الحمدلله رب العالمين . والصلاة والسلام على نبيه الصادق الامين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين … وبعد :
الانحراف في حياة البشريه
خلق الله الخلق لعبادته . وهيأ لهم ما يعينهم عليها من رزقه . قال تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)الذاريات
والنفس بفطرتها إذا تركت كانت مقره لله بالإليه محبه لله تعبده لا تشرك به شيئأ .ولكن يفسدها وينحرف بها عن ذلك ما يزين لها شياطين الإنس والجن بما يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا . فالتوحيد مركوز في الفطر . والشرك طارئ ودخيل عليها قال الله تعالى : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) الروم 30
وقال صالى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ))-في الصحيحين من حديث أبي هريره-
فالأصل في بني آدم التوحيد .
والدين الإسلام من عهد آدم عليه السلام ومن جاء من بعده من ذريته قروناً طويله – قال تعالى ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ) البقره 213وأول ما حدث الشرك والإنحراف عن العقيدة الصحيحه في قوم نوح , فكان عليه السلام أول رسول قال تعالى ( ۞ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ )النساء 163
قال ابن عباس : كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون كلهم على الاسلام – قال ابن القيم : وهذا القول هو الصواب قطعاً فان قراءة أبي بن كعب في آيه البقره ( فختلفوا فبعث الله النبيين ).
ويشهد لهذا القراءة قوله تعالى في سوره يونس : ( وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ۚ ) يونس 19
يريد رحمة الله أن بعثة النبيين سببها الاختلاف عما كانوا عليه من الدين الصحيح – كما كانت العرب بعد ذلك على دين ابراهيم عليه السلام حتى جاء عمرو بن لحي الخزاعي فغير دين ابراهيم وجلب الأصنام إلى ارض العرب وإلى الحجاز بصفه خاصه فعبدت من دون الله وانتشر الشرك في هذه البلاد المقدسه وما جاورها – إلى ان بعث الله نبيه محمداً خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم فدعا الناس إلى التوحيد واتباع ملة ابراهيم وجاهد في الله حق جهاده حتى عادت عقيدة التوحيد وملة ابراهيم وكسر الأصنام وأكمل الله به الدين . واتم به النعمه على العالمين . وسارت على نهجه القرون المفضله من صدر هذه الأمه .إلى ان فشا الجهل في القرون المتأخره ودخلها الدخيل من الديانات الأخرى فعاد الشرك إلى كثير من هذه الأمه بسبب دعاة الضلال وبسبب البناء على القبور متمثلاً بتعظيم الأولياء والصالحين وادعاء المحبه لهم حتى بنيت الأضرحه على قبورهم . واتخذت اوثاناً تعبد من دون الله بأنواع القربات من دعاء واستغاثه وذبح ونذر لمقاماتهم وسموا هذا الشرك توسلاً بالصالحين واظهاراً لمحبتهم وليس عبادة لهم بزعمهم . ونسوا أن هذا هو قول المشركين الأولين حيث يقولون : (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ (3)الزمر
ومع هذا الشرك الذي وقع في البشريه قديماً وحديثاً فالأكثرية منهم يؤمنون بتوحيد الربوبيه وانما يشركون في العباده كما قال تعالى : ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)يوسف
ولم يجحد وجود الرب إلا نزر يسير من البشر كفرعون والملاحدة الدهريين والشيوعيين في هذا الزمان – وجحودهم به من باب المكابرة وإلا فهم مضطرون للاقرار به في باطنهم وقرارة انفسهم كما قال تعالى ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ (14) النمل
وعقولهم تعرف أن كل مخلوق لا بد له من خالق . وكل موجود لا بد له من موجد .وأن نظام هذا الكون المنظبط الدقيق لا بد له من مدبر حكيم قدير عليم . من أنكره فهو أما فاقد لعقله أو مكابر قد ألغى عقله وسفه نفسه وهذا لاعبرة به.
منقول
من كتاب ((التوحيد )) للشيخ الدكتور / صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله..
بارك الله فيك ولاحرمك جنته
بنتظار جديدك =)
وبآرك فيك ..
اثابك الرحمن جنان وغفران ورضوآن
جزاك الله خير
يعطيك العافيه
جزاك الله كل خير