فريضة الصيام والأحكام الشرعية للصوم
************************************************
كتب الله سبحانه وتعالى الصيام على كل الأمم التى سبقت مبعث سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم كلٌ حسب شريعته ومنهاجه . فقال تبارك وتعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ )
وبعد مبعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجب الله فريضة الصيام خلافاً
لما كان . ففرض الله صيام شهر فى كل عام هو شهررمضان .
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )
وهذا الخطاب من الله فى الصيام خطابٌ عام لكافة البشر .. لذا :
فهو يلزم الكافة بالصيام .. فإن كان من المؤمنين فعليه أن يؤدى فرض الله .. وإن كان من الكافرين عليه
أن يتوب ويؤمن بدين الله فإن آمن وأسلم فقد صار أخا لنا فى الدين
له مالنا وعليه ماعلينا ووجب عليه أن يؤدى فرائض الله ومنها هذا الفرض الذى أوجبه الله .
******************
رؤية الهلال
إستطلاع هلال شهررمضان ورؤيته واجباً وجوباً شرعياً حتى ولو كان الحساب مفيداً للقطع .
لقول الله تبارك وتعالى
( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )
ولقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غُمَّ عليكم فاكملوا العدة ثلاثين يوما)
فإن غُمَّ الهلال وجب إكمال العدة ثلاثين يوما .
فإن جاءت بينة على ثبوت هلال الصوم بعد الغمَّة فقد وجب الصيام من الساعة التى جاءت فيها هذه البينة ..
وكذلك فى الفطر فلو كانت البينة قبل الظهر تم أداء صلاة العيد وإلا تم قضاؤه فائتاً .
*******************
اختلاف الرؤيا بين البلاد والأقطار فى الثبوت
اختلف الفقه الإسلامى فى هذا الشأن على ثلاثة أقوال :
القول الأول : ذهب إلى أنه إذا ثبتت رؤية الهلال فى بلد فقد وجب الصوم على جميع البلدان والأقطار .
القول الثانى : لا يجب الصوم على أهل بلد لم يرَوْه أن يأخذوا برؤية بلد قد رأوْه لأنه كما أنَّ لكل قوم فجرهم
وزوالهم فإن لكل قوم رؤيتهم وهلالهم .
القول الثالث : إذا كان مطلع البلد الذى رأته لا يختلف كثيراعن البلدان المجاورة بحيث لا يزيد عن مرحلتين
أو مايقرب من ساعتين فعلى البلد الذى لم تره أن تأخذ بحكم البلد الذى رأته .
******************
وفى ثبوت الرؤيا ..يقول الإمام شهاب الدين القرافى فى الفروق
أنَّ لفظ : شهد : فى قول الله تبارك وتعالى .. ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ ) .. هو بمعنى : حضر . وعلِم . وسمع ..
أى أن كل من حضر الشهر حاضرا مقيما .
وكل من أخبر بالشهر وأبلغ أو سمع به . وكل من علم ببدء الشهر :
فقد وجب عليه الصوم
ويجب أن يرى هلال الصوم شاهدى عدل لأن حكم رؤية الهلال هو
نفس حكم الشهادة والشهادة لابد فيها من رجلين أو رجل وامرأتان
.. إلا أنه قيل : أنه يكفى
شاهد عدل واحد لأن الرؤيا حكمها حكم الرواية والرواية تجوز بالفرد
الواحد .
أما فى رؤية هلال الفطر .. فلا يُقبل فى ثبوتِها إلا بشاهدى عدل
*************
أحكام الصوم
ينبغى على المرء أن يبيِّت النية فىكل ليلة من ليالى رمضان والسحور يقوم مقام النية
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(تسحروا فإن فى السحور بركة)
والصيام : هو أن تمتنع عن الأكل والشرب منذ طلوع الفجر وحتى مغيب الشمس .
وأن تمتنع أيضا من أن تأتى أهلك خلال نهار شهر رمضان .
فقد أباح الله لك أن تأكل وتشرب وتأتى أهلك منذ مغيب الشمس وحتى طلوع الفجر .
فإن أكلت أو شربت متعمدا فى نهار رمضان فقد وجب عليك : القضاء والكفارة
لما روى عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(أن رجلا أفطر فى شهر رمضان فأمره النبى صلى الله عليه وسلم بعتق رقبة أو صيام
شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا)
وكذلك إذا أتيت أهلك عامدا متعمدا فى نهار رمضان لما روى عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(أن أعرابيا أصاب أهله فى نهار رمضان فأمره النبى صلى الله عليه وسلم بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا )
والقضاء : هو أن تصوم يوما بدلا عن اليوم الذى أفطرته .
والكفارة : هى أن تكفِّر عما فعلت من إفطارك عمداً أو إتيان أهلك فى نَهار رمضان وتكون الكفارة إما : بعتق رقبة
مؤمنةكانت أوغير مؤمنة .. أوتصوم شهرين متتابعين ولا بد هنا من تتابع الأيام وإلا أعادهما ..
أوتطعم ستين مسكينا والإطعام يكون من أوسط طعامك الذى تقتاته .
وطعام المسكين الواحد : مَدْ أو مدَّين والمد ( رطل وثلث رطل ) ..
وقيل : نصف صاع أو صاع والصاع ( 4 أمداد ) .
*************
ما يجب فيه القضاء
من أكل أو شرب ناسيا فى نهار رمضان فعليه أن يتم صومه ولا قضاء عليه
لما ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(من أكل أو شرب ناسياً فى نهار رمضان فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه )
وقيل : يتم الصوم وعليه القضاء لأن القضاء واجب فى كل مايصل إلى الجوف .
ويجب القضاء على كل من :
من كان فى فِيهِ أكلا أو شربا وقام بمضغه أو بلعه دون لفظه ..
أو من كان فى فمه مما يبقى بين الأسنان مع القدرة على طرحه ولم يطرحه فدخل جوفه .
ويجب على من قاء متعمدا .. أما من ذرعه القىء فإن لم يدخل فى جوفه شىء منه
فلا قضاء عليه وإن دخل فعليه القضاء .
ويجب على ما ينزل من منى نتيجة تلذذ أو فكر وما إلى ذلك .
أما ما ينزل من منى نتيجة احتلام سواء فى الليل أو فى النهار فعلى المرء أن يغتسل ويتطهر منه ويتم صومه
لأن القلم مرفوع عنه حال نومه .
ويجب القضاء أيضا : فى كل ما يدخل إلى الجوف أو الرأس من دخان أو من سعوط أو
من حقن أو من تقطير وفى كل ما شابه ذلك .. ولكن :
لا يفسد الصوم بغبار الطريق وما شابَهه أو ما يُبتلع من نخامة أو حال المضمضة أو حال الاستنشاق وإن كان
الأسْمى أن تتوقَّى منه على قدر المستطاع .. وكذلك الفصد والإكتحال و الإ قتطار سواء كان فى العين
أو فى الأنف أو فى الأذن طالما لم يدخل إلى الرأس أو الجوف شىء منه .
وقضاء المرء ما فاته من أيام : لا يلزم فيه أن تكون متتابعة فيستوى أن تكون الأيام متفرقات
أو مجتمعات لأن التتابع واجب فقط فى الكفارة .
ولو مات المرء وعليه صيام من رمضان فعلى وليه أن يقضيه إنْ علِم به لأن الصيام أمر خفى بين العبد وربه .
*************
حكم المريض والمسافر
أباح الله سبحانه وتعالى رفقا بعباده وتيسيرا على خلقه للمريض والمسافر الإفطار فى أى يوم خلال أيام شهر
رمضان عند عدم القدرة وعدم الإحتمال .. فإذا ما خشى المريض من هلاك نفسه أو هلاك عضو من
أعضائه فيما لو صام فقد أباح الله له الإفطار .
والمسافر إذا ما كان فى صومه ضيق وحرج ومشقة فقد أجيز له الفطر . ولكن :
هذه الرخصة ليست مطلقة .. والله هو الحسيب والرقيب .
فلو قام المرء بسفر فى سياحة .. أو نزهة .. أو زيارة .. أو رحلة .. أو مصيف .. أو مشتى ….. إلخ )
فليس له هنا الإفطار حتى لو كان فى سفره ضيق ومشقة وحرج لأن تلك الإرادة هى إرادته وهذه الرغبة
هى رغبته فلا يجور بِها على حقٍ من حقوق الله تعالى أوعلى فرض وتكليف من الله .
**********
ووجب العلم أيضا : أنك لو كنت فى الحضر أى مقيما ودخلت فى الصوم وأنت ما زلت فى مكان
إقامتك ..
ثم سافرت .. فلا يحل لك الإفطار أيا كان هذا السفر وأيا كانت مسافته أو حرجه ومشقته .
لأنك دخلت فى الصوم مقيما لامسافرا أما لو دخلت فى الصوم مسافرا لا مقيما .. فقد أجيز لك
الإفطار .
**********
وعلى المريض والمسافر قضاء ما فاتهما من الأيام حين القدرة واحتمال الصيام وعدم
التفريط فيها قبل دخول شهر رمضان من العام المقبل .
فإن قدرت ولم تقض ما عليك حتى دخل عليك رمضان آخر فى العام الذى يليه :
فعليك بجانب القضاء : الإطعام
والإطعام هو : أن تطعم مسكينا عن كل يوم أفطرته وأجَّلته .
هذا الإطعام فدية لعدم قضاء ما عليك من صيام حين قدرت عليه ولم تفعل .. وهكذا فىكل عام .. فمثلا :
لو أفطرت خمسة أيام لمرض أو سفر ولم تقم بقضائهم مع القدرة والإحتمال على الصيام حتى دخل
عليك رمضان آخر .. فعليك حين تقضيهم بعد الرمضان الآخر: صيام الخمسة أيام وإطعام خمسة
مساكين .. فإذا تركت حتى دخل عليك رمضان ثان فعليك : صيام الخمسة أيام وإطعام عشرة
مساكين .. وهكذا ..
يقول سبحانه وتعالى
( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ )
**********
وحكم الحامل والمرضع إذا أفطرتا فى شهر رمضان
الحامل والمرضع إذا أفطرتا فى شهر رمضان فإنه : يتم التفرقة بين ما إذا كان الإفطار :
للمشقة على نفسهما .. أو للمخافة على ولدهما ..
فلو أفطرتا : مخافة على نفسهما دون ولدهما .. فعليهما القضاء .
أما لو كان الإفطار : مخافة على ولدهما دون نفسهما فهى هنا ممن تطيق وعليهما بجانب القضاء : الإطعام .
فإن لم تقض أى منهما ماعليها من صيام حتى دخل عليها رمضان آخر فهنا :
إن كان الإفطار خشية على أنفسهما : فحكمهما هنا هو نفس حكم المريض والمسافر
أما إن كان الإفطار خشية على ولدهما : فعليهما بجانب القضاء : فدية إطعام
مسكينين وليس مسكينا واحدا عن كل يوم لأن الفدية هنا : فديتين : فدية إفطارهما مخافة على ولديهما ..
وفدية تأخير القضاء مع القدرة عليه .. وتزيد الفدية أيضا فى كل عام يمضى .
**********
وبالنسبة للحائض والنفساء
فإنه لا يصح صوم المرأة حال حيضها أو نفاسها إلا بعد طهرها وتطهرها وحكمهما حينئذ هو نفس حكم المريض والمسافر .
**********
الإعتكاف
إذا ما أوجبت على نفسك اعتكافا ونويته فاعلم أن :
أدناه يوم وليلة . ولايكون إلا فى المسجد والمسجد الجامع أحب .
وهو جائزاً فى أى وقت خلال العام صائما كنت أو غير صائم .
والأحب أن يكون فى الصيام وفى العشر الأواخر من شهر رمضان .
وهو جائز للعبد بإذن سيده وللمرأة بإذن زوجها وعلى المرأة أن تقطع إعتكافها حال حيضها .
والدخول فى الإعتكاف يكون قبل غروب الشمس .. والخروج منه يكون بعد الغروب ولابد للمعتكف من اللبث فى
المسجد حال البدء فيه .. ولا يجوز الخروج من المسجد إلا إذا كان هناك ضرورة قصوى والله سبحانه وتعالى هو
الحسيب والرقيب وإذا ما خرج المعتكف للحالة التى من أجلها خرج فلا يجوز له أن يمكث عقب الفراغ منها .
ولا يجوز للمعتكف أن يأتى أهله حال خروجه .. ولا للمعتكفة أن تمكن زوجها منها يقول تبارك وتعالى
(وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ)
**************************************************
ربي يسعدك ويوفقك لكل خير
جزآك ربي ـألف خيير ,
ربي يجيزيك آلف خيـر ويسعدك ويوفقك
تسلم يمناك ننتظر جديدك