الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، يقودون الأمم والشعوب الإسلامية بسياساتهم الجائرة إلى كوارث ونوائب لا طاقة لهم بها، وهم فوق ذلك كالسوس الناخر في عظامها، يلطخون حاضرها، ويشوهون ماضيها، ويغيِّرون هويتها حتى تسقط عند الله، فتجري عليهم السنن الجارية على المعرضين. إنهم يد مع الأعداء عليها في الوقت الذي يدَّعون فيه الدفاع والذود عنها، وهم ومن حولهم من عصابات النفاق والردة مسؤولون عن الهزائم المتتالية التي لا تكاد الشعوب الإسلامية في المشارق والمغارب تخرج عنها إلا إلى المزيد منها. حتى أصبح كيان الأمة كلها هزيلاً لا يُسمع له صوت، ولا تُحترم له كلمة، ولا يُصان له حق، وصار هؤلاء في الداخل عوناً لأعداء الأمة في الخارج، يفتحون أبواب حصونها أمامهم ويكشفون قلاعها أمام زحفهم، كل هذا والأمة مخدرة بدعوى حماية الدين في الوقت الذي يذبحون فيه حكمه ويبدلون شرعه.
ولقد جنت الأمة في العصور الأخيرة ثماراً مُرة من جراء هذه السياسات الخائنة لله ولرسوله وللمؤمنين.
وعلى الأمة أن تتنبه لما يُراد لها، وأن تستقرئ كتاب ربها فإنه ينبه ويحذر من شر النفاق والمنافقين. قال تعالى: [ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ] [المنافقون 4]. وقد فضح خباياهم الخبيثة فقال: [ وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ] [آل عمران 118]. فالمنافقون والمرتدون، هم القنطرة التي تعبر من فوقها كل مخططات الأعداء إلى داخل الأمة.
وباستقراء آيات القرآن تنكشف تفصيلات من تلك الآثار التي يجلبها الحكم بغير ما أنزل الله… فمن ذلك:
1- تسهيل مهمة أعداء الإسلام:
ففي ظل الحكم بغير ما أنزل الله، لا تعد موالاة الكفار محرمة بل تعتبر مرغوباً فيها مدفوعاً إليها، بحكم الرغبة أو الرهبة. والله تعالى بعد أن أمر نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) -والمؤمنين من ورائه- بالحكم والتحاكم إلى ما أنزل الله، حذر من موالاة الأعداء من اليهود والنصارى الذين يؤازرون المنافقين أولياءهم ليتآمر الجميع ضد هذه الشريعة ليفتنوا الناس عنها.
فقال تعالى: [ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ، أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ، يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ] [المائدة 49-52].
فإذا كان المنافقون الكارهون لشريعة الله يسارعون إلى الأعداء في حال استضعاف النفاق وخفوته، فكيف بهم، إذا توسدوا الأمور، وارتكبوا الكراسي، إنهم وقتها لن يقصروا في تقديم كل معونة في تسهيل خطط الأعداء التي عجزوا عن تنفيذها بأنفسهم، يقول سيد قطب، رحمه الله،: «أحسب والله أعلم، أن اليهود الصهيونيين والنصارى الصليبيين كليهما، قد يئسوا من هذا الدين في المنطقة الإسلامية الواسعة، في أفريقيا وآسيا وأوروبا، كذلك يئسوا أن يحولوا الناس فيها إلى الإلحاد عن طريق المذاهب المادية، كما يئسوا كذلك من تحويلهم إلى ديانات أخرى عن طريق التبشير أو الاستعمار.
ذلك أن الفطرة البشرية ذاتها تنفر من الإلحاد وترفضه، حتى بين الوثنيين فضلاً عن المسلمين، وأن الديانات الأخرى لا تجرؤ على اقتحام قلب عرف الإسلام أو حتى ورث الإسلام. وأحسب -والله أعلم- أنه كان من ثمرة اليأس من هذا الدين أن عدل اليهود الصهيونيون والنصارى الصليبيون عن مواجهة الإسلام جهرة عن طريق الشيوعية، أو عن طريق التبشير، فعدلوا إلى طرائق أخبث وإلى حبائل أمكر، لجأوا إلى إقامة أنظمة وأوضاع تتزيا بزي الإسلام، وتتمسح في العقيدة، ولا تنكر الدين جملة… ثم هي تحت هذا الستار الخادع تنفذ جميع المشروعات التي أشارت بها مؤتمرات التبشير. وبروتوكولات صهيون، ثم عجزت عن تنفيذها كلها في المدى الطويل.
إن هذه الأنظمة والأوضاع ترفع راية الإسلام، أو على الأقل تعلن احترامها للدين، بينما هي تحكم بغير ما أنزل الله، وتقصي شريعة الله عن الحياة، وتحل ما حرم الله، وتنشر تصورات وقيماً مادية عن الحياة والأخلاق تدمر التصورات والقيم الإسلامية، وتسلط جميع أجهزة التوجيه والإعلام لتدمير القيم الإسلامية، وسحق التصورات والاتجاهات الدينية، وتنفيذ ما نصت عليه مؤتمرات المبشرين وبروتوكولات الصهيونية».
ولا شك أن تسهيل مهام الأعداء وأهدافهم في بلاد المسلمين، لن يجد مناخاً أيسر ولا أنسب من المناخ الذي يسيطر فيه المبدلون للشريعة على مقدرات الأمة، فيقتلون فيها كل روح تنـزع إلى المقاومة أو الخروج من رسف الأغلال.
منقول مع التحيه
وجزاك الله جنة الفردوس
جزآكـ الله كل خير
واثقل به ميزان حسناتكـ
واثابكـ بما نقلت هنا
ننتظر جديدكـ
جَزٍآكٍْ ـآلٍلٍهـ كُلٍّ خَيّرٍْ ..
وٍ أسٍْــألٍُ آلعٍلٍيٍّ آلقٍدٍيرٍْ أنٍّ يجْعَلهـ فٍيّ مِيزٍآنٍّ حسَنَآإتِكٍْ ..
بَآرٍكٍْ آلٍلٍهـ فٍيٍكٍْ ..
..
ج ـزاك الله خ ـير
و ج ـعله الله في ميزان ح ـسناتك اللهم آم ـين