السلام عليكم
اليو نزلت موضوع عن
كتاب الطهارة
هو حديث وبنزل عدة احاديث فيها هذا الموضوع
اليو نزلت موضوع عن
كتاب الطهارة
هو حديث وبنزل عدة احاديث فيها هذا الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
كِتَـابُ الطَّهَـارَةِ
1- عن عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّم يقولُ: (( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ – وفي
روايَةٍ: بِالنِّيَّةِ –وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَن كَانَتْ
هِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَن
كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا،
فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)).
كِتَـابُ الطَّهَـارَةِ
1- عن عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّم يقولُ: (( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ – وفي
روايَةٍ: بِالنِّيَّةِ –وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَن كَانَتْ
هِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَن
كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا،
فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)).
تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الثاني: التصحيح اللغوي)
النوعُ الثاني: ( تحريرُ الألفاظِ لُغَةً، وإعرابًا، وضبطُ المُشْكِلِ منها
في الأسماءِ واللغاتِ، وما يَتْبَعُ ذلكَ من الفوائدِ المُهِمَّةِ التي لا
تُوجَدُ في غيرِ هذا التعليقِ)، واللهُ وَلِيُّ التوفيقِ.
في الأسماءِ واللغاتِ، وما يَتْبَعُ ذلكَ من الفوائدِ المُهِمَّةِ التي لا
تُوجَدُ في غيرِ هذا التعليقِ)، واللهُ وَلِيُّ التوفيقِ.
مِن كتابِ الطهارةِ إلى الصلاةِ:
قولُهُ: "قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ"
هذا مِمَّا يَتَكَرَّرُ كثيرًا، وقد اخْتُلِفَ في المَنْصُوبَيْنِ بعدَ
"سَمِعْتُ" على قَوْلَيْنِ: فالجمهورُ على أنَّ الأوَّلَ مفعولٌ بهِ، وجملةَ
يَقُولُ حالًا، ثم الأوَّلُ على تقديرِ حذفِ مُضَافٍ، أي: سَمِعْتُ كلامَ
رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ؛ لأنَّ السمعَ لا يَقَعُ على الذواتِ،
ثم بُيِّنَ هذا المحذوفُ بالحالِ المذكورةِ، وهي يَقُولُ، وهي حالٌ
مُبَيِّنَةٌ، ولا يَجُوزُ حَذْفُهَا.
والقولُ الثاني: أَنَّ الواقعَ بَعْدَ "سَمِعْتُ" إنْ كانَ مِمَّا يُسْمَعُ
تَعَدَّتْ إلى مفعولٍ واحدٍ، نحوَ: سَمِعْتُ القرآنَ والحديثَ.
وإنْ كان مِمَّا لا يُسْمَعُ تَعَدَّتْ إلى مفعولَيْنِ،نحوَ: سَمِعْتُ رسولَ
اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ يقولُ، فجملةُ "يقولُ" على هذا مفعولٌ ثانٍ،
وهو الذي اختارَهُ الفارسيُّ فى "الإيضاحِ"، وقد رَدُّوا عليهِ بأنَّهُ لو
كانَ مِمَّا يَتَعَدَّى لاثْنَيْنِ، لَكانَ إمَّا أنْ يكونَ مِن بابِ
أَعْطَيْتُ أو ظَنَنْتُ.
ولا جَائِزَ أنْ يكونَ مِن بابِ أَعْطَيْتُ؛ لأنَّ ثانِيَ مَفْعُولَيْهِ لا
يكونُ جملةً، ولا مُخْبَرًا بهِ عن الأوَّلِ، وسَمِعْتُ بخلافِ ذلكَ.
ولا جائزَ أنْ يكونَ من بابِ ظَنَنْتُ لصحةِ قولِكَ: سَمِعْتُ كلامَ زيدٍ.
فَتُعَدِّيهِ إلى واحدٍ، ولا ثالثَ للبابَيْنِ، وقد بَطَلَا، فَتَعَيَّنَ
القولُ الأوَّلُ.
قال ابنُ الدَّهَّانِ: فإنْ قلتَ: سَمِعْتُ زيدًا قائلًا، لم يَكُنْ
بالمختارِ عندَ بعضِهم، إلَّا أنْ تُعَلِّقَهُ بشيءٍ آخَرَ؛ لأنَّ قائِلًا
موضوعٌ للذاتِ، والذاتُ ليستْ موضوعةً للسمعِ، ولهذا تقولُ: رأيتُ القائلَ،
فلو كانَ مِمَّا يُسْمَعُ لم يَكُنْ مِمَّا يُرَى.
قولُهُ: ((إنَّمَا الأعمالُ بالنِّيَّاتِ)):
قَدَّرَهُ بعضُهم: إنَّمَا قَبُولُ الأعمالِ واقعٌ بالنِّيَّاتِ، وفيهِ
حُذِفَ المبتدأُ، وهو "قَبُولُ"، وإقامةُ المضافِ إليهِ مُقَامَهُ، ثم حُذِفَ
الخبرُ، وهو "وَاقِعٌ".
والأحسنُ تقديرُ مَن قَدَّرَ: إنَّمَا الأعمالُ مُعْتَبَرَةٌ أو مُجْزِئَةٌ،
وقيلَ: تَقْدِيرُ الخبرِ "واقعٌ" أَوْلَى مِن تقديرِهِ بِـ"مُعْتَبَرٌ"؛
لأنَّهُم أبدًا لا يُضْمِرُونَ إلَّا ما يَدُلُّ عليهِ الظرفُ، وهو "واقعٌ أو
مُسْتَقِرٌّ" وهي قاعدةٌ مُطَّرِدَةٌ عندَهم.
قلتُ: هذا مُسَلَّمٌ في تقديرِ ما يَتَعَلَّقُ بهِ الظرْفُ مُطْلَقًا مع
قَطْعِ النَّظَرِ عن صورةٍ خاصَّةٍ، أمَّا الصورةُ المخصوصةُ، فلا يُقَدَّرُ
فيها إلا ما يَلِيقُ بها مِمَّا يَدُلُّ عليهِ المعنى والسياقُ، وإنَّمَا
قُدِّرَ هذا خَبَرًالِتَقْدِيرِ المبتدأِ، وهو "قَبُولُ"، وإذا قَدَّرْنَا
ذلكَ نَفْسَ الخبرِ لمْ يُحْتَجْ إلى حَذْفِ المبتدأِ.
قولُهُ: ((وإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ)).
قدَّرَهُ الشيخُ عِزُّ الدينِ بنُ عبدِ السلامِ – رَحِمَهُ اللهُ – أي:
إِنَّمَا يَحْصُلُ لِكُلِّ امْرِئٍ ثَوَابُ العَمَلِ الذي نَوَاهُ.
وبهذا التقديرِ تكونُ الجملةُ الأُولَى لبيانِ ما تَرَتَّبَ عليها من
الأعمالِ الدُّنْيَوِيَّةِ، والثانيةُ لبيانِ ما تَرَتَّبَ عليها من الثوابِ
في الدارِ الآخرةِ.
قولُهُ: ((فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا)).
هو بغيرِ تنوينٍ؛ لأنَّهَا لا تَنْصَرِفُ، وقد اسْتُشْكِلَ استعمالُ
((دُنْيَا))؛ لأنَّهَا في الأصلِ مؤنثُ أَدْنَى، وأَدْنَى أَفْعَلُ تفضيلٍ،
وأَفْعَلُ التفضيلِ، إذا نُكِّرَ لَزِمَ الإفرادَ والتذكيرَ، وامْتَنَعَ
تأنيثُهُ وجَمْعُهُ، فَفِى استعمالِ دُنْيَا بالتأنيثِ مع كَوْنِهِ مُنكَّرًا
إشكالٌ.
قولُهُ: "قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ"
هذا مِمَّا يَتَكَرَّرُ كثيرًا، وقد اخْتُلِفَ في المَنْصُوبَيْنِ بعدَ
"سَمِعْتُ" على قَوْلَيْنِ: فالجمهورُ على أنَّ الأوَّلَ مفعولٌ بهِ، وجملةَ
يَقُولُ حالًا، ثم الأوَّلُ على تقديرِ حذفِ مُضَافٍ، أي: سَمِعْتُ كلامَ
رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ؛ لأنَّ السمعَ لا يَقَعُ على الذواتِ،
ثم بُيِّنَ هذا المحذوفُ بالحالِ المذكورةِ، وهي يَقُولُ، وهي حالٌ
مُبَيِّنَةٌ، ولا يَجُوزُ حَذْفُهَا.
والقولُ الثاني: أَنَّ الواقعَ بَعْدَ "سَمِعْتُ" إنْ كانَ مِمَّا يُسْمَعُ
تَعَدَّتْ إلى مفعولٍ واحدٍ، نحوَ: سَمِعْتُ القرآنَ والحديثَ.
وإنْ كان مِمَّا لا يُسْمَعُ تَعَدَّتْ إلى مفعولَيْنِ،نحوَ: سَمِعْتُ رسولَ
اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ يقولُ، فجملةُ "يقولُ" على هذا مفعولٌ ثانٍ،
وهو الذي اختارَهُ الفارسيُّ فى "الإيضاحِ"، وقد رَدُّوا عليهِ بأنَّهُ لو
كانَ مِمَّا يَتَعَدَّى لاثْنَيْنِ، لَكانَ إمَّا أنْ يكونَ مِن بابِ
أَعْطَيْتُ أو ظَنَنْتُ.
ولا جَائِزَ أنْ يكونَ مِن بابِ أَعْطَيْتُ؛ لأنَّ ثانِيَ مَفْعُولَيْهِ لا
يكونُ جملةً، ولا مُخْبَرًا بهِ عن الأوَّلِ، وسَمِعْتُ بخلافِ ذلكَ.
ولا جائزَ أنْ يكونَ من بابِ ظَنَنْتُ لصحةِ قولِكَ: سَمِعْتُ كلامَ زيدٍ.
فَتُعَدِّيهِ إلى واحدٍ، ولا ثالثَ للبابَيْنِ، وقد بَطَلَا، فَتَعَيَّنَ
القولُ الأوَّلُ.
قال ابنُ الدَّهَّانِ: فإنْ قلتَ: سَمِعْتُ زيدًا قائلًا، لم يَكُنْ
بالمختارِ عندَ بعضِهم، إلَّا أنْ تُعَلِّقَهُ بشيءٍ آخَرَ؛ لأنَّ قائِلًا
موضوعٌ للذاتِ، والذاتُ ليستْ موضوعةً للسمعِ، ولهذا تقولُ: رأيتُ القائلَ،
فلو كانَ مِمَّا يُسْمَعُ لم يَكُنْ مِمَّا يُرَى.
قولُهُ: ((إنَّمَا الأعمالُ بالنِّيَّاتِ)):
قَدَّرَهُ بعضُهم: إنَّمَا قَبُولُ الأعمالِ واقعٌ بالنِّيَّاتِ، وفيهِ
حُذِفَ المبتدأُ، وهو "قَبُولُ"، وإقامةُ المضافِ إليهِ مُقَامَهُ، ثم حُذِفَ
الخبرُ، وهو "وَاقِعٌ".
والأحسنُ تقديرُ مَن قَدَّرَ: إنَّمَا الأعمالُ مُعْتَبَرَةٌ أو مُجْزِئَةٌ،
وقيلَ: تَقْدِيرُ الخبرِ "واقعٌ" أَوْلَى مِن تقديرِهِ بِـ"مُعْتَبَرٌ"؛
لأنَّهُم أبدًا لا يُضْمِرُونَ إلَّا ما يَدُلُّ عليهِ الظرفُ، وهو "واقعٌ أو
مُسْتَقِرٌّ" وهي قاعدةٌ مُطَّرِدَةٌ عندَهم.
قلتُ: هذا مُسَلَّمٌ في تقديرِ ما يَتَعَلَّقُ بهِ الظرْفُ مُطْلَقًا مع
قَطْعِ النَّظَرِ عن صورةٍ خاصَّةٍ، أمَّا الصورةُ المخصوصةُ، فلا يُقَدَّرُ
فيها إلا ما يَلِيقُ بها مِمَّا يَدُلُّ عليهِ المعنى والسياقُ، وإنَّمَا
قُدِّرَ هذا خَبَرًالِتَقْدِيرِ المبتدأِ، وهو "قَبُولُ"، وإذا قَدَّرْنَا
ذلكَ نَفْسَ الخبرِ لمْ يُحْتَجْ إلى حَذْفِ المبتدأِ.
قولُهُ: ((وإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ)).
قدَّرَهُ الشيخُ عِزُّ الدينِ بنُ عبدِ السلامِ – رَحِمَهُ اللهُ – أي:
إِنَّمَا يَحْصُلُ لِكُلِّ امْرِئٍ ثَوَابُ العَمَلِ الذي نَوَاهُ.
وبهذا التقديرِ تكونُ الجملةُ الأُولَى لبيانِ ما تَرَتَّبَ عليها من
الأعمالِ الدُّنْيَوِيَّةِ، والثانيةُ لبيانِ ما تَرَتَّبَ عليها من الثوابِ
في الدارِ الآخرةِ.
قولُهُ: ((فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا)).
هو بغيرِ تنوينٍ؛ لأنَّهَا لا تَنْصَرِفُ، وقد اسْتُشْكِلَ استعمالُ
((دُنْيَا))؛ لأنَّهَا في الأصلِ مؤنثُ أَدْنَى، وأَدْنَى أَفْعَلُ تفضيلٍ،
وأَفْعَلُ التفضيلِ، إذا نُكِّرَ لَزِمَ الإفرادَ والتذكيرَ، وامْتَنَعَ
تأنيثُهُ وجَمْعُهُ، فَفِى استعمالِ دُنْيَا بالتأنيثِ مع كَوْنِهِ مُنكَّرًا
إشكالٌ.
يتبع
ولهذا لا يُقَالُ: قُصْوَى، ولا كُبْرَى.
وأجابَ ابنُ مالكٍ: بأنَّ دنيا خُلِعَتْ عنها الوصفيَّةُ غالبًا، وأُجْرِيَتْ
مُجْرَى ما لمْ يَكُنْ قطُّ وَصْفًا مِمَّا وَزْنُهُ فُعْلَى كَرُجْعَى
وبُهْمَى، فلهذا ساغَ فيها ذلكَ.
قولُهُ: ((أو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا)).
هو من عَطْفِ الخاصِّ على العامِّ، بدليلِ حديثِ :((الدُّنْيَا مَتَاعٌ،
وخَيْرُ مَتَاعِهَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ)).
وفيهِ رَدٌّ على ابنِ مالكٍ في شرحِ عُمْدَتِهِ إذْ زَعَمَ أنَّ عَطْفَ
الخاصِّ على العامِّ إِنَّمَا يكونُ بالواوِ.
وأجابَ ابنُ مالكٍ: بأنَّ دنيا خُلِعَتْ عنها الوصفيَّةُ غالبًا، وأُجْرِيَتْ
مُجْرَى ما لمْ يَكُنْ قطُّ وَصْفًا مِمَّا وَزْنُهُ فُعْلَى كَرُجْعَى
وبُهْمَى، فلهذا ساغَ فيها ذلكَ.
قولُهُ: ((أو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا)).
هو من عَطْفِ الخاصِّ على العامِّ، بدليلِ حديثِ :((الدُّنْيَا مَتَاعٌ،
وخَيْرُ مَتَاعِهَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ)).
وفيهِ رَدٌّ على ابنِ مالكٍ في شرحِ عُمْدَتِهِ إذْ زَعَمَ أنَّ عَطْفَ
الخاصِّ على العامِّ إِنَّمَا يكونُ بالواوِ.
شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)
المتن:
1- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ((إنما الأعمال بالنيات -وفي رواية: بالنية– وإنما لكل امرئ ما نوى،
فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى
دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا
يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)).
3-عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم قالوا: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ويل للأعقاب من النار)).
1- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ((إنما الأعمال بالنيات -وفي رواية: بالنية– وإنما لكل امرئ ما نوى،
فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى
دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا
يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)).
3-عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم قالوا: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ويل للأعقاب من النار)).
الشرح:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد
فهذه الأحاديث الثلاثة تتعلق بالطهارة ورفع الحدث وإزالة النجس، يقال له
طهارة، والوضوء من الأحداث يقال له طهارة، والغسل من الجنابة والحيض يقال له
طهارة، وإزالة النجاسة من البدن والثوب والبقعة تسمى طهارة، فالطهارة في
الشرع هي: رفع الأحداث وإزالة الأخباث.
والطهارة طهارتان:
طهارة حسية
وطهارة معنوية
والطهارة الحسية شطر الإيمان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر
الإيمان)) لأنه طهارة ظاهرة حسية مثل الوضوء والغسل.
والطهارة المعنوية: التوحيد والأعمال الصالحات وهذه هي الشطر الثاني، والله
جل وعلا شرع لعباده الطهارتين.
فالطهارة من الأحداث والأنجاس؛ لما شرع من الوضوء والغسل، والتيمم عند العجز
عن الماء، أو عند فقد الماء، وشرع لهم الطهارة الثانية بما أمرهم به من
الطاعات وترك المعاصي، فهي طهارة لقلوبهم وصلاح لها، وسبب لنجاتهم في الدنيا
والآخرة.
والأعمال مبنية على أمرين: صلاح الباطن وصلاح الظاهر، والعمل لا يُقبل إلا
بالأمرين، بالنية الخالصة لله، وهذا يتعلق بالقلوب، ويتعلق بهذا حديث عمر رضي
الله عنه: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)). فلا يُقبل العمل
إلا إذا صدر عن إخلاص لله، ولا بد من حصول أمر ثان، وهو موافقة الشريعة،
ولهذا قال جمع من أهل العلم: (إن حديث عمر يعتبر شطر الدين) لأن مبنى الأعمال
على أمرين: الإخلاص في الباطن، وموافقة الشريعة في الظاهر، فكل عمل لا يكون
خالصا لله يكون باطلا، وكل عمل لا يوافق الشريعة يكون باطلا، وحديث عمر فيما
يتعلق بالإخلاص وحديث عائشة الآتي وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في
أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وفي لفظ آخر: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا
فهو رد)) هذا يتعلق بالظاهر.
وقال بعض أهل العلم: (إن حديث عمر ربع الدين)، وأنشد في ذلك:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد
فهذه الأحاديث الثلاثة تتعلق بالطهارة ورفع الحدث وإزالة النجس، يقال له
طهارة، والوضوء من الأحداث يقال له طهارة، والغسل من الجنابة والحيض يقال له
طهارة، وإزالة النجاسة من البدن والثوب والبقعة تسمى طهارة، فالطهارة في
الشرع هي: رفع الأحداث وإزالة الأخباث.
والطهارة طهارتان:
طهارة حسية
وطهارة معنوية
والطهارة الحسية شطر الإيمان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر
الإيمان)) لأنه طهارة ظاهرة حسية مثل الوضوء والغسل.
والطهارة المعنوية: التوحيد والأعمال الصالحات وهذه هي الشطر الثاني، والله
جل وعلا شرع لعباده الطهارتين.
فالطهارة من الأحداث والأنجاس؛ لما شرع من الوضوء والغسل، والتيمم عند العجز
عن الماء، أو عند فقد الماء، وشرع لهم الطهارة الثانية بما أمرهم به من
الطاعات وترك المعاصي، فهي طهارة لقلوبهم وصلاح لها، وسبب لنجاتهم في الدنيا
والآخرة.
والأعمال مبنية على أمرين: صلاح الباطن وصلاح الظاهر، والعمل لا يُقبل إلا
بالأمرين، بالنية الخالصة لله، وهذا يتعلق بالقلوب، ويتعلق بهذا حديث عمر رضي
الله عنه: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)). فلا يُقبل العمل
إلا إذا صدر عن إخلاص لله، ولا بد من حصول أمر ثان، وهو موافقة الشريعة،
ولهذا قال جمع من أهل العلم: (إن حديث عمر يعتبر شطر الدين) لأن مبنى الأعمال
على أمرين: الإخلاص في الباطن، وموافقة الشريعة في الظاهر، فكل عمل لا يكون
خالصا لله يكون باطلا، وكل عمل لا يوافق الشريعة يكون باطلا، وحديث عمر فيما
يتعلق بالإخلاص وحديث عائشة الآتي وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في
أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وفي لفظ آخر: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا
فهو رد)) هذا يتعلق بالظاهر.
وقال بعض أهل العلم: (إن حديث عمر ربع الدين)، وأنشد في ذلك:
عمـدة الـدين عندنا كلماتٌ أربعٌ من كلام خير البرية
اتق الشبهات وازهدْ ودعْ ما ليـس يَعنيك واعملن بنية
(واعملن بنية) هذا حديث عمر، فجعلها ربع الإسلام، والأظهر أنه في الحقيقة شطر
الإسلام، لأنه يتعلق بما يُصلح الأعمال في الباطن وهو الإخلاص لله في جميع
العبادات.
ولا بد مع هذا من موافقة العمل لشريعة الله، كما قال صلى الله عليه وسلم:
((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه
فهو رد)) يعني فهو مردود، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثالا لهذا فقال:
((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته
إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) وهذا مثال للنية.
فالأعمال في الظاهر قد تكون مستوية متشابهة، لكن تميزها النيات، فالمهاجر إذا
أراد وجه الله والدار الآخرة، فهذا هجرته إلى الله ورسوله، وعمله صالح، وإن
كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فليس بمهاجرٍ شرعي، وإنما هجرته لما
هاجر إليه من قصد النكاح أو الدنيا.
وهكذا سفر الإنسان من بلاد إلى بلاد، إن كان لطلب العلم وللجهاد فله ما نوى،
وإن كان للدنيا والتجارة فله ما نوى.
وهكذا خروجه من بيته إن كان للمسجد أو لعيادة مريض ونحو ذلك أو كان خروجاً
لمعنى آخر من زيارة أومن أسباب أخرى فله ما نوى وله ما قصد.
(واعملن بنية) هذا حديث عمر، فجعلها ربع الإسلام، والأظهر أنه في الحقيقة شطر
الإسلام، لأنه يتعلق بما يُصلح الأعمال في الباطن وهو الإخلاص لله في جميع
العبادات.
ولا بد مع هذا من موافقة العمل لشريعة الله، كما قال صلى الله عليه وسلم:
((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه
فهو رد)) يعني فهو مردود، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثالا لهذا فقال:
((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته
إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) وهذا مثال للنية.
فالأعمال في الظاهر قد تكون مستوية متشابهة، لكن تميزها النيات، فالمهاجر إذا
أراد وجه الله والدار الآخرة، فهذا هجرته إلى الله ورسوله، وعمله صالح، وإن
كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فليس بمهاجرٍ شرعي، وإنما هجرته لما
هاجر إليه من قصد النكاح أو الدنيا.
وهكذا سفر الإنسان من بلاد إلى بلاد، إن كان لطلب العلم وللجهاد فله ما نوى،
وإن كان للدنيا والتجارة فله ما نوى.
وهكذا خروجه من بيته إن كان للمسجد أو لعيادة مريض ونحو ذلك أو كان خروجاً
لمعنى آخر من زيارة أومن أسباب أخرى فله ما نوى وله ما قصد.
تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام
غريبُ الحديثِ:
1- ( إنَّما الأعمالُ بالنياتِ ) كلمةُ: (إنَّما)، تفيدُ الحصرَ، فهو هنا
قصرُ موصوفٍ على صفةٍ، وهو إثباتُ حُكْمِ الأعمالِ بالنياتِ، فهو في قوَّةِ:
وينفي الحُكمَ عمَّا عداهُ.
2- ( النِّيَّةُ ) لُغةً: القصدُ. ووقعَ بالإفرادِ في أكثرِ الرواياتِ. قالَ
البيضاويُّ: النيَّةُ عبارةٌ عن انبعاثِ القلبِ نحوَ ما يراهُ موافقاً لغرضٍ،
من جلبِ نفعٍ، أو دفعِ ضُرٍّ. أ هـ. وشرعاً: العزمُ على فعلِ العبادةِ
تقرُّباً إلى اللَّهِ تعالى.
3- ( فمَنْ كانت هجرتُهُ…إلخ ) مثالٌ يُقرِّرُ ويوضِّحُ القاعدةَ السابقةَ.
4- ( فمَنْ كانت هجرتُه ) جُملةٌ شرطيَّةٌ.
5- ( فهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ ) جوابُ الشرطِ، واتَّحدَ الشرطُ
والجوابُ؛ لأنَّهما على تقديرِ: (مَن كانتْ هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ)
نيَّةً وقصداً (فهجرتُه إلى اللَّهِ ورسولِهِ ) ثواباً وأجراً .
المعنَى الإجماليُّ:
هذا حديثٌ عظيمٌ، وقاعدةٌ جليلةٌ من قواعدِ الإسلامِ، هي القياسُ الصحيحُ
لوزنِ الأعمالِ، من حيثُ القبولُ وعدمُهُ، ومن حيثُ كثرةُ الثوابِ وقلَّتُهُ.
فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبرُ أنَّ مدارَ
الأعمالِ على النيَّاتِ: فإنْ كانت النِّيَّةُ صالحةً، والعملُ خالصاً لوجهِ
اللَّهِ تعالى، فالعملُ مقبولٌ. وإنْ كانت غيرَ ذلك، فالعملُ مردودٌ. فإنَّ
اللَّهَ تعالى أغنَى الشركاءِ عن الشركِ. ثم ضربَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مثلاً يُوضِّحُ هذه القاعدةَ الجليلةَ بالهجرةِ. فمَنْ هاجرَ من
بلادِ الشِّركِ، ابتغاءَ ثوابِ اللَّهِ، وطلباً للقُرْبِ من النبيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتعلُّمِ الشريعةِ، فهجرتُه في سبيلِ اللَّهِ،
واللَّهُ يُثيبُه عليهَا. ومَن كانت هجرتُهُ لغرضٍ من أغراضِ الدنيا، فليسَ
له عليهَا ثوابٌ. وإنْ كانت إلى معصيةٍ، فعليه العقابُ.
والنيَّةُ تُميِّزُ العبادةَ عن العادةِ، فالغُسلُ مثلاً يُقصدُ عن الجنابةِ؛
فيكونُ عبادةً، ويُرادُ للنظافةِ أو التبرُّدِ؛ فيكونُ عادةً.
وللنيَّةِ في الشرعِ بحثانِ:
أحدُهما: الإخلاصُ في العملِ لِلَّهِ وحدَه، وهو المعنى الأسمَى، وهذا
يتحدَّثُ عنه علماءُ التوحيدِ، والسِّيَرِ، والسلوكِ.
الثاني: تمييزُ العباداتِ بعضِهَا عن بعضٍ، وهذا يتحدَّثُ عنه الفقهاءُ. وهذا
من الأحاديثِ الجوامعِ، التي يجبُ الاعتناءُ بهَا وتفهُّمُهَا، فالكتابةُ
القليلةُ لا تؤتيهِ حقَّهُ.
وقد افتتحَ به الإمامُ البخاريُّ – رحمَه اللَّهُ تعالى – صحيحَه لدخولِهِ في
كلِّ مسألةٍ من مسائلِ العلمِ، وكلِّ بابٍ من أبوابِهِ.
1- ( إنَّما الأعمالُ بالنياتِ ) كلمةُ: (إنَّما)، تفيدُ الحصرَ، فهو هنا
قصرُ موصوفٍ على صفةٍ، وهو إثباتُ حُكْمِ الأعمالِ بالنياتِ، فهو في قوَّةِ:
وينفي الحُكمَ عمَّا عداهُ.
2- ( النِّيَّةُ ) لُغةً: القصدُ. ووقعَ بالإفرادِ في أكثرِ الرواياتِ. قالَ
البيضاويُّ: النيَّةُ عبارةٌ عن انبعاثِ القلبِ نحوَ ما يراهُ موافقاً لغرضٍ،
من جلبِ نفعٍ، أو دفعِ ضُرٍّ. أ هـ. وشرعاً: العزمُ على فعلِ العبادةِ
تقرُّباً إلى اللَّهِ تعالى.
3- ( فمَنْ كانت هجرتُهُ…إلخ ) مثالٌ يُقرِّرُ ويوضِّحُ القاعدةَ السابقةَ.
4- ( فمَنْ كانت هجرتُه ) جُملةٌ شرطيَّةٌ.
5- ( فهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ ) جوابُ الشرطِ، واتَّحدَ الشرطُ
والجوابُ؛ لأنَّهما على تقديرِ: (مَن كانتْ هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ)
نيَّةً وقصداً (فهجرتُه إلى اللَّهِ ورسولِهِ ) ثواباً وأجراً .
المعنَى الإجماليُّ:
هذا حديثٌ عظيمٌ، وقاعدةٌ جليلةٌ من قواعدِ الإسلامِ، هي القياسُ الصحيحُ
لوزنِ الأعمالِ، من حيثُ القبولُ وعدمُهُ، ومن حيثُ كثرةُ الثوابِ وقلَّتُهُ.
فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبرُ أنَّ مدارَ
الأعمالِ على النيَّاتِ: فإنْ كانت النِّيَّةُ صالحةً، والعملُ خالصاً لوجهِ
اللَّهِ تعالى، فالعملُ مقبولٌ. وإنْ كانت غيرَ ذلك، فالعملُ مردودٌ. فإنَّ
اللَّهَ تعالى أغنَى الشركاءِ عن الشركِ. ثم ضربَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مثلاً يُوضِّحُ هذه القاعدةَ الجليلةَ بالهجرةِ. فمَنْ هاجرَ من
بلادِ الشِّركِ، ابتغاءَ ثوابِ اللَّهِ، وطلباً للقُرْبِ من النبيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتعلُّمِ الشريعةِ، فهجرتُه في سبيلِ اللَّهِ،
واللَّهُ يُثيبُه عليهَا. ومَن كانت هجرتُهُ لغرضٍ من أغراضِ الدنيا، فليسَ
له عليهَا ثوابٌ. وإنْ كانت إلى معصيةٍ، فعليه العقابُ.
والنيَّةُ تُميِّزُ العبادةَ عن العادةِ، فالغُسلُ مثلاً يُقصدُ عن الجنابةِ؛
فيكونُ عبادةً، ويُرادُ للنظافةِ أو التبرُّدِ؛ فيكونُ عادةً.
وللنيَّةِ في الشرعِ بحثانِ:
أحدُهما: الإخلاصُ في العملِ لِلَّهِ وحدَه، وهو المعنى الأسمَى، وهذا
يتحدَّثُ عنه علماءُ التوحيدِ، والسِّيَرِ، والسلوكِ.
الثاني: تمييزُ العباداتِ بعضِهَا عن بعضٍ، وهذا يتحدَّثُ عنه الفقهاءُ. وهذا
من الأحاديثِ الجوامعِ، التي يجبُ الاعتناءُ بهَا وتفهُّمُهَا، فالكتابةُ
القليلةُ لا تؤتيهِ حقَّهُ.
وقد افتتحَ به الإمامُ البخاريُّ – رحمَه اللَّهُ تعالى – صحيحَه لدخولِهِ في
كلِّ مسألةٍ من مسائلِ العلمِ، وكلِّ بابٍ من أبوابِهِ.
ما يُؤْخذُ من الحديثِ:
1- أنَّ مدارَ الأعمالِ على النيَّاتِ، صحةً وفساداً، وكمالاً ونقصاً، وطاعةً
ومعصيةً، فمَن قصدَ بعِلْمِه الرياءَ أثِمَ، ومَن قصدَ بالجهادِ مثلاً إعلاءَ
كلمةِ اللَّهِ فقط كمُلَ ثوابُهُ. ومَن قصدَ ذلك والغنيمةَ معَهُ نقصَ
ثوابُهُ. ومَن قصدَ الغنيمةَ وحدَهَا لم يأثَمْ، ولكنَّه لا يُعْطَى أجرَ
المجاهدِ. فالحديثُ مسوقٌ لبيانِ أنَّ كلَّ عملٍ، طاعةً كان في الصورةِ أو
معصيةً يختلفُ باختلافِ النيَّاتِ.
2- أنَّ النيَّةَ شرطٌ أساسيٌّ في العملِ، ولكنْ بلا غُلُوٍّ في استحضارِهَا
يُفْسِدُ على المتعبِّدِ عبادتَهُ، فإنَّ مجرَّدَ قصدِ العملِ يكونُ نيَّةً
له بدونِ تكلُّفِ استحضارِهَا وتحقيقِهَا.
3- أنَّ النيَّةَ مَحَلُّهَا القلبُ، واللفظُ بهَا بدعةٌ.
4- وجوبُ الحذرِ من الرياءِ والسمْعةِ والعملِ لأجلِ الدنيا، ما دامَ أنَّ
شيئاً من ذلك يُفْسِدُ العبادةَ.
5- وجوبُ الاعتناءِ بأعمالِ القلوبِ ومراقبتِهَا.
6- أنَّ الهجرةَ من بلادِ الشركِ إلى بلادِ الإسلامِ، من أفضلِ العباداتِ إذا
قُصدَ بهَا وجهُ اللَّهِ تعالى.
فائدةٌ:
ذكرَ ابنُ رجبٍ أنَّ العملَ لغيرِ اللَّهِ على أقسامٍ: فتارةً يكونُ رياءً
محضاً، لا يُقصدُ به سوَى مراءاةِ المخلوقينَ لتحصيلِ غرضٍ دنيويٍّ، وهذا لا
يكادُ يصدُرُ عن مؤمنٍ، ولا شكَّ في أنَّهُ يُحْبطُ العملَ، وأنَّ صاحبَه
يستحقُّ المقْتَ من اللَّهِ والعقوبةَ. وتارةً يكونُ العملُ لِلَّهِ
ويشاركُهُ الرياءُ، فإنْ شارَكَه من أصلِهِ فإنَّ النصوصَ الصحيحةَ تدلُّ على
بطلانِهِ، وإنْ كانَ أصلُ العملِ لِلَّهِ، ثم طرأَ عليه نيَّةُ الرياءِ،
ودفعَهُ صاحبُهُ، فإنَّ ذلك لا يضرُّه بغيرِ خلافٍ. وقد اختلفَ العلماءُ من
السلفِ في الاسترسالِ في الرياءِ الطارئِ، هل يُحْبِطُ العملَ، أو لا يضرُّ
فاعلَهُ، ويُجازَى على أصلِ نيَّتِه؟، أ هـ. بتصرُّفٍ.
1- أنَّ مدارَ الأعمالِ على النيَّاتِ، صحةً وفساداً، وكمالاً ونقصاً، وطاعةً
ومعصيةً، فمَن قصدَ بعِلْمِه الرياءَ أثِمَ، ومَن قصدَ بالجهادِ مثلاً إعلاءَ
كلمةِ اللَّهِ فقط كمُلَ ثوابُهُ. ومَن قصدَ ذلك والغنيمةَ معَهُ نقصَ
ثوابُهُ. ومَن قصدَ الغنيمةَ وحدَهَا لم يأثَمْ، ولكنَّه لا يُعْطَى أجرَ
المجاهدِ. فالحديثُ مسوقٌ لبيانِ أنَّ كلَّ عملٍ، طاعةً كان في الصورةِ أو
معصيةً يختلفُ باختلافِ النيَّاتِ.
2- أنَّ النيَّةَ شرطٌ أساسيٌّ في العملِ، ولكنْ بلا غُلُوٍّ في استحضارِهَا
يُفْسِدُ على المتعبِّدِ عبادتَهُ، فإنَّ مجرَّدَ قصدِ العملِ يكونُ نيَّةً
له بدونِ تكلُّفِ استحضارِهَا وتحقيقِهَا.
3- أنَّ النيَّةَ مَحَلُّهَا القلبُ، واللفظُ بهَا بدعةٌ.
4- وجوبُ الحذرِ من الرياءِ والسمْعةِ والعملِ لأجلِ الدنيا، ما دامَ أنَّ
شيئاً من ذلك يُفْسِدُ العبادةَ.
5- وجوبُ الاعتناءِ بأعمالِ القلوبِ ومراقبتِهَا.
6- أنَّ الهجرةَ من بلادِ الشركِ إلى بلادِ الإسلامِ، من أفضلِ العباداتِ إذا
قُصدَ بهَا وجهُ اللَّهِ تعالى.
فائدةٌ:
ذكرَ ابنُ رجبٍ أنَّ العملَ لغيرِ اللَّهِ على أقسامٍ: فتارةً يكونُ رياءً
محضاً، لا يُقصدُ به سوَى مراءاةِ المخلوقينَ لتحصيلِ غرضٍ دنيويٍّ، وهذا لا
يكادُ يصدُرُ عن مؤمنٍ، ولا شكَّ في أنَّهُ يُحْبطُ العملَ، وأنَّ صاحبَه
يستحقُّ المقْتَ من اللَّهِ والعقوبةَ. وتارةً يكونُ العملُ لِلَّهِ
ويشاركُهُ الرياءُ، فإنْ شارَكَه من أصلِهِ فإنَّ النصوصَ الصحيحةَ تدلُّ على
بطلانِهِ، وإنْ كانَ أصلُ العملِ لِلَّهِ، ثم طرأَ عليه نيَّةُ الرياءِ،
ودفعَهُ صاحبُهُ، فإنَّ ذلك لا يضرُّه بغيرِ خلافٍ. وقد اختلفَ العلماءُ من
السلفِ في الاسترسالِ في الرياءِ الطارئِ، هل يُحْبِطُ العملَ، أو لا يضرُّ
فاعلَهُ، ويُجازَى على أصلِ نيَّتِه؟، أ هـ. بتصرُّفٍ.
إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد
أَبُو حَفْصٍ عمرُ بنُ الخَطَّابِ بنِ نُفَيْلِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ
رِيَاحٍ – بِكَسْرِ الراءِ المُهمَلَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ، آخِرُ الحروفِ،
وَبعْدَهَا حَاءٌ مُهْمَلَةٌ – ابنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ قُرْطِ بنِ رَزَاحٍ –
بِفَتْحِ الراءِ المُهْمَلَةِ بَعْدَهَا زَايٌ مُعْجَمَةٌ وَحَاءٌ مُهْمَلَةٌ
– ابنِ عِدِيِّ بنِ كَعْبٍ القُرَشيُّ العَدَوِيُّ، يجْتَمِعُ مَعَ رَسُولِ
اللّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ فِي كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ، . ثُمَّ
الكلامُ عَلَى هَذَا الحدِيثِ مِن وُجُوهٍ:
أحَدُهَا: أَنَّ المُصنِّفَ، رَحِمَهُ اللهُ، بَدَأَ بهِ لِتَعَلُّقِهِ
بالطَّهارةِ، وامتَثَلَ قولَ مَن قَالَ مِن المُتَقدِّمِينَ: إِنَّهُ
يَنْبَغِي أَنْ يُبْتَدَأَ بِهِ فِي كُلِّ تصْنِيفٍ، ووَقعَ مُوَافِقًا لِمَا
قالَهُ.
الثَّانِي: كَلِمَةُ ((إِنَّمَا)) للْحَصْرِ، عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي
الأُصُولِ، فَإِنَّ ابنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّهُ عَنْهُما، فَهِمَ الحَصْرَ
مِن قَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّمَا الرِّبَا فِي
النَّسِيئَةِ))، وعُورِضَ بِدَلِيلٍ آخَرَ يَقْتَضِي تَحْريمَ رِبَا
الفَضْلِ، وَلَمْ يُعَارَضْ فِي فَهْمِهِ للْحَصْرِ، وَفِي ذَلِكَ اتِّفَاقٌ
عَلَى أَنَّهَا لِلحَصْرِ، وَمعْنَى الحَصْرِ فِيهَا إِثْباتُ الحُكْمِ فِي
المَذْكُورِ، ونَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ، وَهَلْ نَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ
بِمُقْتَضَى مَوْضُوعِ اللَّفْظِ، أَوْ هُوَ مِن طَرِيقِ المَفْهُومِ؟ فِيهِ
بَحْثٌ.
رِيَاحٍ – بِكَسْرِ الراءِ المُهمَلَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ، آخِرُ الحروفِ،
وَبعْدَهَا حَاءٌ مُهْمَلَةٌ – ابنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ قُرْطِ بنِ رَزَاحٍ –
بِفَتْحِ الراءِ المُهْمَلَةِ بَعْدَهَا زَايٌ مُعْجَمَةٌ وَحَاءٌ مُهْمَلَةٌ
– ابنِ عِدِيِّ بنِ كَعْبٍ القُرَشيُّ العَدَوِيُّ، يجْتَمِعُ مَعَ رَسُولِ
اللّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ فِي كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ، . ثُمَّ
الكلامُ عَلَى هَذَا الحدِيثِ مِن وُجُوهٍ:
أحَدُهَا: أَنَّ المُصنِّفَ، رَحِمَهُ اللهُ، بَدَأَ بهِ لِتَعَلُّقِهِ
بالطَّهارةِ، وامتَثَلَ قولَ مَن قَالَ مِن المُتَقدِّمِينَ: إِنَّهُ
يَنْبَغِي أَنْ يُبْتَدَأَ بِهِ فِي كُلِّ تصْنِيفٍ، ووَقعَ مُوَافِقًا لِمَا
قالَهُ.
الثَّانِي: كَلِمَةُ ((إِنَّمَا)) للْحَصْرِ، عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي
الأُصُولِ، فَإِنَّ ابنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّهُ عَنْهُما، فَهِمَ الحَصْرَ
مِن قَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّمَا الرِّبَا فِي
النَّسِيئَةِ))، وعُورِضَ بِدَلِيلٍ آخَرَ يَقْتَضِي تَحْريمَ رِبَا
الفَضْلِ، وَلَمْ يُعَارَضْ فِي فَهْمِهِ للْحَصْرِ، وَفِي ذَلِكَ اتِّفَاقٌ
عَلَى أَنَّهَا لِلحَصْرِ، وَمعْنَى الحَصْرِ فِيهَا إِثْباتُ الحُكْمِ فِي
المَذْكُورِ، ونَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ، وَهَلْ نَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ
بِمُقْتَضَى مَوْضُوعِ اللَّفْظِ، أَوْ هُوَ مِن طَرِيقِ المَفْهُومِ؟ فِيهِ
بَحْثٌ.
يتبع
الثَّالثُ: إِذَا ثَبَتَ أَنَّها للحَصْرِ، فَتَارةً تَقْتَضِي الحَصْرَ
المُطْلَقَ، وَتَارَةً تَقْتَضِي حَصْرًا مَخْصُوصًا، ويُفْهَمُ ذَلِكَ
بالقَرَائِنِ والسِّيَاقِ، كَقَولِهِ تَعَالى: { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ } ،
وَظَاهرُ ذَلِكَ الحَصْرُ للِرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
النِّذَارَةِ، والرَّسولُ لا يَنْحَصِرُ فِي النِّذَارَةِ، بَلْ لَهُ
أَوصَافٌ جَمِيلَةٌ كَثِيرَةٌ، كالبِشَارَةِ وَغَيْرِها، ولكِنَّ مَفْهُومَ
الكَلاَمِ يَقْتَضِي حَصْرَهُ فِي النِّذَارَةِ لِمَنْ يُؤْمِنُ، وَنفْيَ
كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى إِنزَالِ مَا شَاءَ الكُفَّارُ مِنَ الآيَاتِ،
وَكذَلِكَ قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا أَنَا
بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ))، مَعْنَاهُ حَصْرُهُ فِي
البَشَرِيَّةِ بالنِّسْبَةِ إِلَى الاِطِّلاَعِ عَلَى بَوَاطِنِ الخُصُومِ،
لا بالنِّسبةِ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِنَّ للرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أوصَافًا أُخَرَ كَثِيرةً، وَكذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا
الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ } ، يَقْتَضِي , وَاللَّهُ أَعْلَمُ , الحَصْرَ
باعْتِبارِ مَن آثَرَهَا، وَأَمَّا بالنِّسْبَةِ إِلَى مَا هُوَ فِي نَفْسِ
الأَمْرِ، فَقَدْ تَكُونُ سَبِيلاً إِلَى الخَيْرَاتِ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ
مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ للأَكْثرِ فِي الحُكْمِ عَلَى الأَقَلِّ، فَإِذَا
وَرَدَتْ لَفْظَةُ (( إِنَّمَا )) فَاعْتَبِرْهَا، فَإِنْ دَلَّ السِّيَاقُ
والمَقْصودُ مِنَ الكَلاَمِ عَلَى الحَصْرِ فِي شَيءٍ مَخْصُوصٍ، فَقُلْ
بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مَخصُوصٍ، فاحْمِل الحَصْرَ عَلَى
الإِطلاَقِ، وَمِن هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((
إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّياتِ ))، وَاللهُ أَعْلَمُ.
الرَّابِعُ: مَا يَتَعَلَّقُ بالجَوَارِحِ وبالقُلُوبِ، قَدْ يُطْلَقُ
عَلَيهِ عَمَلٌ، وَلَكِنَّ الأَسْبقَ إِلَى الفَهْمِ تَخصِيصُ العَملِ
بِأفْعَالِ الجَوارِحِ، وَإِنْ كَانَ مَا يتَعَلَّقُ بِالقُلُوبِ فِعْلاً
للقُلوبِ أيضًا، وَرَأَيتُ بَعْضَ المُتأخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الخِلافِ
خَصَّصَ الأَعمَالَ بِمَا لاَ يَكُونُ قَولاً، وأخْرجَ الأَقْوالَ مِن
ذَلِكَ، وَفِي هَذَا عِندِي بُعْدٌ، وَينبَغِي أنْ يكُونَ لَفظُ ((العَمَلِ))
يَعُمُّ جَميعَ أفعَالِ الجَوارِحِ، نَعَمْ لوْ كَانَ خَصَّصَ بِذَلكَ لَفْظَ
((الفِعْلِ)) لكَانَ أقرَبَ؛ فَإِنَّهُمْ اسْتَعْمَلُوهُمَا مُتقَابِلَيْنِ ،
فَقَالُوا: الأفْعَالُ، والأقْوالُ، وَلا ترَدُّدَ عِندِي فِي أنَّ الحَدِيثَ
يتنَاوَلُ الأَقوالَ أَيْضًا، واللهُ أعْلَمُ.
الخَامِسُ: قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الأَعْمَالُ
بِالنِّياتِ))، لابُدَّ فِيهِ مِن حَذْفِ مُضَافٍ، فاخْتَلفَ الفُقَهاءُ فِي
تَقْدِيرِهِ، فالَّذِينَ اشْتَرَطُوا النِّيَّةَ قَدَّرُوا: (( صِحَّةُ
الأَعْمَالِ بالنِّيَّاتِ)) أَوْ مَا يُقَارِبُهُ، والَّذِين لَمْ
يَشْتَرِطُوهَا قَدَّرُوهُ: (( كَمَالُ الأَعمَالِ بالنِّيَّاتِ )) أَوْ مَا
يُقارِبُه، وَقَد رُجِّحَ الأَوَّلُ بِأَنَّ الصِّحَّةَ أكثَرُ لُزُومًا
للحَقِيقَةِ مِن الكَمَالِ، فَالحَمْلُ عَليْهَا أَوْلَى؛ لأَنَّ مَا كَانَ
أَلْزَمَ للشَّيءِ كَانَ أقربَ إِلَى خُطُورِهِ بالبَالِ عندَ إِطلاقِ
اللَّفْظ ِ، فكانَ الحَمْلُ عليهِ أَوْلَىِ، وكذَلِكَ قد يُقَدِّرُونَهُ:
((إِنَّمَا اعْتِبارُ الأَعمَالِ بالنِّياتِ ))، وقد قَرَّبَ ذلكَ بعضُهمْ
بنظَائِرَ مِن المُثُلِ، كَقَولِهِمْ: إِنَّمَا المُلْكُ بالرِّجالِ، أيْ
قِوَامُهُ ووُجُودُهُ، وَإِنَّمَا الرِّجَالُ بالمَالِ، وَإِنَّمَا المَالُ
بالرَّعِيَّةِ، وَإِنَّمَا الرَّعِيَّةُ بالعَدْلِ، كُلُّ ذَلِكَ يُرَادُ
بِهِ أنَّ قِوامَ هَذِهِ الأشْيَاءِ بِهَذهِ الأُمُورِ.
السَّادِسُ: قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( وَإِنَّمَا لِكُلِّ
امْرِىءٍ مَا نَوَى))، يقتَضِى أَنَّ مَنْ نَوى شَيْئًا يَحْصُلُ لَهُ،
وَكُلُّ مَا لَمْ يَنْوِهِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ، فَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ مَا
لاَ يَنْحَصِرُ مِن المَسَائلِ، ومِن هَذَا عَظَّمُوا هَذَا الحَدِيثَ،
فَقَالَ بَعْضُهمْ: يَدْخُلُ فِي حَدِيثِ ((الأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ))
ثُلُثَا العِلْمِ، فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ خِلاَفِيَّةٍ حَصَلَتْ فِيهَا نِيَّةٌ،
فَلَكَ أنْ تَسْتَدِلَّ بِهَذَا علَى حُصُولِ المَنْوِيِّ، وَكُلُّ
مَسْأَلَةٍ خِلاَفِيَّةٍ لَمْ تَحْصُلْ فِيهَا نِيَّةٌ، فَلَكَ أَنْ
تَستَدِلَّ بِهَذَا عَلَى عَدَمِ حُصُولِ مَا وَقَعَ فِي النِّزَاعِ، ،
فَإِنْ جَاءَ دَلِيلٌ مِنْ خَارِجٍ يَقْتَضِى أنَّ المَنْوِيَّ لَمْ
يَحْصُلْ، أَوْ أَنَّ غَيْرَ المَنْوِيِّ يَحْصُلُ، وَكَانَ رَاجِحًا، عُمِلَ
بِهِ وخَصَّصَ هَذَا العُمُومَ.
السَّابِعُ: قَولُهُ: ((فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
))، اسمُ (( الهِجْرةِ )) يَقعُ عَلَى أُمُورٍ، الهِجْرَةُ الأُولَى: إِلَى
الحَبَشَةِ، عِنْدَمَا آذَى الكُفَّارُ الصَّحَابَةَ. الهِجرةُ الثَّانِيَةُ:
مِن مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ. الهِجرةُ الثَّالِثَةُ: هِجْرَةُ القبَائِلِ
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَعَلُّمِ الشَّرَائِعِ،
ثُمَّ يرجعِونَ إلى المَوَاطِنِ، ويُعَلِّمُونَ قَوْمَهُمْ. الهِجرةُ
الرابِعَةُ: هِجْرَةُ من أسلَم مِن أَهلِ مكَّةَ لِيَّأتِيَ إلى النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَرجِعُ إلى مَكَّةَ. الهجرةُ
الخَامسَةُ: هِجْرةُ ما نَهى اللهُ عَنْهُ. ومعْنى الحَدِيثِ وحُكْمُه
يتناولُ الجَميعَ، غيرَ أنَّ السَّببَ يقتَضِي أنَّ الْمُرَادَ بالحَديِثِ
الهجرَةُ مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ؛ لأنَّهُم نقَلُوا أنَّ رَجُلاً هاجَرَ
مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ، لا يُريدُ بِذَلِكَ فَضِيلةَ الهجْرةِ،
وَإِنَّمَا هَاجَرَ ليتَزَوَّجَ امْرَأةً تُسمَّى أُمَّ قَيْسٍ، فَسُمِّى
مُهاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ، وَلِهَذَا خُصَّ فِي الحَدِيثِ ذِكْرُ المَرْأةِ،
دُونَ سَائِرِ مَا تُنْوى بِهِ الهِجْرَةُ مِن أفْرَادِ الأَغْراضِ
الدُّنْيَويَّةِ، ثُمَّ أُتْبِعَ بِِالدُّنيا.
الثَّامِنُ: المُتَقَرِّرُ عِنْدَ أَهْلِ العَربِيَّةِ أَنَّ الشَّرْطَ
وَالجَزَاءَ وَالمُبْتَدَأَ أَو الخَبَرَ، لاَبُدَّ وَأَنْ يَتَغَايَرَا،
وَهَهُنَا وَقَعَ الاتِّحَادُ فِي قَولِهِ: ((فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ
إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ))،
وَجَوَابُهُ أنَّ التَّقْدِيرَ: فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ
وَرَسُولِهِ نِيَّةً وَقَصْدًا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
حُكْمًا وَشَرْعًا.
التَّاسِعُ: شَرَعَ بَعْضُ المُتَأخرِّينَ مِن أَهْلِ الحَدِيثِ فِي
تَصْنِيفٍ فِي أسْبَابِ الحَدِيثِ، كَمَا صُنِّفَ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ
لِلكِتَابِ العَزِيزِ، فَوَقَفْتُ مِن ذَلِكَ عَلى شَيْءٍ يَسِيرٍ لَهُ،
وَهَذَا الحَدِيثُ – عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِن الحِكَايَةِ عَن مُهَاجِرِ
أُمِّ قَيسٍ – وَاقِعٌ عَلَى سَبَبٍ يُدْخِلُهُ فِي هَذَا القَبِيلِ،
وتَنْضَمُّ إِلَيهِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ لِمَن قَصَدَ تَتَبُّعَهُ.
العَاشِرُ: فَرْقٌ بَيْنَ قَولِنَا: ((مَن نَوَى شَيئًا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ
غَيْرُهُ))، وَبَيْنَ قَوْلِنَا: ((مَن لَمْ يَنْوِ الشَّيءَ لمْ يَحْصُلْ
لَهُ ))، وَالحَدِيثُ مُحتَمِلٌ لِلأَمْرَيْنِ، أَعْنِي قَولَهُ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ))، وَآخِرُهُ
يُشِيرُ إِلَى المَعْنَى الأوَّلِ، أعْنِي قَولَهُ: ((وَمَنْ كَانَتْ
هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَو امْرَأةٍ يَتَزَوَّجُهَا،
فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)).
المُطْلَقَ، وَتَارَةً تَقْتَضِي حَصْرًا مَخْصُوصًا، ويُفْهَمُ ذَلِكَ
بالقَرَائِنِ والسِّيَاقِ، كَقَولِهِ تَعَالى: { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ } ،
وَظَاهرُ ذَلِكَ الحَصْرُ للِرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
النِّذَارَةِ، والرَّسولُ لا يَنْحَصِرُ فِي النِّذَارَةِ، بَلْ لَهُ
أَوصَافٌ جَمِيلَةٌ كَثِيرَةٌ، كالبِشَارَةِ وَغَيْرِها، ولكِنَّ مَفْهُومَ
الكَلاَمِ يَقْتَضِي حَصْرَهُ فِي النِّذَارَةِ لِمَنْ يُؤْمِنُ، وَنفْيَ
كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى إِنزَالِ مَا شَاءَ الكُفَّارُ مِنَ الآيَاتِ،
وَكذَلِكَ قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا أَنَا
بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ))، مَعْنَاهُ حَصْرُهُ فِي
البَشَرِيَّةِ بالنِّسْبَةِ إِلَى الاِطِّلاَعِ عَلَى بَوَاطِنِ الخُصُومِ،
لا بالنِّسبةِ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِنَّ للرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أوصَافًا أُخَرَ كَثِيرةً، وَكذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا
الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ } ، يَقْتَضِي , وَاللَّهُ أَعْلَمُ , الحَصْرَ
باعْتِبارِ مَن آثَرَهَا، وَأَمَّا بالنِّسْبَةِ إِلَى مَا هُوَ فِي نَفْسِ
الأَمْرِ، فَقَدْ تَكُونُ سَبِيلاً إِلَى الخَيْرَاتِ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ
مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ للأَكْثرِ فِي الحُكْمِ عَلَى الأَقَلِّ، فَإِذَا
وَرَدَتْ لَفْظَةُ (( إِنَّمَا )) فَاعْتَبِرْهَا، فَإِنْ دَلَّ السِّيَاقُ
والمَقْصودُ مِنَ الكَلاَمِ عَلَى الحَصْرِ فِي شَيءٍ مَخْصُوصٍ، فَقُلْ
بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مَخصُوصٍ، فاحْمِل الحَصْرَ عَلَى
الإِطلاَقِ، وَمِن هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((
إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّياتِ ))، وَاللهُ أَعْلَمُ.
الرَّابِعُ: مَا يَتَعَلَّقُ بالجَوَارِحِ وبالقُلُوبِ، قَدْ يُطْلَقُ
عَلَيهِ عَمَلٌ، وَلَكِنَّ الأَسْبقَ إِلَى الفَهْمِ تَخصِيصُ العَملِ
بِأفْعَالِ الجَوارِحِ، وَإِنْ كَانَ مَا يتَعَلَّقُ بِالقُلُوبِ فِعْلاً
للقُلوبِ أيضًا، وَرَأَيتُ بَعْضَ المُتأخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الخِلافِ
خَصَّصَ الأَعمَالَ بِمَا لاَ يَكُونُ قَولاً، وأخْرجَ الأَقْوالَ مِن
ذَلِكَ، وَفِي هَذَا عِندِي بُعْدٌ، وَينبَغِي أنْ يكُونَ لَفظُ ((العَمَلِ))
يَعُمُّ جَميعَ أفعَالِ الجَوارِحِ، نَعَمْ لوْ كَانَ خَصَّصَ بِذَلكَ لَفْظَ
((الفِعْلِ)) لكَانَ أقرَبَ؛ فَإِنَّهُمْ اسْتَعْمَلُوهُمَا مُتقَابِلَيْنِ ،
فَقَالُوا: الأفْعَالُ، والأقْوالُ، وَلا ترَدُّدَ عِندِي فِي أنَّ الحَدِيثَ
يتنَاوَلُ الأَقوالَ أَيْضًا، واللهُ أعْلَمُ.
الخَامِسُ: قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الأَعْمَالُ
بِالنِّياتِ))، لابُدَّ فِيهِ مِن حَذْفِ مُضَافٍ، فاخْتَلفَ الفُقَهاءُ فِي
تَقْدِيرِهِ، فالَّذِينَ اشْتَرَطُوا النِّيَّةَ قَدَّرُوا: (( صِحَّةُ
الأَعْمَالِ بالنِّيَّاتِ)) أَوْ مَا يُقَارِبُهُ، والَّذِين لَمْ
يَشْتَرِطُوهَا قَدَّرُوهُ: (( كَمَالُ الأَعمَالِ بالنِّيَّاتِ )) أَوْ مَا
يُقارِبُه، وَقَد رُجِّحَ الأَوَّلُ بِأَنَّ الصِّحَّةَ أكثَرُ لُزُومًا
للحَقِيقَةِ مِن الكَمَالِ، فَالحَمْلُ عَليْهَا أَوْلَى؛ لأَنَّ مَا كَانَ
أَلْزَمَ للشَّيءِ كَانَ أقربَ إِلَى خُطُورِهِ بالبَالِ عندَ إِطلاقِ
اللَّفْظ ِ، فكانَ الحَمْلُ عليهِ أَوْلَىِ، وكذَلِكَ قد يُقَدِّرُونَهُ:
((إِنَّمَا اعْتِبارُ الأَعمَالِ بالنِّياتِ ))، وقد قَرَّبَ ذلكَ بعضُهمْ
بنظَائِرَ مِن المُثُلِ، كَقَولِهِمْ: إِنَّمَا المُلْكُ بالرِّجالِ، أيْ
قِوَامُهُ ووُجُودُهُ، وَإِنَّمَا الرِّجَالُ بالمَالِ، وَإِنَّمَا المَالُ
بالرَّعِيَّةِ، وَإِنَّمَا الرَّعِيَّةُ بالعَدْلِ، كُلُّ ذَلِكَ يُرَادُ
بِهِ أنَّ قِوامَ هَذِهِ الأشْيَاءِ بِهَذهِ الأُمُورِ.
السَّادِسُ: قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( وَإِنَّمَا لِكُلِّ
امْرِىءٍ مَا نَوَى))، يقتَضِى أَنَّ مَنْ نَوى شَيْئًا يَحْصُلُ لَهُ،
وَكُلُّ مَا لَمْ يَنْوِهِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ، فَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ مَا
لاَ يَنْحَصِرُ مِن المَسَائلِ، ومِن هَذَا عَظَّمُوا هَذَا الحَدِيثَ،
فَقَالَ بَعْضُهمْ: يَدْخُلُ فِي حَدِيثِ ((الأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ))
ثُلُثَا العِلْمِ، فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ خِلاَفِيَّةٍ حَصَلَتْ فِيهَا نِيَّةٌ،
فَلَكَ أنْ تَسْتَدِلَّ بِهَذَا علَى حُصُولِ المَنْوِيِّ، وَكُلُّ
مَسْأَلَةٍ خِلاَفِيَّةٍ لَمْ تَحْصُلْ فِيهَا نِيَّةٌ، فَلَكَ أَنْ
تَستَدِلَّ بِهَذَا عَلَى عَدَمِ حُصُولِ مَا وَقَعَ فِي النِّزَاعِ، ،
فَإِنْ جَاءَ دَلِيلٌ مِنْ خَارِجٍ يَقْتَضِى أنَّ المَنْوِيَّ لَمْ
يَحْصُلْ، أَوْ أَنَّ غَيْرَ المَنْوِيِّ يَحْصُلُ، وَكَانَ رَاجِحًا، عُمِلَ
بِهِ وخَصَّصَ هَذَا العُمُومَ.
السَّابِعُ: قَولُهُ: ((فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
))، اسمُ (( الهِجْرةِ )) يَقعُ عَلَى أُمُورٍ، الهِجْرَةُ الأُولَى: إِلَى
الحَبَشَةِ، عِنْدَمَا آذَى الكُفَّارُ الصَّحَابَةَ. الهِجرةُ الثَّانِيَةُ:
مِن مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ. الهِجرةُ الثَّالِثَةُ: هِجْرَةُ القبَائِلِ
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَعَلُّمِ الشَّرَائِعِ،
ثُمَّ يرجعِونَ إلى المَوَاطِنِ، ويُعَلِّمُونَ قَوْمَهُمْ. الهِجرةُ
الرابِعَةُ: هِجْرَةُ من أسلَم مِن أَهلِ مكَّةَ لِيَّأتِيَ إلى النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَرجِعُ إلى مَكَّةَ. الهجرةُ
الخَامسَةُ: هِجْرةُ ما نَهى اللهُ عَنْهُ. ومعْنى الحَدِيثِ وحُكْمُه
يتناولُ الجَميعَ، غيرَ أنَّ السَّببَ يقتَضِي أنَّ الْمُرَادَ بالحَديِثِ
الهجرَةُ مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ؛ لأنَّهُم نقَلُوا أنَّ رَجُلاً هاجَرَ
مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ، لا يُريدُ بِذَلِكَ فَضِيلةَ الهجْرةِ،
وَإِنَّمَا هَاجَرَ ليتَزَوَّجَ امْرَأةً تُسمَّى أُمَّ قَيْسٍ، فَسُمِّى
مُهاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ، وَلِهَذَا خُصَّ فِي الحَدِيثِ ذِكْرُ المَرْأةِ،
دُونَ سَائِرِ مَا تُنْوى بِهِ الهِجْرَةُ مِن أفْرَادِ الأَغْراضِ
الدُّنْيَويَّةِ، ثُمَّ أُتْبِعَ بِِالدُّنيا.
الثَّامِنُ: المُتَقَرِّرُ عِنْدَ أَهْلِ العَربِيَّةِ أَنَّ الشَّرْطَ
وَالجَزَاءَ وَالمُبْتَدَأَ أَو الخَبَرَ، لاَبُدَّ وَأَنْ يَتَغَايَرَا،
وَهَهُنَا وَقَعَ الاتِّحَادُ فِي قَولِهِ: ((فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ
إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ))،
وَجَوَابُهُ أنَّ التَّقْدِيرَ: فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ
وَرَسُولِهِ نِيَّةً وَقَصْدًا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
حُكْمًا وَشَرْعًا.
التَّاسِعُ: شَرَعَ بَعْضُ المُتَأخرِّينَ مِن أَهْلِ الحَدِيثِ فِي
تَصْنِيفٍ فِي أسْبَابِ الحَدِيثِ، كَمَا صُنِّفَ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ
لِلكِتَابِ العَزِيزِ، فَوَقَفْتُ مِن ذَلِكَ عَلى شَيْءٍ يَسِيرٍ لَهُ،
وَهَذَا الحَدِيثُ – عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِن الحِكَايَةِ عَن مُهَاجِرِ
أُمِّ قَيسٍ – وَاقِعٌ عَلَى سَبَبٍ يُدْخِلُهُ فِي هَذَا القَبِيلِ،
وتَنْضَمُّ إِلَيهِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ لِمَن قَصَدَ تَتَبُّعَهُ.
العَاشِرُ: فَرْقٌ بَيْنَ قَولِنَا: ((مَن نَوَى شَيئًا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ
غَيْرُهُ))، وَبَيْنَ قَوْلِنَا: ((مَن لَمْ يَنْوِ الشَّيءَ لمْ يَحْصُلْ
لَهُ ))، وَالحَدِيثُ مُحتَمِلٌ لِلأَمْرَيْنِ، أَعْنِي قَولَهُ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ))، وَآخِرُهُ
يُشِيرُ إِلَى المَعْنَى الأوَّلِ، أعْنِي قَولَهُ: ((وَمَنْ كَانَتْ
هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَو امْرَأةٍ يَتَزَوَّجُهَا،
فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)).
يتبع
شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)
القارئ:
كتاب الطهارة
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إنما الأعمال بالنيات – وفي رواية: بالنية – وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن
كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا
يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)). وعن أبي هريرة رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا
أحدث حتى يتوضأ)).
الشيخ:
إن الحديث الأول من كتاب الطهارة حديث عمر المشهور، في هذه الأحاديث في هذا
الكتاب كلها من صحيحي البخاري ومسلم.
هذا الحديث هو أول ما بدأ به البخاري صحيحه، استفتح به للدلالة على حسن النية
وجعله قائماً مقام الخطبة للكتاب، يقول فيه صلى الله عليه وسلم: ((إنما
الأعمال بالنيات)) وفي رواية قال: ((إنما الأعمال بالنية)) وفي رواية:
((الأعمال بالنيات)).
أراد المؤلف بذلك أن النية من شروط الطهارة كما أنها من شروط بقية الأعمال،
فإن الطهارة للصلاة عمل، وكل عمل لابد له من نية، وإذا صحت النية اعتُبر
العمل وإذا فسدت فسد العمل، كما روي عن بعض السلف أنه قال: "كم من عمل صالح
أفسدته النية، وكم من عمل فاسد أصلحته النية".
يعني أن الإنسان إذا كانت نيته صادقة ولكن لم يدر أو فاتته معرفة كيفية العمل
فَعَمله على حسب وُسعه أثابه الله على نيته، وكذلك لو أنفق نفقة ولم ينو بها
شيئاً فوقعت نوى بها غيرَه فإن الله يثيبه على نيته.
وقد ورد في النية كلام كثير معروف في كتب الحديث ولكن لما كان الحديث مسوقاً
للطهارة فإننا لا نتكلم إلا على الطهارة التي نحن في سياقها فنقول: تُشترط
النية لكل الأحداث، يعني رفع الحدث يكون بالوضوء ويكون بالغسل ويكون بالتيمم،
وهذه لابد لها من نية.
ولا تشترط النية لإزالة الأحداث، فالذي يغسل وجهه بنية التبرد أو إزالة
النعاس لا يكفيه عن رفع الحدث. لو أن إنساناً مُحدثاً غسل وجهه لإزالة النعاس
وغسل يديه للنشاط ثم تذكر أنَّ عليه حدث فأراد أن يكمل ما كفاه هذا الغسل بل
لابد أن يغسلها بنية رفع الحدث، كل عضو يغسله بنية رفع الحدث؛ لأن الحدث أمر
معنوي والأمور المعنوية لابد فيها من النية.
أردنا أن غسل الأعضاء لابد أن يغسلها بنية رفع الحدث لا بنية التبرد ولا بنية
النشاط ولا بنية إزالة النعاس أو ما أشبه ذلك بل بنية الطهارة، ولكن سمعنا أن
بعض الناس يتشدد في أمر النية، وهذا التشدد غالباً أنه وسوسة من الشيطان
ليشككه، فيغسل مثلاً يديه.. وجهه ويديه ثم يأتيه الشيطان ويقول: إنك ما نويت
فيعيد، يغسلهما مرة ثانية، وإذا غسل يديه قال له: إنك سهوت عن نية غسل اليدين
إنما نويت الوجه، بطلت اليدان، أعد غسلهما فيعيد وهكذا، ربما يعيد خمس مرات
أو أكثر وربما يُعيد بعدما ينتهي مراراً، ولا شك أن هذا من الوسوسة التي
ينبغي اطراحها.
ويقول العلماء: إن النية ملازمةٌ للإنسان وأنه ولابد قد نوى بعمله. يقلُّ أو
يستحيل أن ينوي أن يعمل عملاً بدون نية، فمثلاً: الاغتسال: إما أن ينوي به
التبرد أو التنظف أو النشاط أو رفع الحدث، لابد من نية ما يمكنه أن يغتسل وهو
غافل لا يدري لأي شيء يغتسل، فما دام أن النية ملازمة له فيعتبر ما قاله قلبه
وما قصده.
ومن الدليل على أن الإنسان ينوي بعمله: أنك لو سألته وهو ذاهب إلى الحمام
ماذا تريد؟ نطق وتكلم وقال: أتوضأ أو أرفع الحدث، أو أغتسل، أو أتطهر، فعُرف
بذلك أنه قد نوى ولو كان قلبه عازباً ولو كان فكره شاذاً في حالة مشيه فلابد
أن تكون هناك نية موجودة؛ فينتبه أولئك الذين يأتيهم الشيطان ويوسوس لهم أنك
ما نويت فأعد، يأتيهم في الوضوءويأتيهم في الغسل لدرجة أن أحدهم يقيم في
الاغتسال ساعة أو أكثر أو أقل، حيث إنه كلما غسل عضواً جاءه الشيطان وقال:
أعد فإنك ما نويت، فيتكلف ويتشدد ويشدد على نفسه حتى تفوته صلاة الجماعة أو
حتى تثقل عليه الصلاة كلاًّ، وهذا من الشيطان يثقل عليه العبادة يُصعِّب عليه
هذا الشرط، فإذا صعب عليه عند ذلك رأى أن في الصلاة صعوبة فأدى إلى تركها
والعياذ بالله.
نقول: إن النية معتبرة في الثلاثة: معتبرة في الوضوء، ومعتبرة في الاغتسال من
الحدث الأكبر، ومعتبرة في التيمم، لابد فيها كلها من نية، ثم نقول: إن النية
محلها القلب ولا يجوز التكلم بها لا في الصلاة ولا في الطهارة.
ذهب بعض الشافعية إلى أنه يلزمه أن يتكلم بها وجعلوا ذلك في مؤلفاتهم،
وقالوا: إن التلفظ بها سنة وأنه مذهب الشافعي، والصحيح أنه ليس مذهباً
للشافعي ولم يُنقل ذلك عنه نقلاً صريحاً ولم يذكر ذلك في مؤلفاته ولا في
رسائله.
والله تعالى هو العالم بما في القلب وليس للإنسان أن يخبر الله تعالى بما
يدور في خلده وبما في قلبه، فالله عالم ما في قلبك فلا حاجة إلى أن تخبر الله
وتقول: نويت كذا وكذا، الله عالم بما في الصدور، الله عليم بذات الصدور.
والعمل قد يكون ظاهره حسناً ولكن تُفسده النية، وقد أخبرنا النبي عليه الصلاة
والسلام لذلك بأمثلة كالذي يقول الله له: قرأت القرآن ليقال قارئ، يعني نيتك
أن يقول الناس قارئ، تصدقت ليقال جواد، قاتلت ليقال شجاع، وكذلك لما قال له
رجل: الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل ليُرى مكانه ويقاتل للمغنم -أخبر
أن هذه نيات يعلمها الله. الله يعلم أن هذا قاتل رياءً وهذا قاتل سمعةً وهذا
قاتل ليرى مكانه وهذا قاتل للشجاعة وهذا قاتل حمية وهذا قاتل للغنيمة، الله
أعلم بذلك ولو ما قال العبد: إنني أقاتل لكذا، فلا حاجة إلى أن يقول: نويت
بقتالي إعزاز دين الله أو إعلاء كلمة الله، كذلك لا يقول: نويت بهذه الطهارة
أو بهذا الغسل أن أرفع الحدث أو نويت أن أغتسل لأرفع الحدث لا حاجة إلى ذلك،
الله عالم بما في قلبك.
أما قوله: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) فمعناه أن الثواب يترتب على النية، فإن
كان العمل صالحاً ترتب عليه الثواب وإلا ترتب عليه العقاب، ولهذا ضرب له مثلا
بالهجرة، الهجرة كانت من الأعمال الشريفة، كان أحدهم ينتقل من بلاده التي هي
مسقط رأسه وفيها عشيرته وفيها أهله وفيها أمواله وفيها مساكنه، ينتقل منها،
لماذا؟
لأجل العبادة، لأجل أن يتمكن من عبادة الله، حيث إنه في بلاده يلاقي الأذى،
أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأن هناك من يهاجر لأجل الله ورسوله وهناك من
يهاجر لمصالح دنيوية، فالذي تكون هجرته إلى الله ورسوله يعني لرضا الله
ولاتباع الرسول وللاقتداء به عليه الصلاة والسلام والأخذ عنه هذا أجره على
الله، هجرته إلى الله ورسوله، والذي تكون هجرته لأجل مصالح دنيوية تجارة أو
وظيفة أو رئاسة أو منصبٍ أو نحو ذلك أو امرأة يتزوجها ليس له قصد إلا هذا
فهجرته إلى ما هاجر إليه، يعني ليس له أجر الهجرة، ليس له ثوابها؛ وذلك لأن
الله إنما يثيب من الأعمال على ما أريد به وجه الله.
فهذا مثل.. مثل ضُرِب، ضربه عليه الصلاة والسلام لصلاح النية ولعدم
صلاحها.نفى كذلك.. يقال أيضاً في بقية الأعمال.
نعرف أن هناك شيئاً لا يحتاج إلى نية وهو إزالة النجاسات هذه غسلها لا يحتاج
إلى نية فلو كان ثوبك نجساً وعلقته مثلاً على وتد أو نحوه فنزل عليه مطر
فغسَله طَهُر ولو بدون نية، أو مثلا تنجس أسفله بشيء من أنواع النجاسات وخضت
به في سيل أو نهرٍ فذهب أثر النجاسة طهر، أو وقعت نجاسة على بقعة من الأرض
فنزل عليها مطر فغمرها وذهبت عين النجاسة طهرت ولا حاجة إلى أن تنوي أو ينوي
أحد إزالتها لأن هذا إزالة والإزالة إذا زال أثرها طهر المكان وأما الحدث
فإنه أمر معنوي.
كتاب الطهارة
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إنما الأعمال بالنيات – وفي رواية: بالنية – وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن
كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا
يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)). وعن أبي هريرة رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا
أحدث حتى يتوضأ)).
الشيخ:
إن الحديث الأول من كتاب الطهارة حديث عمر المشهور، في هذه الأحاديث في هذا
الكتاب كلها من صحيحي البخاري ومسلم.
هذا الحديث هو أول ما بدأ به البخاري صحيحه، استفتح به للدلالة على حسن النية
وجعله قائماً مقام الخطبة للكتاب، يقول فيه صلى الله عليه وسلم: ((إنما
الأعمال بالنيات)) وفي رواية قال: ((إنما الأعمال بالنية)) وفي رواية:
((الأعمال بالنيات)).
أراد المؤلف بذلك أن النية من شروط الطهارة كما أنها من شروط بقية الأعمال،
فإن الطهارة للصلاة عمل، وكل عمل لابد له من نية، وإذا صحت النية اعتُبر
العمل وإذا فسدت فسد العمل، كما روي عن بعض السلف أنه قال: "كم من عمل صالح
أفسدته النية، وكم من عمل فاسد أصلحته النية".
يعني أن الإنسان إذا كانت نيته صادقة ولكن لم يدر أو فاتته معرفة كيفية العمل
فَعَمله على حسب وُسعه أثابه الله على نيته، وكذلك لو أنفق نفقة ولم ينو بها
شيئاً فوقعت نوى بها غيرَه فإن الله يثيبه على نيته.
وقد ورد في النية كلام كثير معروف في كتب الحديث ولكن لما كان الحديث مسوقاً
للطهارة فإننا لا نتكلم إلا على الطهارة التي نحن في سياقها فنقول: تُشترط
النية لكل الأحداث، يعني رفع الحدث يكون بالوضوء ويكون بالغسل ويكون بالتيمم،
وهذه لابد لها من نية.
ولا تشترط النية لإزالة الأحداث، فالذي يغسل وجهه بنية التبرد أو إزالة
النعاس لا يكفيه عن رفع الحدث. لو أن إنساناً مُحدثاً غسل وجهه لإزالة النعاس
وغسل يديه للنشاط ثم تذكر أنَّ عليه حدث فأراد أن يكمل ما كفاه هذا الغسل بل
لابد أن يغسلها بنية رفع الحدث، كل عضو يغسله بنية رفع الحدث؛ لأن الحدث أمر
معنوي والأمور المعنوية لابد فيها من النية.
أردنا أن غسل الأعضاء لابد أن يغسلها بنية رفع الحدث لا بنية التبرد ولا بنية
النشاط ولا بنية إزالة النعاس أو ما أشبه ذلك بل بنية الطهارة، ولكن سمعنا أن
بعض الناس يتشدد في أمر النية، وهذا التشدد غالباً أنه وسوسة من الشيطان
ليشككه، فيغسل مثلاً يديه.. وجهه ويديه ثم يأتيه الشيطان ويقول: إنك ما نويت
فيعيد، يغسلهما مرة ثانية، وإذا غسل يديه قال له: إنك سهوت عن نية غسل اليدين
إنما نويت الوجه، بطلت اليدان، أعد غسلهما فيعيد وهكذا، ربما يعيد خمس مرات
أو أكثر وربما يُعيد بعدما ينتهي مراراً، ولا شك أن هذا من الوسوسة التي
ينبغي اطراحها.
ويقول العلماء: إن النية ملازمةٌ للإنسان وأنه ولابد قد نوى بعمله. يقلُّ أو
يستحيل أن ينوي أن يعمل عملاً بدون نية، فمثلاً: الاغتسال: إما أن ينوي به
التبرد أو التنظف أو النشاط أو رفع الحدث، لابد من نية ما يمكنه أن يغتسل وهو
غافل لا يدري لأي شيء يغتسل، فما دام أن النية ملازمة له فيعتبر ما قاله قلبه
وما قصده.
ومن الدليل على أن الإنسان ينوي بعمله: أنك لو سألته وهو ذاهب إلى الحمام
ماذا تريد؟ نطق وتكلم وقال: أتوضأ أو أرفع الحدث، أو أغتسل، أو أتطهر، فعُرف
بذلك أنه قد نوى ولو كان قلبه عازباً ولو كان فكره شاذاً في حالة مشيه فلابد
أن تكون هناك نية موجودة؛ فينتبه أولئك الذين يأتيهم الشيطان ويوسوس لهم أنك
ما نويت فأعد، يأتيهم في الوضوءويأتيهم في الغسل لدرجة أن أحدهم يقيم في
الاغتسال ساعة أو أكثر أو أقل، حيث إنه كلما غسل عضواً جاءه الشيطان وقال:
أعد فإنك ما نويت، فيتكلف ويتشدد ويشدد على نفسه حتى تفوته صلاة الجماعة أو
حتى تثقل عليه الصلاة كلاًّ، وهذا من الشيطان يثقل عليه العبادة يُصعِّب عليه
هذا الشرط، فإذا صعب عليه عند ذلك رأى أن في الصلاة صعوبة فأدى إلى تركها
والعياذ بالله.
نقول: إن النية معتبرة في الثلاثة: معتبرة في الوضوء، ومعتبرة في الاغتسال من
الحدث الأكبر، ومعتبرة في التيمم، لابد فيها كلها من نية، ثم نقول: إن النية
محلها القلب ولا يجوز التكلم بها لا في الصلاة ولا في الطهارة.
ذهب بعض الشافعية إلى أنه يلزمه أن يتكلم بها وجعلوا ذلك في مؤلفاتهم،
وقالوا: إن التلفظ بها سنة وأنه مذهب الشافعي، والصحيح أنه ليس مذهباً
للشافعي ولم يُنقل ذلك عنه نقلاً صريحاً ولم يذكر ذلك في مؤلفاته ولا في
رسائله.
والله تعالى هو العالم بما في القلب وليس للإنسان أن يخبر الله تعالى بما
يدور في خلده وبما في قلبه، فالله عالم ما في قلبك فلا حاجة إلى أن تخبر الله
وتقول: نويت كذا وكذا، الله عالم بما في الصدور، الله عليم بذات الصدور.
والعمل قد يكون ظاهره حسناً ولكن تُفسده النية، وقد أخبرنا النبي عليه الصلاة
والسلام لذلك بأمثلة كالذي يقول الله له: قرأت القرآن ليقال قارئ، يعني نيتك
أن يقول الناس قارئ، تصدقت ليقال جواد، قاتلت ليقال شجاع، وكذلك لما قال له
رجل: الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل ليُرى مكانه ويقاتل للمغنم -أخبر
أن هذه نيات يعلمها الله. الله يعلم أن هذا قاتل رياءً وهذا قاتل سمعةً وهذا
قاتل ليرى مكانه وهذا قاتل للشجاعة وهذا قاتل حمية وهذا قاتل للغنيمة، الله
أعلم بذلك ولو ما قال العبد: إنني أقاتل لكذا، فلا حاجة إلى أن يقول: نويت
بقتالي إعزاز دين الله أو إعلاء كلمة الله، كذلك لا يقول: نويت بهذه الطهارة
أو بهذا الغسل أن أرفع الحدث أو نويت أن أغتسل لأرفع الحدث لا حاجة إلى ذلك،
الله عالم بما في قلبك.
أما قوله: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) فمعناه أن الثواب يترتب على النية، فإن
كان العمل صالحاً ترتب عليه الثواب وإلا ترتب عليه العقاب، ولهذا ضرب له مثلا
بالهجرة، الهجرة كانت من الأعمال الشريفة، كان أحدهم ينتقل من بلاده التي هي
مسقط رأسه وفيها عشيرته وفيها أهله وفيها أمواله وفيها مساكنه، ينتقل منها،
لماذا؟
لأجل العبادة، لأجل أن يتمكن من عبادة الله، حيث إنه في بلاده يلاقي الأذى،
أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأن هناك من يهاجر لأجل الله ورسوله وهناك من
يهاجر لمصالح دنيوية، فالذي تكون هجرته إلى الله ورسوله يعني لرضا الله
ولاتباع الرسول وللاقتداء به عليه الصلاة والسلام والأخذ عنه هذا أجره على
الله، هجرته إلى الله ورسوله، والذي تكون هجرته لأجل مصالح دنيوية تجارة أو
وظيفة أو رئاسة أو منصبٍ أو نحو ذلك أو امرأة يتزوجها ليس له قصد إلا هذا
فهجرته إلى ما هاجر إليه، يعني ليس له أجر الهجرة، ليس له ثوابها؛ وذلك لأن
الله إنما يثيب من الأعمال على ما أريد به وجه الله.
فهذا مثل.. مثل ضُرِب، ضربه عليه الصلاة والسلام لصلاح النية ولعدم
صلاحها.نفى كذلك.. يقال أيضاً في بقية الأعمال.
نعرف أن هناك شيئاً لا يحتاج إلى نية وهو إزالة النجاسات هذه غسلها لا يحتاج
إلى نية فلو كان ثوبك نجساً وعلقته مثلاً على وتد أو نحوه فنزل عليه مطر
فغسَله طَهُر ولو بدون نية، أو مثلا تنجس أسفله بشيء من أنواع النجاسات وخضت
به في سيل أو نهرٍ فذهب أثر النجاسة طهر، أو وقعت نجاسة على بقعة من الأرض
فنزل عليها مطر فغمرها وذهبت عين النجاسة طهرت ولا حاجة إلى أن تنوي أو ينوي
أحد إزالتها لأن هذا إزالة والإزالة إذا زال أثرها طهر المكان وأما الحدث
فإنه أمر معنوي.
يتبع
خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام
كِتَابُ الطَّهَارَةِ
الْحَدِيثُ الأَوَّلُ
عنْ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّمَا الْأَعْمَالُ
بِالنِّيَّةِ – وفي روايَةٍ: بِالنِّيَّاتِ – وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا
نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرتُهُ إلى
اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَو
امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)).
الْحَدِيثُ الأَوَّلُ
عنْ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّمَا الْأَعْمَالُ
بِالنِّيَّةِ – وفي روايَةٍ: بِالنِّيَّاتِ – وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا
نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرتُهُ إلى
اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَو
امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)).
الْمُفْرَدَاتُ
قَوْلُهُ: (النِّيَّةُ)، لُغَةً: الْقَصْدُ، وَشَرْعًا: الْعَزْمُ عَلَى
فِعْلِ العِبَادَةِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى.
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: وُجُوبُ الحَذَرِ من الرِّيَاءِ، ومُرَاقَبَةِ أَعْمَالِ القلبِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ في العبادةِ، وأنَّ مَحَلَّهَا
القلبُ، فالتَّلَفُّظُ بها بِدْعَةٌ.
قَوْلُهُ: (النِّيَّةُ)، لُغَةً: الْقَصْدُ، وَشَرْعًا: الْعَزْمُ عَلَى
فِعْلِ العِبَادَةِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى.
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: وُجُوبُ الحَذَرِ من الرِّيَاءِ، ومُرَاقَبَةِ أَعْمَالِ القلبِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ في العبادةِ، وأنَّ مَحَلَّهَا
القلبُ، فالتَّلَفُّظُ بها بِدْعَةٌ.
شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)
القارئ:
كتاب الطهارة
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إنما الأعمال بالنيات – وفي رواية: بالنية – وإنما لكل امرئٍ ما نوى ، فمن
كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله , ومن كانت هجرته إلى
دنيا يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا
يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)).
الشيخ: إن الحديث الأول من كتاب الطهارة حديث عمر المشهور , في هذه الأحاديث
في هذا الكتاب كلها من صحيحي البخاري ومسلم.
هذا الحديث عمر هو أول ما بدأ به البخاري صحيحه , استفتح به للدلالة على حسن
النية وجعله قائماً مقام الخطبة للكتاب , يقول فيه صلى الله عليه وسلم:
((إنما الأعمال بالنيات)) وفي رواية قال: ((إنما الأعمال بالنية)) وفي رواية:
((الأعمال بالنيات)).
أراد المؤلف بذلك أن النية من شروط الطهارة كما أنها من شروط بقية الأعمال ،
فإن الطهارة للصلاة عمل , وكل عمل لابد له من نية , وإذا صحت النية اعتبر
العمل وإذا فسدت فسد العمل , كما روي عن بعض السلف أنه قال: "كم من عمل صالح
أفسدته النية , وكم من عمل فاسد أصلحته النية".
يعني أن الإنسان إذا كانت نيته صادقة ولكن لم يدر أو فاتته معرفة كيفية العمل
فعمله على حسب وسعه أثابه الله على نيته , وكذلك لو أنفق نفقة ولم ينو بها
شيئاً فوقعت نوى بها غيره فإن الله يثيبه على نيته.
وقد ورد في النية كلام كثير معروف في كتب الحديث ولكن لما كان الحديث مسوقاً
للطهارة فإننا لا نتكلم إلا على الطهارة التي نحن في سياقها فنقول: تُشترط
النية لكل الأحداث، يعني رفع الحدث يكون بالوضوء ويكون بالغسل ويكون بالتيمم
, وهذه لابد لها من نية .
ولا تشترط النية لإزالة الأحداث ، فالذي يغسل وجهه بنية التبرد أو إزالة
النعاس لا يكفيه عن رفع الحدث. لو أن إنساناً مُحدثاً غسل وجهه لإزالة النعاس
وغسل يديه للنشاط ثم تذكر أنَّ عليه حدث فأراد أن يكمل ما كفاه هذا الغسل بل
لابد أن يغسلها بنية رفع الحدث , كل عضو يغسله بنية رفع الحدث ؛ لأن الحدث
أمر معنوي والأمور المعنوية لابد فيها من النية، .
أردنا أن غسل الأعضاء لابد أن يغسلها بنية رفع الحدث لا بنية التبرد ولا بنية
النشاط ولا بنية إزالة النعاس أو ما أشبه ذلك بل بنية الطهارة , ولكن سمعنا
أن بعض الناس يتشدد في أمر النية , وهذا التشدد غالباً أنه وسوسة من الشيطان
ليشككه , فيغسل مثلاً يديه.. وجهه ويديه ثم يأتيه الشيطان ويقول: إنك ما نويت
فيعيد , يغسلهما مرة ثانية , وإذا غسل يديه قال له: إنك سهوت عن نية غسل
اليدين إنما نويت الوجه بطلت اليدان أعد غسلهما فيعيد وهكذا، ربما يعيد خمس
مرات أو أكثر وربما يُعيد بعدما ينتهي مراراً , ولا شك أن هذا من الوسوسة
التي ينبغي اطراحها.
ويقول العلماء: إن النية ملازمةٌ للإنسان وأنه ولابد قد نوى بعمله. يقلُّ أو
يستحيل أن ينوي أن يعمل عملاً بدون نية , فمثلاً: الاغتسال: إما أن ينوي به
التبرد أو التنظف أو النشاط أو رفع الحدث، لابد من نية ما يمكنه أن يغتسل وهو
غافل لا يدري لأي شيء يغتسل , فما دام أن النية ملازمة له فيعتبر ما قاله
قلبه وما قصده.
ومن الدليل على أن الإنسان ينوي بعمله أنك لو سألته وهو ذاهب إلى الحمام ماذا
تريد ؟ نطق وتكلم وقال: أتوضأ أو أرفع الحدث , أو أغتسل , أو أتطهر , فعُرف
بذلك أنه قد نوى ولو كان قلبه عازباً ولو كان فكره شاذاً في حالة مشيه فلابد
أن تكون هناك نية موجودة ؛ فينتبه أولئك الذين يأتيهم الشيطان ويوسوس لهم أنك
ما نويت فأعد , يأتيهم في الوضوءويأتيهم في الغسل لدرجة أن أحدهم يقيم في
الاغتسال ساعة أو أكثر أو أقل ، حيث أنه كلما غسل عضواً جاءه الشيطان وقال:
أعد فإنك ما نويت , فيتكلف ويتشدد ويشدد على نفسه حتى تفوته صلاة الجماعة أو
حتى تثقل عليه الصلاة كلاً، وهذا من الشيطان يثقل عليه العبادة يُصعب عليه
هذا الشرط , فإذا صعب عليه عند ذلك رأى أن في الصلاة صعوبة فأدى إلى تركها
والعياذ بالله.
نقول: إن النية معتبرة في الثلاثة: معتبرة في الوضوء , ومعتبرة في الاغتسال
من الحدث الأكبر , ومعتبرة في التيمم , لابد فيها كلها من نية , ثم نقول: إن
النية محلها القلب ولا يجوز التكلم بها لا في الصلاة ولا في الطهارة.
ذهب بعض الشافعية إلى أنه يلزمه أن يتكلم بها وجعلوا ذلك في مؤلفاتهم ,
وقالوا: إن التلفظ بها سنة وأنه مذهب الشافعي , والصحيح أنه ليس مذهباً
للشافعي ولم ينقل ذلك عنه نقلاً صريحاً ولم يذكر ذلك في مؤلفاته ولا في
رسائله .
والله تعالى هو العالم بما في القلب وليس للإنسان أن يخبر الله تعالى بما
يدور في خلده وبما في قلبه، فالله عالم ما في قلبك فلا حاجة إلى أن تخبر الله
اله وتقول: نويت كذا وكذا، الله عالم بما في الصدور , الله عليم بذات الصدور
.
والعمل قد يكون ظاهره حسناً ولكن تُفسده النية , وقد أخبرنا النبي عليه
الصلاة والسلام لذلك بأمثلة كالذي يقول الله له: قرأت القرآن ليقال قارئ،
يعني نيتك أن يقول الناس قارئ، تصدقت ليقال جواد، قاتلت ليقال شجاع، وكذلك
لما قال له رجل: الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل ليرى مكانه ويقاتل
للمغنم -أخبر أن هذه نيات يعلمها الله. الله يعلم أن هذا قاتل رياءً وهذا
قاتل سمعةً وهذا قاتل ليرى مكانه وهذا قاتل للشجاعة وهذا قاتل حمية وهذا قاتل
للغنيمة ، الله أعلم بذلك ولو ما قال العبد , إنني أقاتل لكذا , فلا حاجة إلى
أن يقول: نويت بقتالي إعزاز دين الله أو إعلاء كلمة الله , كذلك لا يقول:
نويت بهذه الطهارة أو بهذا الغسل أن أرفع الحدث أو نويت أن أغتسل لأرفع الحدث
لا حاجة إلى ذلك، الله عالم بما في قلبك.
أما قوله: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) فمعناه أن الثواب يترتب على النية , فإن
كان العمل صالحاً ترتب عليه الثواب وإلا ترتب عليه العقاب , ولهذا ضرب له
مثلا بالهجرة، الهجرة كانت من الأعمال الشريفة , كان أحدهم ينتقل من بلاده
التي هي مسقط رأسه وفيها عشيرته وفيها أهله وفيها أمواله وفيها مساكنه، ينتقل
منها , لماذا ؟
لأجل العبادة , لأجل أن يتمكن من عبادة الله، حيث أنه في بلاده يلاقي الأذى،
أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأن هناك من يهاجر لأجل الله ورسوله وهناك من
يهاجر لمصالح دنيوية , فالذي تكون هجرته إلى الله ورسوله يعني لرضا الله
ولاتباع الرسول وللاقتداء به عليه الصلاة والسلام والأخذ عنه هذا أجره على
الله هجرته إلى الله ورسوله , والذي تكون هجرته لأجل مصالح دنيوية تجارة أو
وظيفة أو رئاسة أو منصبٍ أو نحو ذلك أو امرأة يتزوجها ليس له قصد إلا هذا
فهجرته إلى ما هاجر إليه , يعني ليس له أجر الهجرة , ليس له ثوابها ؛ وذلك
لأن الله إنما يثيب من الأعمال على ما أريد به وجه الله.
فهذا مثل.. مثل ضرب , ضربه عليه الصلاة والسلام لصلاح النية ولعدم صلاحها
.نفى كذلك.. يقال أيضاً في بقية الأعمال.
نعرف أن هناك شيئاً لا يحتاج إلى نية وهو إزالة النجاسات هذه غسلها لا يحتاج
إلى نية فلو كان ثوبك نجساً وعلقته مثلاً على وتد أو نحوه فنزل عليه مطر
فغسَله طهر ولو بدون نية , أو مثلا تنجس أسفله بشيء من أنواع النجاسات وخضت
به في سيلاً أو نهراً فذهب أثر النجاسة طهر , أو وقعت نجاسة على بقعة من
الأرض فنزل عليها مطر فغمرها وذهبت عين النجاسة طهرت ولا حاجة إلى أن تنوي أو
ينوي أحد إزالتها لأن هذا إزالة والإزالة إذا زال أثرها طهر المكان وأما
الحدث فإنه أمر معنوي.
كتاب الطهارة
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إنما الأعمال بالنيات – وفي رواية: بالنية – وإنما لكل امرئٍ ما نوى ، فمن
كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله , ومن كانت هجرته إلى
دنيا يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا
يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)).
الشيخ: إن الحديث الأول من كتاب الطهارة حديث عمر المشهور , في هذه الأحاديث
في هذا الكتاب كلها من صحيحي البخاري ومسلم.
هذا الحديث عمر هو أول ما بدأ به البخاري صحيحه , استفتح به للدلالة على حسن
النية وجعله قائماً مقام الخطبة للكتاب , يقول فيه صلى الله عليه وسلم:
((إنما الأعمال بالنيات)) وفي رواية قال: ((إنما الأعمال بالنية)) وفي رواية:
((الأعمال بالنيات)).
أراد المؤلف بذلك أن النية من شروط الطهارة كما أنها من شروط بقية الأعمال ،
فإن الطهارة للصلاة عمل , وكل عمل لابد له من نية , وإذا صحت النية اعتبر
العمل وإذا فسدت فسد العمل , كما روي عن بعض السلف أنه قال: "كم من عمل صالح
أفسدته النية , وكم من عمل فاسد أصلحته النية".
يعني أن الإنسان إذا كانت نيته صادقة ولكن لم يدر أو فاتته معرفة كيفية العمل
فعمله على حسب وسعه أثابه الله على نيته , وكذلك لو أنفق نفقة ولم ينو بها
شيئاً فوقعت نوى بها غيره فإن الله يثيبه على نيته.
وقد ورد في النية كلام كثير معروف في كتب الحديث ولكن لما كان الحديث مسوقاً
للطهارة فإننا لا نتكلم إلا على الطهارة التي نحن في سياقها فنقول: تُشترط
النية لكل الأحداث، يعني رفع الحدث يكون بالوضوء ويكون بالغسل ويكون بالتيمم
, وهذه لابد لها من نية .
ولا تشترط النية لإزالة الأحداث ، فالذي يغسل وجهه بنية التبرد أو إزالة
النعاس لا يكفيه عن رفع الحدث. لو أن إنساناً مُحدثاً غسل وجهه لإزالة النعاس
وغسل يديه للنشاط ثم تذكر أنَّ عليه حدث فأراد أن يكمل ما كفاه هذا الغسل بل
لابد أن يغسلها بنية رفع الحدث , كل عضو يغسله بنية رفع الحدث ؛ لأن الحدث
أمر معنوي والأمور المعنوية لابد فيها من النية، .
أردنا أن غسل الأعضاء لابد أن يغسلها بنية رفع الحدث لا بنية التبرد ولا بنية
النشاط ولا بنية إزالة النعاس أو ما أشبه ذلك بل بنية الطهارة , ولكن سمعنا
أن بعض الناس يتشدد في أمر النية , وهذا التشدد غالباً أنه وسوسة من الشيطان
ليشككه , فيغسل مثلاً يديه.. وجهه ويديه ثم يأتيه الشيطان ويقول: إنك ما نويت
فيعيد , يغسلهما مرة ثانية , وإذا غسل يديه قال له: إنك سهوت عن نية غسل
اليدين إنما نويت الوجه بطلت اليدان أعد غسلهما فيعيد وهكذا، ربما يعيد خمس
مرات أو أكثر وربما يُعيد بعدما ينتهي مراراً , ولا شك أن هذا من الوسوسة
التي ينبغي اطراحها.
ويقول العلماء: إن النية ملازمةٌ للإنسان وأنه ولابد قد نوى بعمله. يقلُّ أو
يستحيل أن ينوي أن يعمل عملاً بدون نية , فمثلاً: الاغتسال: إما أن ينوي به
التبرد أو التنظف أو النشاط أو رفع الحدث، لابد من نية ما يمكنه أن يغتسل وهو
غافل لا يدري لأي شيء يغتسل , فما دام أن النية ملازمة له فيعتبر ما قاله
قلبه وما قصده.
ومن الدليل على أن الإنسان ينوي بعمله أنك لو سألته وهو ذاهب إلى الحمام ماذا
تريد ؟ نطق وتكلم وقال: أتوضأ أو أرفع الحدث , أو أغتسل , أو أتطهر , فعُرف
بذلك أنه قد نوى ولو كان قلبه عازباً ولو كان فكره شاذاً في حالة مشيه فلابد
أن تكون هناك نية موجودة ؛ فينتبه أولئك الذين يأتيهم الشيطان ويوسوس لهم أنك
ما نويت فأعد , يأتيهم في الوضوءويأتيهم في الغسل لدرجة أن أحدهم يقيم في
الاغتسال ساعة أو أكثر أو أقل ، حيث أنه كلما غسل عضواً جاءه الشيطان وقال:
أعد فإنك ما نويت , فيتكلف ويتشدد ويشدد على نفسه حتى تفوته صلاة الجماعة أو
حتى تثقل عليه الصلاة كلاً، وهذا من الشيطان يثقل عليه العبادة يُصعب عليه
هذا الشرط , فإذا صعب عليه عند ذلك رأى أن في الصلاة صعوبة فأدى إلى تركها
والعياذ بالله.
نقول: إن النية معتبرة في الثلاثة: معتبرة في الوضوء , ومعتبرة في الاغتسال
من الحدث الأكبر , ومعتبرة في التيمم , لابد فيها كلها من نية , ثم نقول: إن
النية محلها القلب ولا يجوز التكلم بها لا في الصلاة ولا في الطهارة.
ذهب بعض الشافعية إلى أنه يلزمه أن يتكلم بها وجعلوا ذلك في مؤلفاتهم ,
وقالوا: إن التلفظ بها سنة وأنه مذهب الشافعي , والصحيح أنه ليس مذهباً
للشافعي ولم ينقل ذلك عنه نقلاً صريحاً ولم يذكر ذلك في مؤلفاته ولا في
رسائله .
والله تعالى هو العالم بما في القلب وليس للإنسان أن يخبر الله تعالى بما
يدور في خلده وبما في قلبه، فالله عالم ما في قلبك فلا حاجة إلى أن تخبر الله
اله وتقول: نويت كذا وكذا، الله عالم بما في الصدور , الله عليم بذات الصدور
.
والعمل قد يكون ظاهره حسناً ولكن تُفسده النية , وقد أخبرنا النبي عليه
الصلاة والسلام لذلك بأمثلة كالذي يقول الله له: قرأت القرآن ليقال قارئ،
يعني نيتك أن يقول الناس قارئ، تصدقت ليقال جواد، قاتلت ليقال شجاع، وكذلك
لما قال له رجل: الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل ليرى مكانه ويقاتل
للمغنم -أخبر أن هذه نيات يعلمها الله. الله يعلم أن هذا قاتل رياءً وهذا
قاتل سمعةً وهذا قاتل ليرى مكانه وهذا قاتل للشجاعة وهذا قاتل حمية وهذا قاتل
للغنيمة ، الله أعلم بذلك ولو ما قال العبد , إنني أقاتل لكذا , فلا حاجة إلى
أن يقول: نويت بقتالي إعزاز دين الله أو إعلاء كلمة الله , كذلك لا يقول:
نويت بهذه الطهارة أو بهذا الغسل أن أرفع الحدث أو نويت أن أغتسل لأرفع الحدث
لا حاجة إلى ذلك، الله عالم بما في قلبك.
أما قوله: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) فمعناه أن الثواب يترتب على النية , فإن
كان العمل صالحاً ترتب عليه الثواب وإلا ترتب عليه العقاب , ولهذا ضرب له
مثلا بالهجرة، الهجرة كانت من الأعمال الشريفة , كان أحدهم ينتقل من بلاده
التي هي مسقط رأسه وفيها عشيرته وفيها أهله وفيها أمواله وفيها مساكنه، ينتقل
منها , لماذا ؟
لأجل العبادة , لأجل أن يتمكن من عبادة الله، حيث أنه في بلاده يلاقي الأذى،
أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأن هناك من يهاجر لأجل الله ورسوله وهناك من
يهاجر لمصالح دنيوية , فالذي تكون هجرته إلى الله ورسوله يعني لرضا الله
ولاتباع الرسول وللاقتداء به عليه الصلاة والسلام والأخذ عنه هذا أجره على
الله هجرته إلى الله ورسوله , والذي تكون هجرته لأجل مصالح دنيوية تجارة أو
وظيفة أو رئاسة أو منصبٍ أو نحو ذلك أو امرأة يتزوجها ليس له قصد إلا هذا
فهجرته إلى ما هاجر إليه , يعني ليس له أجر الهجرة , ليس له ثوابها ؛ وذلك
لأن الله إنما يثيب من الأعمال على ما أريد به وجه الله.
فهذا مثل.. مثل ضرب , ضربه عليه الصلاة والسلام لصلاح النية ولعدم صلاحها
.نفى كذلك.. يقال أيضاً في بقية الأعمال.
نعرف أن هناك شيئاً لا يحتاج إلى نية وهو إزالة النجاسات هذه غسلها لا يحتاج
إلى نية فلو كان ثوبك نجساً وعلقته مثلاً على وتد أو نحوه فنزل عليه مطر
فغسَله طهر ولو بدون نية , أو مثلا تنجس أسفله بشيء من أنواع النجاسات وخضت
به في سيلاً أو نهراً فذهب أثر النجاسة طهر , أو وقعت نجاسة على بقعة من
الأرض فنزل عليها مطر فغمرها وذهبت عين النجاسة طهرت ولا حاجة إلى أن تنوي أو
ينوي أحد إزالتها لأن هذا إزالة والإزالة إذا زال أثرها طهر المكان وأما
الحدث فإنه أمر معنوي.
اتمنى ماتنسسون التقييم والاهم من هذا كله الدعاء لي ولوالدي
والسلام عليكم ورحمته الله وبركاته
والسلام عليكم ورحمته الله وبركاته
جزاك الله خير…
ع الموضوع القيم…
في ميزان حسناتك…
ع الموضوع القيم…
في ميزان حسناتك…
وًعليكمْ السًلآم والًرحًمـــة ،،
بآرك الله فٍيكْ ، ولآحًرمٍك الأجٍرْ
..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ربي يجزيك الجنه ولاحرمتي الأجر
¦: فديت قلبــي : منال :¦
جززززاك الله خيررر
جزاك الله خير ..