تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » التوكل على الله

التوكل على الله

غرام

(وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)

التوكل على الله و تفويض الأمر إليه سبحانه و تعلق القلوب به جل و علا من أعظم الأسباب التي يتحقق بها المطلوب و يندفع بها المكروه وتقضى بها الحاجات
و كلما تمكنت معاني التوكل من القلوب تحقق المقصود أتم تحقيق
والتوكل سمة بارزة في حياة الأنبياء – عليهم الصلاة السلام –

ومن ذلك قصة نبي الله موسى – عليه السلام – لما توجه تلقاء مدين ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ )
فقد أوقع حاجته بالله فما شقي ولا خاب
و تذكر كتب التفسير أنه كان ضاوياً خاوي البطن لم يذق طعاماً منذ ثلاث ليال و حاجة الإنسان لا تقتصر على الطعام فحسب
فلما أظهر فقره لله و لجأ إليه سبحانه بالدعاء
و علق قلبه به جل في علاه ما تخلفت الإجابة
يقول تعالى ( فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ ) وكان هذا الزواج المبارك من ابنة شعيب

والأخذ بالأسباب هو هدى سيد المتوكلين على الله – صلوات الله و سلامه عليه – في يوم الهجرة عندما قال أبو بكر – رضي الله عنه – لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآنا
فقال له النبي صلى الله عليه و سلم " ما بالك باثنين الله ثالثهما لا تحزن إن الله معنا "
و هذا الذي عناه سبحانه بقوله ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا )
كما أن التوكل من أعظم العبادات من جهة توثق صلته بتوحيد الرب سبحانه
يقول تعالى (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ) ومن ذلك قوله سبحانه (وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) وقوله عز وجل (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
وقوله تعالى (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ )
وقوله جل وعلا (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )وقوله عز وجل (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)
وقال سبحانه واصفاً عباده المؤمنين في معرض الثناء والمدح (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )
وهو صفه من صفات الإيمان قال تعالى ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوء و اتبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم )
و في الحديث " لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً و تروح بطاناً " رواه أحمد و الترمذي
قال الحافظ ابن رجب رحمه اللّه(هذا الحديث أصلٌ في التوكل، وأنه من أعظم الأسباب التي يُستجلب بها الرزق)
و كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم " اللهم أسلمت وجهي إليك و فوضت أمري إليك و ألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك رواه البخاري و مسلم
و كان يقول " اللهم لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت و إليك أنبت و بك خاصمت ، اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني ، أنت الحي الذي لا يموت و الجن و الإنس يموتون ". رواه مسلم
و كان لا يتطير من شئ صلوات الله و سلامه عليه

لذا يجب على المسلم أن يتوكل على الله تعالى ويجعل قلبه معلقا بخالقه في كافة أموره
ومن ذلك عليه أن يأخذ بأسباب طلب الرزق
فيخرج ويسعى ويعمل
فيغنيه الله تعالى من فضله ويعفه عن سؤال الناس

غرام

والمقصود بقوله صلى اللّه عليه وسلم(لرزقكم كما يرزق الطير…..)

ط·ط›ط·آ±ط·آ§ط¸â€¦
معناه أنها تذهب أول النهار خماصاً

ط·ط›ط·آ±ط·آ§ط¸â€¦

أي ضامرة البطون من الجوع

وتتجه إلى غير وجهة محددة

ط·ط›ط·آ±ط·آ§ط¸â€¦

تطير وتبحث وتسعى ثم ترجع آخر النهار بطاناً أي ممتلئة البطون.

ومسألة الرزق والبحث عن لقمة العيش من الهموم التي تسيطر على كثير من الناس
فترى بعض الناس قد تغرب عن أهله ووطنه
وآخرين قد ظهر على وجوههم التعب والإجهاد من آثار السعي في جمع المال
وعلى صعيد آخر يعيش مجموعات من الموظفين والعمال تحت رحمة أرباب الأعمال والكفلاء فترى الواحد منهم يعصره همه الخصومات من مرتبه فنهاره يترقب القرارات الصادرة من رئيسه التي تتعلق به وبراتبه وفي الليل تسيطر عليه كوابيس شتى فهو يعيش في رق الوظيفة ليله ونهاره

غرام

وشرع الله لا يهمل مسألة الرزق وكسب العيش بل إن التمسك بشرع الله حقاً من أعظم أسباب الرزق وذلك أن تعمل بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والتوكل على الله حق التوكل وذلك بأن يعتمد القلب على الله وحده فتُظهِر عجزك واعتمادك على خالقك

والرزق في الدنيا والسعي فيها أمر يحرص عليه كل مسلم بلا استثناء
ولا شك بأن العاقل هو من يسلك الأسباب الشرعية والتي هي من أسباب الرزق

ومن ذلك فإن أعظم أسباب الرزق
التوبة إلى الله والرجوع إليه واستغفاره قال الله تعالى (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً )
وقد شكى رجل إلى الحسن البصري شدة الجدب ونقص الماء فقال له استغفر الله
وشكى آخر الفقر فقال له استغفر الله. .
وقال ثالث : يا أبا سعيد أدعوا الله أن يرزقني الولد فإني عقيم فقال له استغفر الله. .
وشكى رابع جفاف بستانه فقال له استغفر الله. .
فقال أحد الجالسين أتاك رجالاً يشكون أنواعاً فأمرتهم جميعاً بالاستغفار
فقال الحسن رحمه الله إن الله تعالى يقول (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ).
وممن تفطن لثمرة الاستغفار وأنه من أسباب الرزق نبي الله هود عليه السلام حيث قال (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين )
فإذا ما استغفرتم ولم تجدوا نتيجة فاعلموا أن الخلل فيكم أنتم لا في غيركم وأن استغفاركم لم يتجاوز اللسان فابحثوا في حالكم وفتشوا في أنفسكم لعلكم واقعون في ذنب عظيم حرمكم الله بسببه أثر الاستغفار.

ومن أسباب الرزق بل ومن أعظم أسباب الرزق الشرعية
تقوى الله عز وجل في السر والعلن والخوف منه وامتثال أمره واجتناب نهيه والبعد عن المعاصي قال الله تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) قال ابن كثير رحمه الله أي ومن يتق الله فيما أمره به وترك ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، أي من جهةٍ لا يخطر بباله.
وقال تبارك وتعالى (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) إنه ليس رزقاً بسيطاً تحصل به الكفاية كلا لكنه فتح من الأرض وفتح من السماء ولو فتح الله باب السماء للعبد والمجتمع والأمة فمن الذي سيمنعه أو يوقفه أو حتى ينقصه ويقلله
فلماذا نخاف من أزمات اقتصادية وبين أيدينا هذه الآيات الواضحات البينات

ومن الأسباب المؤدية إلى كثرة المال والرزق في الدنيا صلة الرحم.
نعم صلة الرحم. والمقصود بالرحم هم الأقارب وهم كل من بينك وبينهم نسب من جهة الولادة سواءً كان ذلك من طريق الأب أو الأم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه)) رواه البخاري
لعلكم تستغربون إذا وجدتم بعض الناس قد فتح الله لهم أبواب تلو أبواب من الرزق وهم قليلو النشاط وضعيفو الخبرة قياساً بغيرهم من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة
ولكنكم إذا فتشتم عن حالهم وجدتوهم ممن يصل رحمه
بل إن بعض العصاة والفساق والفجرة قد تنمو أموالهم بسبب صلة الرحم
فعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة له من قطعية الرحم والخيانة والكذب وإن أعجل الطاعة ثوابا صلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا)) رواه ابن حبان في صحيحه بسند جيد

ومن أسباب فتح أبواب الرزق الإنفاق في سبيل الله.
فمتى ما أنفقت من مالك كان ذلك سبباً لكثرته وهذه قاعدة صحيحة في باب الرزق كلما أخرجت زاد المال لا كما يظن الماديون أنهم ينقص إذا أخرج زكاته أو تصدق قال الله تعالى (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية أي مهما أنفقتم من شيء مما أمركم الله به وأباحه لكم فهو يخلفكم ويخلفه عليكم في الدنيا بالبدل وفي الآخرة بالجزاء والثواب
وفي حديث أبو هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ((ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدها: أللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفا)) رواه البخاري

ومن الأسباب الشرعية لكسب الرزق في الدنيا
التعبد الحق لله عز وجل وذلك أن تعبد الله بقلب فارغ عما سواه، لا تعبد ربك وأنت تفكر في غيره
وأيضاً من الأسباب في زيادة الرزق في الدنيا المتابعة بين الحج والعمرة
وذلك بزيارة البيت الحرام كلما سنحت الفرصة سواء كان ذلك لحج أو عمرة وهذا أمر قد لا يتفطن له كثيرون أنهم إذا ذهبوا إلى الحج والعمرة كان ذلك سبباً بإذن الله لزيادة الرزق والمال والله على كل شيء قدير وفضله واسع

وفقنا اللّه لهداه ورزقنا صدق التوكل عليه وحسن الإنابة إليه
وصلى اللّه على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

[/COLOR][/SIZE][/CENTER][/B][/QUOTE]

..

[poem font="Simplified Arabic,4,,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
سهرت أعين ونامت عيون= في أمور تكون أو لا تكون
فادرأ الهم ما استطعت عن النفس= فحملانك الهموم جنون
إن ربا كفاك بالأمس ما كان= سيكفيك في غد ما يكون[/poem]

يعطيك ربي العافيه
الله يجزاك الخير

..

الله يعطيك العافيه ..

على المرور و الاضافه الرائعه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.