاطمة .
معتز إبتسم : يعني ماندمت إنك جيت هنا ؟
سعود بتردد : ممم إلا ندمت وبنفس الوقت أحس إنها أكبر خطوة بحياتي أدخل عالم ناس يربطني فيهم النسب فقط .
معتز : نأجل الكلام بالموضوع هذا إذا طلعنا من مجلس الرجال مو حلوة نتساسر بينهم .
مشعل هتف بلهجة أمره : سليم صب قهوة لعمك سعود .
أخذ الرجل المكلف بصب القهوة دلة القهوة وعدة فناجين مصفوفه فوق بعض وصب لسعود فنجان : تفضل .
سعود بإبتسامة : زاد فضلك .
ودار بالقهوة هو ومساعد على جميع الرجال بالمجلس الضخم الكبير الذي جمع الحشود المدعوة على إحتفال آل سيف بإبنهم سعود .
حمد همس لعمه مشعل الذي يجلس على يمينه : عمي بكرة الصباح توزيع الورث…سعود من الورثة اللي لازم يحضرون ؟
مشعل بهدوء : بدون شك هو ولدي يعني وريث لأبوي .
حمد بضيق : وماتشوف إن موقفه سخيف يعني جاي قبل قرأة الوصية بيوم عشان يشوف وش حقه وش له من الورث .
مشعل بعد تفكير : صدقت يأبوك أنا إستغربت أنه وافق يجي من قاله سيف…بس وش يعرفه إن الوصية والورث بكرة قرأتهم ؟
حمد بثقة : سيف خويه وأكيد إنه قاله على كل شي…بس إنت لاتقوله على شي وشوف إذا هو جاي عشان الورث بكرة الصباح هو أول من يحضر هنا وإذا هو من جده جاي عشان أهله ماراح يقط وجهه بينا بكرة .
مشعل : إيه صح أبوي مايعرفه ولا يدري عنه شي وأكيد إنه ماله أي أحقية بالورث ولا تخاف هو ماله أي نصيب .
حمد بغضب مكتوم فهو يحترم عمه جل الإحترام : وشلون ماله نصيب وإنت تقول إنه من الورثة ؟
مشعل : أبوي قالي قبل وفاته تقريباً بخمس سنوات إن الورث هو الوصية يعني كل شخص محدد له كم يستاهل…أنا وإخواني بالتساوي بس عيالنا هم اللي كل واحد يزود عن الثاني يعني كل واحد وغلاته عند أبوي .
حمد بإستغراب : وماتشوف إنها راح تسبب مشاكل كثيرة ؟
مشعل بإبتسامة : أكيد لا…كل واحد منا عنده الخير اللي يغطي بلد يعني مو محتاجين كم ريال من أبوي .
حمد بقهر : لا ياعمي فلوس جدي ملايين الملايين يعني إذا هو بيعطينا على قد غلاتنا الرخيص عنده بياخذ تقريباً 60 مليون .
مشعل : يعني وإنت بحاجة الستين مليون هذي ؟
حمد : لا موب حاجتها بس مهوب من العدل إن الورث يتوزع كذا لازم بالتساوي .
مشعل بثقة : هذي وصية أبوي وإحنا مالنا حق نفتح فمنا بكلمة وحدة نرضا باللي هو أعطانا وإحنا ساكتين .
إبتسم حمد بسخريه : إلا لنا كل الحق والمحاكم هي اللي تعدل بيننا .
مشعل بصدمة وحاول يخفض صوته على الأخر : من جدك إنت بتدخلنا بمشاكل مالها أول ولا تالي يأبوك اللي إنت محتاجه أنا بأعطيك إياه بس لاتتسبب بمشاكل مع عمانك وعيالهم .
حمد بثقة : حقي أخذه أخذه سوا من عماني أو من عيالهم .
********************
منزل مشعل السيف ~
مجلس النساء الذي لم يكن به أحد سواء نساء آل سيف .
علياء : هاا فطوم كيف أخوك معاك ؟
وضعت فاطمة يدها على قلبها وهي تقول : آآه أخوي يجنن ماشاء الله رجولة وحنان مافيه مثله .
علياء رفعت حاجب وأخفضت الأخر وهي تقول بإستنكار : هذا وإنتي ماجلستي عنده إلا نص ساعة .
الجدة علياء بدفاع : والنص ساعة هذي أثبتت لها إن أخوها مافيه مثله .
فاتن بنبرة محايدة : مبدئياً أشوفه يختلف عن عيالنا كثير كثير .
الجدة علياء بفخر : جعلني فدوته هو الزين كله وأزين من عيالنا وطبايعهم الشينة .
علياء بإعتراض مازح : لا لا لا ياجدتي ماسمح لك كذا ترخصين بعمامي وعيالهم عشان سعود اللي تو عرفتيه ؟
الجدة علياء بحب : قدرهم محد يوصله ومارخصت فيهم بس طبايعهم ماهيب زينة ولا أبوتس يطلق بنته من رجالها عشان فلوسه ماهيب واجد ؟ وحمد يطول لسانه على الكبير والصغير حتى أنا جدته مايحترمني ؟ ومنال شالة سيفها على حاتم من ذا الحين ؟ وديمة حارمتن نفسها من الدنيا عشان أخوها ميت…والله إنها ماهيب سوات أوادم .
علياء إبتسمت وهي تقول بإرتياح تمثيلي وهي تضع يدها على صدرها : الحمدلله جات على كذا ولا إنتقدتي سيف بشي .
الجدة علياء بإبتسامة : الله يرفع قدر أبو عبدالعزيز والله مافيه مثله من عيالي ولا عيالهم .
جميلة بضحكة : إنبسطي ياعلوي جدتي تمدح زوجك .
الجدة علياء نظرت إلى جميلة وهي تقول : وما أنسى أم هتان جعل يومي قبل يومها هي بنتي وأقرب الناس لي يكفيني إنها هي اللي عايشة معي الله يعينني على فراقها لاتزوجت .
جميلة بذهول : ومن اللي قالك إني بتزوج بيوم من الأيام .
الجدة علياء بغضب : أنا إلى الحين ماخرفت عشان تلعبين علي وعدتيني إنتس تفكرين بموضوع خالد جالي يومين أحتري ردتس وإلى الحين ماعطيتيني جواب . ( أحتري = أنتظر ) .
جميلة وكأنها تذكرت شيئاً قد غاب عنها لعدم إهتمامها به : إيه صح والله نسيت بس ولا يهمك الحين أعطيك الجواب وأقولك ما أبي خالد .
الجدة علياء بحزم : كلامي معتس لارجعنا للبيت مهوب ذا الحين .
فاتن شعرت بالكثير من الحزن تشعر بحاجة ماسة للبكاء .
" كيف إبنتي تخطب وترفض من خطبها وأنا لا أعلم بشي
تقرر الكثير من الاشياء بحياة جميلة وأنا ليس لي أي دور من إشراكي معها
وكأني بحياة جميلة كممثل كومبارس على هامش حياة إبنتي "
" سامحك الله يامشعل حرمتني من إبنتي… ليس مشعل بل هي الذي حرمتني من نفسها…رباه وفقها وأكتب لها الخير "
دخلت منال بهدوء كشخصيتها الهادئة تماماً : سلام عليكم .
الجميع : عليكم السلام .
جلست منال بجوار جدتها بعد ماقبلت رأسها : جدتي فديتك أبيك تعتذرين لي من سعود .
الجدة علياء برفض : سعود أخوتس وعيب أصير بينكم وسيط إتصلي عليه أنتي وأعتذري منه .
منال بخجل : أنا أتصل عليه ؟
الجدة علياء : إيه أنتي تراه أخوتس ماهوب غريب عنتس .
منال بحدة : إلا غريب عني هذا أول يوم أشوفه أشلون أكلمه ؟
فاطمة أنهت الجدل وهي تقول : خلاص أنا أتصل على سعود وأقوله .
الجده علياء بإعتراض : ماهي زينة بحقه أنتي تعتذرين نيابة عنها إلى متى وحياها مانعها من كل شي ؟
********************
مجلس رجال آل سيف ~
بعد إنتهاء العشاء وقبل أن يغادرو الرجال المدعوين تكلم عبدالعزيز : سعود ياولدي بكرة عشاك عندي وحياكم الله .
سعود بإعتراض : لا ياعمي أنا بكرة العصر ماشي للشرقية .
عبدالعزيز بثقة : والله ماتمشي للشرقية إلا وإنت متعشي عندي ياكبرها عند الله تجي للرياض وماتتعشى عندي .
نايف بإبتسامة : وبعد عشاء أبو سيف عشاك عندي قول تم .
سعود بحرج : تم .
وبعد ماخرج الجميع ولم يتبقى سوا أبناء آل سيف ومعتز .
نظر حمد بسعود وهو يقول بسخرية : ممكن نعرف يالفارس سعود مين اللي رباك وكيف عشت بدون أب ؟
سعود لا يطيق حمد ولا يحب أن يتحدث معه رد عليه بسخرية مغلفة بالكراهية : والله مو من حقك يا إستاذ حمد تعرف .
مشعل لا يريد أن يغضب حمد وهو في مجلسه : من حقي أنا أعرف مين اللي رباك ؟
سعود قبل يرد على أبيه تذكر الآيه ( ولا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) : تربيت على يد رجال من مناعير الرجال والحمدلله إنه هو اللي رباني ولا هو غيره .
إستغرب مشعل رد سعود : وممكن أعرف منهو ذا الرجال اللي ما إنخلق مثله ؟
سعود : عمي محمد أبو معتز .
مشعل ألجمته كلمة سعود وهو علم وعلى يقين أن داليا تزوجت " لمذا تتزوجين ياداليا حتى وإن طلقتك فأنا أحبك "
وقف سعود وهو يقول : أرخصو لنا بنروح للفندق ننام ونرتاح .
حاتم نهض وقبل أنف سعود : والله ماتروح يأبو مشعل للفنادق وبيوتنا موجودة .
حمد نظر إلى حاتم وقال بسخرية : إيه إفزع لنسيبك وسوي نفسك رجال عند المواقف والحمية .
نهض نايف وهو يقول لحمد : تراك زودتها ياحمد إحترم نفسك وأحشم المجلس ماهوب كل ماتكلم واحد تستصغره .
مشعل تكلم قبل حمد : ماعليه يأبو حمد أمسحها في وجهي وحمد مضغوط شوي أرفق عليه وماراح يكررها إن شاء الله .
حمد ( صدقت ياعمي والله القهر ذبحني مانيب قادر أفكر فاطمة الحين وراها اخوها هذا اللي واضح إنه مايرضى أحد يدوس له على طرف وجاي عشان الورث والورث جدي هو اللي موزعه بيننا ومهوب بالتساوي ولا العدل ) .
تكلم حمد بحقد والقهر ينهش قلبه : لا راح أكررها وماهيب علي ياسعود إنت جاي عشان ورثك وعمامي مستقبلينك بحسن نيتهم .
سعود صعق من حمد كيف يتحدث عنه هكذا .
إنتهى . . .
عجبتي الروايه وااايد
اتمنى تكملينها لانها صج حلوة
من زمان وانا انطر روايه جي
استمري ي عسل
وااااه سعود يجنن
وحمد الكلب يقهر
ف انتظار البارت الجاي