السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
التحذير من مظالم العباد
الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
من محاضرة: مظالم العباد
يجب على العباد أن يحذروا أَشَدَّ الحَذَرِ مِنَ المظالم، ومن الوقوع في حقوق العباد، والنيل منها، ومن ظلمهم والتعدي عليهم، والإساءة إليهم.
وهذا تشهد له جملة من الأدلة تقدم ذكر بعضها، عندما تحدثنا عن حديث المفلس، وبعضها نعرض له إن شاء الله تعالى، وهي كلها تدل على عظم حق المؤمن، بل في الحقيقة على حق العباد عموماً حتى لو كان الظلم واقعاً على غير مؤمن، فإن العبد مسئول عن هذا الظلم؛ لأن ديننا هو دين العدل والرحمة، فلا يجيز الظلم بأي حال من الأحوال حتى لو كان على كافر، وهذا مما فرط فيه كثير من الناس وأهملوه وتجرءوا على حدود الله بما يتعلق بحقوق العباد.
وفتح هذا الباب العظيم الرافضة قبحهم الله، والخوارج وحسبكم أن يكون هذا الباب إنما فتحته هاتان الطائفتان المارقتان؛ الروافض والخوارج بالطعن في خير الناس بعد الأنبياء وهم أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والافتراء عليهم ونسبتهم إلى ما ليس فيهم، مثل أبي بكر وعمر وبقية العشرة.
فهاتان الطائفتان فتحتا الأبواب لمن جاء بعدهم من أصحاب الفتن.
والخوارج لا يطعنون في الشيخين، ولكن يطعنون في بقية الخلفاء الراشدين وكثير من الصحابة.
أما الروافض فيطعنون في الجميع إلا الأربعة أو الاثني عشر على اختلاف درجاتهم واختلاف أصنافهم في الكفر والضلال، نسأل الله العفو والعافية.
فحق المسلم على المسلم عظيم، والله أمر المؤمنين بأن يكونوا إخوانا وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً [آل عمران:103]، فهذه الأوامر من الله وهي مِنَّةً على هذه الأمة كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { وكونوا عباد الله إخواناً }.
ويقول تبارك وتعالى في حديث أبي ذر الصحيح: {يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا } فالله غني عن كل أحد، وهو الذي بيده كل شيء، وكتب على نفسه سبحانه الرحمة، وحرَّم عليها الظلم؛ مع أنه لو فعل بخلقه ما يفعل سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فليس بظالم؛ لأن الخلق خلقه، والأمر أمره، والعباد عباده، ومع ذلك يقول: {يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا }.
فالتظالم من أكبر أسباب العقوبة في الدنيا والآخرة، وقد صح أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فيما رواه أحمد وغيره {من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره } وهو حديث عظيم اشتمل على أربعة أمور:
الشفاعة في حد من حدود الله
الحد الأول: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره، لأنَّ أمر الله وشرعه أن تقام الحدود، وإلا فَلِمَ شَرَعَ الله حد الزنا والخمر والسرقة أو غير ذلك؟!
وإن لم يكن من الحدود المعروفة في الاصطلاح الفقهي؛ لأن حدود الله إذا وردت في القرآن أو السنة، فهي أعم مما يذكره الفقهاء؛ فالتي يقصدها الفقهاء هي: العقوبات المقدرة؛ كل العقوبات وكل الأوامر والنواهي تسمى حدود الله، كما جاء في القرآن: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق:1] تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا [البقرة:229] والمقصود به هو كل ما شرع الله تعالى.
ولذلك يشتمل هذا الحديث على التعزير وغيره من العقوبات المقدرة، وغير المقدرة وهي: التعزيرات؛ فمن حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره، إذ أن الله لم يشرعها إلا لتنفذ ولتقام، فمن حالت شفاعته دون قيامها فقد ضاد الله في أمره، وحاد أمر الله وعانده، وكفى بالمرء شراً ولؤماً وخبثاً وعناداً وكبراً أن يضاد الله تعالى في أمره.
وهذا له موضوع آخر، ولكنه أول ما ذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الحديث وبقيه الثلاثة الأمور التي تتعلق بحقوق العباد.
دمت بود
عاشقة القرءان
وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا وزاد همتك …
اسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون للكلام فيتبعون أحسنه ..
بوركت جهودك ..