تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » آخر الثمار الناضجة

آخر الثمار الناضجة 2024.

كانت لي جدة أحن من الحنان نفسه, وأرق من الرقة .يجتمع عندها جميع أفراد العائلة ,لا يجتمعون إلا في ذلك البيت القديم ,خاصة بعد وفاة جدي- يرحمه الله -كبير العائلة .نجتمع عندها, ترى هنا التنور, وهناك موقد للنار قديم قدم جدي وجدتي, مازالت الجدة توقده باستمرار, وتعمل عليه الشاي, وما ألذ طعمه ! بيدها مروحة القصب التي لا تفارقها تقوم بخدمة نفسها بنفسها .تطبخ وتغسل وفي السابق تعجن وتخبز. في يوم اشتاقت نفسي لخبز التنور أنظر إليه بحسرة فتبتسم وتقول لي تريد خبز التنور ؟اشتاقت نفسك له ؟ ابشر يا (مدلل) تناديني بهذا الاسم كوني أصغر أخواني بنين وبنات, وساهمت في تربيتي صغيرا. باقي أولاد عمي أو إخواني الذين يتجاوزون الخمسين حفيدا لديها. يأتون لها كل صباح تكون قد صلت الفجر والضحى ,وأعدت الشاي والبيض والجبن ووضعت الخبز على الموقد. لها موعد محدد في فطورها ,وهو قبل صلاة الضحى يأتي أبناء عمي وإخوتي يسلمون ويتناولون بعض من الفطور وهم واقفون ويشربون الشاي, وتعده بالبراد الكبير لعلمها بحضورهم ,فيقبلون رأسها ويذهب كل منهم إلى عمله, وتدعي لهم بالتوفيق.
لا يوجد أحد لا يحب الجلوس مع الجدة والحديث عن الماضي. وحب جدي ورحلتها معه على الإبل, وزواجها والهودج الذي طاح بها في ليلة الزفاف .نسمع ونضحك كما لم نضحك من قبل .
آتي من المدرسة مسرعا .أدخل البيت وأنا منهك, وأنام على رجلها وتغطيني, وتضع المخدة تحت رأسي. فإذا لعب الأولاد في الساحة تنهرهم بعصاها ابتعدوا من هنا ابن عمكم نائم. يقولون لها (المدلل).ابتعد يا ولد يبتعد الجميع دون اعتراض .
أحيانا أتي مضروبا من قبل أحد المعلمين, لشقاوة بدرت مني, فتذهب في اليوم التالي بعكازها للمدرسة. الجميع يعرفها كل أهل الحي والمعلمين والمدير. فتكلم المدير قائلة له: أصبح معلمو المدرسة رجالا يضربون هذا اليتيم ,ويتطاولون على صغيري بالضرب.
من يضربه سأضربه بعصاي هذه تتطاول رقبتي. لكني في أوقات كثيرة أستحق الضرب لشقاوتي.
كبرت وتخرجت من الجامعة .أصرت الجدة وإخوتي على إكمال تعليمي ,بناء على وصية والدي- يرحمه الله –
سافرت خارج البلد لثلاث سنوات. كانت أطول فترة أغيب بها عن موطني. لم أقطع الاتصال بالجدة ,فدعاؤها مصدر قوتي .
عدت ولله الحمد بالشهادة العليا. أصرت على أن تعمل حفلا لم يكن له مثيل في بلدتي, وكنت في غاية الفرح. الدنيا لا تسعني .عملت في بلدة غير بلدتي .ولكني دائم الحضور والاتصال.
سنين عمري عدت ومكانتي في قلب جدتي تزيد ولا تنقص, وتعلقي بها يزيد ولا ينقص. ما إن أعود من سفري حتى أحمل لها الهدايا. أو آخذها معي لأداء العمرة .وأقوم بكل شيء تريده. أوفر لها ما تحتاجه. فتدعوا لي باستمرار.
أراها رافعة يديها تدعوا لي .يطيب لي أن أمازحها أمام إخوتي.
الجدة اليوم تكحلت ومشطت شعرها. لم يبق غير الاستشوار. لتقول (يا شين) -كلمة تمازحني بها تدل على عكسها- تخبرهم بالأسرار آخر مرة أعمل شيء أمامك أقبل رأسها وأمضي كثرت أسفاري ولكني لا أنساها أبدا في احد إجازاتي وهي الإجازة الوحيدة التي قضيتها مع جدتي وأهلي منذ زمن جلست بينهم ثلاثة أشهر أنام في حضن جدتي تقول لي تريد أن ترجع طفلا كما كنت لا تخف أنت المدلل وما زلت المدلل حتى لو تزوجت وصار عندك كوما من الأطفال أنت مدلل وستبقى مدللي دعهم يتكلموا ويتغامزوا أنت رائحة الغالي من رائحة والدك يرحمه الله كان يحبك كما لم يحب أب ابنه يختصك من بين إخوتك العشرة بمصروف ويضعه عندي أو عند أمك يرحمها الله فحبك يا مدلل وغلاتك من غلاة والديك ولا تلتفت لما يقولون إخوتك وأبناء عمك أو بنات عمك ستبقى مدللي انتهت إجازتي وأخبرت جدتي بأن موعد سفري قد حان بعد يوم أو يومين قالت لماذا لا تطل المكوث لم اشبع منك في هذه السفرة قلت جدتي هذه أطول إجازة أقضيها بينكم قالت مرت يا صغيري مرور السحابة أمطرت وذهبت وغابت عملك بيدك وتذهب وقتما تشاء وترجع وقتما تشاء لماذا أنت متعجل بقيت أسبوعا بناء على رغبتها وكلما فاتحتها بموعد الرحيل تطلب التأجيل ولكن العمل يتطلب وجودي عزمت على السفر اليوم أخبرت الجميع حضر كل أولاد عمي وإخوتي وأخواتي لوداعي قد تطول سفرتي هذه قد تمتد لأكثر من سنتين الجميع في بيت جدي جاء لوداعي حزمت أمتعتي الجدة صلت الضحى أفطرت ونامت قبلت رأسها لم أرد أن أوقظها أو أزعجها أخذت حقيبتي ونزلت الدرج قامت من نومها رأت الجميع في حوش البيت وسألتهم لماذا انتم هنا مجتمعون فقال أحد إخوتي مازحا نودع المدلل يا جدة قالت أين هو قال نزل الآن فأسرعت بعكازها نادتني من أعلى الدرج صغيري وينك وضعت الحقيبة على الأرض وعدت مسرعا أقبل يديها ورأسها قالت لي ( ياشين ) تروح وما تودعني قلت جدتي قبلت رأسك وأنت نائمة ولم أرد أن أزعجك قالت مين قال لك ما تدري يا مدلل أن المشاهدة نصيب يا حبيبي قلت أدري يا جدتي ودعتها مقبلا يديها ورأسها وضمتني إلى حضنها وشعرت حينها بما لم أشعر به في جميع سفراتي قبض قلبي حتى أني فكرت أن الغي الرحلة نزلت الدرج مسرعا حملت حقيبتي لا أدري أين طريقي مرتبك شيء ما قال لي أرجع رجعت مسرعا وهي ما زالت واضعة يدها على الدرج وقبلتها وحضنتها قالت يا صغيري لا تمض في طرق وترجع عنه أمض في طريقك ولا ترجع سافرت وأحد إخوتي أوصلني المطار قال لي تأخرت عن عملك كثيراً فقلت له لا أحب أن أغضب الجدة مني قال ومن منا يرغب في إغضاب جدتنا التي نكن لها كل الحب فهي المكان التي يجمعنا جميعا مع بعضنا سواء أولاد عم أو أولاد خالة أو إخوة ودعت أخي وسافرت عدت إلى مكينة العمل في اليوم الثالث شعرت أن نفسي ضاقت علي ذهبت للبيت لم استطع أن أنام كعادتي بقيت ساهرا أتقلب حتى الساعة الرابعة صليت الفجر ونمت أخبرت الجميع بان لا أحد يزعجني لأنني لم أنم طوال يوم أمس وعندي صداع برأسي استيقظت الساعة الحادية عشر أخذت جوالي كي أتصل بالعمل وجدت أكثر من ثلاثين مكالمة لم يرد عليها إخوتي أخواتي أبناء عمي بنات عمي ورسائل لم تفتح اسقط بيدي لم استطع أن أفتح أية رسالة شعرت أن أمرا ما قد حصل فبادرت إلى ذهني جدتي فورا لم يمهلني الوقت كثيرا إذا باتصال يرن يرن فتحت جوالي أين أنت من الصباح الجميع يتصل بك ماذا حدث قال أخي أعلم أن الخبر مؤلم لكنها يا أخي سنة الحياة وهذا كأس كل منا سوف يتجرعه رضي أو لم يرض قلت جدتي فقال نعم جدتنا قلت كيف قال بعد صلاة الفجر تصحرت فقد كانت تنوي صيام اليوم الاثنين وصلت الفجر وعندما أتى أحد أبناء عمي يفيقها كي تصلي الضحى وجدها قد ماتت من ثلاث ساعات قلت سأحجز وآتي قال لن تستطيع أنظر الساعة الثانية عشر سيصلى عليها الظهر تصبر واحتسب قلت في نفسي و قد شعرت بذلك وأنا دمعتي على صدرها وهي تحضنني عرفت ذلك عند عودتي بعد الذهاب أكدت ذلك لكن نفسي أبت أن تصدق قاتل الله الغربة كم أخذت أعزاز على قلوبنا فقدناهم ولم نحضى بفرصة وداعهم أو طلب السماح منهم ماتت آخر الكبار من عائلتي التي كانت تلم شمل العائلة تحت مظلة واحدة هي بيتها لم أستطيع المكوث طويلاً طلبت إجازة وعدت إلى بلدتي ذهبت إلى بيت جدي بكيت هناك الباب مغلق لم يسبق أن أتيت فوجدت الباب مغلقا
أين نور البيت فهو مظلم إذا ذهب قمر البيت فلن تنير النجوم جلست مع إخوتي فاسر أحد إخوتي بإذني كلاما ذهبت معه أراني شيئا قد خفاه بيده قلت ما هذه ؟ قال أنظر نظرت قلت له هذه صورتي قبل سفري بعدة أيام قال وجدناها تحت مخدة الجدة عندما توفيت لم أتمالك نفسي رميت بجسدي على فراشها قبلت مخدتها نمت على فراشها حتى الصباح وذهبت إلى قبرها أدعو لها ولأبي وأمي فقبورهم قد تقاربت ودعوت لجميع موتى المسلمين بالرحمة والمغفرة اللهم ارحمهم وعافهم واعف عنهم

اللهــم آمـــيــن
الله يصبرك ياارب
وربي تحززن تذكرت موووت جدي (الله يرحمه)اللي كان مثل ابووي الله يحفظه
كان يحب البنات ويدلعنا ومرره كااان طيب معانا
الله يرحمه ويرحم جميع موتا المسلمين

اللهم اجعلنا ممن يصبروا عند البلاء

تقبل مروري: صدى الذكرياآت

صدى قلمك لامس أحرفي فكان الحزن على من فقدنا حزن مشترك كل منا عانى ولكن عظم المصيبة يقرجه عظم الصبر والابتلاء يخصه الله لعباده المؤمنين ليختبرهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.