أسباب الفتور بالنسبه للصيام المؤدي إلى الانقطاع…و العلاج
اخواتي في الله طبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبوئتم جميعا من الجنة منزلة..
أحببت اتكلم معكم في موضوع خطير اليوم ألا وهو
الفتور الذي نصاب به بعد الاجتهاد في الطاعات وخصوصا الصيام …لأنه من أكثر الأعمال التطوعية التي تحتاج عزيمة ومثابرة لتعودي جسدك عليه …وايضا تعويد النفس علي عدم التعلق بشهوة الطعام
و الشراب أو أي شهوة أخرى فتعالو معا اخواتي في الله لنعرف ما هي الأسباب وطرق العلاج للفتور ليس فقط بالنسبه للصيام ولكن بالنسبه لكل الطاعات بشكل عام وربي يحفظكم ويثبتكم يارب ….
السبب الأول : عدم تعهد العبد إيمانه من حينٍ لآخر
من حيث الزيادة أو النقص ، فبدون مراجعة الإنسان نفسه مع حال إيمانه ، تتكالب عليه أسباب الفتور من كل جانب ، ولذا فإنه يجب على المؤمن إذا رأى في إيمانه قصورًا ، أو شعر بشيءٍ من مظاهر الفتور ، أن يتزود من أسباب الإيمان ، وينهل من معينه .
كان عمريقول لأصحابه : ( هلموا نزدد إيمانًا ، فيذكرون الله ) .
وكان ابن مسعود يقول في دعائه : ( اللهم زدنا إيمانًا ويقينًا وفقها ) .
وكان معاذ بن جبل يقول للرجل : ( اجلس بنا نؤمن ساعة ) .
2) الجهل بما أعده الله تعالى للمتقين في الجنة :
أونسيانه ، أو عدم مذاكرته بين الحين والآخر ، فإذا ما وقع الإنسان في شيء من هذا ، فتر عن العبادة ، وتكاسل عنها ؛ لأنه فطر على التعلق بالشكر ، وطلب الجائزة على المعروف ، وقد هيأ الله ذلك لعباده إلى حدٍ لا تتصوره أذهانهم ، ولا يخطر على بالهم
قال تعالى ( هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ(49)جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الْأَبْوَابُ(50)مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ(51)وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ
(52)هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ(53)إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ) سورة ص.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( قَالَ اللَّهُ : أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) رواه البخاري .
آخر من يدخل الجنة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط فهو يمشي مرة و يكبو مرة و تسفعه النار مرة فإذا جاوزها التفت إليها
فقال : تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين و الآخرين فترفع له شجرة فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها و أشرب من مائها
فيقول الله يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها ؟
فيقول لا يا رب و يعاهده أن لا يسأله غيرها و ربه يعذره ، لأنه يرى ما لا صبر له عليه ، فيدنيه منها فيستظل بظلها و يشرب من مائها
ثم ترفع له شجرة أخرى هي أحسن من الأولى فيقول : أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها و أستظل بظلها لا أسألك غيرها فيقول يا ابن آدم ألم تعاهدني ألا تسألني غيرها ؟ فيقول لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها ؟
فيعاهده أن لا يسأله غيرها و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها و يشرب من مائها ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة و هي أحسن من الأوليين فيقول أي رب أدنني من هذه فلأستظل بظلها و أشرب من مائها لا أسألك غيرها
فيقول يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ؟
قال بلى يا رب أدنني من هذه لا أسألك غيرها و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة
فيقول: أي رب أدخلنيها فيقول: يا ابن آدم ما يعريني منك ؟
أيرضيك أن أعطيك الدنيا و مثلها معها ؟
فيقول: أي رب أتستهزئ مني و أنت رب العالمين ؟
فيقول: إني لا أستهزئ منك و لكني على ما أشاء قادر
رواه الإمام أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه
3) الانبهار بالدنيا وزينتها
والاغترار بنعمها الزائلة ، وإن للدنيا من الفتنة العظيمة ما يتغيّر به حال العباد من الثبات إلى الفتور ، ومن القوة إلى الضعف ، من هنا حذّر خالقها سبحانه من الاغترار بها فقال : ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) .
يقول الحسن البصري : والذي نفسي بيده ، لقد أدركت أقوامًا كانت الدنيا أهون عليهم من التراب الذي يمشون عليه .
4) طول الأمل
وهذا هو قاتل الهمم ، ومفتر القوى ، ويكفي طول الأمل مذمة الله له ، حيث قال في كتابه : ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) .
تـزود مـن التقـوى فـإنك لا تدري إذا جـن ليـل هـل تعيش إلى الفجر
فكـم مـن صحيح مات من غير علة وكـم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكـم مـن فتـى يمسي ويصبح آمنا وقـد نسـجت أكفانـه وهو لا يدري
5) الرفقة السيئة
فكلما حدثته نفسه بالعودة إلى الثبات ، والعزيمة على الرشد ، فتنته هذه الرفقة بعرض جديد من ألوان الهوى ، وصور الفساد والخنا ، فتراه يتوهم السعادة في مجالستهم ، والسهر معهم وسوف يوفي الله تعالى المغتر برفقة السوء حسابه ، ويريه كيف تكون الحسرة ، فإن كان المتحسر في الدنيا يعض على إصبع واحد حسرة وندامة ، فلسوف يعض على كلتا يديه فجيعة وقهرًا .
وقد صور الله تعالى هذه الحسرة فقال : ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا(27)يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا(28)لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ) الفرقان .
6) الانفراد والعزلة
ففي زمن كثرت فيه المغريات ، وتنوعت فيه وسائل الشهوات ، وسهلت فيه الخلوة بما حرم من المثيرات ، أصبحت العزلة وسيلة إلى الفتور ، وطريقًا إلى الضعف ؛ لأن المسلم حينما ينفرد لا يعرف صوابه من خطئه ، ولا قوته من ضعفه ، فتراه يسير متخبطًا في عمى ، بلا دليل يدل ، ولا حكيم يرشد ،فيجتمع عليه نفسه الأمارة بالسوء والشيطان الداعي إلى الضلالة فيسهل قياده من الشيطان ، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية .
من هنا : جاءت التعليمات النبوية بالأمر بالتمسك بالجماعة ، والتحذير من الفرقة والاختلاف ، لأن الله لا يجمع الأمة على ضلالة ، فمن تمسك بهديها اهتدى ، ومن شق جماعتها ضل وغوى .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ ، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ )
وأعني بذلك أن تكون لنا صحبة وأخوة في الله نعين بعضنا على طاعة الله
فصاحبك من إذا نسيت الله ذكرك وإذا ذكرت الله أعانك والمرء على دين خليله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
7)الغفلة عن محاسبة النفس
فترى أحدنا يسير في هذه الدنيا ولم يجعل على نفسه حسيبًا ، فتكثر عثراته ، وتتضاعف زلاته ، لا يعرف ما فعل ، ولا يدرك ماذا قال ، ولا يتراجع عن خطأ ، ولا ينشط لفعل طاعة ، كل تصرفاته مرتجلة ، لا يضع لنفسه أهدافًا ، ولا يسأل نفسه ماذا أنجز في يومه ، وكم قصّر في حق ربه ، وكم ضيّع من حقوق عباده … .
فهل حاولنا أن نخلو بأنفسنا ساعة نحاسبها عما بدر منها من الأقوال والأفعال ؟ وهل حاولنا يومًا أن نعد سيئاتنا كما نعد حسناتنا ؟
بل هل تأملنا أن طاعتنا قد لا يخلو بعضها من الرياء والسمعة ، كيف القدوم على الله _يا عباد الله _ ونحن لأنفسنا غير محاسبين ، ولحساب الله غير مطيقين ، قال عمر بن الخطاب : ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا ) .
علاج الفتور
إذا كنا قد عرفنا جملة من أسباب الفتور في العبادة ، ووضعنا أيدينا على الداء ، فقد جاء دور الكلام على الدواء .
إن الدواء الناجع لداء الفتور هو بإيجاز قطع كل الأسباب التي سبق ذكرها ، التي من شأنها أن توقع المسلم في الفتور فيتعهد المسلم إيمانه ويتعرف على ما أعده الله تعالى للمتقين في الجنة ، وعدم الاغترار بالدنيا والركون إليها وطول الأمل مع قلة العمل،واتخاذ الرفقة الصالحة التي تعين على طاعة الله ،ومحاسبة النفس وتزكيتها بحضور دروس العلم ،وأخذ بالتدرج في العمل فخير العمل أدومه وإن قل ،وقليل دائم خير من كثير منقطع .
يقول على بن أبي طالب- رضي الله عنه- يقول: "إن للنفس إقبالا وإدبارا، فإذا أقبلت فخذها بالعزيمة وإذا أدبرت فاقصرها على الفرائض".
ونردد دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ) رواه مسلم
أسأل الله سبحانه أن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين .
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار ، برحمتك يا عزيز يا غفار .
وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأجمعين .
اللهم اجعل هذا الموضوع في موازين حسنات كل من ساهم
فيه
منقول للفائده
المصدر
مقتبس من كتاب / الفتور مظاهره ، وأسبابه ،
بقلم : د/ فيصل بن سعود الحليبي -عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالأحساء-
http://www.saaid.net/Doat/faisal/k/02.htm
وجعلها ربي في موازين حسناتك
جــزاااااكـ الله خــيروجــعــلهـ بـمـيزاااان حـسـنـاتـكـ
الله يـعـطيكـ الــعـــافــيهـ