تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » اسرار جماليه في القران الكريم

اسرار جماليه في القران الكريم 2024.

  • بواسطة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

القرآن الكريم بليغ كأرقى ما تكون البلاغة وهذه مَيزةٌ غاية في السمو وخِصِّيصةٌ في منتهى الجلالة فإن اجمل القصائد والمقطوعات الأدبية لوقرأتها مرة ومرتين وخمسا وعشرا لمللتها ثم كانت قراءتها بعد ذلك ضربا من العذاب فالملل أما كتاب الله تعالى فلا يمل وذلك لما فيه من الاسرار العظيمه ومن الجماليات الرائعه ماتتحير فيها العقول والافئده
وهل نعجب عندما يقول شخص كافر كالوليد بن المغيرة كلام في حق هذا الكتاب
(والله إن له لحلاوة . وإن عليه لطلاوة . وإن أعلاه لمثمر . وإن أسفله لمغدق . وإنه ليعلو ولا يعلى عليه . وإنه ليحطم ما تحته . وما يقول هذا بشر )

وفي هذا الموضوع سيكون لنا وقفات رائعه وجميله مع اسرار جمالية في القران الكريم

في سورة الشعراء سرد الله قصص الاقوام السابقه متتالية ابتداء بقصة موسى ثم إبراهيم ثم نوح ثم هود ثم صالح ثم لوط وحتى قصة شعيب عليهم صلوات الله وسلامه
وفي مطلع كل قصة نجد هذا المطلع المعجز المتشابه في لفظه

(كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ)

(كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ)

(كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ)

(كذبت قوم لوط الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ)

ولكن في ذكر قصة شعيب عليه السلام مع قومه اختلفت الايه

(كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ)

فلماذا لم يقل الله تعالى "أخوهم شعيب" كما جاء في بقيت ذكره عزوجل لقصص الرسل السابقين لماذا قال شعيب؟

الجواب

لو تأملنا الايات السابقه لوجدنا ان الله عزجل يقول

(كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ ) (كَذَّبَتْ عَادٌ ) ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ ) ( كذبت قوم لوط )

فقد كان يأتي على ذكر الاقوام دون ذكر معصيتهم لذلك جاء لفظه ( اخوهم ) فأثبت بذلك اخوتهم لانهم اخوان في النسب ولكن عندما ذكر قصة قوم شعيب قال ( كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ ) اي نسبوا الى معصيتهم وذنبهم وشركهم وهي عبادتهم للايكه
والأيكة هي شجرة كانوا يعبدونها من دون الله وَقِيلَ شَجَر مُلْتَفّ كَالْغَيْضَةِ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا فلذلك الله سبحانه وتعالى لم يقل أخوهم شعيب مع ان النبي شعيب من انفسهم وقومهم كما كانوا بقيت الانبياء والرسل ولكن الله عزوجل في هذه الايه نسبهم الى معصيتهم وشعيب عليه السلام ليس أخوهم في عبادة هذه الشجرة اي ليس اخوهم في الشرك فكان من الواجب نفي مبدأ التأخي هنا
في سورة هود جاء الله على ذكر قصة شعيب مع قومه في قوله (( وإلى مدين أخاهم شعيبا ))
ولكن في هذه الايه عندما لم ينسب قوم شعيب الى معصيتهم والذين هم انفسهم اصحاب الايكه اثبتت اخوة النسب كما ثبتت لبقيت الانبياء والرسل
ومن هنا نستدل على قاعده توحيديه وهي البراءة من الشرك واهل الشرك وان المسلمون متأخين فيما بينهما في حين ليس من الصحيح ان يكون الكافر اخا للمسلم ومن قال غير ذلك فقد جانب الصواب الا ان يكون التأخي في النسب او القبيله ام التأخي في الملل والدين فلا يجوز

وسر جمالي اخر جديد من اسرار كتاب الله المعجز تأمله معي
في قول الله تعالى في سورة البقرة
" وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ "

وفي سورة الأعراف
" إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ "

السؤال هنا
لماذا في سورة البقرة قال: انفجرت وفي الأعراف قال: انبجست؟
في الجواب على ذلك قولان :

– قال بعضهم كزمخشري: إن سورة الأعراف سورة مكية كانت في بداية الدعوة والإنبجاس هو بداية الظهور فلذلك قال تعالى: فانبجست،
بينما سورة البقرة سورة مدنية كانت وقت انتشار الإسلام، فلذلك قال تعالى: فانفجرت.
القول الاخر
– في سورة الأعراف قال:" إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ " اي عندما طلبوا قوم موسى من موسى اي من المخلوق الى المخلوق قال: فانبجست
وهذه إحدى العطايا، ونعمة من النعم،
لكن في سورة البقرة قال :" وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ " الطلب هنا كان من موسى الى لله عزوجل اي كان الطلب من المخلوق الى الخالق كانت الكلمة اكثر واشد قوة فذكر نعيم أعظم فقال (فَانفَجَرَتْ )
فكلمة (انفجرت) اشد قوة من (انبجست)

ومن هنا نخرج بقاعده
إذا كان السؤال من العباد فقد يأتي بالخير ولكنه ليس كعطاء رب العالمين فهو أكرم الأكرمين.
إذا أردنا أن نطلب فلنطلب من الله عز وجل، وإذا سألنا فلنسأل الله، وإذا استعنا فلنستعن بالله، فليس هناك اكرم عطائا من الله و ارحم بنا منه

قال الله تعالى في سورة المائده عن عيسى عليه السلام
" فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ "
لما قال الله تعالى على لسان عيسى عليه السلام ( توفيتني ) مع ان عيسى لم يمت بل رفعه الله اليه؟
فالجواب هو كالتالي:

قد أجاب الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله فقال ان الوفاة في اللغة العربية تحتمل3 معان :

1- توفى الشيئ بمعنى أخذه او قبضه كاملا غير منقوص
2- توفى بمعنى نام لقوله تعالى((الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها…))
3- توفى بمعنى مات
والكلام عن عيسى عليه السلام ان الله رفعه إليه نائما كاملا غير منقوص (بالروح والجسد) لقوله تعالى ((وماقتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم))
وقوله ((وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه))
وقوله ( اني متوفيك ورافع الي )

نفعنا الله واياكم بالقرآن الكريم

يقول تعالى في أظاهر احد مظاهر نعمته على عباده في الدنيا

﴿وأسقيناكم ماء فراتا﴾

في أية اخرى يصف نعيم اهل الجنه بقوله

﴿وسقاهم ربهم شرابا طهورا﴾

السؤال

لما جاءت كلمة السقيا في الايه الاولى بمعنى اسقى وفي الايه الاخرى بمعنى سقى ؟

الجواب

قد يتبادر الى الذهن ان لافرق بين الفعل اسقى وسقى ولكن الامر مخالف ذلك تماما فهناك فرق كبير بينهما

، ففعل (سقى) يستعمل فيما لا كلفة معه في السقيا، ولهذا أورده الله تعالى في شراب الجنة اذ انهم لا يتكلفون في شربه وهذا نوع من انواع نعيم الله عزوجل على عباده في الجنه ﴿وسقاهم ربهم شرابا طهورا﴾

أما فعل (أسقى) فيستعمل لما فيه كلفة، ولهذا أورده الله تعالى في شراب الدنيا لأن السقيا في الدنيا لا تخلو من الكلفة أبدا . ﴿وأسقيناكم ماء فراتا﴾
وهذه الأمثلة دليل واضح على دقة القرآن في اختيار ألفاظه وحسن انتقائها واستعمال ما هو أحق بالمعنى وأولى بالاستعمال. فلا يأتي بالألفاظ المترادفة دالا على معنى واحد، وإنما للدلالة على معان مختلفة.


إذا كان القرآن الكريم قد أولى الكلمة القرآنية عناية خاصة، فاختارها بدقة متناهية لتدل على المعنى بدقة، فإنه كذلك أولى الإيقاع الصوتي والنغمة الصوتية عناية خاصة، فاختار لكل حالة مراده ألفاظها الخاصة، التي لا يمكن أن تستبدل بغيرها. فجاء كل لفظ متناسبا مع مدلوله الصوتي من وجه، ومع صورته الذهنية من وجه آخر. فقد تعبر الكلمة بجرسها وإيقاعها عن المعنى قبل أن يوحي مدلولها اللغوي به فاستقلالية كل كلمة بحروف معينة، يكسبها صوتيا ذائقة سمعية منفردة لا تعطيه كلمة أخرى مقاربة لها في المعنى، مما يجعل كلمة دون كلمة، لها استقلاليتها الصوتية، إما في الصدى المؤثر، وإما في البعد الصوتي الخاص، وإما بتكثيف المعنى بزيادة المبنى، وإما بإقبال العاطفة، وإما بزيادة التوقع. فهي حينا تصك السمع، وحينا تهيئ النفس، وحينا تضفي صيغة التأثر فزعا من شيء، أو توجها لشيء، أو طمعا في شيء"

ولتوضيح ذلك نسرد بعض الامثله
المثال الاول

قال تعالى ﴿والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا، ولا يخفف عنهم من عذابها، كذلك نجزي كل كفور، وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل﴾

لما قال تعالى يصطرخون ولم يقل يصرخون او يصيحون ؟

– كلمة (يصطرخون)، تعني الصراخ بجهد وشدة، وقد استعملت في الاستغاثة للدلالة على جهد المستغيث بصوته وهذا يصور مدى الشده في العذاب ومدى الجهد والتعب في احتماله .

– ثم إن الذكر الحكيم لم يستعمل تلك الكلمات حفاظا على الدلالة الصوتية لكلمة (يصطرخون) فجرسها الغليظ يصور لناغلظ الصراخ المختلط، المتجاوب من كل مكان، المنبعث من حناجر مكتظة بالأصوات الخشنة، كما تلقي إليك ظل الإهمال لهذا الاصطراخ الذي لا يجد من يهتم به أو يلبيه، وتلمح من وراء ذلك كله صورة ذلك العذاب الغليظ الذي هم فيه يصطرخون

وقد تعطي بعض معناها كلمات أخرى مقابلة لها في المعنى(كيصيحون)، أو(يستغيثون) أو(يصرخون)، ولكنها لا تدل على المعنى الدقيق الذي دلت عليه كلمة (يصطرخون).

*****************************
المثال الثاني

في قوله تعالى:﴿ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون﴾

لما قال تعالى متشاكسون ولم يقل متخاصمون ؟

استعمل الذكر الحكيم ( متشاكسون) حفاظا على الدلالة الصوتية، التي جمعت في الكلمة حروف الأسنان والشفة، في الثاء والشين والسين والكاف، فأعطت هذه الحروف مجتمعة "نغما موسيقيا خاصا، حملها أكثر من معنى الخصومة والجدل والنقاش، بما أكسبها من أزيز في الأذن يبلغ السامع، إلى أن الخصام قد بلغ درجة الفورة والعنف من جهة. كما أحاطه بجرس مهموس خاص، يؤثر في الحس والوجدان من جهة أخرى

فلو استبدلنا كلمة (متشاكسون) بكلمة أخرى مقاربة لها في المعنى كـ(متخاصمون)، لضاع المعنى الدقيق الذي تدل عليه كلمة (متشاكسون)

ومن مواضع الإعجاز والجمال في تركيب الجملة القرآنية دقة القرآن في اختيار ألفاظه، ثم نظمها في نسق خاص يبلغ في الفصاحة أرقى درجاتها،
من ذلك مثلا قوله تعالى: ﴿قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين﴾
وقوله تعالى: ﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم)

دعونا نتأمل اخواني جمال هاتين الايتين
ان كلا الايتين جائتا في معنى القسم ولكنهما تختلفان من حيث سرهما الجمالي في نسق نظام القسم واليكم التوضيح
﴿قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين﴾
إنه تعالى لما أتى بأغرب ألفاظ القسم وهي (التاء)، أتى بأغرب صيغ الأفعال التي ترفع الأسماء وتنصب الأخبار وهي (تفتأ)، وبأغرب ألفاظ الهلاك و(الحرض)،
فاقتضى "حسن الوضع في النظم، أن تجاور كل لفظة بلفظة من جنسها، توخيا لحسن الجوار، ورغبة في ائتلاف المعاني بالألفاظ، ولتتعادل الألفاظ في الوضع وتتناسب في النظم"
اما في قوله تعالى ﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم﴾
فلما اتى الله عزوجل بلفظ قسم متداول كان نسق بقيت الالفاظ
على ان تكون متداولة لا غرابتة فيها

قال تعالى {ولا تجد أكثرهم شاكرين}
لما قال (ولا تجد) ولم يقل ( ولن تجد )؟
لن ولا كلاهما ادوات نفي لكن ماذا تفيد كلا منهما ؟! هنا الاختلاف
(لن) تتعلق بكل مستقبل وليس لها علاقة بالحال فهي تنفي كل الاستقبال
(لا) تفيد الحال والمستقبل
ومضمون الايه هنا يرمي الى ان الشيطان يعمل من أول يوم وأول وسوسة كانت لآدم عليه السلام .الى يومنا هذا وحتى يرث الله الارض من عليها بمعنى ان معنى الايه يشمل الحال والمستقبل لذى كانت الايه (ولا تجد أكثرهم شاكرين)

من الاسرارالجماليه الرائعه في اختيار الكلمه ودقتها في تحديد المعنى وتصويره في القران الكريم هذا المثال
قال تعالى ((فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ )) سورة الشعراء ،
لما قال عزوجل (فَكُبْكِبُوا ) ولم يقل فكبوا ؟
هذه الايه تصور حال الكافرين وهم يعذبون في النار فكان الاولى ان يأتي بكلمه تصورعظيم هول المشهد وشدة عذابهم
ولانها تدل على مضاعفة العذاب واستمراريته وعلى كثرتهم
فكانت كلمة (فكبكبوا) هي من تصور المشهد على دقته
وهذا دليل على بلاغة القران وسحر بيانه اذ ان من كلمة واحده من شأنها ان تصف الحال وتبين الغرض

ورد في القران الكريم قصة موسى في العديد من المواضع ومن بينها ذكره معجزة انقلاب العصا الى حيه
فقال { فألقاها فإذا هي حية تسعى }
ثم جاء على ذكرها في موقع قراني اخر
فقال { فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين }

السؤال
لماذا قال في الايه الاولى (حيه) وقال في الايه الثانيه (ثعبان) ؟
الجواب
الحية والثعبان كلاهما من فصيلة الزواحف
والمعلوم ان الثعبان هو الحيه العظيمه لكبر حجمها وطولها وخطورتها وعلى ذلك فأن الانسان يفزع ويخاف من الثعبان اكثر من خوفه من الحية
وكان التفريق في التسميه بحسب الحال الذي اراده الله
ففي الآية الأولى { فألقاها فإذا هي حية تسعى }
كانت إرادة الله أن يرى موسى المعجزة بان تنقلب عصاه إلى حية ولم يكن المقصود بان يخاف ويفزع

أما الآية الأخرى { فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين }
لما طلب فرعون رؤية المعجزة قلب الله عصا موسى ثعبانا مبينا ومنه كان القصد إخافة فرعون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.