ها هو يعود عاماً بعد الآخر ..
اليوم أنا صبية الثامن عشر ، كم كان لائقاً بي جداً عُمر الزهور فقد كنت
أكبر عاماً وازداد جمالاً أكثر لكن ما في جوفي " زهرةٌ ذابلة اسرّت ذبولها "
أيضاً هو عامي السادس دونكِ يا أمي ، منذ اليوم الأول الذي افتقدتك فيه وأنا أبكي مرارة
فقدك بين الحين والأخر ولكن يوم مولدي كان الأجدر بتجديد الجراح ف أشعر بالإنكسار أن اكبر دونَ السّند
الأقوى لي والحضن الأدفى الذي مرّ على دفئه الكثير دون المبيت في اعماقه .
إعتدت ان اكتب لأمي كلماتٌ في مثل هذا اليوم فهي الأشد إستحقاقاً لها
– في وسط حُجرتي الفوضوية المملوءة بالأوراق الممزقة والأقلام والألبومات التي تحمل
حكاية عُمري الذي تغيّر تغيراً جذرياً منذ حين وفاة والدتي ودخول امرأة جديدة في حياة والدي لتحل مكان أمي .
كنت مشغولة في الكتابة أخط الحرف بجانب الحرف وأمزق
ماذا عنكِ يا أجمل نساء الكون ؟
أتشعرين بالأعوام كيف تجري بنا
ابنتك يا أمي تكبُر ولا تجد لها يد عون !
رباههُ كيف كُنت بكِ يا أمي في غِنا
واليوم مكسورة الجناح لا لذةً لحياتي أو لون
يا ليت أيام السعادة لو عادت لنا
لا زلتُ يا جنتي أبكي حسرةً
أوليسَ من خسِر الجنان حقت عليه الحسرةُ ؟
. . .
كان هذا شيئاً مِما كتبت وضعتها داخل إطار وبينما أحاول تعليقها على الحائط المكتظ
بالألواح التي أكتُبها دخلت زوجة والدي والإشمئزاز يعلو وجهها
أطلقت ضحكة ثم قالت بكرهه
: فاشلة !
– شكراً لك
: يكتب العظماء عن العُظمة لينالوا مراتب عُليا ؛ ماذا عنكِ ؟
– أكتبُ عن الجنة أهُناك أعظم ؟ أم أنكِ تُردين ان اكتب عن الجحيم لينال إعجابك
* قالتها وابتسامة تملئ ثغرها ثم عادت محاولة تعليق لوحتها *
: ههّ وقحة ! يا ليت تلك الجنة التي تكتبين عنها قد أحسنت تربيتك
* ثم أدارت ظهرها للخروج بينما امتلئت عينا جنى بالدمع *
لا زلتُ طفلة حين تحاول هذه القبيحة إهانة والدتي ‘(
يوم ميلادي في كل عام يكون الدافع الأعظم للكتابة رُبما لأنه كان الحدث الأحب إلى قلب أمي
أو لأنه دائماً ما يكون مزدحماً بالذكريات التي أفقد لذة جمالها عاماً بعد أخر ..
الساعة : 6:30 صَ
في مدرسة جنى الثانوية كانت هذه السنة مختلفة تماماً فالتنافس كان ملحوظاً
رُبما يكون هذا العام بداية جديدة لإبداع أفضل فَفِي المرحلة المتوسطة فقدت جنى الكثير من إصرارها
بعد فقدانها والدتها وابتعاد والدها عنها شيئاً ف شيء
حتى بدأت هذا العام ب جمع شتاتها واستعادة ثقتها .
*في الطابور الصباحي القليل من الفوضى والكثير من الأصوات يقطعها صوت المديرة*
: السلام عليكم عزيزاتي
أصواتٌ من شتى الفصول – ( وعليكم السلام ) .
: أعلن لكم يا طالباتي المجتهدات عن إنطلاق مسابقه للموهوبات على مستوى المنطقة
وسيكون هناك فائزات على مراكز ولكل مركز جائزة ، وستمثل الفائزة بالمركز الأول والثاني والثالث منطقتها
ومن ثم يتم تصديرها إلى مسابقة الموهوبات على مستوى مناطق الدولة ..
ف أتمنى من بناتي عدم التردد في المشاركة .. والان إمضوا إلى فصولكم
أنارت المديرة بكلماتها شموع الأمل في قلب جنى
ها أنا قد أعود مجدداً إلى التمييز ، ها أنا قد أجعل من حُلمي واقعاً لأجعلك يا أمي فخورةً بما بنيتي ..
أمضت جنى يومها الدراسي بهمة عالية حتى لم تشعر بالوقت الذي إنتهى سريعاً
*شرد ذهنها بعيداً وابتسامتها لم تفارق ثغرها ؛ ماذا لو كنت الفائزة بالمركز الأول ؟
وأصبحت كما أحب ؟ حُلمي الجميل يكبر أمام ناظري وهل هناك أجمل ؟
: جنى جنننننننى !! وصلت الحافلة ماذا حلّ بمخيلتك إلى أين سافرتي هذه المرة ؟
– ههههههههههههههههه عفواً ، اهه حقاً كنت في مكانٍ بعيد ؛$ إلى اللقاء .
: هههههههههههههههههههههه كالعادة ومالجديد في هذا ، حسناً هيا أراكِ غداً
– بمشيئة الله
( لوحت لها مودعة ولازالت ترسم إبتسامة تُزهيها ، دخلت المنزل مملوؤة بالطموح
كإنسانة ولدت من جديد تتزاحم في اعماقها العديد من السّعادات التي يصعب وصفها
– وجدت عائلتها تجلس حول مائدة الطعام يتناولون الغداء ولا جديد في الأمر ف منذ ستة أعوام تُهمّش جنى
فلا يتم إنتظار عودتها ، حتى أنها تعود تارةً فلا تجد ما تتناوله
*دخلت جنى بإبتسامة عريضة غير معتادة تبث الغيظ في قلب زوجة أبيها وقبلت رأس والدها
دون حراكٍ منه وضل يكمل غدائه بهدوء وألقت التحية على إخوتها الصغار الذين زرعت والدتهم
في أحشائهم الكره والحقد لجنى ف أكتفى الجميع بإبتسامة بسيطة رداً عليها.
أنزلت زوجة والدها الملعقة
: أستعيذ بالله من هذه الإبتسامة !
*تجاهلت جنى ماقالته حرصاً على الحفاظ على مزاجها الجيّد و وجهت كلماتها لوالدها*
– أبي لدي ما يسرك
: هاتي ما عندك يا جنى ؟
– انطلقت اليوم مسابقة الموهبة على مستوى المنطقة والفائزون بالمراكز الأولى سيتصدرون إلى مراحل أعلى
: جميل ! ولكن ما شأني وشأنك في هذا ؟
– أبي سأشارك لأحقق حلم كاتبتك الصغيرة ….
رفع رأسه بصورة سريعة موجهاً أنظاره الغاضبة إليها وبنبرة صراخ مفزعة :
لستُ أراكِ ككككاتتبة أبداً !! وأظن أن حيطان حجرتك أجدر بملئها بما تحبين
ولا تنسين أنكِ أنثى وإياكِ إعادة هذا الحديث الفظ على مسمعي !!
بالرغم من أن جنى اعتادت على رفض والدها لجميع ما تهوى واستغلال زوجته وأولادها
على مزاجه الجيد في جميع الأوقات إلى أنها صُعقت من ردة فعل والدها
وانتابتها رغبة بأن تصرخ بأعلى صوتها : أممممممممممممي أحتاجك :”(
ولكن تمالكت نفسها بأخذ شهيقٍ عميق وحاولت الحفاظ على هدوئها
تدخلت زوجة والدها بكلماتٍ قاسية كما اعتادت جنى على ذلك
: لو كان والدك يرى بأنك كاتبة لما وقف في طريقك
– ولكن .. بإذن خالقي أني سأكون كذلك *قالتها وصوتها يرتجف من بكاءٍ عالقٍ في حنجرتها*
: وربك ماذا يريدون بفتاة بلهاء تعبأ أوراقها بأحاديث وكلماتٍ عن والدتها التي
ذهبت ولم تترك خلفها سواك ! لم تترك أي شيء يُذكررر !!!
*ضحك أولادها وابتسمت هي ابتسامة انتصار حينما رأت جنى تستسلم من هذا النقاش وتنهض*
دخلتُ حجرتي اسندت رأسي على الباب وأغمضت عيناي بشدة والدمع على وجنتاي يسيل
أخذتني الذكرى على لحظاتٍ كنت بها أغني كعصفورة حرّة في مجلس امهات وأنا
في الصف الرابع الإبتدائي .. كانت أمي تراني وتحييني وتصفق لي بحرارة ويزداد صوتي شجناً في الغناء
.
– أمي يا لحناً أعشقه ونشيداً دوماً أنشدهُ
في كل مقامٍ أذكره وأظلّ أظلّ أردده
أمي يا روحي وحياتي يا بهجة نفسي ومناتي
أنسي في الحاضر والآتي أنسي في الحاضر والآتي
الله تعالى أوصاني في الجهر ووقت الإعلان
بالبر لك والإحسان ، بالبر لك والإحسان
اسمك منقوش في القلب حبك يهديني في دربي
ودعائي يحفظك ربي ، ودعائي يحفظك ربي
سقطت أرضاً أضم قدماي واسند رأسي عليها وانفجرت باكية على أسى هذه الذكرى
إهه يا أمي يا بسمة حياتي يا نور عيني ومهجة قلبي انفطر قلبي عليكِ شوقاً
– ودعائي يحفظكِ ربي ، ودعائي يحفظكِ ربي – قد صار يا فقيدة قلبي أن يرحمكِ ربي ،
أجهشت بككككاءً يا أمي ها هو أبي وزوجته يدفنان حلمي اهه كم اشتاقك ، افتقدك ، فراغك مؤلم يا جنتي ياليتك بقيتي أو مت معكِ ‘(
حاول والدي فتح الباب فنهضت مبتعده عنه ، دخل ملقياً علي كلماته توبيخاً وتحذيراً لي
: ابعدي عن رأسك تلك المسابقة الساذجة والتفاهات وإلا ستنالي مالا يرضيك !
خرج وأغلق الباب بشدة خلفه واكتفيت بتنهيدة كانت مكبوتة ومحتواها صبرٍ طويل وحلمٍ جميل اُغلق عليه الستار ..
مرّ شهر من إعلان المسابقة واليوم هو موعد تسليم المواهب وتسجيلها ، ثم إرسالها إلى الإدارة العُليا لتحدد مراكز الفائزين .
دخلت جنى مدرستها حاملة على اكتافها من البؤس مالا يوصف
جلست وحيدة بعيداً عن صخب الطالبات وحديث الجميع الذي يدور حول المسابقة
وماذا أعدّت كل موهوبة من اعمال
" فاخرجت دفتراً وقلم وبدأت تكتب بصمت " ..
تم إستلام جميع المواهب ، همّه عالية لدى الجميع وفرح يطغى على الطالبات
التنافس بينهم لا حدود له الكل يرغب بالحصول على أعلى مركز ..
انتهى اليوم الدراسي وخرجت جنى الوحيدة التي لا حيلة لها بأن تقدم شيء
قطعت الشارع متوجهه للحافلة
بدأت أرى الحافلة هُنا وهناك ؟ ماذا يجري الصورة مشوّشه الأصوات لا أملك القدرة على تمييزها
حتى الحافلة أصبحت أراها بأماكن عديدة ولا استطيع معرفة مكانها الحقيقي قدماي تعجزان عن حملي
أشعر بأن اثقال العالم كلها اجتمعت على كتفي أمشي خطواتٍ بطيئة وانا اتمايل يميناً وشمالاً حتى سقطت
في وسط الطريق ك جثة هامدة وكان أخر ما سمعته صراخٌ عالي من أماكن شتى أصبحتُ طريحة فقدت وعيّي بالكامل
لا أدرك شيء قط .. لم يمضِ على سقوطها سوى ثوانٍ حتى اقتلعتها سيارة عن مكانها ..
كانت حادثة مفجعة تغير مكان جنى من شدة الإصطدام حقيبتُها في موضع وحذائها في اخر نزل راكب السيارة
والهول والفزع واضحٌ على شكله بدأ بضرب رأسه عرروق يديه ورقبته وجبينه بارزة من شديد الذعر لا كلمة تصف منظرهه
جلس على ركبتيه يجهش باكياً ويردد يا الله يا الله
والإزدحام يزداد شيئاً ف شيء ، بكاء الطالبات وفزعهم صراخ وإغماءات من روعة المنظر ورهبته والطريق ملطخ بالدماء
*هه رُبما أموت ف أذهب عندك يا الله ف أنت أحن وأقرب ، رُبما أكون قريبة منكِ يا أمي وألحق بكِ هكذا باكراً
وقد يكون حظي اسوء من أن افارق الحياة *
قدمت الإسعاف حاملة تلك الزهرة التي كساها اللون الأحمر من كل جانب ، ضعيفة لا أملك نفعاً لنفسي ولا ضر ،
لا أستطيع فعل أدنى شيء كفتح عيناي مثلاً بئس القوة التي يتباهى بها الاخرون وهم قد يصبحون كحالي في غمضة عين ..
في قسم العناية المركزة ، مُحاطة بطاقم طبي متكامل محاولين إنقاذ حياتها
إستغرقوا ساعاتٍ طويلة وبعد إجراء الفحص السريري وتخطيط الكهرباء وجميع العمليات اللازمة ،
تم تشخيص الحالة والتأكد منها .
في الخارج والدها والعرق يتصبب منه والتوتر طاغي عليه
: رباه أنقذ بنتي ربااهه أحفظها
– ﻻ تقلق ستكون بخير هدأ من روعك قليلاً – ناولته زوجته كوباً من الماء –
وفي تلك اللحظة خرج الطبيب وعلى وجهه ملامح التعب
: ماذا يا دكتور ماذا حلّ بأبنتي !!
– حالتها حرجة لكن نحمد الله انها لازالت على قيد الحياة
: وماذا عن وضعها الان ؟
– سيئ ، سيئ جداً ..
: تكلم يا دكتور هبط الضغط لدّي ذعراً ؟
– موته دماغية بسبب النزيف الذي حلّ بها .. كان الله بعون الجميع
مضى الطبيب وترك خلفه حسرة في قلبان ، يا ليت النّدم شخصاً لأقتله
بكاء ، بكاء ، ندم ، يوم لا ينفع لا دمعَ ولا ندم ~
*ها أنا طريحة الفراش الأبيض اعيش على الأجهزة فقدت كامل وظائفي لا صوت لا نظرة ولا حراك ،
بإختصار أنا ميتة ولكن روحي لم تخرج مني ، ولا سلطة لي على نفسي ابداً ، مُحال أن اعود إلى الحياة إلا إن شاء الله ،
أفتقد عمل أعضائي واحداً تلو الاخر ، تبرعت عائلتي بالكلى والكبد وانتزعوها مني لإنقاذ حياة أشخاص اخرين قبل أن تتلف
في جسدي وتفقد وظائفها ؛ أما أنا ف سأبقى هكذا حتى ينتهي بي المسار ليقبض ملك الموت روحي ف ارحل .. *
قيل أن اخر ما وجودوه لي هذه الورقة كتبتها قبل حدوث الحادثة بساعات
حينما دخلت المدرسة في يوم إستلام اعمال الموهوبات :
هَا أنا بعد طول انتظار أقف امام المصعد الذي كان على الأرجح سيأخذني إلى الأعلى ، ها هو البناء الحصين
الذي شيدته بيداي حتى اقتربت من القمة كان واجباً علي إسقاطه ، هو حلم قلبي وبيدي دفنته ولكن لا زال في قلبي !
من المؤلم أن يموت الشخص الذي عاش بصورة التفاؤل في عيني ، ويموت شعور إنسانٍ حي كان بمثابة الأمل ،
وأن يُشاركني حياتي إنسان على هيئة إحباط .
فما ذنب أنوثتي تحت مسماها تُدفن أحلامي ؟
لماذا يُفرض علي كسر قلمي واقتلاع مضغة من قلبي ؟
انتِ يا أمي نقطة التحول الأولى في حياتي ف ألف آهه على فراقك ، لَما حدث هذا الظلم لو كنتي اليوم بجانبي ،
لَما سُلب عقل أبي ولَما صاروا أولاداً ليسوا أولادك يحلّون محلي وينالون
على الدلال الذي ضاع مني , ولَما نام بجوار قبرك حُلمي يا أمي .
إني يتيمة أم ، ويتيمة قلب أب ، إني يتيمة عائلة ويتيمة حلم بائسٍ وإني اليتيمةُ : اُم نفسي التي أرى حالي ويداي معقودة
كالغصن المُخضرّ أنا المملوء بالأزهار فَ قُطع. .. وأنا الماء أروي بأحرفي الظمأن ..
سَ أكتب ما حيّيت لكن دون حقوق ف حقي فالكتابة قد سُلب منّي .. – فقط –
أمي لم يتبقى إلا القليل لنجتمع ..
اُعلن إسمي كفائزة بالمركز الأول ، وقد جمع والدي ما لدي من كتابات
وقام بعرضها وتم ترشيحي ك مُمثلة للمنطقة
كُنت مدركة أني سأكون يوماً عظيمة ويرى الجميع عظمتي ولكن لم اتوقع أن يراها الجميع ! سِواي .
.
.
.
نامت اجزائي على قيد الحياة : بقلم #رهف_السليم
يعطيگ العافيةة
يا مبدعه
يعطيگ العافيةة
يا مبدعه
يعطيكي العافيه على الطرح الرائع
الله يسعدكم يارب على هذا الاطراء
الله يعافيكم
ابدااااااااااااااااااع
يعطيك الف عافيهه
طرح في قمة الروعه
يعطيك العافيه وما قصرتي
أشكرك
اعجبني كثيراً
تقبلي مروري / محمود
دمتي بود
قصه جمييله ومؤثره ، ابدعتي اختي
وياريت نشوف لج ابداعات ثانيه
يعطيج العافيه