تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » النعمة و البلاء

النعمة و البلاء 2024.

يريد الله منا صيانة لأجهزة الإنسانية ألا نأسى على ما فات , فقال ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) أعطني إنسانا لا يحزن على شئ فات , ولا يفرح بما أعطاه الله له , هذا إنسان مستقيم التكوين , الذي مضى لا يأخذ منه , و الخير الذي ينهال عليه لا يأخذ منه , لأنه لا يعرف أن ما أتاه هو خير أو شر . يطلب مالا أو غيره فيُعطاهُ , ولا يعرف إن كان خيرا أو شرا . فالذي فات لا يرد , و الأسى هنا أضعف طاقتك عن تحمل أعباء الحياة . هذه مصيبة أخرى , ولكن الله يريد أن يعلمك أن ما انتهى فقد انتهى , فلا تفكر فيه , لأنه يضعف طاقتك في الحياة .

بهذا المنهج يرشد الله الناس إلى طريقة استقبال الحياة , واستقبال الحياة أمر طبيعي لوجود الإنسان في مقر يضم المستقيم على المنهج و المنحرف عن المنهج إذن فوجود الأحداث
أمر طبيعي , وما دام وجود الأحداث أمراً طبيعياً فلابد من المناعة ضد الأحداث , الأحداث التي تأتي للإنسان ضرورية , ما دام الإنسان متغيرا ويتعامل مع عالم متغير أيضا فيجب
أن يوطن نفسه على وجود الإحداث . يقول الحق : لا تعش في الحدث غير زمنه , اذا انتهى زمنه يجب أن ينتهي شغلك به إلا أن تأخذ منه العبرة فيما يأتي . أما أن يكون الحدث مثبطا لك ومضعفا لطاقتك فاعلم أنك الذي أردت إحياء الحدث من الماضي إلى المستقبل , وليس ذلك من العقل .
ويجب أن توطن نفسك على أن الأشياء التي تأتيك وإن كانت تعجبك فاستقبلها كنعمة من الله بالحمد , وإياك أن تفرح بها , لأن النعمة في ذاتها غير مفرحة , إلا أن توفق مصارفها
, أما النعمة في ذاتها فغير مفرحة , لأنها قد تضرك أنت وتغريك بمعاص ربما لو لم يكن عندك من المال ما يغريك عليها لم تعص , إذن لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما
أتاكم . لماذا ؟ لأنك لا تفرح بالشئ إلا إن تحققت به غاية , وغاية الشئ ليست مجرد ملكك له , لكن غايته هو صرفه فيما يحب الله . فلا تفرح . الفرح يجب أن يؤجل إلى أن تعرف مصير النعمة التي أعطاك الله إياها , اوفقت في أداء حقها عليك أو لم توفق . ولذلك يأتي الحق ليشرح لنا هذه القضية التي يتوقف عليها مدار حركة الكون والآمال . قال الله تعالى : ( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربهُ فأكرمه و نعمه فيقول ربي أكرمن ) هذا في ظاهر الأمر مقبول ( و أما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن ) هذا ما يقوله الإنسان . فهل صوب الله منطق الإنسان ؟ منطق الإنسان في الأولى و منطق الإنسان في الثانية أم خطأه ؟

قال الله : (( كلا )) يعني : لا منطقه في الأولى صحيح , ولا في الثانية صحيح .

كيف ؟ النعمة لا يفرح بإتيانها , إنما يفرح بمصرفها ( بل لا تكرمون اليتيم ) ومادمت لا تكرم اليتيم يا من أعطيت النعمة فالنعمة حجة عليك أنت دخلت في امتحان صعب وسقطت فيه . ليس الإكرام في الإيتاء , لكن في صحة الإنفاق ( ولا تحاضون على طعام المسكين ) وحتى حث الغير على طعام المسكين لا تصنعه ( وتأكلون التراث أكلا لمّا وتحبون المال حبا جما ) إذن إيتاء النعمة إكرام أو وسيلة إهانة ؟ قد يكون وسيلة إهانة , تعرضت للإيتاء دون الإعطاء .

والحق صنف الخلق أصنافا : المبغوضون درجات , و المحجوبون درجات , فقال ما معناه (( احب ثلاثا وحبي لثلاث أشد : أحب الغني الكريم , و الفقير الكريم أشد , و أحب الفقيرالمتواضع , و الغني المتواضع أشد )) لأن عنده أسباب الكبر (( وأحب الشيخ الطائع , و الشاب الطائع أشد )) مقومات المعصية موجودة عنده ولا يستعملها (( وأبغض ثلاثا وبغضي لثلاث أشد : أبغض الغنى المتكبر و الفقير المتكبر أشد , وأبغض الفقير البخيل , و الغني البخيل أشد , و أبغض الشاب العاصي , و الشيخ العاصي أشد ))

فإن كنت في مجتمع غنية كريم , وفقيرة متواضع , وشبابه طائع , فتلك هي المدينة الفاضلة بحق , هي النعمة . و الدون و الحضيض هو المقابل : فقيرة متكبر و غنية بخيل ,وشبابة عاص . فحركة الحياة حينما يقول الله ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) تعني أن الأتيان قد يكون فتنة لك , لأنك لا تؤذي حق الله , فتكون النعمة حجة عليك . واذا كنت تأسى على ما فات , أي تشغل نفسك بما لا يجدى . نقول : ليتك شغت نفسك بما يجدي . ولو أشتغلت بما لا يجدي تكون ضيعت الطاقة التي تستقبل بها التعويض عن الحدث الفائت . احذر أن يتركب في نفسك أن الحدث هو الذي صنع لك كل بؤس في الحياة , والحقيقة أن الهم يأتي من شئ مؤخر , ولكنك لا تعرف مصدرة , فلا قوة لك على دفعه , وهذا هو أشد ما يتفك بالنفس الإنسانية : أن يستولى عليك أمر لا تعرف مصدره أو تعرفه ولا قوة لك على دفعه . هذا هو الهم المعقد .

الشيخ محمد متولي الشعراوي

جميل هو نقــلُك

فــ فيَّ هذا العالم المتغير يجب نهذب النفس على التعامل مع الأحداث
المتغيرة وندرك نعمة الفرح وحكمتها لــنا..

،،

بارك الله فيك

وجعله ب ميزان حسناتك

جميل ما اخترت لنا

بارك الله فيك

طرح قيم وجميل

جزيل الشكر

سلمت أناملك

طرح قيم
جزاك الله الجنه ووالديك
بارك الله فيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.