السلام عليكُم ورحمَة الله وبركاته
من روائع الشيخ الدُّكتور عائض القرني
قصِيدة "اصحاب الهمم" (الجزء1)
السّلآمُ على أهْل الهمَّة
فهُم صفْوة الأمَم . . وأهْل المجْد والكَرم
طَارت بِهم أرواحهم إلى مَراقي الصمُود . . ومَراتب الخُلود
منْ أرَاد المعَالي هَان عليْهِ كُل هَم . . لأنَّه لولَا المشَقّة سَاد النّاس كلهم
ونصُوص الوحْي تنَاديك . . سَارع ولا تَلبث بنَاديك . . وسَابق ولا تمكُث بوَاديك
اطْلب الأعْلى دَائماً ومَا عليْك
فإنَّ مُوسى لَمّا اخْتصّه الله بالكَلام قَال . . ربِّي أرنِي أنْظر إليك
تُريد المَجد ولا تَجد ؟!
تخْطب المعَالي وتُناوم الليّالي ؟!
ترجُو الجنَّة وتُفرط في السُنّة ؟!
قَام رسُولنا صلى الله عليه وسلم حتَّى تفَطَّرت قدمَاه
وربَط الحجَر على بطْنه منَ الجُوع وهُو العَبد الأوّاه
وأدميت عقباه بالحجَارة . . وخَاض بنفْسِه كل غَارة
يدعَى أبو بكر منَ الأبواب الثَّمانية . . لأنَّ قلبه معَلق بربّه كُل ثَانية
صرف للدّين أقوَاله . . وأصلَح بالهَدى أفْعَاله . . وأنفَق في سَبيل الله مَاله . . هَاجر وتَرك عِيَاله .
لبسَ عُمر المرقَّع . . وتأوه بذكر المَوت وتَوجَّع . . وأخَذ الحِيطة لدينه وتوقَّع .
عدَل وصَدق وتَهجد . . وسأل الله أن يسْتشهد . . فرزَقه الله الشَّهادة في المسْجد .
عليْك الجد إنَّ الأمر جَد
وليسَ كمَا ظنْنتَ ولا هممتَ .. وبَادر فالليَّالي مسْرعاتٍ , وأنتَ بمقلة الحدثين نمتَ .
اخرج من سِرداب الأمَاني . . يا أسير الأغَاني
انفض غُبار الكسَل . . واهجر منْ عذل . . فكل من سَار على الدَّرب وصَل
نسيت الآيات . . وأخرَّت الصلوات . . وأذهبت عُمرك السَّهرات . . وتُريد الجنَّات ؟!
ويلك والله مَا شبع النَّمل حَتى جد في الطَّلب . . وما سَاد الأسد حتَّى وثَب .
الحمَامة تبْني عُشها . . والعنكبوت تُهندس بيْتها . .
والضَّبع يحْفر مغَاره
وأنتَ لك مُدَّة . . ورأسك على الِمخدَّة .
احرص على ما ينفعُك . . لأنَّ ما ينفَعك يرفَعك
المؤمِنُ القَويُّ خير وأحبُّ إلى الله منَ المؤمنِ الضَّعيف
بالقُوة يُبنَى القَصر المنيف . . ويُنال المَجد الشَّريف
صاحب الهمَّة ما يهمه الحَر . . ولا يخيفه القر . . ولا يُقلقه المُر . . لأنّضه تدرع بالصَّبر .
صاحبُ الهمَّةِ يسْبق الأمَّة إلى الِقمة .
عَمِيَ بعضُ المحدثين منْ كثرة الرِّوايَة . . فمَا كلَّ ولا ملَّ حتَّى بلغَ النِّهاية .
مشَى أحمد بن حَنبل منْ بغدَاد إلى صنعَاء . . وأنْت تفتُر فِي حفْظِ دُعَاء .
ووُضع ابن تيمية في الزِّنزانَة . . فبَرز بالعِلم زمَانه .
اعْلم أنَّ المَاء الرَّاكد فَاسِد . . لأنَّه لم يُسافر ولم يُجاهِد .
ولَمَّا جَرى الماء . . صَار مطلبَ الأحْيَاء .
بقيَت على سطْح البَحر الجيفَة . . لأنَّها خفيفَة
وسَافر الدُّر إلى قَاع البحر . . فوضِعَ من التَّكريم على النَّحر .
فكُن رجُلًا رجْله في الثَّرى . . وهامَة همَّته في الثُّريا .
يا كَثير الرُّقاد . . أمَا لنومِك نَفاد ؟!
سوف تدْفع الثَّمن . . يامَن غلبَه الوسَن .
تظُن الحيَاة جَلسة , وكبسَة , ولبسَة , وخِلسَة ,
بل الحيَاة شَريعة , ودَمعة , وركعَة , ومُحاربَة بدعَة
يعطيك العافيه
تحياتي