تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » إدارة الوقت في القرآن الجزء الثالث

إدارة الوقت في القرآن الجزء الثالث 2024.

إدارة الوقت في القرآن الكريم
الجزء الثالث

رابعاً: تقسيم الوقت وتنظيمه
يحث النبي (صلى الله عليه وسلم) الأمة على الاهتمام بتنظيم الوقت وتوجيهه لمعالي الأمور في الحياة الخاصة والعامة، فيقول فيما يرويه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: دخل عليّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: (( ألم أُخْبَر أنّك تقوم الليل وتصوم النهار؟ قلت: بلى. قال: فلا تفعل، قم ونم وصم وأفطر، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لِزَورِكَ (*) عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً )).(1) ومن الأولى بالمسلم ألا يخل بهذه الموازنة بل الواجب عليه أن يوزع وقته للوفاء بهذه الحقوق دون إخلال بأحدها لصالح الآخر، وليس المقصود توزيع الوقت بين هذه الحقوق بالتساوي، وإنما المراد التسديد والمقاربة في الوفاء بها جميعاً قدر الاستطاعة.
ومما رواه النبي (صلى الله عليه وسلم) عن صحف إبراهيم عليه السلام قوله: (( على العاقل – مالم يكن مغلوباً على عقله- أن تكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صنع الله، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب )).(2)
ومن تنظيم الوقت أن يكون فيه جزء للراحة والترويح، فإن النفس تسأم بطول الجِدِّ، والقلوب تمل كما تملّ الأبدان، فلا بد من قدر من اللهو والترفيه المباح، فعن حنظلة الأُسيدي رضي الله عنه أنه دخل على النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وما ذاك ؟ قلت: يارسول الله نكون عندك تذكّرنا بالنار والجنة حتى كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا (*) الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (( والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة )) كررها ثلاث مرات. (3) هكذا كان النبي(صلى الله عليه وسلم) يعلّم أصحابه ويبين لهم أن القلوب تكل وتتعب وتتقلب فيجب العمل على مراعاتها والتنفيس عنها بين الفينة والأخرى بما أحل الله، وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم ذلك ووعوه وطبقوه في حياتهم العمليّة فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (أريحوا القلوب، فإن القلب إذا أكره عمي)، (4) وروى عنه أنه قال أيضاً: (إن للقلوب شهوة وإقبالاً، وفترة وإدباراً، فخذوها عند شهواتها وإقبالها، وذروها عند فترتها وإدبارها)، (5) وجاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قوله: (إنّي لأستجمّ نفسي بالشيء من الباطل غير المحرّم فيكون أقوى لها على الحق). (6)

خامساً: الحث على اغتنام الوقت والتحذير من إضاعته
من الأقوال المأثورة في الحث على استثمار الوقت واقتناص فرصه، حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لرجل وهو يعظه: (( اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغَنَاءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك )). (7) فقد لخّص النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذه الكلمات الموجزة البليغة ما تناوله الباحثون في كتب عدة، فهو من جوامع الكلِم، إذ تحدّث عن أهمية الوقت والمبادرة إلى استثماره واغتنام قوة الشباب وفرص الفراغ في العمل الصالح المثمر، وحذر من خمس معوّقات لاستثمار الأوقات، كل ذلك في عبارات وجيزة لا تبلغ العشرين كلمة.
كما كان (صلى الله عليه وسلم) يأمر بالمبادرة إلى العمل قبل حلول العوائق فيقول: (( بادروا بالأعمال سبعاً، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنىً مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر )).(8)
فهو (صلى الله عليه وسلم) يحث أمته على المبادرة بأداء الأعمال وعدم تأجيلها، ذلك أن حال الإنسان لا يخلو من وقوع المعوّقات من مرض أو هرم أو موت أو نحو ذلك مما يقف حائلاً دون أداء الأعمال أو إتمامها، فالمعوّقات كثيرة، والحاذق من بادر بأداء العمل قبل أن تحاصره العوائق.
أمّا قوله (صلى الله عليه وسلم): (( من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل )).(9) فإنّ الطيبي(10) يقول فيه: "هذا مَثَلٌ ضربه النبي (صلى الله عليه وسلم) لسالك الآخرة فإن الشيطان على طريقه والنفس وأمانيه الكاذبة أعوانه، فإن تيقظ في مسيره وأخلص النية في عمله أمِن من الشيطان وكيده".(11)
وهذا المثل يصح أيضاً في حق من حدد لنفسه أهدافاً، وخاف أن تدركه المعوّقات قبل بلوغها، فتجده يحث الخطا حتى يحقق أهدافه.
وقد كان (صلى الله عليه وسلم) يأمر بالتبكير في أداء الأعمال، فعن صخر الغامدي رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم)أنه قال: (( اللهم بارك لأمتي في بكورها، وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول النهار ))، وكان صخر رجلاً تاجراً، وكان يبعث تجارته من أوّل النهار، فأثرى وكثر ماله. (12)
وفي هذا المعنى أيضاً تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (( باكروا طلب الرزق والحوائج فإن الغدو بركة ونجاح )).(13)
وعن فاطمة رضي الله عنها وأرضاها قالت: مرّ بي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا مضطجعة متصبّحة فحرّكني برجله ثمّ قال: (( يا بنية قومي اشهدي رزق ربك ولا تكوني من الغافلين، فإن الله يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس )).(14)

__________________________________

المصادر : –

( * ) لزورك: الزّور الأضياف والزوار. انظر: (ابن حجر، فتح الباري، مرجع سابق، ج 11 ص 548 ).
(1) البخاري،صحيح البخاري، مرجع سابق، كتاب (78)، باب (84)، رقم الحديث (6134)، ص 1183.
(2) ابن بلبان، صحيح ابن حبان ، رقم الحديث (361)، ج2 ص 78. و البيهقي، ، شعب الإيمان، باب (33)، رقم الحديث(4677)، ج4 ص 164.
( * ) عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات: أي خالطناهم، قال في القاموس: تعافسوا: تعالجوا في الصراع، والمعافسة المعالجة.
(3) القشيري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب (49)، باب (3)، رقم الحديث (2750)، ج4 ص 2106.
(4) ابن عبد البر، بهجة المجَالس وأنس المُجَالس، دار الكتب العلمية، بيروت، دت، ص115.
(5) المرجع نفسه، ص 115.
(6) المرجع نفسه، ص 115.
(7) الحاكم، رقم الحديث (7846)، ج4 ص 341، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه .
(8) الترمذي، كتاب (37)، باب (3)، رقم الحديث (2306)، ج4 ص 553، وقال: هذا حديث حسن غريب. والبيهقي، شعب الإيمان، باب (71)، رقم الحديث (10572)، ج7 ص 357.
(9) الترمذي، سنن الترمذي، مرجع سابق، كتاب (38)، باب (18)، رقم الحديث (2450)،ج4 ص 633، وقال هذا حديث حسن غريب. الحاكم، ، كتاب (44)، رقم الحديث (7851)، ج4 ص 343، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه، ووافقه الذهبي.
(10) الطيبي: شرف الدين حسن بن محمد الطيبي، صاحب التصانيف المتوفى سنة 743هـ.[1 – 2]، ج1 ص720 .
(11) المباركفوري، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ – 1990م، [1 – 10]، شرح الحديث ذي الرقم (2567)، ج7 ص123 – 124.
(12) أبو داود، سليمان بن أشعث السجستاني، سنن أبي داود، فهرسة كمال يوسف الحوت، دار الجنان، 1409هـ، كتاب (9)، رقم الحديث (2606)، ج2 ص 41. و ابن بلبان، الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، مرجع سابق، رقم الحديث (4754)، ج11 ص 62.
(13) الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد [260 – 360 هـ]، المعجم الأوسط، تحقيق طارق بن عوض الله وعبد المحسن الحسيني، دار الحرمين، القاهرة، 1415هـ [1 – 10]، رقم الحديث(7250)، ج7 ص 193-194. بسند ضعيف.
(14) البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين، شعب الإيمان، مرجع سابق، باب (33)، رقم الحديث (4735)، ج4 ص181، وإسناده ضعيف

منقــول عن مجموعة شباب التوحيد البريدية

؛؛؛
تسلمين غيوده
ع ــلى الموضوع
الرائع
لاعدمناك
عساه بميزان حسناتك
،،،

جزاك الله خير

جزاكي الله خير

يارب يوفقكي ، أمين

ولكم بالمثل على مروركم

جزاك الله خير على هذا الطرح الرائع

جزاك الله خير

بوركت اناملك

لا عدمناااااااااااااك

الله يعطيك العافية ياعمري

جزاك الله خير وبارك لك في جهدك

الله يجزيكم الفردوس على مروركم

جزاك اله خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.