كانت الرسامة الفرنسية الشهيرة مدام فيجيه لوبران قد أحبت في صباها شاباً رائع الجمال اشتهر بالتقلب والتلون والعبث بقلوب النساء.. فلما حاول أن يغرر بها، بعثت إليه بهذه الرسالة التحليلية الرائعة .
***
لماذا تخونني يا حبيبي، وأنا مخلصة لك؟.. لماذا تخدعني وتغرر بي وتسخر مني، وأنا قد وهبتك ثقتي الكاملة وبادلتك الحب في براءة دونها براءة العذاري؟
لقد لمحتك بالأمس في تلك الحفلة الساهرة تغازل سيدة، وتداعبها، وتلاطفها، وتوشك أن تختلس منها قبلة وموعد غرام..
أليس كذلك؟ لا تكذب.. هذا غير خليق بك، فقل لي ما سر نفسك وما حقيقة شخصيتك، وكيف يمكن أن تكون مثال المحب الصادق الوفي وأنت معي، ومثال المحب الصادق أيضا وأنت في صحبة غيري؟!
هل أنت رجل أم ممثل، هل أنت إنسان أم مهرج، أجبني؟
الحقيقة أنك مخلوق صلف مغرور، يود أن يستميل جميع النساء: ويستمتع بجميع النساء، ويشعر بلذة الزهو والخيلاء وهو يخضع لسلطانه جميع النساء!
أنت رجل لا قلب له، ولا ضمير، ولا عاطفة، ولا احساس، أنت كالنحلة ترف علي جميع الازهار، وتستخلص العسل من هذه وتلك، دون ان تستقر علي زهرة، ودون ان تعرف للراحة أو السكينة أية قيمة أو متعة!
والغريب أنك لفرط غرورك تعتقد أن جميع النساء غبيات وان ليس فيهن من تفهمك، وان اذكاهن وأقدرهن لابد ان تقع فريسة لاطرائك وملقك ومجاملاتك وسحر تظرفك..
هو ذاك.. لا تغضب مني لأني أفهمك!.. فأنا لا أزعم اني خارقة الذكاء، ولكني أصارح في غير خجل بأني فهمتك حق الفهم لأني أحببتك!..
نعم وا أسفاه.. لقد أحببتك حبا عميقا، حبا جارفا، ولم يكن في استطاعتي ان أفكر في أحد سواك. فلما احتل خيالك ذهني، وملك طيفك أحلامي، أمعنت النظر في كل لمحة من لمحات نفسك، وكل نظرة من نظرات عينيك، فأدركت آخر الأمر أني لم أعشق انسانا.. بل عشقت وحشا ضاريا يفترس للذة الافتراس، ويعب في الدم كما يمكن أن يعب المدمن في نهر من الخمر!..
فيأيها الوحش الجميل.. ان ضعفك كامن في أنك تنسي أنك وحش، وتنسي أن العالم الذي تعيش فيه ليس هو عالم الغابة، وتنسي أن هناك نساء غير متأهبات لمنح قلوبهن لوحوش!
وأنا من هؤلاء النساء.. أنا لا أؤكل ثم أرمي.. أنا لا أعتصر ثم أنبذ.. انا لا أمتص ثم يلقي بي فجأة في عرض الطريق..
كلا يا صاحبي.. ولهذا السبب عذبتك. لهذا السبب راوغتك. لهذا السبب تمنعت عليك، وأدميت قلبك، وأبيت أن أكون زوجتك..
وكيف، كيف تريد أن امنحك نفسي وأنا افهمك؟.. كيف تريد ان استسلم لك وأنا أعرف غدرك؟! لقد اردت اذلالك لتعرف نفسك، وتعرف من أنا.. وتشعر ولو لأول مرة في حياتك، بأنك اصطدمت بامرأة أقوي من سحرك، وأقوي من ظرفك، وأقوي من ألاعيبك، وأقوي من غضبة الوحش المفترس الجاثم في عمق نفسك!
والحق أني ما عذبتك وتمنعت عليك الا لتعرف معني الألم.. فأنت لم تتألم أبداً.. لم تبك ابداً. لم تنهزم ابداً.. ولكنك تألمت بسببي، وبكيت من أجلي وهزمت شر هزيمة أمام ارادتي وجمالي وسحري!.. لا تنكر.. لا تشمخ بأنفك علي!.. أنا القوية وأنت الضعيف.. أنا الثابتة وأنت القلق.. أنا المطمئنة وأنت الحائر.. فابق هكذا وتألم.. ابق هكذا وتفطر.. واذا شئت ان تنصرف عني فانصرف.. اما اذا شئت ان تفوز بي، وتظفر بحبي، فعليك ان تحتمل طويلا، وتصبر طويلا، وتكافح طويلا، وتثبت لي علي مر الزمن انك اصبحت رجلا وفيا صادقا أمينا، يمكن ان يحب امرأة واحدة، ويخلص لامرأة واحدة، ويري مفاتن النساء جميعا ممثلة في امرأة واحدة!..
هذا هو الحب.. وأنا لا أقنع بغيره.. فرض نفسك عليه ان استطعت أو فارحل.. ولكنك لو تمكنت من كبح غرائزك، والتسلط علي نزواتك، واخضاع ميولك وأهواءك لحكم الوفاء لا لحكم الشهوة الوضيعة الرخيصة المتقلبة الشائنة.. فعندئذ، وعندئذ فقط يمكن ان أثق فيك واقترن بك، وامنحك روحي وقلبي وجسمي إلي الأبد.
فالامتحان أمامك، والثمرة في متناول يدك!. فاذا كنت حقا رجلا، وكنت حقا تحبني، فجز هذا الامتحان عن طواعية واختيار والا فاذهب.. اخرج.. اخرج من العالم المتمدين.. اخرج من المجتمع المتحضر، وانطلق الي محيطك المحبوب.. انطلق الي الغابة ثم ابحث لك هناك عن حيوانة خليقة بك، حيوانة لا امرأة، تقنع منك بمجرد اللذة، وتنشد بقربك مجرد المتعة، ولا تعطيك من نفسها في لحظة عابرة أكثر مما تعطي الكلبة للكلب!
هذه كلمتي الأخيرة أيها الوحش الجميل.. فأمعن النظر فيها، واختر.. اختر بين الوفاء والغدر، ثم أجبني بكلمة.. بكلمة واحدة: إما وداعاً وإما ملتقي!..
***
ولقد أثرت هذه الرسالة في نفس الشاب أول الأمر، فأخلص للفنانة اخلاصا أوشك ان يودع في قلبها الثقة به.. ولكن طبعه كان أقوي منه، فعاود سيرته الأولي، فطردته شر طرد، وظلت حريصة علي نفسها حتي تزوجت!
ترجم الرسالة وعلق عليها الكاتب الكبير الراحل إبراهيم المصري
انا اكره شي عندى هذي النوعية من الرجال
اللي حياتهم كلها لعب وضحك على النساء
يارب يستفيدو من هالموضوع شوي
يلا ننتظر جديدك
باي
يسلمو 00
تسلم يدك على القصه الروعه
حلووة 🙂
يعطيك الف عآفية
~