الفم طريق اكتشاف الأمراض 2024.

يوجد تجويف الفم في مكان تلتقي به ثلاثة أجهزة مختلفة من الجسم، وهي: الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والجلد .
وبسبب هذا الموقع وتداخل هذه الأجهزة في هذا التجويف، نجد أن الكثير من الأمراض التي تصيب هذه الأجهزة يمكن أن تظهر أعراضها داخل الفم،
وغالباً ما تسبق الأعراض التي تظهر بالفم غيرها من الأعراض الأخرى التي تصيب هذه الأجهزة ما يتيح تشخيص العديد من الأمراض الجهازية مبكراً من خلال أعراضها الفميّة .
وهذا بالطبع يقلل من أضرار هذا الأمراض ويساعد على نجاح العلاج .
لذلك وجدت عيادات متخصصة لتشخيص وعلاج أمراض الأنسجة المبطنة للفم وربط هذه الأمراض بأمراض جهازية محتملة .
وتسمى هذه العيادات باسم عيادات اختصاص “طب الفم” .
حيث يتم فيها تشخيص هذه الأمراض من خلال دراسة التاريخ المرضي بشكل مكثف واخذ الخزعات من الفم ودراستها للوصول للتشخيص الدقيق .

ما اختصاص طب الفم؟

توجد في الفم أنسجة صلبة هي الأسنان، وأنسجة داعمة للأسنان هي اللثة، كما توجد أنسجة مبطنة للفم وهي الجدار الداخلي للخد واللسان وقاع الفم . . . إلخ .
واختصاصي طب الفم هو الشخص الذي يقوم بتشخيص وعلاج الأمراض التي تصيب هذه الأنسجة المبطنة للفم، ويقوم بربطها بحالات مرضية طبية أخرى .

ما الأمراض التي تصيب الأنسجة المبطنة للفم؟ وما أشكالها؟

يمكن تقسيم الأمراض التي تصيب هذه الأنسجة بحسب شكلها إلى فقاعات أو تقرحات أو نتوءات، أو لويحات بألوان بيضاء أو حمراء . ولا بد من دراسة أي من هذه التغييرات للوصول إلى التشخيص الدقيق، وذلك لأن عدداً كبيراً من الأمراض التي تصيب أجهزة مختلفة من الجسم تظهر أولى أعراضها بالفم .

فعلى سبيل المثال،

تظهر أول اعراض عدد من اضطرابات المناعة الذاتية، مثل مرض الفقاع “Pemphigus”، داخل الفم على شكل فقاعات أو تقرحات قبل ظهورها على الجلد بعدة اشهر وأحيانا سنوات . وهذا يتيح للطبيب المعالج التشخيص والتدخل السريع ما يرفع من نسبة نجاح العلاج .

وإضافة لذلك فإن تقرحات الفم الشائعة يمكن أن تكون عرضاً لأمراض جهازيه تصيب الدم مثل فقر الدم ونقص الحديد، أو الجهاز الهضمي مثل مرض كرون “Crohns disease” أو مرض حساسية القمح “celiac disease” .

وبعض أمراض الفم يمكن أن تكون مؤشرا على خلل هرموني . والأكثر شيوعاً هنا هو مرض السكري الذي يمكن أن تظهر أعراضه المبكرة بالفم على شكل فطريات أو على شكل نقص بإفراز اللعاب .

ما الإجراءات التي يجب اتباعها عند ظهور هذه الأعراض؟

من المهم استشارة طبيب الأسنان أو اختصاصي طب الفم من أجل الوصول إلى التشخيص الدقيق ومعرفة إن كانت هذه الأعراض علامات مبكرة لأمراض جهازية .

هل هناك أمراض أخرى تصيب الفم؟

نعم، فهناك أمراض تظهر أعراضها كألم حاد ومستمر يصيب الأنسجة الرخوة، مثل الشعور بالحرق في اللسان أو بسقف الفم أو بمناطق معينة باللثة . ويصف المريض هذا الألم في غياب أية علامات مرضية أو تغييرات بأنسجة الفم . ومن الممكن أن تكون هذه الأعراض مؤشراً على تغيرات موضعية في الفم مثل اضطرابات كمية أو تركيبة اللعاب، أو تغيرات مرضية ببقية أجهزة الجسم مثل نقص هرمون الغدة الدرقية أو فقر الدم . وفي بعض الأحيان تكون هذه الأعراض مصاحبة لتغيرات نفسية مثل التوتر .

وفي جميع الحالات لابد من إجراء فحوص طبية مستفيضة من أجل الوصول إلى أي أسباب موضعية أو جهازية لمعرفة سبب آلام الحرق وعلاجه .

وماذا عن سرطان الفم؟

بعض التغيرات في الأنسجة المبطنة للفم يمكن أن تكون ناتجة عن تغيرات سرطانية أو ما قبل سرطانية . وغالباً ما تكون هذه التغيرات على شكل لويحة بيضاء أو حمراء، ملتصقة بجوانب اللسان أو أسفل اللسان أو في تجويف الخد .

ما أسباب الإصابة بهذا المرض؟

ترتبط التغييرات ما قبل السرطانية والسرطانية بالتبغ وبتناول المشروبات الكحولية .
فالتبغ والكحول من الأسباب المباشرة لسرطان الفم . وهناك عدد من الدراسات الحديثة التي تشير إلى ارتباط بعض الحالات من سرطان الفم بنوع من الفيروسات .
وغالباً ما تكون هذه الحالات بالجزء الخلفي من الفم (الأقرب للبلعوم) .

وفي هذه الحالات يتم اخذ خزعة من المنطقة المصابة ليتم دراسة طبيعة الخلايا تحت المجهر .

ما الإجراءات التي يجب اتباعها عند اكتشاف سرطان الفم؟

إذا تم اكتشاف سرطان الفم يحوّل المريض للعلاج الإشعاعي أو الجراحي، وأحياناً العلاج الكيميائي . أما بالنسبة للحالات ما قبل السرطانية، فإننا ننصح المريض بالامتناع عن العادات المضرّة كاستهلاك التبغ بكل أشكاله،

والإكثار من تناول الخضار والفواكه الطازجة . ونقوم بمراقبة التغييرات بأنسجة الفم عن كثب ولفترة طويلة . والعديد من هذه التغييرات ترجع إلى حالتها الطبيعية بعد الامتناع عن استخدام المواد المسرطنة .

ما مدى انتشار سرطان الفم بالدولة ( الامارات ) ؟

بحسب دراسة أجريناها بالتعاون مع مستشفى توام، تبين لنا أن سرطان الفم والبلعوم معاً يمثلان 6% من جميع سرطانات الذكور، و2% من جميع سرطانات الإناث،
وأن معظم هذه السرطانات كانت على اللسان وفي أسفل اللسان . وفي معظم الحالات كانت أول الأعراض قرحة على اللسان لا تلتئم .

إلا أن ما أثار اهتمامنا هو أنه في معظم الحالات كان يتم اكتشاف سرطان الفم متأخرا . بدليل أن العديد من الحالات تحوّل للعلاج وقد انتشار الورم إلى الغدد الليمفاوية في الرقبة أو أبعد من ذلك . الأمر الذي يجعل علاج الورم أكثر صعوبة
. وهذا يؤكد أهمية نشر التوعية بين أفراد المجتمع والعاملين بالحقل الصحي بهذا المرض من أجل الاكتشاف المكبر للمرض وضمان نسبٍ أعلى من نجاح العلاج.

دمتم سالمين

لـ / الدكتور سهيل هاني العمد ،
الأستاذ المساعد في طب الفم في كلية طب الأسنان بجامعة الشارقة